عراق الحاضنة الوطنية
(
لامكان لمن يتربص ؛ إلا من آتى الله بقلب سليم )

 

 

شبكة المنصور

سعد الدغمان
قرأنا في مقال سابق ل طالب الشطري يدعوا فيه بان يكون لنا حاضنة وأقترح أن يكون (الحسين عليه السلام) حاضنة العراق.


ولما يمثله سيد الشهداء صبط الرسول من رمز مقدس لدى الجميع دون أستثناء كانت وجهة نظر (العزيز طالب) الذي يسكت دهرا ولاينطق كفرا؛بل يأتي بأفكار قريبة من الواقع وتحمل معالجات شتى لمسائل كثر.


الحسين الحاضنة التي يتكلم عنها الشطري تحمل من الرمزية أكثر مما تحمل حلا لمشاكل بات العراق يعاني منها بل يئن تحت وطأتها نتيجة أستخدام أسم (الحسين عليه السلام؛وأسم أبيه وأمه عليهما السلام)؛حيث أن القضية اليوم تحمل أبعادا أخرى متعددة لا كما كانت في الماضي؛ذلك ان الحسين كان يمثل رمزا على الأستبداد والانحراف في النهج الديني أو الدنيوي وهو عليه السلام ينتهج مبدأ التصحيح الذي يتخذ من مبادىء جده الأكرم الرسول الأعظم عليه الصلاة والسلام منهجا يواصل السير عليه نحو أرساء قواعد الدين الحقة والتي أرادها الله أن تكون العماد في الحياة ولاتبديل فيها من منطلق الآية الكريمة


بسم الله الرحمن الرحيم (اليوم أكملت لكم دينكم وأتتمت عليكم نعمتي ورضيت لكم الأسلام دينا) صدق الله العظيم
إلا أن الحاصل هو أتخاذ سيرة الحسين الطاهرة منهجا نحو تكريس قيم مغلوطة أدخلت في منهج الحياة والحكم؛وما جرى على الساحة العراقية واضح وجلي وصريح ولالبس فيه؛فمن ياترى من الذين يقولون بمنهج الحسين يطبق ولو شعيرة واحدة كان يدعوا لها الامام الصالح (سفينة النجاة) عليه وآله الصلاة والسلام.


الحاضنة المطلوبة اليوم هي بناء الانسان وفق عقيدة صحيحة بعيدة عن التخندق الطائفي المقيت والاقصاء والأبعاد والقتل الذي أتخذ كصورة سوداوية تعالج بها الأمور نحو الأستفراد والأستقواء بقوى شتى منها ما هو أقليمي ومنها خارجي متمثل بالأحتلال وقواته المتزندقة الفاجرة المجرمة؛ومن يحسب عليهم ومن جاء معهم ومن عمل بمعيتهم؛ومن شاكلهم بالفعل القبيح.


أن أعادة بناء المجتمع وفق صورة الحسين (الحاضنة) لهي دعوة شفافة صادقة ولكن أن تم أتباع نهج الحسين الخالد ونهج أبيه عليهما السلام؛لا أن نأخذ الاسم ونترك الجوهر في سبيل تحصيل أعدادا متزايدة تقف في طوابير الظلم والقهر الأجتماعي فيما ثروات البلد يتم الأستحواذ عليها من قبل الأجنبي وشلة المارقين الذين يخدمونه؛والدمار والخراب في كل مكان؛نحن بحاجة الى عملية تصحيح شاملة تبدأ بالعقول وتنتهي بالأشخاص؛تبدأ بالدستور المقرف الذي أتخذه البعض شماعة نحو ألحاق الضرر بالعراق وأهله (مثل الأحزاب الكردية)؛(والمجاميع الفارسية المجرمة)ولا تنتهي بالبرلمان المسخ المتحاصص؛تبدأ بالقول وتطال النهج وتعرج على الأداء المخزي لكل الحكومات التي أنشأها المحتل الأمريكي الصهيوني والإيراني الفارسي المجرم؛فلا الحسين شماعة ولا سيرته الوضاءة ذريعة تصح أن تتخذ كنهج مغاير لما جاء بأفعال الحسين عليه السلام.


