القبض على أبو مصعب البغدادي الشهير بأبو عمر الزرقاوي ..

 
 
 

شبكة المنصور

طلال الصالحي

تواصلاً مع  ما أعلنه  بوش الصغير قبل 5 سنوات تقريباً , بعد أن صحا من  نومه  فزعاً  كالثور يرفس قشّ زريبته  ويثبره من حوله   وهو يرى قوّاته وقد بدأت  تخور وتغرق عميقاً   في  مستنقع العراق   وتتبخّر يوميّا من على أرض العراق  وتتكثّف فوق بيته الأبيض  غيوماً  وكوابيس  تمطر وبالاً ونغصاً  على الرأي  العام الأميركي من حوله  ,  مما دعاه  وفق الأمر  الجلل  هذا   إلى أن  يصرّح علانية , وخلافاً  لدعواته  التي  صدّع بها رؤوس العالمين , بنشر الحكم الديمقراطي في العراق ! وهي الحجّة التي لقفها من تحت دبره تعويضاً عن افتضاح كذبة أسلحة الدمار الشامل ؛ عن الضرورة الملحّة في تولّي حكم العراق  رجل حديدي  قويّ جدّاً يمسكه  بقبضة من فولاذ !!!  يعني  أن بوش  كان يريد بقوله ذاك صناعة دكتاتور  حقيقي هذه  المرّة  يحكم  العراق ! هكذا وبكل صراحة وبكل  قباحة , يعني  "عيني عينك" ! كما يقول المثل العراقي الدارج !..  فنحن لا زلنا نتذكّر  ذلك التحوّل المفاجأ , رغم أنّه  متوقّع , الذي أجبر بوش  على  الصدح  به  جهاراً  نهاراً  وجعله  يهذي هكذا  قوّة وشراسة المقاومة العراقيّة  العظيمة  بقيادة جيش العراق الوطنيّ الأغرّ التي  زلزلت  داخل  بوش  وزلزلت  دولته  العظمى  وزلزلت دواخل  أركان عصابته الجدد   وقلبت   لهم  أحشاء بطونهم عاليها سافلها وثبّتت  أقدامهم  مكان رؤوسهم وبالعكس  فبدأوا بالفرار  الواحد  تلو الآخر  يتقافزون  خارج نوافذ البيت الأبيض كالقرود ,  فبات بوش  صريع  أوهامه  لا يعلم  ماذا قال قبل قليل  ليصرّح  بعدها  بدقائق  ما  يناقض تماماً ما  قاله  قبل دقائق ! واستمرّ حاله على هذا المنوال  حتّى ركله  وركل  جميع أعضاء  حزبه خارج  بيت واشنطن الأبيض الشعب الأميركي  البدين المفلس أملاً  بظهور حاوي جديد  حتّى ولو  كان  كلب أجرب أو عبد أسود من حلاكة الليل  المالي الذي باتوا  يغطّون فيه  قد ينقذهم  وينقذ  بطونهم المترهّلة من  الخواء  القادم سريعاً  إليهم يعصف بما تبقّى من مدّخراتهم  ..

 

وأميركا  بحد ذاتها مؤسّسة  دولة , قوائم أركانها  مبنيّة على التضليل والخداع  والكذب والدماء  كما هو معروف , وصناعة الوهم إحدى دعائم  ديمومتها واستمرارها على الحياة , وأفلامها الهوليوديّة  في مواضيع الرعب عن طريق دراكولا وغيره هي المعبّر الحقيقي عن حقيقة الهاجس الذي يشغل ساسة أميركا ومن يقف ورائهم والتي تذكّرنا  هذه الشخصيّات المرعبة  بالسعلوّة  العراقيّة التي ابتكرها البريطانيّون أبان غزوهم العراق بداية القرن الميلادي  العشرين وكذلك أمّنا الغولا  في مصر! , وحروب أميركا العديدة التي شنّتها  ضد مختلف دول العالم منذ تأسيسها  ولحد الآن  قد  بنيت كما هو معروف على أضاليل وفبركات صنعتها  هي  بعد  أن  استساغت  عمليّة هضم قارّة بأكملها  وبلع شعوبها  الحمر  معها  ,  للتبرير مع نفسها  بقدرتها  على شن تلك الحروب , فجميع حروبها دون استثناء , هي حروب بنيت تبريراتها على الوهم , ومن مقوّمات ذلك الوهم وسلسلته  أو مجموعة تلك الأوهام  ومسلسلاتها  التي شنّت  تحت غطائها تلك الحروب , هي صناعة أعداء لها  مسيطر عليهم  من قبلها  كأبو عمر البغدادي  وغيره  تستخدمهم  حسب الضرورات  أو تلغيهم من خارطتها الإعلاميّة حسب الظروف والمتطلبات الميدانيّة  في  الدول التي تحتلّها والتي تدافع عن  نفسها  فرفعت السلاح  بوجهها  ..  

