المقاومة العراقية : من يحكم من ؟

 
 
 

شبكة المنصور

الوليد العراقي
كل شئ وجدناه وقرأناه في تاريخ الامم سلمها وحربها خيرها وشرها نعيمها وبؤسها قوتها وانهيارها استعمارها واحتلالها وفي كل الحالات نجد ان هناك حكومة ومهما كان مقدار سطوتها  وامكاناتها على قيادة أي بلد لكنها مكونة تركيبيا وسياديا عادة من اهل ذلك البلد وتحت أي عنوان يوصف وتحت أي ظرف يعيش وهكذا وردنا ديدن تاريخ مؤسسات حكومات الشعوب.

 

اليوم تخرج علينا الحضارة الجديدة وخاصة في مجال الحكم ومن خلال استعمار الشعوب بفرية جديدة تماما علينا نحن الفقراء الى الله الباحثين عن وجدودنا بالدم الزكي الطاهر .الفرية تقول انا استطيع ان احتلك وبدعاية واسباب لا يهم مدى صحتها وبعد ان احتلك استقدم معي تشكيلة حكم لبلدك حتى وان كانت تلك التشكيلة من كوكب اخر.هذا هو الذي استطاعت اميريكا من خلال دهاقنتها في اروقة المخابرات ان تتوصل اليه واول ما تنفذه في اخطر بلد في العالم هو العراق.يبدو ان مراكز البحث والتطوير في مجال السياسة والحكم وادراة الشعوب التي توصل اليها علماء اميريكا قد نزل عليهم الالهام لكنه قطعا ليس من الله بل من بنان افكارهم المريضة  بحكم سطوة القوة وجبروت المادة ونسيان الفكر الانساني الوثاب الذي استطاع على مد تاريخ الشعوب والامم ان يكون قواعد ثابتة وشرائع مقبولة اجتماعيا وانسانيا للحكم وممكن تطبيقها وبالتالي انتظار ما تتمخض عنه بعد حين..لكن التجربة الجديدة التي جاءت بها اميريكا ونفذتها بمساعدة قواديها من صهاينة وفرس وعلى ارض العراق ابو القوانين ومخترعها كان شيئا عجبا..

 

فالذي يرأس العراق هو من يطالب بالخروج على وحدة العراق ورئيس الوزارء هو من دجن ليحول العراق الى باحة ومحافظة ايرانية لانه اصلا لا علاقة له بالعراق من ناحية الفكر ومن ناحية البناء العقائدي له والذي تشكل تحت مخالب ومعسكرات الصفويين .

 

وعندما تستعرض الوزراء فغالبيتهم او على الاقل الكثير منهم ليسوا عراقيين اصلا والباقي غير عراقيين بالجنسية .اذن الذين يقودون العراق هم من الغرباء عن العراق والذين جاؤا بحاوية المحتل لينفلتوا لحكم العراق تحت وصاية مستشاري الاحتلال.

 

وهكذا نزولا الى المدراء العامين في دوائر دولة الاحتلال العراقية.هنا امست حكومة اميريكا الحاكمة في العراق في واد والعراقيين كشعب في واد اخر.واهداف التجربة الاميريكية بكل عبقريتها تريد وما زالت تريد ان ينبت هذا الجسم الغريب على نسيج العراق الذي رفضه ويرفضه ومنذ اليوم الاول بعد ان تعرف عليه جهازه المناعي  وبالتالي فشلت عملية زرع حكومة العراق على الجسد العراقي.ثم تبع ذلك الانهيارات  العامة لمكونات واعضاء ووضائف اعضاء الجسد العراقي برمته وبدأ يتهالك هذا الجسد المبتلي بزرع غريب؟رغم ذلك كله ما زالت اميريكا تقول واعلامها ينشر وبطريقة جنونية مرعوبة ان تجربتهم الجراحية في اعتلال العراق  الحكومي ومن ثم زرع حكومة اميريكية الصنع  للجسد العراقي المريض هي في طور النجاح والقبول من قبل الجسد العراقي متخطية كل قوانين الزرع ومتطلباته خاصة اذا ما كان صناعيا غريبا جملة وتفصيلا.لقد نسيت اميريكا ان الذي يعاني من هذا الزرع الغريب هو الشعب العراقي وليس الجهاز الذي زرعته وعليه وعندما يرفض الجسد العراقي عضوا مزروعا فيه لا اميريكا ولا كل دهاقنتها تستطيع اعادة الروح له وبالتالي  فمصير كل ما خططت له الولايات الاميريكية هو الفشل في ما يخص العراق وعليها ان تعترف بذلك وتنسحب من تجربتها البائسة التي اخجلت كل سياسي على وجه الارض وكل من ساعد في انجاز تلك التجربة الفاشلة مقدما ولهذا انسحب كل حلفاؤها او قل اعضاء الفريق المشارك في تلك العملية الاحتلالية الزرعية لحكومة هي اغرب من الخيال بل هي اصلا عضوا مريضا وفاسدا فكيف يراد  منه ان يعيد الحياة لجسد عراقي منهك ومريض بسبب جريمة الاحتلال واجهازه على الجسد العراقي ودون مبرر لا لشئ الا لتمزيقه؟

