تأملات / المقاومة العراقية .. فكر وجهاد وسياسة

﴿ الجزء الثامن

 

شبكة المنصور

سمير الجزراوي
وان الذي حدث في 2003 كنتيجة هو غزو العراق واحتلاله ومن مظاهره المستمرة لغاية اليوم ان هذا الاحتلال البغيض تسبب في هدم دولة وبكل مؤسساتها العسكرية و المدنية,تخريب النفوس وخلط في القيم الاجتماعية والسياسة والاقتصادية وحتى الاخلاقية ومن افرازاتها السرقات والقتل والخطف من قبل عصابات رسمية او غير رسمية (الرسمية اقصد بها التي يعترف بها المحتل),وتخريب كل البنى التحتية للبلد ,وهدم الاقتصاد العراقي وبحيث صنف العراق الدولة الثانية من ناحية الفساد ,وتشريد الملايين من العراقين واستشهاد بحدود مليون ونصف عراقي وزيادة في عدد الارامل و اليتامى..والخ من الظواهر المرة والتي جاء بها المحتل.وامام هذا التشويه والتخريب الروحي و المادي والانحطاط في القيم والسلوكيات الجديدة,يبرز دور ثقافة المقاومة الان,و التي فيها من التنوع في مخزونها من بدائل وخيارات والحراك والبناء للانسان العراقي والذي تثقف فيه وخلال 35سنة من عمر الثورة على مبادئ الوطنية القومية والدينية السليمة،والمقاومة هي الان في تحدي كبير جدا وخاصة اذا ما تفحصنا الذي يجري الان على صعيد المناهج المدرسية من اعادة برمجة لثقافة العراقي اللاوطنية واللاقومية وكل ذلك باشراف صهيوني ايراني وتحت يافطة الديمقراطية, الكذبة الكبيرة التي تخدع امريكا فيه العراقين والعرب معا ,ان هذه الحرب الخفية والتي اعدتها هذه الدوائر هي اخطر ما حمله الاحتلال ,وهم بهذا يعيدون ترتيب العقلية العراقية الوطنية والقومية لجعلها تبتعد عن اصولها القومية ويهدفون من هذه العملية الثقافية امتدادا لما يسمونه بالعولمة ,ان الوقوف عند هذا المخطط ضرورة قصوى ولابد من مقاومته وهذا يتطلب جهودا تعبوية كيرة ترتقي لخطورته وتنسيقا مع كل القوى الوطنية والقومية وحتى ان تطلب الامر مع قوى لدينا ماخذ عليها او نختلف معها في المواقف السياسية وتشترك مع المحتل في بعض التأسيسات السياسية او الاقتصادية اوفي تحالف معه ولكنه تلتقي معنا في هذه الاهداف الاساسية والجوهرية في المحافظة على الهوية الوطنية القومية ,لان مقاومة المحتل بالكفاح المسلح ضروي جدا لافشال تواجده العسكري, ولكن زرعه لاخطر جرثومة او العن فيروسا في عقلية الاجيال المقبلة من ثقافات مشوهة حيث يشكل امرا خطيرا على مستقبل هذه الاجيال اذا ما اقرينا بحقيقة ان اعادة تنظيم العقل الثقافي اسهل من قلع جذور ثقافات غريبة وخاصة اذا حقنت بالترب و بامصال خبيثة فيها كل ما يساعد على تقبل الافكار المعادية لقيم الدين والوطن والامة,فان قلعها سيكون معقدا وكل ما يجري الان في العراق يساعد على نمو هذه الثقافات الغريبة والداخلة الى العراق تحت اكاذيب الديمقراطية والعولمة .انا اقول لابد من مقاومة هذه الثقافات وبما تحمله من انشطة وفعاليات واخلاقيات وطرق جديدة للعيش معها في ظل الاحتلال ,لان هذه المرحلة اصعب واعقد بكثير عن المرحلة التي سبقت ثورة 17تموزعام 1968.

 

