البيت الأبيض ... وبشرى الخطاب الموعود !

 
 
 

شبكة المنصور

الهادي حامد / تونس
البيت الأبيض يزف للعالم العربي والإسلامي بشرى خطاب سيوجهه اوباما لهما خلال زيارته إلى مصر حسني مبارك في مطلع الشهر القادم...يالله.!ماكل هذا الخير!..ما عهدنا أمريكا مجزية للعطاء وكريمة بهذا القدر!!..أيصل أمر تغيير السياسة الأمريكية المجرمة في حقنا وفي حق الإنسانية إلى هذا الحد من القصووية والتطرف..؟؟!..من عصر مسيلمة الكذاب ، المجنون بوش حيث القتل الصامت والمتواصل إلى عصر اوباما العاقل والهادئ والحقوقي والعادل حيث المن على الضحايا بخطاب... تغيير عاصف وقاطع وجذري لا نكاد نجد الفرصة للاحتفال به من هول الصدمة!..أكيد أن البيت الأبيض يريد أن يوفر لنا الفرصة لتنظيم مهرجانات صاخبة على مدى يزيد عن العشرين يوما ، تذبح خلالها الذبائح ويتزاور الناس ويتسامحون ويشكرون الله الذي ساق لهم من سيوجه لهم خطابا من على رأس الوحش الفولاذي الشرير، الشيطان الإمبراطوري أمريكا...بعد أن يئس الكثيرين من هكذا تطلع أو أمنية!..ومات الكثيرين دون أن يتحقق لهم الحلم!...نعم ...هذا ماكنا نرجوه من اوباما...خطابا ليس أكثر...خطابا موجها لنا بأسمائنا فردا فردا وبعناويننا السياسية والمذهبية...فمن لا يحلم بان يشمله هذا الشرف..؟؟.

 
لتصرف الأنظار عن المقاومة في العراق وفلسطين...ليقف كل مجاهد حيث يقف...لنتوقف عن حساباتنا في التكيف مع الميدان ضمن مرحلة خروج أمريكا منهوكة وخائرة القوى ومهزومة من ارض الرافدين...لنتوقف جميعا.. انتظارا وتشوقا وتشوفا للخطاب الموعود.. !عل الرجل يذكرنا بانجازات جيشه عندنا وبالخير العميم الذي جلبه لنا. بالمشانق و الجثث والنهب و المسرحيات الانتخابية و ذئاب الطائفية الذين رباهم في زرائبه وكهوف مخابراته.عل الرجل يقول لنا انه سيعيد لنا أمواتنا و أموالنا و شرفنا الضائع. عله يخبرنا بأنه سيطهر منطقتنا من الصهاينة ومن المجوس الفرس و مافيات اللصوص. عله سيخبرنا بأنه سيوقف دعمه للديكتاتوريات العربية ولأجهزتها الأمنية التي رضعت من ضرع ماما أمريكا وماما شالومي. عله سيصلي بالجمع المؤمن في جامع الأزهر وان يحل محل القذافي في الإمامة العليا(إمام الأئمة). عله يأمر بتسريح المعتقلين في الغوانتانوميات العربية كلها حبا في العدل والحرية واحتراما لقداسة الإنسان...هذا الكائن العجيب  الجريح في زمن الاستثناءات الكبرى!...وفي انتظار الخطاب الموعود علينا أن نتحاور في شان تقديراتنا لفحواه. وان نتخاصم.فنزداد عشقا!..حيث لا يكون حديثنا إلا حول اوباما وأمريكا اليوم ومايمكن أن يتغير فيها من سياسات ومواقف. إن الرجل الذي وعدنا بخطاب لا شك يحبنا بشكل غير عادي وينتظر منا أن نبادله الحب وان ننقاد إلى الحب بسحر الوعد وشوق الانتظار وحمية الحوار أو التناحر!

 
إني أتخيل التقدير الذي ساق هذا البيت إلى هكذا وعد، وهو : إن العرب سذج وبلهاء وطيبون طيبة غبية لا تغيرها الدروس القاسية والأحداث الجسام. لقد قبلوا بإسرائيل وهم يشاهدون أنها تكونت بقرار دولي وحصلت على ديموغرافيتها من الهجرة التي رعتها الأساطير والرأسمالية معا. قبلوا باحتلال العراق وراحوا يستضيفون عملاء أمريكا بالبلد و يساعدونهم بشتى السبل، وفي مقدمة الذين يعملون معنا هي الجامعة العربية وبطلهم عمرو موسى.بل أصبحت نساء حكامهم راغبة في الخدمة معنا وإنجاح مشروعنا هناك، ولو من باب التربية والثقافة والعلوم! احتجوا على شنق القيادة العراقية لكنهم رضخوا ومنهم من شكرنا واحتفل بالحادث...عرب ، هم هكذا كما نرى، سيفرحون لمجرد أن نعدهم بخطاب...وسيعتبرونه انجازا رائدا...أيا كان مضمونه.أما بالنسبة للقوى المقاومة في فلسطين أو العراق ، فان أصدقائنا هناك سيتكفلون بهم. وقد رأينا أداء صديقنا حسني مبارك رائعا في ردع ماتتعرض له إسرائيل من إرهاب. ولولاه لكان الوضع محرجا وسيئا.

