المقاومة العراقية : استقلالية الحكم العربي - حكامنا موظفون ام سياسيون ؟

 
 

شبكة المنصور

الوليد العراقي
ما معنى الدولة وكيف تعرف ولماذا سميت دولة ولماذا رفعت لها راية تسمى(العلم الوطني)وما هي حدودها وما هي الكتلة البشرية التي تحتويها ولماذا تم الاعتراف بها وكيف قامت وفرضت نفسها كي تكون على هيئتها العالمية المعروفة ومن هو/هم مؤسسيها؟تلك هي الاسئلة التي تطرق بال المهتم بصنيع الدول وشؤونها وشخصيتها وعلاقاتها وقرارها وديموتها ونسخها يوما من قائمة التاريخ الحي..اليوم العالم الحي يحتوي في ثناياه على اكثر من مئتين دولة ترفرفرف على  بنايات الامم  المتحدة  راياتها  وعلى قمم مؤسساتها ومنظماتها اينما تواجدت وعلى واجهات مباني مؤتمراتها العالمية وكل من يقال عنه انه رئيسها او ملكها يقال عنه  ممثلها او من ينوب عنه حين تلتقي رموزها في الاجتماعات والمؤتمرات واللقاءات الثائية والاخرى  التي نقرأ عنها.كل هذه التوصيفات المنظورة التي يقال عنها دولة نرى ان القيمين عليها هم فرحون بما يملكون من صفة السلطة التي يتصورونها ويعملون عليها في العلن ويسترون ماهيتهم الحقيقية في السر على قدر قدرهم الموصوف لهم من قبل اقرانهم من الحكام في العالم الذين هم اعلم بمنزلة اقرانهم وبقيمة كرسي الحكم الذي يتقلدون وبقدسية الكلمة وتأثيرها التي يتكلمونها في تلك اللقاءات الرسمية المعروفة .العدد الرسمي لتلك الدول هو العدد ولا لاحد التطاول عليه بقرارات دولية عظمى واما التأثير وصنع القرار لكل تلك الدول فهو شأن اخر تمليه ارادة تكوين تلك الدول في العصر الحديث من قبل القوة العظمى التي جاءت يوما ما وما زالت تجئ لتشكل دول على انقاض دول وترفع رايات واعلام وتعترف بها بعد ات تجردها بالمظمون من صفة دولة وصفة القرار ذو التأثير العالمي وخاصة اذا ما تصادم بمصالح تلك الدول التي صنعتها ووقعت لها صك الغفران بانك دولة وانك قمتي على كتلة من الجماجم البشرية او على انقاض الدولة الكبرى الام المفتتة بفعل الاستعمار بعد ان تم توضيف احد مواطنيك الطيعين لنا ليجلس على كرسي الادارة المؤقتة لك قيد الاختبار له بحسن النية تجاهنا لا باتجاه رعيته التي هي ايضا رعيتنا نفعل بمقدراتها ما نشاء وحسب مصالحنا نحن المقررون تشكيل هذا النظام الدولة كما قررنا نحن لا اهل البلاد الاصليين.

 
اليوم يمكن استخلاص خمسة دول فقط تحمل صفة دولة من مجموع دول العالم ويقودها ساسة لا موظفوفون وهم كل من اميريكا وبريطانيا وروسيا وفرنسا والصين والتي تمتلك حق النقض الفيتو أي بمعنى اخر لها اهلية القرار على نفسها وعلى العالم وبشكل مستقل ومنذ تأسيس عصبة الامم المتحدة التي جاءت باربع دول مستقلة في حينها هي كل من اميريكا وبريطانيا والاتحاد السوفيتي وفرنسا ومن ثم لحقتهم الصين الحمراء بأصرارها المعروف الذي فرضها على المجتمع العالمي.اليوم حتى هذه الدول العظمى بدأت تنكمش ويتقزم سياسيوها ليتحولوا رويدا رويدا الى موظفين لدى مراكز القرار الخفية في الولايات المتحدة بعد ان تعاظم دور الاخيرة وبعد ان امتدت قوة تاثيرها  داخل تلك الدول العظمى سابقا وبعد ان راح قرارها يتأرجح وسيتعطف موافقة الثور الاميريكي السياسي بل وبعد ان راح القرار الاميريكي بطريقته المنفلتة ودون الرجوع بالفعل الى تلك الدول العظمى السالفة كما قلنا بل تقزم قرارها ليصبح محظ هراء وحوار اعلامي وترجي اميركي كما معلن  لكنه لا قيمة له امام قرار الدولة الاعظم عندما تريد اقرار أي شئ تتوق اليه. لقد تحولت الحوارات في  اروقة الامم المتحدة وخاصة بما يخص الامور الساخنة  الى اشبه  بشجار الاطفال امام شيخ بارع مقتدر تستهويه تلك الشجارات التي سوف تنتهي بقراره هو من حيث وقت ايقافها من ناحية ومن حيث  عدم الاكتراث بها  ومصادرتها عند نهاية الحاجة  لها كتسلية ولعبة يراد منها الحوار وليس القرار كون القرار اصلا مأخوذا في اماكن اخرى من دهاليز البيت الابيض وبالتعاون مع اتباعه وطائعيه من الدول الاخرى بظمنهم الدول العظمى كما كان يقال عنها يوما ما وما قرار الحرب العالمية الثالثة على العراق المجنى عليه الا دليل صميمي فريد على ان الامم المحدة ومجلس امنها  قد اختصروا وتقزموا بدولة واحدة هي الويلايات الاميريكية المتحدة.

