نافذة / لولا الغيوم لمــا استمتعنـا بأشعة الشمس

﴿ الجزء الثاني

 
 

شبكة المنصور

سمير الجزراوي
ان عدم القدرة على تمييز العبارات والمصطلحات ذات البنية المنطقية, والاخلال سواء بالقراءة او بتفسيرها بنسبية التي سبقتها باسطراو بفشل مزاوجتها بالتي من بعدها يخلق عند البعض (مع تقديري) فرية في فهم المكتوب وايظا يعيق القدرات في فصل التداخلات في الاستيعاب او الفهم,و هذا بالطبع يرتبط وبقوة و باستعداد الذهن او العقل لفهم المكتوب او المقروء او المسموع اي الذي اريد ان اصل له هو مدى نضج المتلقي ومهما كان النضج هل هو سياسي او اجتماعي او اقتصادي او حتى عقائدي ,والذي نحن بصدده خليط في المواقف السياسيةوالفكرية ونحن ولازلنا في مقالة الرفيق الاستاذ صلاح المختار وهي تنزع لوصف متطلبات لمواقف مستقبلية وتحكم بموازين سابقة ويمكنها ان تصح ان كانت المعاير مبدئية اي على وقائع ومواقف عقائدية ولكن الموازين السياسية قدلاتصح في تقيم الموقف او التصرف العقائدي,  وبحكم المقولة الواقعية  في عالم اليوم (في السياسة لا توجد حقائق ثابتة ولاثوابت!)..

 

وهذا ينطبق تماما على الموقف من الانظمة العربية التي لدينا تحفضات عليها سواء كانت هذه التحفضات فكرية او مواقف سياسية ,وخاطئة و مؤذية او فيها شئ من الصحيح . وكما هي التطورات الفكرية للاحزاب الحيوية والثورية ومنها التي تعمل في الساحة العربية والتي تحتم عليها اعادة التقيم لتطورات الفكر العربي او الانساني وبعدها يبني عليها المواقف وتتجدد المنطلقات لبناء الستراتيجيات ورسم التكتيكات, مع المحافظة علىالمسافات المتوازنة والمتساوية بينها وبين المواد والمبادئ الفكرية للعقيدة وبنفس المسافة مع متطلبات الواقع من التي تحاك منها وبها السياسات والمواقف, وبذلك تتكامل صفة الثورية للحزب اوالحركة وتحافظ على مبدئيتها وكذلك علىالسلوك السياسي المتزن لها. البعث العملاق مثل(الفتحةعلى الميم واللام) هذه الثورية عبر مؤتمراته القطريةاوالقومية في قدرته العالية بتكيف ستراتيجياته مع معطيات الواقع وخاصة عندما كان في السلطة وكيف حافظت القيادة في الجمع بين حاجة الدولة وسلوكها السياسي وبين ان لاتغادر القيادة المبدئية البعثية وهي ايظا تمارس نشاطا سياسيا في نفس الوقت . وهو عمل وتصرف معقد وصعب جدا ويندر ان تنجح اية قيادة في الجمع بين هذه المواصفات والسلوكيات .

 

ان هذا يقربنا من تحديدنا للموقف عقائديا وسياسيا تجاه الانظمة العربية ,سواء هذه المواقف تخص فلسفتها اوطبيعة النظام الديمقراطي الذي تتعامل معه او حتى موقفها من ثورة العراق عبر حياة هذه الثورة العربية الاصيلةو الى يوم الاحتلال, وهل من الصحيح ان نقول لنؤجل صراعنا مع هذه الانظمة الى ما بعد زوال الاخطار على الامة من مخططات تهدد الوجود العربي ؟ ان هذا الموضوع حساس جدا وتجرئي في الخوض به سيكون من خلال الحقائق التالية:


