على ماذا يدل صعود المقاومة العراقية مجدداً ؟

 

 

شبكة المنصور

محمد شريف الجيوسي
* مرة أخرى يرتكب الرئيس الأمريكي أوباما ذات الأخطاء التي ارتكبها سلفه بوش "الابن".. إلى حد بعيد ، ولكن بلهجة ناعمة مشبعة بالوعود دون مدلولات ، إنما هي ترقى إلى أساليب وآليات شكلية تبدو أكثر ذكاء أو دهاء ، وأقل دموية وأكثر مناورة.


وبغض النظر عن النوايا الحقيقية لأوباما ، فإن الولايات الأمريكية ما زالت وستبقى متورطة في ساحات عديدة لفترات أخرى ، فهي في وضع لا تحسد عليه مهما تكن الاستراتيجيات والسياسات والتكتيكات التي تتبعها إداراتها ، طالما استندت تلك الاستراتيجيات وغيرها إلى مفهوم الإصرار على الهيمنة والإصرار على تحقيق انتصارات لا تجد تعبيرات حقيقية.


وفي الوقت الذي بدت فيه هناك آمال بخروج أمريكي أقل سوءاً من هذه الورطة أو تلك ، نجد أن هذه الآمال قد تبخرت ، وسط رمال متحركة ، بإتباعها ذات السياسات العدوانية في أفغانستان وباكستان والعراق والسودان والصومال وكوريا الديمقراطية وفلسطين ولبنان وإيران وأمريكا الجنوبية.


ومن هنا يجد اوباما نفسه مضطراً لزيارة العراق سراً كسلفه بوش ، ولو أنه كان عازماً على الانسحاب من العراق بغض النظر عن المتضررين عراقياً وإقليميا لجاء علنا ولفتح باباً واسعا شفافا للحوار مع المعارضة السياسية والمقاومة العراقية ، التي لا يمكن الانسحاب الآمن من العراق دون اتفاق معها. كما لا يمكن البقاء الآمن دون نية وجدولة سريعة للانسحاب.


إن القول بأن القوات الأمريكية لن تنسحب من العراق في حال تصاعد المقاومة.. ينم عن جهل أو قلب للحقائق ومكابرة غبية واستغراق في المأزق وإرجاء غير محسوب جيداً للأمن والاستقرار في العراق والمنطقة. ذلك أن ما حدث ويحدث في العراق من إهراق للدماء وهجرة داخلية وخارجية وفتن وطائفية وفساد وتعذيب وقتل على الهوية كله وسواه هو نتاج طبيعي للاحتلال الأمريكي للعراق ، الذي كاد يصدر للجوار ، لولاً أن المقاومة العراقية الباسلة لقنت المحتلين درساً مناسباً.


لقد أوهم المحتلون والبعض في الداخل والخارج أنفسهم بان الاستقرار المبني على المذلة والخنوع والإذعان والسقوط قد تحقق في العراق ، فيما كانت المقاومة تعيد تنظيم نفسها وتتوحد بما يحول دون سقوط ضحايا جراء عدم التنسيق فيما بينها وجراء ممارسات طفولية.


وكانت شهور بوش الأخيرة والإصرار الأمريكي على توقيع معاهدة والانتخابات الأمريكية وغيرها تستدعي مراجعة من قبل المقاومة العراقية ، بما لا يمنح الخانعين فرصة التحدث عن ضرورات التمديد للاحتلال وللحيلولة دون نجاح الأكثر تطرفاً وعمى وضياع بصيرة.


وحيث لا شيء قد تغيّر ووعود الانسحاب السريع لا تبدو واردة ومحاكمة المسؤولين عن جرائم الحرب في العراق على مدى 6 سنوات ، لا تبدو بعد أمريكياً ممكنة.. ووسائل الإعلام الغربية وبخاصة الأمريكية تحث على بقاء الاحتلال ورهن الانسحاب باعتبارات تتصل بمصالح التابعين للأمريكان.. فإنه لا بد للمقاومة من أن تتصاعد وهو رد فعل طبيعي ومشروع.


وزاد في مبررات اتساع المقاومة مجدداً تبين مدى الخداع الذي كان يقال عن المصالحة الوطنية ، باستهداف ما يسمى "الصحوات" في عملية خذلان وتخلْ غبية منقطعة النظير ، بل وأصبحت المقاومة أكثر امتدادا ديمغرافياً وجغرافيا.

 
 
كيفية طباعة المقال
 
 

شبكة المنصور

الثلاثاء / ١٨ ربيع الثاني١٤٣٠ هـ

***

 الموافق ١٤ / نـيســان / ٢٠٠٩ م