 
من هذه المقدمة الاستعراضية المستعجلة لحلقات الزمن التي مرت على هويات الدول في العالم يمكن الان ان نأتي الى الدول العربية والى الحكام العرب منذ تشكيل الدول العربية الحديث في القرن العشرين والى اليوم لكي نصنفها ونضع كل حكامها في مكانهم وحسب تعريف الحاكم ان كان موظفا او سياسيا؟ان الحاكم لاي دولة ومن اجل ان تقول عنه انه سياسي أي صاحب قرار منفرد ومستقل ظمن دولته يجب ان يتحلى بالقرار المستقل الذي يخص اولا دولته ومن ثم القرارات التي تخص شئون الدول الاخرى أي ذات الطابع بالشئون الخارجية لدولته.ان لم يستطع الحاكم اتخاذ أي قرار مستقل عن أي قوة دولية اخرى عند الحاجة لهذا القرار فلا يمكن تسمية هذا الحاكم بالسياسي بل يمكن ان يدخل في صفته الحاكمية في باب الموظف الذي يتلقى تعاليمه من فوق ومن هنا وبما ان الحاكم هو الرأس في الدولة اذن الاوامر التي يتلقاها لا بد ان تكون من خارج البلاد أي من قوة دولية  خارجية  اكبر واعلى منه هو تابع لها  ومسيود من قبلها وهنا لا يمكن له ان يتصرف بما تمليه مصالح بلاده بل بما تراه الدولة المعينة له ان ما يقوم به هذا الحاكم العربي هو ظمن مصالحها وطوع ارادتها وبعكسه حلت عليه اللعنة واستبدل بوالده او ابنه او اخيه او أي مواطن من حوله  واحيل هو الى التقاعد هذا ذا لم يصفى او يبعد او يعيش رهن الاعتقال الاجباري المعروف وكما حصل كثيرا في الدول العربية وخاصة دول الخليج العربي.

 
لقد ظهر في تاريخ البلدان العربية حكام عرب سياسيون قادرون على اتخاذ القرارات المستقلة كونهم ثوار وطنيون لكن بالمقابل ما هي نتيجتهم وكيف كان مصيرهم؟انظروا القائد العربي الخالد جمال عبدالناصر  الذي قام وقاد ثورة وطنية في مصر وحاول بكل جرأة وبطولة الحصول او امتلاك القرار الوطني المستقل الذي يليق به كسياسي عربي لا موظف عربي حاكم وقد نجح في ذلك واصدر عدة قرارات ستراتيجية مستقلة تماما عن القوى الكبرى حتى بدأت تتململ منه ولا تستحمله وهو الرائد ليكون سياسي عربي في ارض خصها الغرب من خلال استعمارها وقهرها والاجهاز عليها ومن قديم الزمان لتكون بلاد فتات لا قيمة لها ولا قرار ولا كينونة كونها من جهة مجاورة للغرب بكل عمقها الستراتيجي ومن جهة اخرى ما تمتلكه من كنوز في باطن الارض لم يستطع اهلها استكشافها وتصنيعها ومن ثم امتلاكها دون تدخل الغير من الدول الصناعية الاستعمارية الكبرى.