 

أبو عمر البغدادي  لا تخرج   عجلة  ضوضاءه  الإعلاميّة المحيطة به  عن  دائرة  الحروب الإعلاميّة  الأميركيّة التي يهمّها  أمر وجود البغدادي والزرقاوي وأبو دجانة وأم عكرمة  وأبا الزبير , أو ابن سليل شركات البترول  السعودية الأميركيّة  ابن  لادن , أوالعنكبوت الخرافي  في الفلّوجة  , أوالظواهري وأبا حفص  وسليمان الكويتي , أوابن أبي جبار أبو الشربت ,  وصعصعة ابن قريح وعمرأبو قتادة ,  أوالثعبان المرعب في الموصل  طالما قوّاتها  لازالت متواجدة  على أرض العراق  ,  ثم , أليس  إعلان حقيقة  طرفي  الصراع  الذي يجري  في العراق  عبر وسائل  الإعلام  الأميركيّة بشرف عسكري رجولي متجرّد  ستكون له  فيما لو حصل  ذلك  عواقبه الوخيمة على التواجد الأميركي برمّته  سواء في العراق أو في المنطقة  ,  بل ولربّما  سيتأثّربشكل بالغ هذا التواجد    حتّى في الكثير من دول العالم  لو حصل وأن  إعلام العالم  ينقل صراحة ودون تزييف حقيقة  القتال الجاري  في العراق  والإعلان  عن  طرفي النزاع  فيه   بين من   وضدّ من !  ,  ولنتخيّل الأمر  أيضاً  لو أن  بوش   لم  يكذب  متعمّداً  بإعلانه  النصر الوهمي  من على حاملة طائراته  , أو أن رامسفيلد  لم  يكذب  كعادته  بتجيير المجابهة التي تتعرّض لها قوّاته وتزهق لها  أرواحهم ومعدّاتهم  وإلقاء تبعاتها  على فلول  وبقايا  وعابروا  سبيل  وعابروا حدود  وباحثون عن مناصب  وفاقدون  لمناصبهم   وأصحاب  ثارات  وقوّات صديقة  ونيران حبيبة  الخ  , فلنتخيّل الأمر  لو أن الصراحة  والعسكريّة وشرفها  المصون  كانت هي الحاضرة  لما يجري على أرض العراق , فهل  كان التواجد الأميركي في منطقتنا وليس في العراق حتّى ,  سيستمرّ  على البقاء لحد الآن !  بالتأكيد  لا  وإطلاقاً  ومن غير الممكن  , ذلك أن الصراع  عندها  سيتّجه  بمشاعر العرب والعراقيّين أنفسهم  وبكلّ تأكيد , ومن  ساعتها , إلى  الترقّب والتحفّز المشحون بتأنيب الضمير  وإلى الغليان  العرقي  والديني وتأجّجه  إلى أقصاه  ممّا سيشكّل  العاصف  المحتمل الذي  سيعصف  لا محالة  بعد أسابيع  و إن  لم نقل بعد أيّام ,  ويدمّر  كل  شيء  له أثر  دال  على  وجود مصالح  تابعة  لهذه الدولة الدمويّة  الاستعماريّة , ليس لأنّ الشعب العربي  سينطلق بذلك الهيجان بشكل نابع  عن وعي منه  , إطلاقاً , لأن الهمّ في  متطلّبات  العيش والتغييب  المتعمّد   لوعيه بمختلف الوسائل تلهيه  وتصدّه  عن ما يجري  وكأنّ الحرب على العراق  تجري  في كوكب  آخر  وليست  تفور بجانبه ! ,  إنّما لأن  المواجهة  بشكلها الصريح  ستكون عامل  إهانة وتقريع مباشر في داخل  كيان كل عراقي وعربي  يصبح فيه كلٍّ منهم  حالته عندها كمن يتحسّس  رأسه من  سقوط  صاروخ  تم تبليغه رسميّاً   بسقوطه ! , أي أنّ كل عربيّ ستصبح حياته ويصبح كيانه ووجوده  وهو يرى آثار التصادم على كفّ عفريت  دون قناع ,  ممّا سيدفعه وهو يرى الخطورة محدقة به  بعد أن يراها  بعين  أخرى غير هذه  التي  أعماها الإعلام  الأميركي , ومهدّد وجوده وكرامته  وسيكون أمره  عندها  على المحك ..

