في ذكرى الولادة العظيمة : نصون أصالة الرسالة ونعلي شأن الجهاد

 

 

شبكة المنصور

شعبة الإعلام والتعبئة جيش بلال الحبشي الجهادي
في السابع من نيسان من كل عام يعيش العراقيون ويعيش أبناء الأمة العربية ذكرى الولادة العظيمة لحزب البعث العربي الاشتراكي ، وهذه الولادة تستنهض في الذاكرة الكثير من المعاني النبيلة السامية ، وتثير في الضمير والوجدان العديد من الأفكار المشبعة بقيم الأصالة والخصوصية والتفرد ، ولعلنا لا نغالي إن قلنا بأن البعث قد انبثق من قلب الأمة وبزغ من نارها المقدسة ، نار الحضارة والتحديث ، وكان الرد الحضاري العميق على التحديات والمصاعب التي تحيط بأبناء الأمة وتريد لهم أن يبقوا بعيداً عن ضوء الدنيا ونور الإسهام الحضاري الذي ينشد تقدم الإنسانية جمعاء ، فقومية البعث قومية إنسانية متفتحة ، تنفتح على كل الأديان والقوميات وتريد الخير لبني الإنسان ، ذلك أن البعث ومنذ نشأته وعبر دستوره قد آمن بثقافة التكامل والتسامح ونادى بفكرة الوحدة في التنوع ، ولم يقع في خطيئة أية فكرة ضيقة أو مقفلة أو متحجرة ، بل سعى باستمرار لتفجير وإطلاق طاقات أبناء الأمة ، وآمن بعبقرية وخصوصية الأمة ، فهو بهذا المعنى حزب رسالي ، يعمل على ترسيخ مفاهيم وقيم الرسالة الخالدة للأمة في الإسهام والعطاء الإنساني .


قرأ البعث وبدقة ودراية ، مأزق الأمة العربية في العصر الحديث وأدرك أن أزمة التخلف الحضاري مستحكمة في بنية المجتمع العربي ، وربط بين هذه الأمة وتحديات الكيان الصهيوني وسادته في الغرب الإمبريالي ، ورأى أن أعداء الأمة يقومون بعمل تدميري يستهدف نشر عوامل الفرقة والتشظي والانقسام ، لذا كان لابد له من طرح البديل في فكرة الوحدة الجامعة الموحدة لأبناء الأمة ، ولم يكن البعث مقتنعاً بالتيارات والأفكار العربية والمستوردة منذ عصر النهضة ، ولذا وجه نقداً علمياً شديداً للتيارات القومية غير الاشتراكية ، وانتقد الأفكار الماركسية والأممية ، كما بين نقاط ضعف التيارات الدينية السلفية وتصدى بعلمية وجرأة للفكر الإقليمي الضيق من فكر فرعوني أو فينيقي أو متوسطي ، ومن هنا بحث البعث عن خصوصيته في الرؤية والموقف ، وكانت هذه الخصوصية متأتية عن إعادة اكتشاف الإسلام ، حيث قرأ مؤسس البعث الراحل أحمد ميشيل عفلق قراءة جديدة ، ووقف ملياً عند رؤية الإسلام الواحدة الموحدة الجامعة ، ومن الإسلام أنطلق فكر البعث ليبشر بالرسالة الخالدة التي هي رسالة الأمة جمعاء عماداً الإسلام تراثاً وتاريخاً حصة جميع أبناء الأمة على اختلاف مكوناتهم ، وعليه فقد مثل الإسلام ذاكرة وبطولة ، وهوية للعرب ، وكانت الرسالة الإسلامية قد قدمت لأبناء الأمة وحدتهم في شتى

 

شؤون الحياة ، وهكذا كان الإسلام الحضاري المحرر والطارد للأجنبي والمؤمن بالعدالة الاجتماعية وحرية الإنسان ، يشكل جذراً ثانياً من جذور البعث الأصيلة والتي كان أولها قراءته للواقع العربي المحتدم والضاج بالتحولات ، وأضاف البعث إلى هذين الرافدين في تكوينه الفكري ، اتصاله وتفاعله الخلاق مع حركات التحرر في العالم ومع قيم الثورة في أصقاع الأرض في عصرنا ، وإذا فهمنا أن هذا الفكر كان قد أقترن بالنضال ولم يكن فكر حزب بيروقراطي يدير أموره من وراء مكاتب أنيقة ، فهمنا أن البعث قد آمن بالعمل الثوري ، ولم يكن حزباً ينادي بأفكار لا تتحقق كمعنى في التطبيق ، ومن هنا اقترنت واغتنت نظريته بالنضال وأثر وتأثر كل منهما بالآخر .