الحاضنة المطلوبة هي الحاضنة الوطنية الحقة التي تستلهم من منهج الحسين مبادئها لتكرسها على واقع الحال مشهدا إنسانيا حقا يحيل صورة ذلك الأمام الزاهد بالدنيا والرافض لمغرياتها الى حقيقة واقعة نستنبط منها العبر ونعمل على تطبيقها في منهج محكم لايظلم الأخر؛ولايسمح بالتفرد والتطرف؛إن أذكاء روح الوطنية بالفعل والتصرف والدفاع عن العراق كوطن للجميع هي الفكرة الحاضنة التي تبني دولة يفتخر بها أهلها ويعتز بها الصديق ويهابها القريب قبل البعيد؛إن مشاعر الاعتزاز بالبلدان هي التي تقوم المشاعر وتسعى من خلال رفعتها الى الفخر بالأوطان كحاضنة (أم) وفق كل الأفكار الصحيحة المنتقاة ولابأس إن تم أنتقاءها من تجارب الأخرين؛فالحياة مدرسة؛نتعلم منها ونستفيد من تجارب القائمين عليها سواء بالسلب نتخذ منه العبرة نحو تصحيح المسار أو بالإيجاب لنطبقه كمنهج صح أستخدامه في تجارب مماثلة وثبت نجاحه؛ولنا في دول العالم أسوة؛فكم من المجتمعات الناهضة الحديثة التي أستلهمت تجارب الآخرين وطبقتها وأزدانت مسيرتها بالنجاح وبنت بلدانها على أحسن مايرام.


وإذا كانت الاحزاب التي تحكم اليوم معجبة بالتجربة الإيرانية فلابأ س لكن أن نأخذ منها ما هو نافع ونلفظ الاسوء؛لا أن نطبقه وفق الأجندة الفارسية التي تمقت كل ماهو عربي؛ والتي تتخذ من نهج الحسين عليه السلام جسرا نحو التعمق في بواطن وحيثيات الشعب العراقي ساعية الى تدميره وتشتيته؛والأدلة المتوافرة على الساحة العراقية اليوم شاهدة على كلامنا ولسنا بحاجة الى تعداد مدى السوء الذي لحق بمجتمعنا جراء أستنساخ التجربة الفارسية المجوسية على أيدي من تربى هناك في ظلام الأقبية الحاقدة المجرمة وتطبيقها بصورتها الحقودة؛وهذا الكلام ينعكس على التجارب الأخرى ومنها التدخل العربي من بعض دول الجوار الخليجية منها تحديدا وغيرها عموما.


الوطنية والأعتزاز بها مضافا اليها الألتزام بتعاليم الدين الحنيف السمحة دون الخروج عن ماجاء به الرسول المصطفى عليه الصلاة والسلام وما أتبعه آل البيت الأطهار عليهم السلام من نهج حقيقي صادق للحفاظ على الدين وصون كرامة الأنسان التي جاء بها الدين وفق شرع الله عز وجل هي أصدق وأعظم الحاضنات وأقدسها؛وأن الحسين عليه السلام إن كان لابد من أتخاذه كحاضنة تؤلف القلوب وتجمعها وفق نهجه المقدس (عليه السلام)؛لا أن يتم الترويج لها كحاضنة طائفية تتناول أسمه الشريف كواجهة يراد بها أمور مبطنة تدفع بأتجاه التفرقة والتشرذم كما أستخدمتها أطراف عديدة أججت من ورائها المشاعر الفئوية والطائفية وكانت هي المستفيدة من وراء الشرر المتطاير من موقد النار الذي صبت عليه الزيت أسماء عديدة عرفت من خلال المشاريع التي جاء بها الأحتلال ومن وراءه دول أقليمية عديدة وحجزت أماكنها في مايسمى بالبرلمان على حساب سيرة الحسين الوضاءة الطاهرة وأرتزقت من خلال تلك الواجهات من السحت الحرام.


العراق عراق الجميع وليس لأحد أن يقصي فيه فئة على حساب الأخرى؛كما لايمكن أن تتهم فئة دون غيرها؛فالحاضنة الوطنية اليوم تتطلب أن تستبعد كل ذي قصد دنيء مغرض حتى وأن كانت تلك الأسماء التي ظهرت بعد التحرير المقيت المخيف المجرم المخزي؛سواء كانت أحزابا أو أشخاص؛الحاضنة اليوم هي صفاء السريرة ونقاء القلب نحو بناء عراق واحد موحد يلملم جراحاته ويضمد أبناءه الذين طال صبرهم وكبر جرحهم؛ولامكان فيه لمن يعمل خلاف ذلك؛ولامكان لمن يتربص بالعراق وأهله ؛ دون أغفال حساب من أساء ؛ إلا من أتى الله بقلب سليم.

 
 
كيفية طباعة المقال
 
 

شبكة المنصور

الاربعاء / ١٩ ربيع الثاني١٤٣٠ هـ

***

 الموافق ١٥ / نـيســان / ٢٠٠٩ م