1-  تصرفنا كحزب رائد وقائد للفكر القومي يحتم جملة مستلزمات لتبوئه لهذا الموقع وايظا استمرارية رياديته بين الفصائل العربية المختلفة ,رجعية كانت او تقدمية او ليبرالية او حتى شوفينية,ففي نظري ليس عيب او من الغرابة ان تختلف التكوينات الفكرية والاتجاهات العقائدية وهي لا تشكل عيبة سواء على المدرسة الفكرية العربية او على مجتمعنا العربي ,هاهو الغرب يعج بنماذج مختلفة ومتضادة ومتصارعة فيما بينها ولكنهم يعرفون كيف يتحمل احدهم الاخر بل بلغ رقيهم الحضاري في قبول الاخر الذي لا يتوافق مع بعضهم البعض, وليس في اجندتهم اي شئ يمت بصلة الى سمة الضعفاء و المهزومين في انفسهم قبل ان ينهزموا فيما بينهم ,اعني ليس عندهم من هذه التفاهات التي سموها (باجتثاث الاخر).. ان قوة الفكر في قدرته على التفاعل مع الافكار الاخرى هي المعيار الوحيد لبيان قوة الفكر والموقف. (بالتاكيد ان قصدي بالتفاعل هو المماحكة والجدال)...


2-   واول الحقائق والتي تحسب حقيقة ممهدة لفهم الحقائق الاخرى, ان نميز بين تصرف القائد والاخرين ,وهذا ليس بغرور بقدر ماهو يؤكده الواقع العربي ومنذ ظهور البعث الخالد ومنذ 80 سنة والذي اثبت فيه البعث الخالد كفكر وتنظيم من المصداقية في تحقيق اهداف الامة العربية, لم يستطيع اي حزب ان يفرض نفسه على الساحة العربية بمثل ما كان للبعث من دور قيادي سواء في اندفاعه الى الصف الاول لحمل الراية العربية وتمثيله لاهداف الامة او تصديه للافكار والتيارات التي ارادت تشويه دور الامة في المسيرة الانسانية, وحتى الاحزاب التي تدين بالماركسية اللينينية والستالينية وهي عاشت عقود ذهبية و كان رصيدها عال وخاصة في العقود الخمسينية والستينية من القرن الماضي, وقد حضت بدعم المنظومة الاشتراكية القوي لها في الوطن العربي اقول وبالرغم من هذا الدعم المتعدد الاغراض والاشكال لم تستطع ان تتبوء اي مركزا قياديا في مسيرة النضال العربي وحتى في مسيرة اليسار العربي. يعني ان تقديرات وتقويمات وتصرفات القائد سواء على مستوى الفرد او الجماعة يفرق عن الاخرين ,

 