إن ذكرى الولادة العظيمة ، توقفنا أمام آلاف الشهداء الذين قدمهم البعث ويقدمهم في مسيرته من أجل حماية كبرياء وكرامة وشرف الأمة ، وتثير فينا مواقفه القومية الأصيلة في فلسطين ابتداءً ، ولبنان ، والعراق لاحقاً ، ناهيك عن مواقفه من ثورة الجزائر وحركات الثورة العربية وتفاعله مع المظلومين والمضطهدين على ظهر كوكبنا المبتلى بجرائم الصهيونية والإمبريالية العارية المتوحشة .


كان البعث يحمل رسالة خلاص للأمة ، وكان يبشر بالدخول إلى عالم تسوده العدالة ، وقد وجد البعث فرصته التاريخية في إدارة الدولة العربية عندما استلم السلطة في 17-30 تموز 1968 في العراق ، وكان العراق هو بيئة توطن ثورة البعث ، ومركز انطلاق نهضته الحضارية الجديدة لتشع في سماء العرب والإنسانية ، ففي العراق كانت دولة البعث تتحرك على مستويات عديدة اتسمت بالخصوبة والثراء الروحي ، وأمسكت بأدق وأعقد الحلقات العلمية ، وفي العراق بدأ نجم البعث يتألق ويرتفع في سماء الأمة ، وبدأ تحديث الحياة من حملات محو الأمية وتحرير ثروات البلد النفطية إلى بناء الإنسان الجديد المؤمن بعروبته وعقيدته والذي وجد في العلم خلاصه ، ولنتذكر هنا ونذكر بأن البعث الذي رأى ويرى دائماً أن – فلسطين – هي قضية العرب المركزية قد شكل بإمساكه للتقنيات العلمية المتطورة ، تهديداً مباشراً لربيبة الغرب الإمبريالي : إسرائيل وإذا عرفنا أن مخزون النفط في العراق ، يشكل عامل حسم في الصراع مع الأعداء مستقبلاً ، وأن الغرب وفي المقدمة منه يعانون من أزمات هيكلية في الاقتصاد ، استطعنا أن نفهم أن العراق بقيادة البعث قد تجاوز الخطوط الحمراء ، ولم يعد الغرب يتحمل هذا المركز الحضاري المشع الذي يمكن له أن يحرر الأمة من كل أشكال العبودية والتبعية للغرب ، ولذا خطط الغرب وإسرائيل معاً ، لاختراق ثورة البعث في العراق من الداخل ، ولم تفلح محاولاتهم البائسة ، إذ كان البعث

 

يكتشف تأمرهم ويفشل أطماعهم ، وعليه شرع الغرب الإمبريالي وفي مقدمته الولايات المتحدة الأمريكية بالتخطيط للتدخل المباشر في الثمانينات إلا أن وجود الاتحاد السوفيتي حينذاك وطبيعة الظروف الدولية لم تتح الفرصة للقيام بتدخل مباشر ، فحركوا دميتهم المتمثلة في إيران خميني لتشن حرب استنزاف تنهك العراق ، وعندما خرج العراق منتصراً أسقط في أيديهم ، فدبروا الحصار الظالم الذي يعد أبشع جريمة فناء وتدمير إنساني شهده التاريخ ، وترافق مع هذا الحصار تخطيطهم لاحتلال العراق الذي شكل بالنسبة لهم رأس الرمح في حركة الثورة العربية المعاصرة .


لقد استهدفت الولايات المتحدة الأمريكية وبدفع صهيوني ثورة البعث في العراق ، لتجهز على حركة النهوض والانبعاث الحضاري ، ويسهل عليها تجزئة وتقسيم الوطن العربي على وفق حلم الشرق الأوسط الجديد الذي ينادون به ، ولتحقق نهب ثروات الأمة بشكل لا مثيل له ، وهذا الاستهداف لثورة البعث في العراق حاول أن يزيف الحقائق ويجد المبررات الواهية فكانت خرافة أسلحة الدمار الشامل ، والتعاون مع القاعدة ، وتهديد المجتمع الدولي ، وغير ذلك من أراجيف وأباطيل وتضليل انتهى ليشكل عاراً على الغرب الكاذب الذي يسوق النار والدم والدخان ويدعي أنه يمد غصن الزيتون لأبناء الأمة !