لان نجاح هذا المخطط يعني استعمار العراق ولمدى بعيد وحتى وان طرد المحتل وزبانيته من العراق.فالمجتمع العراقي يمكن ان يعتبر الان في حالة من الفوضى في كل شئ وخاصة في تحديد الاطارات الثقافية التي سيعتمدها لتحديد هويته الثقافية , والحقيقة الثابتة ان كل القوى الفاعلة والتي تمتلك السلطة تلوث الثقافة الوطنية والقومية التي نشأ عليها المجتمع العراقي ,وان الثقافة الوطنية القومية تتعرض الان ومن كل الاطراف بدءا بالمحتل والذي حمل ثقافة كاذبة تحمل في صورتها شعارات للديمقراطية المشوهة والتعددية الكاذبة ولكن في مضمونها نسخ لكل القيم الوطنية والقومية وايظا تتشارك كل هذه القوى والاحزاب الدينية في نشر ثقافة دينية مستوردة قائمة على ما تمثله من خلفيتها العقائدية و مرجعيتها الدينية بما تحمله من التعصب الاعمى والطائفية المقيتة وذلك لتهيئة الطريق لربط العراق بدول طامعة بالعراق تأسيسا على سبيل المثال ما يطلق عليها(ولاية الفقيه) ,فهم لم يكتفوا بتجزئة الدين بل ذهبوا الى تجزئة الوطنية واخطر ما فيها هو تجزئة الولاءات الوطنية ,وبذلك يتحول شعب العراق ووفق المخطط الصهيوني الى مجتمع مقسم الولاءات والتوجهات الوطنية ,هذا ايظا اخطر من تقسيم العراق الى اقاليم ,فقد يخدعوننا في تأجيل تقسيم العراق الى اقاليم ولكنهم سوف لا يؤجلون تقسيم العراقين الى ثقافات عرقية او اثنية او دينية او طائفية وبذلك ترمى الثقافة الوطنيةالىالخلف وكل ذلك تغذيه القوى المعادية للعراق والامة من ثقافة غريبة يدفع الى الامام, وهم الان يشاغلوننا بسحب القوات من المدن او الانسحاب الجزئي ومن هذه المشاغلات الجانبية, وفي نفس الوقت يستمررون بتمرير مخططهم الاجرامي لهدم الشخصية الوطنية القومية,ولان العراق الواحد الغني جدا بثرواته خطرا عليهم وعلى اطماعهم في المنطقة وهو بوحدة شعبه يشكل اكثر خطرا على الكيان الصهيوني ومصدر قوة للعرب امام الخطر الايراني و هذا ما اثبتته الحرب العراقية الايرانية,وهل وعى النظام الرسمي العربي لهذا المخطط الخطير والذي يضر بمصالح الامة ككل وبما فيها مستقبل النظام الرسمي العربي ,اذن لابد من تحرك للقوى الوطنية القومية والاسلامية تجاه تعرية هذا المخطط واعداد حملة ثقافية لمقاومة هذه البرامج ونقطة الشروع تكون بدعم المقاومة العراقية بهدف التصدي لهذا البرنامج الخطير.

 

ان للمقاومة العراقية البطلة ثقافة تتناسب مع المصالح الوطنية والقوميةوهي التي تثمر اعمالا رائدة وتغييرية وبناءة لفكر الانسان العراقي وروحه ونمط حياته،وتكرس مفاهيم التحرر الوطني الناجز والانتماء القومي للامة، وترسخ قيم احترام الانسان وحقوقه في كل الحياة والعمل على نشرها في كافة انحاء العالم , ان هذه هي الملامح الاطارية لثقافة المقاومة تشكل خرا على اعداء الامة وهي في نفس تؤسس لقاعدة ثقافية طموحة عند كل الوطنين المحبين لامتهم من العراقين خاصة..وتؤسس لملامح مستقبل اكثر رقيا من الحاضر..وتطهر الوطن من كل اشكال الاحتلال ولكل انواعه واشكاله ومرجعيته وما افرزه الاحتلال من بناء قيمي غريب ومؤسسات هجينية .

 

والامر المهم ان ثقافة المقاومة واسعة وتتطرق الى جميع الانشطة الانسانية وبالاضافة للاستراتيجية والسوق العسكري فهي تتضمن ايظا الادب و الفن المقاوم للاحتلال ولكل ما يمت بصلة بالاحتلال,اذن نستنتج بان ثقافة المقاومة لها كل الحق في طرح التاريخ وماضي وحاضر ومستقبل العراق كوحدة واحدة ومتماسكة واساسية . وكما هذا الحق هو مؤوروث ومكتسب بالنسبة للمقاومة ومن خلال المكون الاساسي لفصائل المقاومة البعث الخالد,والى جانب ذلك يعكس هذا الطرح الحقاني وعيا وطنيا و تاريخيا مفاد هذا الوعي ان امكانية المناضلين المقاومين الابطال ان يكونوا عناصر فاعلين في التغير ورسم تطورهم في حاضرهم ومستقبلهم اولا وثانيا مقاومة الاجنبي المحتل وزبانيته ومقاومة كل مشاريعه الثقافية و العسكرية وكل انشطته التخريبية وبغض النظر عن اجندات المحتل الامريكي و الايراني .

 
 
كيفية طباعة المقال
 
 

شبكة المنصور

الثلاثاء / ٠٩ جمادي الاولى١٤٣٠ هـ

***

 الموافق ٠٥ / أيــــــار / ٢٠٠٩ م