عزت ابراهيم الدوري/ فقه الخلود !

 
 

شبكة المنصور

الهادي حامد / تونس
كان الرجل يخطب في قمة عمان التي سبقت الغزو مؤكدا أن زحف الحشود العسكرية الهائلة على العراق ، وما أعدته من عدة وعتاد ، سيكون مصيره الفشل والخيبة والخزي إلى يوم يبعثون. وان الشعب المنهك من الحصار الطويل سيقاتلهم في الصحاري والوديان، قتال الضواري المكلومة. في المقابل سخرت منه بعض الوجوه الصفراء الكالحة التي بذلت الغالي والنفيس من اجل إعداد ميدان المعركة و خطوط الدعم اللوجستي والمؤونة التي تحتاجها علوج الغازي، فماكان من شيخنا إلا رجمها بكلمة أصبحت مضرب الأمثال " اخرس ياصغير..أنت أمام العراق..!".. ماكان هذا الصغير يعرف العراق ولا قادته ولا شعبه ، ولا قرأ التاريخ لأنه في الحقيقة لم يكن يتقن القراءة ، ولم يكن محتاجا أصلا إلى إتقانها!..فحتى الغذاء تقوم الشركات الأمريكية بتسويقه معلبا وطازجا ولا يحتاج إلا إغماض العينين وصبه في البلعوم!..العربية التي تحدثها شيخنا لا يعرفها الصغار، وفن الرجم باللغة يجهلونه ولا يقدرون آثاره وأذاه..فاقد الإحساس والضمير والوطنية هو الذي لا يشارك اللغة نبضها ولا يتسلق رمزيتها وشموخها..الكثيرون لم يفهموا المغزى ، مغزى التحدي و الرجم. واعتبروا الحادثة مرآة تعكس إحباط شيخنا و ترنح القيادة. وان يوم الذبح والسلخ بات قريبا حتى يتخلصوا من مدرسة الوطنية والشرف التي كثيرا ما أحرجتهم وأرّقتهم وعرّتهم.

 
حدث الغزو.وحدث ماحدث. فاستشهد من استشهد. واسّر من اسّر. والبقية الباقية من القيادة يقاومون..أما الشعب فقد تداخلت عليه المؤثرات والقوى والكيانات و الترويع والتركيع وقدم من مواطنيه الشرفاء والأبرياء آلافا مؤلفة..وفي الأخير استعاد أنفاسه ومعدنه وبدا في جولة جديدة من الصراع ،مستحثا ومستنفرا قواه الحية وطاقاته الدافعة المعطاءة المعروفة عنه على مرّ التاريخ...وما رضخ أو سكن للأقدار الشريرة ،منذ الجولة الأولى، فأسطورة أم قصر عالقة بالأذهان. والفلوجة المجاهدة أضحت أكثر مدن العالم شهرة في مقارعة المحتل والعملاء. وهي أيضا ، خطت اسمها بدم أبنائها في سفر التاريخ...أضحى العالم يعرف الرمادي واللطيفية و الشرقاط و اليوسفية و الموصل وكركوك و تكريت والبصرة ...في ضوء السجال اليومي والتراكم المستمر للفعل المقاوم وهو يقارع أكثر قوى الأرض تجهيزا و إمكانيات وتكنولوجيا و أكثرها بطشا و شرا و قوة و لهافا على القتل والتدمير...أليس هذا عجبا عجاب؟؟!..أليس معجزة ...بمعنى تفوق الخيال وقياساته في ضوء خبرات الحروب كلها التي ضمها تاريخ البشر..؟؟..!اليس مثيرا ومحيرا للأعداء قبل الأنصار..وللجلادين أنفسهم..؟؟!..كيف يستطيع شعب مقاتلة الأمريكان والصهاينة والفرس معا، ضد عباقرة القتل التكنولوجي ، عباقرة الدسائس على مر التاريخ ، وعباقرة الغدر إلى حد الأمس القريب..وهو منهك القوى بعد حصار شديد دام لما يزيد عن العشر سنوات ، منع عليه خلاله الغذاء والدواء وقلم الرّصاص..؟؟؟..وكان خلاله يتعرض إلى قتل يومي في رجعات جوية استعراضية وبهلوانية لا هم لها إلا سكب الحمم على الرؤوس والعودة إلى المحطات العائمة في الخليج..!!..هذا الشعب الذي يقاوم ، منذ الغزو وقبله والى الآن ، هو الذي أوحى للشيخ عزت إبراهيم الدوري بالتحدي ، في الخطاب الذي اشرنا إليه ، وهو الذي أوحى له بان ينعت المتآمرين ( الساخرين) بالصغار ، لان شعبه عظيم ، وهو من يعرفه حق معرفة . فالقادة الذين ينتسبون على أعمق أعماق شعوبهم هم الذين تمثل كلماتهم رؤية. وردود أفعالهم التي قد تبدو لدى البعض تافهة ،فلسفة روحية بحالها. وعمق بحد ذاتها. راجعوا أحاديث القائد الشهيد صدام حسين ، في اجتماعاته مع قادة الفرق قبل الغزو، وتتبعوا رؤيته لانعكاسات الغزو المحتمل على الاقتصاد الأمريكي وعلى المقام الأمريكي الكوني!...تأملوا كيف كان يرى مايقول ، وماكنا نرى مايراه ، بل وصل الجهل بالبعض إلى اعتبار ذلك مسرحية هزيلة وثرثرة في الوقت الضائع!!. لاحظوا ، ولعلكم لاحظتم ، وهو أمام القاضي ، وفي قبضة العدالة الإسرائيلية والرفسنجانية، كيف انطلق في توجيه خطاب إلى العراق العظيم ومقاومته الباسلة والى الأمة العربية والشرفاء في العالم..!!..أهذا تعتبرونه أمرا بسيطا ولا خصوصية دلالية له..؟؟!..الم تلاحظوا في إحدى رسائله الصوتية يتحدث عن العراق بماهو خلطة كيميائية لا يعرف سرّها إلا الشرفاء من أبنائه ، وقد هرعت قناة العربية آنذاك إلى اعتبار ذلك اعترافا منه بوجود سلاح كيميائي ..!!!!!ولا أقول أسلوب تصرفه والحبل حول الرقبة، فذلك عطاء من الله جل جلاله ، ومنة منه.فليس ثمة من فضل أكثر من أن تتوفر الفرصة للمسلم حين تحين الساعة ليشهد بالله الأحد الأحد و بصدق نبوة رسوله المصطفى عليه الصلاة والسلام،وتسمو روحه إلى الجنة قبل خلاصها من الجسد . هذه القوة وهذا الإيمان لا يهبه الله إلا لمن يفضلهم تفضيلا. من أية مدرسة تخرج هؤلاء الرجال..؟؟..لا تخجلوا ولا تترددوا....نحن لم نتعلم ماتعلموه ولم نكتسب حتى القليل مما اكتسبوه. لذلك ثمة الرجال وثمة الأشباه.وثمة في الأخير، أشباه الأشباه.

