وحدة المقاومة , الطريق الوحيد للتحرير

 
 

شبكة المنصور

أبو محمد العبيدي
من المؤكد إن وحدة الفكر للمقاومة في أي بلد أو زمن هي من المقومات الأساسية لتحقيق النصر وكلما كانت هنالك وحدة للرؤية الفكرية وبالتالي السياسية لقوى المقاومة فستجد بالإمكان تجاوز اغلب المشاكل والأخطاء التي تقع بها ,ودائما ما نستشهد بالمقاومة الفيتنامية والتي كانت احد أسباب انتصارها هي وحدة الفكر للمقاومة ,حيث إن وحدة الفكر يعني ببساطة وحدة الفصائل أي إن هنالك تنسيق متكامل بين فصائل المقاومة وهذه تعني وجود قيادة موحدة لكافة الفصائل ولسنا في حاجة لتوضيح أهمية الوحدة وتعداد مساوئ الفرقة فمنذ كنا في الابتدائية ومدرسونا الأفاضل يعلموننا عن أهمية الوحدة ويعطون الأمثلة على ذلك ,ولا يوجد أكثر من كتاب الله القران الكريم من أكد على أهمية الوحدة في الحياة عموما فما بالكم إذا كان الموضوع يخص وحدة المسلمين وفي الجهاد حصرا وليس في عمل آخر ,ولو نظرنا إلى فصائل المقاومة والى الفكر الذي تمثله فلن نجد ما يبرر هذا التباعد أو عدم الوحدة إلا اللهم تفكيرهم بالأمور الدنيوية والمصالح الشخصية أو الفئوية ,وتبرير, بل وإيجاد ما يبرر عدم التلاقي والتوحد وهذه المسؤولية يتحملوها أمام الله يوم الحساب,فهل يوجد أهم من تحقيق النصر على أعداء الإسلام والعروبة وهل إن التناقض أو الاختلاف إن وجد في ما بين فصائل المقاومة فكريا أو سياسيا أو الاثنان معا لا يمكن حله أو تأجيله لما بعد التحرير على اقل تقدير, وهل إن وحدة المقاومة غير مؤثرة من وجهة نظرهم في تحقيق النصر ,وهل إن بقاء المحتل أو عملائه أفضل من نجاح احد هذه الفصائل في استلام السلطة في حالة تمكنه من ذلك مما يبرر عدم الوحدة معه خوفا من تقويته وأخيرا ما هو حكم الشرع والدين بمن يعيق وحدة المقاتلين أو لا يسعى لها أو لا يلبي النداء الذي يطلقه قادة بعض الفصائل وخاصة إن جميع الفصائل هي إسلامية المنهج والفكر عدا حزب البعث الذي يلتزم بالفكر القومي والذي يستند فكره القومي على مبادئ الإسلام وقيمه دون الدخول بالتفاصيل الخاصة بالممارسات والشعائر الإسلامية وان علمانيته التي ينادي بها لا علاقة لها بالعلمانية الغربية بل إنها عبارة عن فهم أعمق للإسلام من جانب وللمرحلة التي تمر بها الأمة العربية وتكوينها البشري والديني والطائفي وقد اتضحت صحة هذا الفكر وهذه النظرة من خلال طبيعة المجتمع العراقي والتناقضات الحادة التي يتصف بها والذي اثبت بما لا يقبل الجدل إن الحل الفكري الوحيد المقبول هو الفكر البعثي والذي هو موازنة دقيقة مابين مصالح وتطلعات جميع فئات الشعب رغم اختلافاتهم الدينية والطائفية والقومية وهذا ما صعب الأمور على متبني الفكر الإسلامي حيث إن مجرد الادعاء بتبني الفكر الإسلامي يفرض بالضرورة التخلي عن تمثيل نصف الشعب بغض النظر عن بقية  الاختلافات ,إن مقالنا هذا ما هو إلا دعوة لكل قادة المقاومة لإيجاد مساحة للتلاقي والتوحد وبأي صيغة تتناسب معهم ومع فصائلهم واعتقد جازما إن عدم التجاوب سيكون خسارة لهم وللفكر الذي يمثلوه,فان الله سبحانه وتعالى ينصر من نصره من خلال الالتزام بما جاء بكتابه العزيز فهل أذكركم وانتم اعلم مني به .