 
ست سنوات من حكم العراق بالسطو على كراسيه وعلى شؤونه وعلى بشره وما زال أي مسؤول من حكومة الاحتلال لا يستطيع ان يقف على منصة عامة وبكل العراق من شماله الى جنوبه ليخاطب الجماهير عن مسؤوليته وعن برنامج حكومي هو مسؤول عنه؟ترى ماذا يمكن ان نستنتج من هذا ؟الشئ الوحيد الذي عرفه وتوصل اليه العراقيون هو كون هؤلاء ليسوا بعراقيين وعليه كيف لهم ان يواجهوا الجمهور ويتحدثون له عن حبهم وولائهم وهمهم الاداري والرسمي لخدمة العراقيين؟اضافة الى الرعب الذي يسكنهم بسبب رفض الشعب العراقي لهم وهو المتربص بهم متى حصلت له الفرص بالانتقام منهم والتخلص من وجودهم بعد كل الموت الكتلوي والتخريب بالجملة ولكل شئ يعود للعراقيين وتاريخهم تحديدا؟وعليه واذا كان الامر كذلك فأي حل واي ترقيع يمكن ان تقوم به اميريكا لتحول هذا المرفوض الى مقبول يوما ما ومن ثم يستقر الحكم في العراق بعد طرد اهل البلاد الاصليين وابعادهم عن كل مراكز الحكم والقرار في الشان العراقي وحسب تجربة اميريكا الغبية لاحتلال العراق ومن ثم حكمه حسب تجربتها  التي صممت في دهاليز مخابراتها لا في هضاب وجموع العراقيين وماذا يريدون وما الذي يجعل منهم شعبا مستقرا ونافعا لنفسه وللبشرية جمعاء؟

 
ما عادت الزيارات المكوكية السرية في دهاليز الليل التي يقوم بها المسؤولون الاحتلاليون الاميريكيون تنفع بشئ ولا عادت قادرة على ترميم ما افسدوه هم بانفسهم ونتيجة غباءهم في السيطرة على الشعوب معتمدين فكرة القوة وناسين ان الانسان بطبيعته اسير الملكية الخاصة وميالا الى ما يبرز شخصيته في بيته وبيت شعبنا هو العراق وناسنا هم حكام العراق.اما ان تاتي قوة بالجبروت لتفرض نظام حكم على شعب يبلغ تعداده ثلاثون مليونا وتقول لهم ها نحن جئنا نحكمكم وكانكم قطعان من الخرفان هذا المنطق لم ينجح في تاريخ البشرية الماضي ولا يمكن له ان ينجح الان ولا مستقبلا ومن يحاول ان يقدمه لامم العالم نموذجا فعليه ان يقرا عليه سورة الفاتحة مقدما.

 
صحيح ان اميريكا دولة عظمى وليس من البساطة ان تعلن افلاسها السياسي في احتلال العراق ومن ثم تنسحب منه في ليلة وضحاها ولكن في نفس الوقت صحيح ان تقع الدول العظمى في خطأ بعض ساستها القياديين كما وقع المجرم الارعن بوش في اقدامه على احتلال العراق وتنصيب حكومة غريبة عليه والذي ادى الى رفض الشعب العراقي الاول والمتنامي له  لانه ببساطة خالي من ابسط قواعد المنطق وقناعات الشعوب بالذي تصرفته اميريكا بما يخص العراق.عليه اذا الاعتراف بخطأ سياسي معين ومن ثم الاسراع في تلافيه هو نوع من السياسة الحكيمة والشجاعة اولا وثانيا تجنيب الشعب الاميريكي والشعب العراقي بل والعربي بشكل عام الخسائر التي لا طائل منها بعد ان توضح الامر تماما ان العراقيين يرفضون هذا النموذج الاجرامي التدميري لبلادهم من الاحتلال.

 

وعليه سوف تبقى الة الحرب طاحنة بين المجاهدين العراقيين الابطال وبين قوة الاحتلال ومن معها من الامعات ومهما طال الزمن بعد ان توجت عقول العراقيين من الشمال الى الجنوب بالتصميم على ازالة الاحتلال وتخليص بلادهم من كوارثه الغريبة العجيبة التي لم تمر في تاريخ الشعوب ابدا ابدا.