اي قد يواخذ القائد في قول او اي تصرف او حكم يبديه, وهذا حقيقة ليست محصورة بالمحيط العربي بل هي حقيقة انسانية ,وهذا يترتب على من يؤمن بالقومية العربية كما يفسرها القائد المؤسس ان يحترزفي استخدام المقاييس تجاه العرب ان كانوا مخلصين او عملاء فالقائد يحتوي الكل وهو كالاب يحتوي الابناء الاخيار والسيئين ولا يحق له ان ينزع الالقاب العائلية عن اولاده وبالضرورة هويحافظ على دوره ومكانته الابوية ولا يجوز ان ينزل من مرتبة الابوة الى مرتبة البنوة وان لا يسمح لاي ابن من ابنائه بسحبه الى مرتبته واذا ما حصل هذا يكون قد فقد اهم ما يتمتع به من الاحترام ولا اقول من السلطة الابوية , وهذا مثل احببت ان اسعى فيه لاوضح كيفية المحافظة على الدور القيادي لحزبنا ..وبالتاكيد هذا لايعني ان يغيب دور الحزب في بعض تفاصيل الحياة العربية ,كلا وانما ان يترفع في نقده للظواهر العربية الا بقدر ما تتعلق بالوجود العربي وكما تفضل الرفيق صلاح وسلط الضوء على التكالب الاجنبي تجاه الامة وبكل دقة ولكني الذي اردته ان اقوله لا ان نذهب لوصف الصراع مع الانظمة العربية و التي لدينا ملاحضات عليها بانه صراع بمستوى الصراع مع النظام الامبريالي الامريكي الصهيوني والنظام الرجعي لملالي طهران,بل اني اروم ان اذكر كل الرفاق الاحباء ان الحزب ايجابي في فكره القومي وايجابي في نضاله العربي ومن الصعب ان نتخيل ان الخلاف مع هذه الانظمة العربية هو كالصراع الطبقي ,وبالتالي وكما سلك المفكر الكبير فلاديمير ايليتش لينين عندما انتصرت الثورة الاشتراكية في عام 1917 لاحظ ان لا القوة العددية للعمال ولا القوة النضالية لها تتيح لهذه الطبقة بقيادة المجتمع والدولة فاخترع وبذكائه نظرية التطور من الثورة البرجوازية الى الثورة الاشتراكية , وهذا قد يصح في معاير مادية للثورة ولكن لا اعتقد يصح في تفسير الكيفية التي نقترحها على الثورة الشاملة الوطنية القومية والاسلامية وفي جناحها العسكري المتمثل بالمقاومة العراقية البطلة والتي يمارس حزبنا فيها دورا قياديا.ففي اعتقادي لنحافظ على هوية هذه الثورة بكونها تصارع الامبريالية المتمثلة بالامبريالية الامريكية كفكروسلوك واطماعها وليس مصالحها.  

 

وايظا طبقة الاوليغراشية الدينية المتربعة في طهران وما تحمله من ثارات تجاه الامة العربية ,وهذا الصراع صراع وجود ولكن عوامل تفعيل ثورته هي المصلحة الوطنية والقومية والتي نشترك كلنا كعرب شعبا وانظمة وبدون رؤية مستقبلية للصراع مع بعضنا وهذا هو دور البعث التاريخي فالقائد المؤسس عبقري الامة الاستاذميشيل عفلق يقول في موضوع((الدور التاريخي لحركة البعث))في 7نيسان عام 1960: ( الا ان المساهمة الكبرى لحزبنا في خلق هذا المستوى الثوري الحديث هي نظرته الجديدة للوحدة العربية, هذه النظرة التي تختلف اختلافا جوهريا عن كل ما سبقها و التي اخرجت الوحدة من سجن الافكار العامة و الالفاظ الغامضة ونفخت فيها الروح والحياة وفتحت لها طريق التحقيق عندما ربطتها ربطا عضويا بنضال الشعب العربي من اجل  التحرر و الديمقراطيةوالاشتراكية,فالاول مرة يظهر مفهوم ثوري للوحدة العربية يحرج الرجعين والاقليميين والشيوعين علىالسواء, يفضح الفئات الحاكمة الرجعية التي جعلت من الوحدة شعارا خادعا لتبرربه خضوعها للاستعمار و مقاومتها للنضال الاشتراكي, كما يفضح الاحزاب التي تقرالوحدة نظريا وتعمل على اساس استمرار التجزئة, كما يفضح اخيرا شعوبية الاحزاب المناهضة للوحدة التي استمرت في عدائها حتى بعد ان اصبحت الوحدة نضالا جماهيريا ثوريا واضح المعالم).و  هكذا تكون عملية الاسقاط وليس باستخدام الصراعات ولكن بالتسامي بالمبادئ وخاصة الوحدة العربية والذي يكون مثقلا بالعمالة سيبقى في القاع وبالتالي تفرزه المرحلة وجماهير الامة العربية,وهذا هوالبعث الخالد ودوره العظيم في حياة امتنا العربية ...

 
 
كيفية طباعة المقال
 
 

شبكة المنصور

الجمعة / ١٩ جمادي الاولى١٤٣٠ هـ

***

 الموافق ١٥ / أيــــــار / ٢٠٠٩ م