رسالة الى رئيس الجامعة العربية الدكتور عمرو موسى

 
 

شبكة المنصور

ابــــو جـعــفر

الدكتور عمرو موسى رئيس الجامعة العربية المحترم

 

تحية عربية خالصة

 

لانك عربي يمكنك ان تتامل معنا نحن ابناء العراق، وانت خير من يعرف ما حل وحصل بنا بعد الاحتلال.

وانت خير من يعرف ان اعداء الامة لا يخافون من العرب، الا حينما يسعون الى وحدتهم، وان القوى الدولية تبقى قلقة من عالمنا العربي، حينما تتوقع ان اجماعا عربيا سيتحقق اغراضهم فسعادتهم بفرقتنا وخوفهم من وحدتنا.

 

لقد كان بامكاننا ان نتجنب ما حدث، وان نستجيب لرغبات بعض اشقاءنا، ولكن اهداف الامة دعتنا ان نتجاوز الحاضر ونسبق المستقبل، فلبينا الدعوة رغم الصعوبة والخطورة وقلة الحيلة وكثرة التضحيات، ورغم ان بعض اشقائنا اعتبروها مغامرة مجنونة، ولكن هذه هي هويتنا اننا امة لا نقبل الظلم تبعا لاوامر الله خالقنا العزيز، واننا امة لديها القدرة على الصبر والتحمل والايمان من اجل اعلاء كلمة الحق، واشاعة الخير، وتطبيق العدل، وهذا هو قدر العراق ان يكون ارضا وشعبا وطن التخوم والخيرات والثروات له ما عليه وما على أشقائه ضمن جسد الامة العظيمة. ورغم كل ما حصل ويحصل نود اخبارك باننا استطعنا ان نستوعب الاحتلال ونرفض الهزيمة ونتمسك بقيم التحدي والمواجهة، ونقود المقاومة، وان لا نفرط بهويتنا العربية والاسلامية وان المحتل لم يعد لديه القدرة والادارة لادامة عملية الاحتلال، ولا ان يستمر بها او ان يحقق نصرا حقيقيا او استقرارا ملموسا. بل انه الان يبحث عن الوسائل المقبولة لانسحابه لحفظ ماء الوجه واستيعاب الهزيمة.

 

وفي ان واحد كنا في حالة اشتباك بطولي مستمر مع النفوذ الفارسي وذيوله من الخونة والعملاء الذين تسللوا في ظل الاحتلال نذيقهم السم الزعاف مرة اخرى كما ذاقه سابقهم. وفي ظل الاحتلال حظينا باجماع واجتذاب العرب (كما قلت) واعجابهم بالعراق وشعبه (وربما إيماءاتك تقول انك واحد منهم) وتصاعدت رابطة الدم والتاريخ المشترك، واصبح تحرير العراق موضوعا ضروريا وحتميا، فالتعاطف والاجماع الشعبي العربي اليوم لم يعد يقبل بغير التحرير سبيلا لحقوقنا وهذا هو نصرنا، وفي داخلنا رغبة ان تصبح الدولة القطرية العربية (بعضا او كلا) فاعلا مهما واساسيا في هذا الاجماع الذي يخدم النظام العربي، والا فهل وجد النظام العربي منذ تاسيس الجامعة العربية ولحد الان (نظاما طائفيا مقيتا حقودا على العرب، منصاعا لارادة بني فارس مثل الحكومة العراقية الحالية) وهل ان (دستورها) هذا يعكس صورة العراق العربي، (وهل العراق الجديد اليوم هو العراق الفارسي)، يالبؤسهم يحلمون ان يثأروا لمجوسيتهم الوثنية يوم اجتثت والى الابد بالحق والعدل والنور ويا ويحهم يريدون اجتثاث العروبة ونضال البعث بالحقد والقتل والتشريد والنهب، ولكن حكم الله يبقى هو الاقوى.

 

وبقدر نصرنا ومقاومتنا نحن قلقون على ما يحصل من امتدادات لدودة الارضة الفارسية التي بدات تتسلل للاراضي العربية بعد الاحتلال، لنخر واختراق اماكن مقدسة وعزيزة على قلوب العرب المسلمين، ان حركة الدودة هذه قد اعدت سلفا ودبرت في ليل وتنفذ اليوم بكيد وقصد لتفكيك وتمزيق الامة، والتطاول على الكيانات السيادية العربية وامنها السياسي والعسكري والاجتماعي والنفسي، بحجة الدفاع عن مقدسات الاسلام نيابة عن العرب والمسلمين.