 
صحيح ان العرب من حقهم امتلاك كل ما هو بحوزة ارضهم من كنوز كونها مادة وطنية خالصة وملك صرف داخل حدودها من حقها المطلق التصرف بها دون المساس من قبل الدول الاخرى لكن المشكل ان العرب لم يمتلكوا ناصية العلم حالهم حال الغرب وفي نفس الوقت وهنا اقصد امتلاك الثورة الصناعية الحديثة التي بدأت طلائعها في القرون الوسطى  وهذا ما حدى بتلك الدول ان تستعمرنا  ومن خلال تواجدها على ارضنا استطاعت ان تكتشف ما لم نكتشف وتستثمر ما لم نستطع نحن العرب استثماره من مواردنا الوطنية ومن هنا كانت الطامة الكبرى التي حلت بالعرب حيث ما زال الغربي يسيل لعابه على منتوج ارض هم استخرجوه كالنفط في زمن كان العرب يجوبون الرمال ويقطعون الصحراء على الجمال التي كانوا ينظرون اليها على انها اغلى ما خلقه الله وبثه في الارض كما كان العرب في حينه ينظرون الى بيت الشعر وخيمته حين يلوذون في فيئها على انها اعظم من ناطحات السحاب التي ما كانوا حتى يحلمون بوجودها وهي موجودة ..لقد كان الغرب سعيدا بالتخلف العربي المدقع في وقت كانوا يكتشفون الكنوز تحت خيام العرب بعد ان ترحل مهاجرة طلبا للكلأ.هذا الواقع المر جعل من الغرب الاحساس باحقيتهم في امتلاك ما اكتشفوه  من كنوز عربية وفي ما جازفوا وغامروا من اجله وعليه ليس من البساطة التخلي عنه.وهذا المشكل جاء ليكون عقدة وعقبة ومشكلة العربي السياسي الحاكم كيف يمكنه التعامل مع هذا الواقع وكيف يمكن ان يقنع الغرب ان ما استورثه من كنوز عربية هي جزؤ من ممتكات شعبه وعلى الغرب ان يرحل ويتركها وله ما اكل منها ليأتي اليوم الذي تبسط فيه الايدي الوطنية على ممتلكاتها  والسيطرة عليها  من خلال التأميم وهذا ما حصل في العراق بعد ثورة السابع عشر-الثلاثين من تموز عام 1968.

 
كل الحكام الموظفين العرب  لم تعد لهم تلك الازمة مشكلة حيث تركوا المحتل الاستعماري على ما يمتلك وما يستثمر وبنفس الحقوق او بمشاركة استثمارية هامشية وحسب ما يقرره الاستعمار لا موظفيه من الحكام العرب ولهذا نراهم تداولوا كرسي الحكم واستقروا عليها طائعين لما يملى عليهم من اسيادهم وموظفيهم الاستعماريين الاستثماريين الغربيين.اما الاخرين من الحكام العرب وهم السياسيون أي الوطنيون فقد عانوا الامرين في حكم بلادهم  ومن كثرة المؤامرات التي حيكت ضدهم من قبل الاستعماريين الذين هددت مصالحهم وراحت ريحهم وسطوتهم بعد ظهور بعض الثورات العربية هنا وهناك عليهم ومنها ثورة جمال عبد الناصر وهواري بومدين والبعث في العراق وحالات اخرى في البلدان العربية.

 
من هنا نلاحظ ان الثوار الحكام العرب السياسيون أي الذين يحملون مبادئ ثورة وهموم حكم وطني  استقلالي كانوا بالجملة ضحايا ثوراتهم بعد ان امسوا هدفا لاعداء الامة العربية  واهدافا للمستثمرين الاجانب للكنوز العربية .قد كان مصير القائد الخالد جمال عبدالناصر مؤمم قناة السويس هو السم أي اغتياله البطئ بدس السم في جسده من حيث لا يدري الى ان غادر في ريعان عطائه ونضجه السياسي بعد ان اصبح ظاهرة سياسية شعبية عربية سكنت الخلد والوجدان العربي ومن المحيط الى الى الخليج وهذا يكفيه تزكية على انه بطل قومي  طالما ان الشعب العربي يشهد له بذلك كون السن الناس اقلام الحق ومهما روج الاعداء ضده وحاولوا تشويهه الا انه يبقى جمال العربي القائد الثائر في الذاكرة العربية شعبا وتاريخا.ثم المثال الاخر وهو القائد الخالد الشهيد صدام حسين ومن خلال ثورة البعث الجبارة التي ارادت ان تكون سياسية الطابع بحكم الفكر الذي صنعها  ومن خلال مشاريعها المستقلة الجبارة ومن اهمها تأميم النفط  كان الاجهاز عليها وبشكل مريب ومستقتل من قبل دول الاستثمار ورأس المال الغربية وبقيادة اميريكا الى ان تم اخيرا احتلال العراق ومن ثم اغتيال رئيسه الخالد بالاعدام اللاشرعي وبطريقة متوحشة جاءت مباشرة من وراء الحدود وبالقوة وعنوة لتنتهي بكارثة العراق التاريخية التي نعيشها ويعيشها العالم اليوم بأسره والتي تنذر بالتهديد العالمي وتغيير خريطته وربما بظمنها على مدى الزمن خارطة الولايات المتحدة الاميريكية التي قامت بهذا العمل لا لشئ الا لكون حكام البعث دوما وابدا هم سياسيون وطنيون وليسوا موظفون في الدوائر الاجنبية  وعليه لا بد ان ينالهم الحيف والاجهاز والصراع الدامي والقدرة على ادارته بالطرق الذكية. اين هواري بومدين البطل العربي الذي قاد الجزائر عربيا وحاول ارجاعها الى طابعها العربي ومن ثم استطاع استثمار مواردها بعيدا عن تداخلات المستثمرين الاجانب ولكونه قائد عربي من طراز وطني سياسي تمت تصفيته وانهاء دوره العروبي الرائد.مثال اخر فقد تم اغتيال الملك فيصل بن عبد العزيز لسبب واحد فقط هو قراره ان النفط سلاح في المعركة ومن ثم الامر بايقافه في الحرب العربية – الصهيونية وهنا تململ المستثمرين الاجانب منه خاصة وهو جزء من عائلة تحكم السعودية  تم تعيينها من قبل المستثمر الغربي على ابار النفط في السعودية.اذا لا بد ان ينتهي حكمه وتذوب احلامه من خلال تصفيته امام عائلته الموظفة وهذا ما تم وهذا ما نجح المستثمرين في الوصول اليه وادامة شركاتهم  بكامل جأئيرها  على الحقول العربية في جزيرة العرب.هناك بعض الامثلة الاخرى هنا وهناك لكنها لم تكن بالتأثير الكبير الذي يحتاج التطرق اليه وذكره طالما هو موجود في طيات التاريخ وبطونه.

