حزب الله والمواقف العربية منه

 
 

شبكة المنصور

ابو محمد العبيدي
يصنف حزب الله من الاحزاب المبدئية تفريقا عن الاحزاب التقليدية, وربما يصنفه البعض ضمن الاحزاب الثورية ,والمهم ان نثبت انه يلتزم بمباديء واهداف محدده يسعى الى تنفيذها ولا تتأثر سياسته بالمصالح التي تؤثر تقليديا على سياسات الاحزاب التقليدية وهو يرفع شعار المقاومة ضد العدو الصهيوني ويدافع عن التراب اللبناني ,وتنظيميا فهو اقرب شبها بالميليشيا العسكرية منه الى الحزب السياسي وذلك بسبب ضروف لبنان وخاصة احتلال اسرائيل لاراضي لبنانية والاعتداءات المستمرة للصهاينة على الاراضي اللبنانية ,ولاينكر دوره في تحرير هذه الاراضي ولا في تحرير الاسرى اللبنانيين ,وقد كان موقفه واضحا في دعم المقاومة الفلسطينية وخاصة حماس والجهاد الاسلامي وله علاقة جيدة مع الجبهة الشعبية _القيادة العامة ,جماعة احمد جبريل اي انه يشترك مع ايران وسوريا في النهج من ناحية موقفها من المنظمات الفلسطينية بل والقضية الفلسطينية عموما,وهذا ليس بغريب ,حيث انه تاسس نتيجة قرار ايراني من خلال انشقاق جناح من حركة امل الشيعية بايعاز من طهران لان حركة امل حركة اقرب الى العلمانية مما ابعدها عن الخط الايراني ,وكان الجناح المنشق هو النواة لحزب الله والذي حضي بدعم كامل من ايران بل انه اغلب كوادره وقادته قد تدربوا في ايران طيلة الخمس والعشرون سنة الماضية,بل ان تمويله وتسليحه ايراني 100%اضافة الى تمويل كل نشاطاته الاجتماعية والتي استطاع من خلالها, اضافة الى مواقفه من القضية الفلسطينية ان يكسب الكثير من ابناء الشيعة اللبنانيون, وقد كان يرفض الدخول الى معترك السياسة اللتقليدية اللبنانية ,اي الانتخابات البرلمانية ولكن هذا الرفض قد تحول جذريا قبل عدة سنوات لصالح العمل السياسي التقليدي ,وكان السبب الرئيسي هو انتهاء مبرر وجوده كحزب مقاوم بعد تحرر الاراضي اللبنانية ولم تتبقى الا مزارع شبعا بيد اسرائيل والتي ما زالت سيادتها موضع تنازع ما بين سوريا ولبنان ,اي عمليا انتهى دوره الجهادي في لبنان والذي كان مبرر له في الاحتفاظ بالسلاح وبالميليشيا والتي كانت تمثل سيف مسلط على جميع اعدائه ,مما فرض عليه التحول الى العمل السياسي التقليدي مع محاولة الاستمرار بالاحتفاظ بالميليشيا والتسليح ومبرر ذلك الدفاع عن لبنان امام هجمات الصهاينة وهذا ما اوجد ردود افعال سلبية من قبل الكثير من الاحزاب السياسية اللبنانية تساندها الولايات المتحدة الامريكية وفرنسا وما تسمى بدول الاعتدال العربية ,وبما ان عمله السابق والذي كان تحت غطاء الدفاع عن لبنان والجهاد ضد الصهيونية قد انحسرت فعاليته لانتهاء ,او لتجميد الصراع على الحدود اللبنانية من قبل اسرائيل فقد فقد اهم مبرر للاحتفاظ بسلاحة اولا وكذلك تاثيره على مجرى الاحداث السياسية في المنطقة العربية,مما جعله يتبنى اهداف جديدة لم تكن لها اولوية مباشرة في شعاراته واولها مساندة الفصائل المسلحة الفلسطينية(حماس والجهاد ) وخاصة بعد احداث غزة .