 
كان على الساسة الاميريكيون الاوباميون ان يكونوا اكثر شجاعة وجرأة في دراسة الواقع الذي يمر بهم في العراق بعد دراسة تاريخ العراق وردود فعل اهله تجاه أي احتلال وهل استسلم الشعب العراقي يوما ما لقوة محتل على مد التاريخ ؟ومن هنا وبما ان سياسة حزبهم المعلنة هي ضد الحرب في العراق وضد نهج بوش الارعن  في احتلال العراق والتورط فيه ان يعلنوا وصراحة ودون تردد او محاولات تجميلية لاحتلالهم للعراق لا تنفع بأنهم تاركون تلك البلاد لاهلها كما اعلنوا خاصة وهم في دواخلهم يعرفون تماما ان الحكومة المنصبة من قبلهم الاخيرة المالكية هي اضعف من ان يقال عنها سوف  تنجح في احلال الامن والاستقرار في العراق قبل انسحابهم  لسبب بسيط واحد ان هذه الحكومة لا تريد السلام ولا الاستقرار في العراق ولا تريد عراقا قويا لان ذلك لا يخدم ايران وبما ان تلك الحكومة هي ايرانية  الجوهر عراقية المظهر فبالتالي لن يسود الاستقرار في العراق ومصير الحكومة الاميريكية هو الفشل الذريع والخسائر الفادحة التي سوف تتحملها وهي بالنتيجة ليست بصالح الشعب الاميريكي وعليه من الخبل بمكان الاصرار على الخطأ والاستمرار الغبي في طريقه المحفوف بالمخاطر والخسائر والمفاجات من الشعب العراقي التي لا تسر الاميريكيين وكلما طال امد الاحتلال وانتشرت شروره اكثر بين العراقيين ليزيد عدد الكارهين لاميريكا وتزداد فرص الصيد لقواتهم على ارض العراق وهم قادرون على تجنب كل هذا وذاك؟

 
ان الايام الاحتلالية تثبت للقاصي والداني ان الاميريكان قد فشلوا تماما في السيطرة على العراق عبركل المحاولات التي حاولوها لانهم ببساطة جاؤا لحكم العراق ولم ينتبهوا الى حقيقة واحدة وهي الفيصل ان العراق هو الذي يحكمهم ومن هذا التصادم وهذا التناقض بدأ الفشل الاميريكي في السيطرة على العراق.

 

في بداية الاحتلال استقطبوا شيعة العراق وبنصيحة فارسية بحتة لهم كونهم اعوانهم في احتلاله واعتمادا على فكرة المظلومية التي ازكمت انوف العراقيين حتى العروبيين من اهلنا الشيعة والمتنورين بالدين الاسلامي الحنيف فضلا عن استقطابهم لاكراد العراق مستندين في ذلك  الى رغبة كورد العراق من خلال احزابه الانفصالية  وبمشورة الكيان الصهيوني المعشعش في شمال العراق والذي يجعل من الكورد قوة ساندة للاميريكان  وبالتالي حصر سنة العراق العرب في مربع المعزول غير المرغوب فيه كونه يعيش وكما هم يوصفون فكرة الوطنية  والدفاع عن العراق بحجة انهم حكموا العراق كل مئات السنين الفائتة والان خرج الحكم من قبضتهم كما هم يفسرون؟

 

المهم في الامر ان السنة ومن خلال الواقع على الارض هم ليسوا مئات من الالوف كي يمكن القضاء عليهم وازاحتهم من الوجود بهذه البساطة ومن هنا بدأ الاصطدام بين المحتل الاميريكي وسنة العراق وبكل ضراوة والخاسر الاول هي الدولة العظمى التي فشلت في ادارة الصراع في احتلال العراق والسيطرة عليه بالرعونة  المجنونة وبالمشورة  المدمرة لكل الاطراف في العراق سواءا كان محتلا ام مواطنا .قتل ما قتل من السنة العرب العراقيين وهجر من هجر واجتث من اجتث وسجن من سجن لكن بقت الملايين تقاتلهم او تقف وراء المقاومين للغازي الذي يريد اقصاءهم من الوجود.