 
من هنا يمكن الاستنتاج ان أي عربي يريد ان يكون سياسيا في بلده أي قائدا وطنيا غير موظفا من قبل الدوائر الاستثمارية الغربية عليه ان يتوقع كل الكوارث وكل الحروب التي سيقابلها مع هؤلاء والتي ربما تصل الى حد تصفيته .المشكل الاخر هو فقدان الثقة بين الوطني العربي ودوائر المستثمر الغربي الذي يرى فيه عدو مصالحه المشروعة وغير المشروعة.ان هذا التصور والرؤيا المخزونة في العقلية الغربية الاستثمارية الجشعة عن العربي هي  ام الكوارث التي تجابه القائد العربي الذي مفترضا فيه ان يسلك طريق الاعتدال والمرونة والتوازن بين مصالح شعبه من ناحية ومن ناحية اخرى مصالح الشعوب الاخرى التي ما زال لعابها يتدفق لفيض على الارض العربية نارا ولهيبا ودمارا وغرقا بكل الويلات التي اصابة منطقتنا لا لشئ الا لاننا نريد استقلالنا ونريد حريتنا ونريد اموالنا وكنوزنا ونريد تشكيل دولتنا العربية الموحدة.ان ادارة الصراع هنا ولكي تكون بالنتيجة من صالحنا يجب ان تكون مقرونة  بثقافتنا السياسية ووعينا ودقة قراءتنا لاوراق الاخرين ومن ثم الولوج الى دواخلهم  وسبر اغوارها قبل الحكم عليهم من خوارجهم.ان الولوج بغير المباشر  واسلوب المحاولة  المحسوبة والمكسوبة وبالطرق المتاحة المدروسة ذات الخبرة بهم من خلال معايشتهم هي السبيل للانقضاض عليهم وابطال ما يمكن ابطاله من قنابلهم الموقوتة ضدنا نحن العرب كوننا اغنياء والغني دوما محسود ومتربصا به شاء ام لم يشأ وعليه ان يتصرف على انه يمتلك جبالا من الكنوز المطموع بها وعليه لا يعطي فرصة أي فرصة للطامعين وبأي وسيلة يراها طالما تصب في الحفاظ على مصالح بلده وشعبه وبالنتيجة تؤمن له الحياة الامنة المستقرة للبناء والعمران مستفيدا من ما يمتلك ومستغلا اياه قبل نفاذه في امور اخرى لا جدوى منها سوى الخسارات المتواليات ومن ثم ضياع ريحه ودولته.ان الكلام هذا يمكن الاخذ به في ظروف السلم لا بالحروب وخاصة حروب التحرير التي تحكمها قوانين اخرى تصلح للحرب وكما يحصل في بلدنا الجريح العراق الذي يقود اشرس معركة تحرير يشهدها التاريخ البعيد والقريب ومن الله التوفيق.

 
 
كيفية طباعة المقال
 
 

شبكة المنصور

الاثنين / ٠٨ جمادي الاولى١٤٣٠ هـ

***

 الموافق ٠٤ / أيــــــار / ٢٠٠٩ م