من المشاكل المثارة مؤخرا اتهام مصر لحزب الله بتاسيس شبكة في مصر هدفها القيام بعمليات عسكرية واغتيالات وغيرها ,وقد اعترف حزب الله بهذه الخلية ولكنه اختلف مع النظام المصري بتحديد هدف هذه الخلية او الشبكة ,حيث انه ادعى بان هدفها هو تهريب السلاح الى المقاومة الفلسطينية في غزة وان ذلك مشروع بل واجب على كل عربي ومسلم .


وانا اعتقد ان الطرفان قد ذكرا نصف الحقيقة عن الاهداف ,كلا ذكرها بطريقة تتماشى مع منهجه السياسي وبطريقة واسلوب يؤدي الى خدمة هدفه.فالنظام المصري حاول ربط الموضوع مع السيادة المصرية وركز على ان هدف الخلية هو القيام باعمال تخريبية وليس عملية تهريب السلاح الاغطاء بل وختى هذا الغطاء غير مقبول من قبل الحكومة المصرية واعطت امثلة على ذلك كتاجير بعض الاماكن المشرفة على قناة السويس وغيرها من التبريرات .


اما حزب الله فقد اعترف بتاسيس الخلية ولكنه اكد على ان هدفها هو تهريب السلاح الى غزة ورفض الاتهامات المصرية الاخرى ,وانا اعتقد ان هدف حزب الله من تاسيس هذه الخلية هو هدف مزدوج وظاهره وجزء منه تهريب السلاح الى غزة ,وباطنه اهداف اخرى لا تشمل بالضرورة اتهامات النظام المصري, وهذه الاهداف الاخرى غير محددة ولكنها تضمن له التواجد في الساحة العربية وتضمن له التاثير فيها وهو بذلك يعمل بالنيابة عن ايران من خلال دعم المقاومة الفلسطينية اليوم وربما غدا دعم السودان وغيرها ,اي انه ينفذ الاستراتيجية الايرانية في المنطقة العربية واهدافها اللامعة والتي ظاهرها لصالح القضايا العربية والامة العربية ,وهذا الدور اوكل الى حزب الله بعد الاخفاقات التي منيت بها السياسة الايرانية وبعد ردود الافعال العربية ضدها وبعد كشف دورها في الخليج والمغرب ومطالبتها بالبحرين ودورها القذر في العراق ,كل ذلك ادى الى انحسار دورها في المنطقة العربية مما فرض تكليف حزب الله بهذا الدور والذي اضطر معه الى توسيع وتطويراهدافه المعلنة تدريجيا حتى يستطيع ان يلعب الدور الذي يخدم الاستراتيجية الايرانية في المنطقة فمن هدف تحرير الاراضي المحتلة اللبنانية الذي انتهى عمليا الى دعم المقاومة الفلسطسنية,ولن يستطيع لعب هذا الدور الا اذا تبنى اهداف قومية او اسلامية وخرج من تحديدات الاهداف القطرية او الطائفية السابقة ,وفي نفس الوقت سيمكنه من الاحتفاظ بسلاحه كمبرر لاستمرارية متطلبات النضال القومي او الاسلامي .


والحقيقة انه لا يمكن فهم او تحليل حزب الله ولا اهدافه ولا مواقفه الا في ضوء العودة الى الاساس الفكري له ,حتى يمكن فهم اهدافه المعلنه ومواقفه وكذلك طروحاته السياسية بل وكل عملياته بما فيها عمليته الاخيرة في سيناء .


ليس سرا ان حزب الله يلتزم بمبدأ ولاية الفقيه ,اي انه حزب اسلامي شيعي يقر بانه مرتبط بقيادة دينية بل وسياسية محددة تتمثل بالفقيه والذي هو ايراني يقود الثورة الاسلامية في ايران ويسعى الى تصدير هذه النظرية الى كل الشيعة في العالم الاسلامي ,وهذا الالتزام والايمان بنظرية ولاية الفقيه تفرض جملة من الالتزامات الفكرية والسياسية على حزب الله:


1_ان نظرية ولاية الفقيه هي نظرية شيعية وبالتالي فهي لاتؤمن بالقومية وعليه فان حزب الله حتما لايمكن ان يؤمن بالقومية العربية .