ربما هناك من يدعي من قادة بعض الفصائل, بل ويستند إلى بعض الوقائع التي حدثت أو القرارات التي اتخذت من قبل قيادة حزب البعث أثناء قيادته للسلطة في العراق والتي تتعارض مع المنهج الإسلامي من وجهة نظرهم ,رغم أني لا اعرف ما هي اعتراضاتهم ,وكل كلامي مجرد تخمينات لعدم رؤيتي لأي شئ يؤيد ذلك ولا يمكن معرفة وجهة نظرهم إلا إذا بينوها بأنفسهم وهذا يتطلب على الأقل توضيح ذلك من قبل قيادتهم من خلال البيانات أو حتى المقالات التي توضح وجهة نظرهم,فربما يكون لهم الحق في امتناعهم عن اللقاء وبالتالي سيبرؤون مسؤوليتهم أمام الناس والتاريخ فمن حق الشعب العراقي والعربي بل والإسلامي معرفة أسباب امتناعهم عن التقارب مع بقية فصائل المقاومة الأخرى ,والغريب إن حزب البعث وفصائله المقاومة بقيادة عزة الدوري والذي كان متهم بأنه ذو فكر إسلامي متزمت مما يعني عدم وجود ما يعيق اللقاء والحوار, فماذا بقي من مبررات أو موانع, ولا اعتقد إن السلطة هي الحاجز ,لان من يجاهد طيلة هذه السنوات لا يمكن أن تكون السلطة هي المحرك الأساسي لجهاده ,كذلك لم نسمع عن وجود مشاكل أو تنافس فيما بين فصائل المقاومة على الأرض بحيث تؤدي إلى عدم اللقاء كما حدث مع مقاتلي القاعدة في بعض المناطق ومن قبل بعض الفصائل مما يجعل عملية اللقاء صعبة أو ربما مستحيلة .


واقترح ترك ما نختلف عليه ولنتفق أولا على ما نجتمع عليه ,ألا يكفي أن يكون الهدف الأساسي المعلن والحقيقي هو الجهاد ضد المحتل والذي نجتمع حوله جميعا, كافي للوحدة, ونترك خلافاتنا الفكرية والسياسية إن وجدت ,وهل يوجد بيننا من لا يؤمن بالله واليوم الآخر وبالإسلام وبنبينا محمد (ص) وهل أن الإسلام لم يعط ثقلا للعرب من خلال إنزاله كتاب الله بلغتهم واختيار نبيه من بينهم وتكليفهم بالرسالة دون شعوب الأرض ,فهل كفر البعثيون عندما دعوا إلى القومية ووحدة العرب بعد ذلك وإذا اعتراضكم على مناداته بالاشتراكية كهدف من أهدافه فهل اعتراضكم على المصطلح أم على معنى الاشتراكية التي نادى بها البعث والتي لا تتعدى المفاهيم التي تدعوا إلى مساعدة الفقير والمسكين والنهوض بهذه الطبقة الاجتماعية والسيطرة على بعض وسائل الإنتاج التي تؤثر على حياة الشعب ولا تترك بيد فئة من الأغنياء خوفا على الأغلبية من سيطرة الأقلية على مقدراتهم وخاصة التي تتعلق بأساسيات الحياة الكريمة,أم اعتراضكم على عدم إجراء البيعة لأمير الجماعة والتي يمارسها الحزب داخليا من خلال الانتخابات والتي لا تختلف عن البيعة سوى بالاسم ,والحقيقة إنني لا اعرف ما هي وجهة نظركم فقد اطلعت على بعض بياناتكم السياسية ولم أجد فيها أي اختلاف بخصوص الجهاد ضد المحتل ولكني وجدت هجوم على البعث وقيادته عندما كانت في السلطة دون توضيح مبررات ذلك وما هي النقاط التي تبرر عدم الحوار على اقل تقدير,وأخيرا إذا كان هناك أسباب لعدم اللقاء مع جبهة الجهاد والتحرير وبالتالي مع البعث,فلماذا لا تلتقوا بينكم وتتوحدوا؟


أليس هنالك قواسم فكرية ومبدئية مشتركة بينكما تفرض وحدة جهودكم لتحقيق النصر على المحتل ,وانتم جميعا تدعون بان منهجكم وفكركم مستمد من الشريعة الإسلامية,إذن فما يمنعكم من التوحد أو التعاون ؟


وبما إنني ناقشت أو طرحت كل ما اعرفه فلا بد من أن اذكر للأمانة, قول لأحدهم ربما يكون هو السبب في عدم اللقاء مع البعث,وهو إن فصائل جبهة الجهاد والتحرير والبعث خصوصا لا تمثل ثقلا مؤثرا في الساحة الجهادية وفي نفس الوقت تريد وتتصرف على إنها الفصيل القوي أو الذي يمثل القوة الرئيسية للمقاومة ,وسأبين رأيي في هذا الموضوع عسى أن يكون مقنعا,أو يكون بداية لنقاش ربما يؤدي إلى تقارب وأكون بذلك ساهمت بعملي هذا بما يقربني إلى الله سبحانه وتعالى :