 
من ناحية اخرى وقعت اميريكا باشد واسوأ رعونتها من خلال السماح لايران بالسيطرة على مقاليد حكم العراق حتى قامت ايران من خلال مليشياتها التي دخلت العراق بالاجهاز على كل الوطنيين العروبيين من اهلنا الشيعة ومن ثم تصفيتهم بعد ان قتلوا مئات الالاف منهم في وسط وجنوب العراق ومن هنا ثار اهلنا الشيعة الاصلاء على المحتل بعد ان نالهم بالشر والخراب والموت حليف المحتل الاميريكي وهي ايران الصفوية المجوسية التي ما حبت ولا الفت العراق ولا العراقيين العرب وعلى مد التاريخ.هنا خرجت على الاحتلال قوة وطنية عروبية عراقية اسلامية  جعفرية لا صفوية وراحت تقاتلهم بضراوة الوطني الغيور حتى التحمت مع اخوانها السنة وتحت العلم العراقي ومبدأ المواطنة الذي هو تاج العراقيين ورمزهم  المعشوق.هنا تضاعفت اعداد المقاتلين العراقيين ضد الاحتلال بعد ان انتهت وحلت عقدة الطائفة التي كان المحتل يراهن عليها ويخطط تبعا لها وتحول العراق كله الى جحيم يلتهم المحتل وقواه الساندة من عملاء السنة العرب والصفويين من شيعة العراق .فضلا عن ان مناطق السنة ما عادت الحاضن الامين للقاعدة التي انكشف امرها وتبينت اهدافها ومن وراؤها  فعزلت عن جماهير الجهاد وارتال الثوار في العراق.

 
اما الاكراد العراقيين فقد خابت ظنون المحتل ايضا فيهم وان كانت مناطقهم ما زالت مؤمنة للمحتل وحركته لكن من وجهة النظر السياسية الستراتيجية فلقد اخطأت اميريكا في الركون الى الحزبين الانفصاليين وهما حزب مسعود وحزب جلال بعد ان اقصت الوطنيين الكورد من الساحة السياسية  بكل عمقهم الشعبي والقبلي والسياسي وهم ارشد الزيباري وجوهر الهركي ومن معهم من الوطنيين العراقيين الكورد الذين هم مع وحدة العراق وضد الاحتلال وهنا يشكل هذا الواقع لشمال العراق القنبلة الموقوته بوجه الاحتلال وبوجه عملائه هناك  فضلا عن لقاء الوطنيين من الكورد مع اخوتهم العرب العراقيين والتنسيق المستمر والمبدأي تحت العلم العراقي والوطنية العراقية.

 
من هنا ومع كل ما يترشح من الساحة العراقية اليوم فأن الصورة العراقية الحقيقية في ميدانها ان المعارضة العراقية الوطنية تمتد فعليا من الفاو في جنوب العراق والى زاخو في شماله وبغض النظر عن سيطرة من على ارض من؟ان هذه الحقيقة يمكن رؤيتها بجلاء للمراقبين من خارج العراق والبعيدين عن الميدان العراقي في انه لو رحل الاحتلال عن العراق ماذا سيحصل له وفي ساعات وربما ايام ومن يحكم من؟؟؟

 
ببساطة اقول ان العراق هو الذي يحكمنا  لا نحن الذين نحكمه ولا غيرنا وعليه من يريد ان يحكم العراق عليه ان يقرأ خارطة العراق السكانية من الناحية القومية والمذهبية وعليه ان اراد حكم العراق ان يحتظن كل هؤلاء جملة وتفصيلا ودون النظر الى اعتباراتهم الخصوصية بل الى ولائهم الوطني  وعراقيتهم الاصيلة وما لذلك من حقوق وما عليه من واجبات ولا شئ غير هذا الامر والواقع يمكن ان يحكم العراق من خلاله.اذا الحل الوحيد لاستقرار العراق واحلال الامن في العراق هو ايجاد حكومة وطنية بحتة يحكمها العراق وتدين له ولكل مكوناته بالولاء والمسؤولية واعطاء كل ذي حق حقه دون أي اعتبار اخر وفتح كل طرق المنافسة بخط مستقيم عند الشروع بها ناسين من أي دين ومن أي عرق جاء هذا العراقي..

 
واخيرا اقول ان شعبا مثل شعب العراق تفرد في فنه  ورهافة احساسه ليبدع في رومانسيته  الايقاعية الملتاعة الفريدة .. شعب اجاد  وتفرد في فن العتابة والابوذية والمقام العراقي لا يمكن ان يقبل غير نفسه ليحكمه .. شعب اذا سمع هذه الاطوار من الفن لا تسعه الارض بل ويتسامى فوق كل شئ  بعد ان يستلم جرعته النارية منها  لتغازل شجاعته وتعيده الى وعيه العراقي الاصيل والى معدنه الاقتحامي الغيور وقد جربتنا الحروب السالفات في هذا وكنا نحن المنتصرون .. نحن شعب لا نغلب ..

 

ومن الله النصر ومنه التوفيق .

 
 
كيفية طباعة المقال
 
 

شبكة المنصور

الثلاثاء / ١٦ جمادي الاولى١٤٣٠ هـ

***

 الموافق ١٢ / أيــــــار / ٢٠٠٩ م