الاهداف المزدوجة في الاستراتيجية الايرانية

 
 

شبكة المنصور

ابو محمد العبيدي
من الكتب المهمة في علم السياسة هو كتاب الامير والذي الفه نيقولا ميكافيلي ,وقد اشتهر بالمبدا الذي نادى به والمتمثل بالغاية تبرر الوسيلة والذي يعني ان المهم هي الغاية والتي يجب ان تكون نبيلة, ويبرر استخدام وسائل غير نبيلة او غير اخلاقية لتحقيق هذه الغاية مادامت الغاية او الهدف نبيل وبالرغم من ممارسة هذا المفهوم سياسيا منذ تكوين المجتمعات البشرية الا ان الامير هو اول من  اظهرها كنظرية او كمبدا سياسي ,وهذا المبدا تستخدمه اغلبية القوى والاحزاب السياسية من اقصى اليسار الى اقصى اليمين واغلبية القادة ولكن نادرا من يعترف بممارستها ,لانه يصنف على انه مبدا غير اخلاقي .


وقد استحدثت ايران مبدأ جديد فاق في مفهومه المبدأ الميكافيلي الا وهو مبدأ الاهداف المزدوجة والذي يعتبر بحق تطور نوعي للميكافلية على المستوى النظري والعملي في السياسة وقد نجحت في تمريره بذكاء ودهاء فارسي خبيث ,بحيث استطاعت ايهام الكثير من العقول التي تصنف بالذكية بل وتجعلها مدافعة عن هذه السياسة التي تتعارض مع افكارها ومصالحها وقيمها في النتيجة , وقبل ذلك لا بد من تحديد ابعاد هذا المبدا الايراني المستحدث والذي نعتقد انه الحجر الاساسي للاستراتيجية التي تستند اليها نظرية ولاية الفقيه في تنفيذها والتي طورها اية الله الخميني لتحقيق الاهداف الفارسية لاقامة الامبراطورية الفارسية من خلال استغلال المذهب الشيعي لتنفيذ اهداف القومية الفارسية عبر استحداث مبدأ يعطي الفقيه صلاحيات دينية ودنيوية مطلقة على ابناء المذهب الشيعي وخاصة على من يؤمن منهم بهذه النظرية,اي ان على الشيعة الالتزام بتنفيذ الاوامر او توجيهات الفقيه حتى ولو كانت تتعاض مع مصالح اوطانهم او قوميتهم بل وحتى مصالح طائفتهم الشيعية ,لان ايمانهم وقناعتهم بنظرية ولاية الفقيه تعني بالضرورة الالتزام التام بتوجيهاته التي تصدر والتي تمثل توجيهات الامام المنتظر وبالتالي فانها واجبة التطبيق والتنفيذ وبما ان الفقيه هو ايراني وهو قائد للثورة الايرانية والتي اصبح واضحا استراتيجيتها المبنية على اقامة امبراطورية فارسية حديثة لا بد وان تجعل عملية تنفيذ اهداف الثورة الايرانية لها الاولوية ,وهنا بدا الاشكال مابين الاهداف الوطنية والقومية لابناء الشيعه وما بين الاهداف الايرانية والتي يريد الفقيه تنفيذها من خلال استغلال عموم الشيعة وخاصة العرب منهم للقيام بتنفيذ اهم جزء فيها وهو ما يخص التوسع الايراني وعلى حساب الاراضي العربية باسم المذهب ولكن لصالح ايران ,وكان على خميني ايجلد الحلول لها والا فان الشيعة لن ينخرطوا في مثل هذا المشروع بما فيهم العامة او البسطاء ,وعليه فان الحل الذي ابتكره هو السعي  كمرحلة اولى لالتزام قضايا الامة العربية والاسلامية والنضال من اجل تحقيقها وخاصة قضية العرب الاولى فلسطين وهو بهذا يستطيع محاربة امريكا التي تسيطر على منابع النفط العربية والتي يسعى الى السيطرة عليها اولا  ويحارب الانظمة الرجعية التي تحكم دول الخليج ثانيا والتي هي عائق يحتاج الى الجماهير العربية من اجل محاربتها اضافة الى محاولة ايجاد بؤر للشيعه في بقية الدول الغاية منها الضغط عند اللزوم وباسم نشر التشيع لكسب عموم الشيعى لصالح نظريته .


وبالتاكيد ان الدور الرئيسي في هذه الاستراتيجية هو لحزب الله اللبناني للقيام بواجب كسب التاييد الشعبي العربي والضغط على الانظمة العربية الرجعية وامريكا من خلال الوقوف ضد اسرائيل وكل هذه اهداف نبيلة وسامية يؤيدها عموم العرب وهنا ينتهي دور الاهداف النبيله بعد تنفيذها ونجاحها ليبدأ تنفيذ الاهداف غير النبيلة للاستراتيجية الايرانية في التوسع وعلى حساب العرب من خلال استغلال شيعة العراق والخليج .


اي ان اختلاف مبدا خميني عن المبدأ الميكافيلي هو ان مبدا خميني يدعو الى تنفيذ غاية او هدف غير نبيل عبر وسيلة او واسطة نبيلة اي عكس مبدا ميكافيلي وما محاربة الصهيونية ودعم حماس والسودان وغيرها من المواقف الا تنفيذ لهذا المبدا فهو يستغل القضايا العربية النبيلة من اجل الوصول لتحقيق اهدافه غير النبيلة عبرها ومن خلال استغلال الشيعة العرب كادوات لتنفيذ هذا المخطط .علما بانه يعتبر اهدافه نبيلة وطنيا حتى ولو كانت على حساب الاخرين وهو في نفس الوقت يقدم خدمه للعرب والاسلام من خلال محاربة الصهيونية .


اي ان الاستراتيجية الايرانية ذات اهداف مزدوجة الغايات ظاهرها شيء وباطنها شيء اخر ولا يمكن اكتشافها من قبل الكثيرين الا بعد الرجوع الى اصل نظريتها والمتمثلة بولاية الفقيه .


ولكن هذا المخطط قد اجهض من قبل ايران نفسها ورغم انها مصرة على المضي به حيث ان موقفها من المقاومة العراقية وموقفها من البحرين والتمسك باحتلال الجزر العربية وكشف بعض خلايا التشيع في الدول العربية قد كشف حقيقة اهدافها التوسعية وكذبة دعواتها .

 
 
كيفية طباعة المقال
 
 

شبكة المنصور

الخميس / ١١ جمادي الاولى١٤٣٠ هـ

***

 الموافق ٠٧ / أيــــــار / ٢٠٠٩ م