1_إن خارطة العراق البشرية معلومة للجميع والبعث هو الوحيد الذي يمثلها وانتم لا تمثلون إلا جزء قليل على مستوى عدد النفوس العراق وبالتالي فان البعث يستطيع أن يدعي تمثيل كل الشعب العراقي وانتم لا تستطيعون مثل هذا الادعاء وبالتالي فالجهاد وبعده التحرير إن شاء الله يتطلب تهيئة الأمور لما بعد التحرير فهل انتم مستعدون أو لديكم القبول الشعبي لتلك المرحلة ؟     


2_إن فصائل جبهة الجهاد والتغيير وجبهة الجهاد والإصلاح تتمركز في بعض المناطق من المنطقة الوسطى وبغض النظر عن قوتها وإمكانيتها وفعلها,بعكس فصائل جبهة الجهاد والتحرير فهي تغطي كل العراق رغم تركزها على مناطق الوسط ورغم عدم وجود فعالية منظورة في الجنوب إلا إنها ستظهر في الوقت المناسب,وان ظروف المناطق الجنوبية ووجود الميلشيات الطائفية تفرض عدم التضحية بهذه المجاميع الجهادية وعدم زجها في الجهاد بانتظار الوقت المناسب .


3_أما عن محدودية الفعاليات الجهادية لفصائل الجبهة ,فان الجبهة لها إستراتيجية لإدارة الصراع مع المحتل ترتكز على الاستنزاف والحرب الطويلة وان الهدف الأساسي ليس كثرة العمليات بل الحفاظ على المجاهدين مع المشاغلة المستمرة لقوات العدو المحتل,بانتظار انهياره وانسحاب آخر جندي مع الاحتفاظ بالقوة الرئيسية للمعركة الكبرى التي لم يحن وقتها بعد ,هذا إذا استثنينا معركتنا مع عملاء إيران التي لم تبدأ بعد, ومع من سيبقى من عملاء الاحتلال,كل ذلك فرض هذه الإستراتيجية التي برعت قيادة الحزب والجبهة في إعدادها والتي أثبتت المسيرة الماضية صحتها ودقتها في تحليل وإدارة الصراع والجهاد.


4_الوحيد الذي يمتلك تنظيم سياسي يمثل كل فئات الشعب هو حزب البعث والذي ما زال يعمل بفعالية ومستوى عالي من السرية والذي يغطي كل مناطق الجنوب والوسط إضافة إلى التأييد الواسع من قبل عشائر كبيرة ومهمة في شمال الوطن والكثير من الشخصيات الوطنية الكردية,وهذا ما تفتقد له بقية الفصائل .


5_وجود قاعدة ضخمة من الخبرات والإمكانيات البشرية والتي لا تقتصر على الجانب العسكري بل يتعداه إلى كافة مجالات الحياة مما يسهل على القيادة إمكانية إدارة الصراع دون الحاجة إلى التفكير بمستقبل هذا الصراع.


6_مع عدم التقليل من إمكانية الآخرين ,فان الخبرة التي تمتلكها قيادة البعث والتي جاءت من خلال عقود النضال في السلطة وخارجها أعطتها ميزة على الآخرين .


7_بالرغم من كل ما جرى ,فان الأوضاع الدولية والإقليمية والعربية على استعداد ليس لتقبل عودة الحزب إلى السلطة بل الترحيب به ,وهذا ربما تفتقده بقية الجبهات.


من كل ذلك يتضح إن الكلام الذي يشير إلى محدودية إمكانية الحزب أو جبهته مجرد قول يفتقر إلى  الموضوعية بل إلى قصر النظر عن الحقائق ,


إن إدارة فصيل مقاوم او حتى جبهة مقاومة ليس كإدارة بلد أو مجتمع وليس إدارة معركة هنا أو هناك كإدارة صراع تاريخي وعلى أكثر من جبهة,والمقاومة المسلحة رغم أهميتها تبقى واحدة من أدوات الصراع وليس الوحيدة وهذا لا يعني إننا نفتقر لها بل إننا نتبع إستراتيجية أوسع من القتال, ولكل عمل عسكري هدف محدد,فنحن لا نقاتل أو نقتل العدو لمجرد القتال أو لمجرد القتل كونه محتل فقط,والقتال عندنا طريق وأسلوب يؤدي إلى تحقيق هدف اكبر .


إننا بذكر بعض هذه المسلمات إنما نريد توضيح الحقائق التي ربما لا يراها البعض مما قد يكون عدم العلم بها حاجز لعدم التقارب وفي نفس الوقت فان التأكيد على الدعوة إلى وحدة المقاومة ليس لضعفنا بل لقوتنا وحتى يشترك الجميع بتحقيق النصر ولتكن الصفحة الأخيرة من الجهاد متكونة من الجميع إن شاء الله . 

 
 
كيفية طباعة المقال
 
 

شبكة المنصور

الاربعاء / ١٠ جمادي الاولى١٤٣٠ هـ

***

 الموافق ٠٦ / أيــــــار / ٢٠٠٩ م