أن البعث صاحب الرسالة يولد كالعنقاء من نار الرماد ، وهذا البلاء الذي جاء به الاحتلال الأمريكي للعراق عام 2003م ، قد جوبه برفض ومعارضة ومقاومة فرسان البعث المجاهدين الذين نذروا أرواحهم للشهادة منذ اليوم الأول للاحتلال الأمريكي البغيض ، واستحضروا في أسرع حركة مقاومة عرفتها الإنسانية السنوات الذهبية لثورة البعث في العراق ، حيث كانت سنوات البعث في العراق 1968-2003م عامل استنهاض للهمم وارتقاء بالروح ، فالمجاهد البعثي الصافي يدرك ، أن ثورته في العراق كانت تمثل ضمير الأمة وحلم النهوض لأبناء العراق والأمة ، بقدر ما كانت تريد أن تشع على الإنسانية لتنقذها من عبودية المستغلين سراق الشعوب ، والمجاهد البعثي وإن كان يحتفي ويمجد ثورة البعث في العراق ، فأنه واقعي في نظرته وتقييمه للتجزئة ، مدركاً أن 35 سنة من النضال والعمل لابد وأن تخلف ثغرة هنا ، وأخرى هناك ، ذلك أن المجتمعات الإنسانية في ثوراتها الكبرى تشهد نكوصاً في مفصل ، وارتفاع في آخر ، وقد كان البعث وسيبقى ينادي بالنقد والنقد الذاتي فذلك من جوهر فكره ، واليوم يدرك البعثي المؤمن بشرف رسالته .


أن تجربة البعث في العراق لم تكن مثالية كلياً بل أعترضتها أمور سيأتي اليوم الذي تكشف فيه وتعلن الحقيقة أمام البعثيين المجاهدين لتلافي الخطأ في المستقبل ، والبعثي المجاهد في موقفه هذا يرى أن الأولوية الآن تتجسد في الجهاد والمقاومة النبيلة لإخراج المحتل القاتل وأذنابه الصغار ، وما يلي ذلك يمكن تدبره في حينه .


أن ذكرى الولادة العظيمة ، تذكي في نفوسنا روح الجهاد ، وتحفز فينا الإرادة المناهضة لشرور المحتل ، مذكرة إيانا بأن الشهادة كانت أعظم لؤلؤة في تاج الجهاد والمجاهدين عبر مسيرة الأمة في مختلف العصور التاريخية ، وهذه الذكرى تنتصب أمامنا منارة شامخة لتذكرنا بأصالة رسالة البعث الحضارية وأننا أبناء حضارة لا تعيش إلا في الذرا وأعالي القمم ، وهي جرس يدق في رؤوسنا مذكراً إيانا بأن الروح لا يمكن أن تتكسر سيما أن حراس رسالة البعث ، يقظون ، منتبهون ، قد حملوا أرواحهم على أكفهم ، ينافس بعضهم بعضاً في طريق الشهادة والفداء ، ولنا في هذا البحر الذي يفيض ناراً أو دماراً على المحتل والمأجورين الصغار الشاهد والدليل على أن ضوء رسالة البعث في سماء العراق والأمة ، سيظل ساطعاً سطوع الحق ، وعهداً من المجاهدين حراس الذاكرة وفرسان الجهاد لقائد المجاهدين المعتز بالله المعز لدينه المجاهد الجليل الرفيق عزت إبراهيم الدوري ، أن نظل متمسكين بالجذور العميقة لعقيدتنا ، مؤمنين بوحدة الجهاد والرسالة الخالدة ، وعهداً لأبناء العراق والأمة أن يظل البعثي الحقيقي مؤمناً بالتكامل والانفتاح والتسامح الفكري سعياً وراء تطهير الأرض وحماية العرض من دنس ورجس الأمريكان الطغاة ، معاهدين الله أن ندافع عن وطن الأنبياء والرسالات وأن تكون دماؤنا جسر الوصول إلى ضفاف وشمس المستقبل .

 

شعبة الإعلام والتعبئة
جيش بلال الحبشي الجهادي
١٥ ربيع الثاني١٤٣٠ هـ

١١ / نـيســان / ٢٠٠٩ م

 
كيفية طباعة المقال
 
 

شبكة المنصور

الاحد / ١٦ ربيع الثاني١٤٣٠ هـ

***

 الموافق ١٢ / نـيســان / ٢٠٠٩ م