2_ان نظرية ولاية الفقيه, تخص مذهب محدد وهو المذهب الشيعي وبالتالي فهي نظرية غير اسلامية ,اي انها لا تخاطب كل المذاهب الاسلامية او الاسلام بوجه عام الذي يتسامى على الطوائف.


3_ان نظرية ولاية الفقيه نظرية غير وطنية اي انها تخاطب ابناء المذهب الشيعي اينما كانوا وبالتالي  فانها قد تتقاطع اهدافها مع الاهداف الوطنية .


4_ان لنظرية ولاية الفقيه فكر ومنهج محدد ملزم لمن يؤمن به من الشيعى وغير ملزم لكل شيعي ,اي انه لا يمثل كل الشيعى.


5_ان الولي الفقيه يتمتع بصلاحيات دنيوية ودينية واسعة جدا تفوق صلاحيات اية سلطة في الارض وبالتالي على من يؤمن به الالتزام باوامر الفقيه .


هذا من الناحية الايديولوجية والسياسية التي تفرض على حزب الله الاستناد اليها ,اما من الناحية العملية فيمكن تحديد ما يلي :


1_ان هذا الحزب قد اسس من قبل ايران كمليشيا شيعية لبنانية تقوم بتنفيذ اهذاف مرسومة في ايران او لخدمة التوجهات التي يريدها الفقيه .


2_ان تدريب الكثير من افراده وقياداته العسكرية والسياسية والاعلامية ومنذ نشاته ولحد الان يتم في ايران .


3_ان دعمه المادي والمعنوي ينم من قبل ايران ماليا وعسكريا واعلاميا ودبلماسيا وتسليحا ومنذ تاسيسه ولحد الان .


4_ان زعيم الحزب وامينه العام هو وكيل للامام الفقيه ينفذ اوامره .


من ذلك تتضح العلاقة بين حزب الله وايران والتي تفرض عليه التزامات لا يمكن تجاهلها في اي تحليل لدوره ولمواقفه السياسية في لبنان او في غيرها ,ان حزب الله هو جزء من الاستراتيجية الايرانية ولا يمكن ان يكون الدور الذي يلعبه خارج الدور المرسوم له ضمن الاستراتيجية الايرانية للمنطقة وبالتالي فانه يخدم المصالح الفارسية شاء ام ابى نتيجة التزامة بنظرية ولاية الفقيه التي تفرض عليه هذا الدور.


وقد يتصور البعض باننا نتجنا على حزب الله الذي قدم اكثر بكثير مما قدمه الاخرون للقضايا العربية وخاصة مجابهته للجيش الاسرائيلي وتقويض سمعته وغيرها من الامور ,ونحن لا ننكر دوره هذا ولكننا امام التزامات فكرية دينية معلنه تفرض على من يؤمن بها السير بهذا الطريق وكلامنا هذا ليس اتهام او محاولة للنيل من حزب الله ولا من قائده الذي نحترمه,بل انها تاشير لواقع غير منكر من حزب الله ,واذا لم تفرض الضروف على حزب الله عملية الاختيار ما بين التزاماته الفكرية وما بين التزاماته القومية او الوطنية لحد الان فان المستقبل سيفرض عليه ذلك مع طموحات النظام الايراني ومع الاطماع الفارسية في المنطقة العربية مما يستوجب معه ومنذ الان ان يحدد طريقه المستقبلي وقد لاحظت الاحراج الذي يغلف السيد حسن نصر الله عند ذكر المقاومة العراقية البطلة وفي اشادته القليله السريعة لها ولدورها .

 
 
كيفية طباعة المقال
 
 

شبكة المنصور

الخميس / ١١ جمادي الاولى١٤٣٠ هـ

***

 الموافق ٠٧ / أيــــــار / ٢٠٠٩ م