 
حينما كان العملاء يركبون العجلات الأمريكية ، ويتسابقون إلى الفوز بالورود البلاستيكية على مرأى من العالم، والى الوقوف جنب المندوب الأمريكي السامي غارنر، كان شيخنا ينسج بنية تحتية جديدة تتلاءم مع الوضع المأسوي الجديد، مع رفاقه والكثير من المخلصين. لا من اجل التحرير الفوري ، بل من اجل المطاولة في الفعل المقاوم ، وان يمتلك القدرة على الاستمرار حتى مئة عام إذا استطاع العدو الاستمرار في غيه وغبائه وعناده. البنية التحتية التي عمل لأجلها قادة المقاومة ليست طلقة هنا و عبوة هناك.. ليست رمية يدوية من هذه الزاوية أو إطلاق قذيفة عشوائية قد تصيب هدفا وقد تخطئ. إنها البنية التنظيمية الحديدية والعقائدية التي يحق لنا التفاخر بها والاطمئنان إلى نجاح مطلب التحرير بإذنه تعالى. وهو الانجاز الأهم والأخطر والقاتل للعدو وعملائه..الانجاز الذي سيحقق النصر عن قريب إن شاء الله. رغما عن مكر الماكرين وحقد الحاقدين وشر الأشرار، الذين تنادوا إلى عراق السيف والقلم من كل حدب وصوب، في تحالف شرير ، لم يشهد التاريخ له مثيلا.

 
الشيخ عزت إبراهيم الدوري ، وهو في سن متقدمة وبنية جسدية هزيلة ، يقود ملحمة العودة ، والصعود بالعراق إلى المجد الخالد الذي ستقرأ عنه أجيال كما نقرا اليوم أساطير الإغريق و دراما البطولات القديمة.ستحكى قصة هذا الشعب مع عصبة المجرمين في الغرب المسيحي اليهودي المتصهين ، وحلفاءهم الفرس، لهواة قصص تكوّن الحضارات و الأمجاد. ولبقايا أبناءنا على أرضنا الذين سيبدو لهم صدام حسين كمايبدو لنا اليوم السيد المسيح!..ستغفو جفون على مايصوره خيال المبدعين من ملاحم...ويرقد الصغار على سير الأبطال و نماذجهم الخلاقة. لقد كان صدام حسين قائدا وحكيما. كان يؤمن بأمرين لا ثالث لهما : الله والشعب.فلنكن كلنا صدام حسين ، على خطى عزت إبراهيم الدوري ، صعودا إلى المجد الخالد والى الخلود ، من اجل الله والوطن والإنسانية .. فالله وعد بالنصر وهو لا يخلف وعده.

 
 
كيفية طباعة المقال
 
 

شبكة المنصور

الخميس / ١١ جمادي الاولى١٤٣٠ هـ

***

 الموافق ٠٧ / أيــــــار / ٢٠٠٩ م