 

الغريب في الأمر  أن  بعض الكتّاب في المواقع الإلكترونيّة والصحف  المحلّيّة  "العراقيّة"  لازال  يقلّب  الوهم  الأميركي  في  صيغته  "الحكوميّة العراقيّة"  الأخيرة  عقب شريط  عطوه  أبو بدله  عسكري عن أبو عمر البغدادي , ويثنّيه ويمطّه  ويعطّه   على أنه  نقلة  "مفاجأة!" أمنيّة نوعيّة  "إلاّ أنّه  تنقصه  بعض الجوانب  التي كان لزاماً على  الحكومة  أن  تجبر  هذا الإرهابي المجرم  , الذي  لم نسمع  باعتقاله آلاف المرّات منذ أكثر من ثلاث سنوات ولحدّ الآن !  على أن يقول كذا وكذا  وأن لا تتعمّد  الحكومة بإخفاء  هذه المعلومات ! ويا حبّذا  لو ذكر إيران  إلى  جانب  مصر  والسعودية وسوريا  كجهات مموله  له وأن لاتخفيها !"  هذه  هي  صيغ المقالات  التي تعجّ بها مواقع جحوش وكلاب المحتل ,  فبهذه العقليّة اليباب  الخاوية حتّى من  بقايا  لجذور  من نبات العاكول  ,  تحاول  "دولة القانون"  تحريك  ذيولها  هؤلاء  في تلك المواقع الإعلاميّة  ومجاري الفضاء  للتغطيه  على خطّة "القانون"  التي دخلت عامها  الرابع  تبشّر  به  بينما  تتعامى عن التفجيرات اليوميّة التي تحصد  العشرات يوميّا  بين قتيل وجريح  ومغدور ومخطوف ومغتصبة ومهجّر  وخراب وجفاف وانعدام كامل  لمقوّمات الحياة العصريّة  التي وعد  عازفي القانون  العراقيين  بخيراتها  التي  ستأتي تعويضاً  عن حملات الإعمار الفاشلة والديمقراطيّة البوشيّة  الصدئة  وسيّارات الكابرس  وعلب الببسي كولا  والخدمات الإلكتروتكنولوجيا  الناقلة  والباسطة والعائمة  والطائرة والهائمة التي  أثبتت  دجل وكذب من وعدوا بها  وباعوها  وهماً  على الشعب العراقي  من أوّل يوم   دخلت فيه  قوّات مصاصي دماء الشعوب  من  أنكلوسكسونيين  بريطانيين  وأميركان  أرض العراق ونجّستها ...

 

بحسب  رأيي  ,  أن عمليّات  تزوير   تحسّن الأمن  عبر البغدادي  أو مصعب الزرقاوي  أوغيرهما  لا تخرج عن محيط   "الحبل السائب"  الذي تتركه الآلة الاستعماريّة  لأحد من جحوشها   "يكوّن نفسه  بنفسه"   يلعب  أمام عينيها !  على أمل أن   يصبح  دكتاتوراً حقيقيّاً  و "صركالاً"  أصليّاً  مع  تمارين  تمرير الكذب والتزييف  الإعلامي , مثل حكاية   "المالكي سابع شخصيّة عالميّة , لننتبه إلى رقم  7  الساحر! كان لها تأثيرها القوي في تغيير وجه العالم !"  يااااااااااسلام  على تلك المجلّة النزيهة  التي طارت بهذا الشبق الصحفي ! .. يعني صناعة وهم  اسمه "المالكي"  حاله  في  صناعته الهوليوديّة  كحال  أبو عمر البغدادي  وأبو مصعب الزرقاوي وإبن لادن وغيرهم ,  وبالضبط  ,  وعلى خطى هيلاسي لاسي  وبوكاسا وخطى  الأوليغارشية  وتشومي  وسالازار وشاه إيران  هي أميركا نفسها لا تستطيع  من دونهم  أن تقيم أودها , لذلك  نرى أميركا في قضيّة البغدادي  قد   اتّبعت تكتيكها  التضليلي المعهود  "لقيته .. لا  لم أعثر عليه .. ليس هو .. يمكن هو .. أيَظِنُّ ! .. لا نعلم .. ممكن ..  عله الله ويا زماني  ... احتمال"  تذكّرنا  ببياناتهم  العسكريّة  الصديقة   "نيران حليفة حادث غير قتالي غرق  كهرباء  حادث مروري غص بزبدة  "إنطاكم عمره" مات فرحاً" الخ  ممّا اعتدنا  على سماعه من صديق أميركا  الدائم , الكذب !  طيلة أكثر من ست سنوات من غزوها للعراق  ولحد الآن ..

 
 
كيفية طباعة المقال
 
 

شبكة المنصور

الخميس / ٢٥ جمادي الاولى١٤٣٠ هـ

***

 الموافق ٢١ / أيــــــار / ٢٠٠٩ م