 
هذا ما يعتقدونه في شاننا. يلقوا لنا خطابا فنهجم عليه تمجيدا وتهليلا وتباريك ووعدا بالاعتراف بالجميل وبأننا سنكون عند حسن الظن...كماعهدونا دائما.. يريدوا أن يعطوننا كلاما. لأننا امة الكلام. أكلة الكلام ودماؤنا تنزف. لكن قبل أن نتلذذ بكلامهم سنتلذذ بالوعد. وعد الخطاب....وسنرى بان الوعد ، ثم الخطاب ذاته كيف سيحسبه الإعلام المأجور نجاحا لكلب الحراسة المأجور..نجاحا لديبلوماسية حصار غزة. وإننا نلاحظ أن الإعلان عن الوعد اقترن بتجديد الحصار على سوريا.معنى ذلك تعميق سياسة الأحلاف في السياسة العربية وتقوية للطرف الأكثر خدمة للاستراتيجيا الأمريكية في المنطقة ومن ثمة في العالم كله!.قد يكون البيت الأبيض الجديد قديما في ضوء هكذا مؤشرات. انه يمسك العصا من حيث كان يمسكها البيت القديم. وأكيد انه يستمر في الإرهاب من خلال خطاب محاربة الإرهاب، وخطاب ممارسة الإرهاب الإمبراطوري المقدس.معتمدا على حلفاء الأمس أنفسهم. الذين يحاربونه معه بالاعتقال على الرأي والتجويع والتضليل السياسي وحتى الخلافة الكاريكاتورية في مجتمع أضحى عاجزا عن المقاومة. ومن خلال مؤسساتنا التي تحمل عنوانا قوميا أو إسلاميا زيفا ونفاقا بلا حياء.

 

ماذا نتوقع من مضمون الوعد..؟؟..وماذا سيقول أهل الدار للزائر الضيف؟!أننا عرب مثلا...أننا ضحايا ضيفنا لما يقرب عن قرن من الزمان..أننا نطالبه بالاعتذار عما فعلت بنا آلته العسكرية والسياسية في العراق وفلسطين؟؟..ونطالبه بمحاورة المقاومين والاعتراف بأنهم ممثلي شعوبهم الحقيقيين..؟؟ هل سيقول له أهل الدار، أن العراق عاد إلى عصر البداوة الأولى بسبب حقدهم عليه وعلى شعبه وقيادته..؟؟..وبان العراق ، هذا ، هو بلدنا وجزء من وطننا وامتنا.وان أهله أهلنا ، في التاريخ والمصير والقيم والدم؟؟..هل ننتظر من حسني مبارك أن يحدث اوباما هكذا..؟؟!!!..مليون مجنون من يعتقد انه يفقه طقس الرجولة .الرجولة بكل المعاني. كلها. في السياسة والأخلاق والدين الثقافة والفيزيولوجيا والبيولوجيا والكيمياء.... وماشئتم  !!!!

 
نقول للبيت الأبيض أن تقديراته عن العرب والمسلمين غير دقيقة. وان القراءة التي سمحت له بان يتصرف معنا بأسلوب الوعد ...الوعد بخطاب قبل شهر من موعده ...زائفة ومضللة وغبيي من صاغها ونصح باعتمادها.أما عن حقوقنا، فستعرف أمريكا بان دعوتنا لها للحوار مع المقاومين ، في كل الساحات التي كدست بها حديدها، كانت نصيحة غاية في النبل والصدق.

 
وفي هذه الساحات سيبتدئ التاريخ الكوني من جديد. وسيحمل الكثير من الأحلام للبشرية التي لم ترى منكم غير القتل والفساد وأكواب الدم الوريدي القاني الذي يدار في كؤوسكم!.

 
 
كيفية طباعة المقال
 
 

شبكة المنصور

الاثنين / ١٥ جمادي الاولى١٤٣٠ هـ

***

 الموافق ١١ / أيــــــار / ٢٠٠٩ م