 

فانت من العرب الذين يعرفون جيدا كيف هي صورة المستقبل العربي؟؟، وكيف تسعى اليه جاهدا؟؟، وكيف تحاول ان ترسخ صورته وهويته عبر منظمتك العربية وسط اجواء التقاعس السياسي؟؟ وانت تدرك جيدا القدرات التي يملكها الوطن العربي، وما تعنيه هذه القدرات في المكانة الدولية، والاقليمية، وهكذا هو رجل الفكر والحركة لا يبتعد عن مخاطبة الذات والضمير.

 

الامر الذي يجعلك احيانا تجلس متذمرا منزعجا متلمسا المحنة والازمة، وباحثا عن حل او حلول وبديل او بدائل والمهم والاهم، لحماية ثوابتنا السيادية والوطنية والعروبية والاسلامية، التي تستهجن التبعية ولا تستجيب (لحق تدخل الاعداء) في شؤوننا، وترغب بحياة لا تسودها شريعة الغاب وغطرسة القوة وعنجهية السيطرة العالمية.

 

لذلك لم يكن لاخوانك في العراق حل او بديل غير المجابهة وقبول التحدي واعتبار الرفض قوتنا في صراعنا مع الاعداء والخونة والعملاء، فانفجرت الاورام الخبيثة وانكشفت ادعاءات واكاذيب الخونة والعملاء، وتعرت المكائد والدسائس التي كانت تحاك ضد العراق والامة على حد سواء مرة واحدة. واضاع الاشقاء شقيقهم، وعرف الشقيق اشقاءه ولكن ليعمل الجميع بمبدأ (انصر اخاك ظالما او مظلوما) و(قل الحق ولو كان على نفسك).

 

وبتواضع نقول ان الجامعة العربية اليوم امام مهام وواجبات اكثر من كونها منظمة عربية يترتب عليها ان تكون مصدر الحلول المطلوبة والبدائل المهمة للازمة العربية الراهنة، وان تؤدي وظيفة الشعور بالذات الحضارية للامة، وتعميق الاحساس بالهوية، وبلورة شروط وخصائص الاخوة العربية الاسلامية، التي تترفع عن تسجيل اخطاء الاشقاء وتعد عليهم الحساب، وتبث الاستنكار.

 

ان الجامعة العربية كيان موضوعي وعلمي وعمومي لكل العرب، وانها لم تعد موضوعا للتحليل النظري او التوصيف الدراسي كما يقول عنها البعض وانما دلالة للنظام العربي، فلديها من الوسائل ما يتخطى المكاتب والمؤسسات والدوائر وانها جاهزة لان تخاطب رجل الشارع العربي، مثلما تخاطب النظم السياسية العربية، بقضايا الدين المعاصر، واللغة القومية، ونظام الدولة الوطنية، وتفاعلات اواصر الجغرافية والسياسة والتاريخ، واصالة ارثنا الثقافي واقتصادنا الحيوي، وفي مقدمة ذلك محور القوة الروحية الجاذبة والمستعدة للجهاد والمقاومة في لحظة الظلم والعدوان، دفاعا عن الشرف والكرامة.

 

لذلك ندعوك ان تتامل معنا اكثر من اجل ان ندفع بالموقف العربي نحو الهيبة والسمو والرفعة التي تليق بامتنا فمقاومتنا منهجا جديدا ومعاصرا لتقديم وتدعيم نظامنا العربي وتقوية زخمه ومكانته في الساحة الدولية.

 

المقاومة الوطنية القومية الاسلامية اليوم تحتمل كل المناهج المنطقية والواقعية والصحيحة، انها تعمل بوصايا الاسلام الحنيف وانها ليست ارهاب كما يحاول ان يصفنا به البعض ظلما وعدوانا. بل نحن صمام الامان والموازنة بين اشكاليات وازمات النظم السياسية العربية، وبين معاناة ومتطلبات واحتياجات ابناء الشعب العربي الاصيل، ومصالحه وحقوقه المستقبلية المشروعة، ولا صعوبة في ان تتم موازنة ذلك وفق سياقات التفاوض المبدئي (وعد الرجال، او كلمة رجل) بين ابناء الامة ويحق لنا ان نفخر اليوم بان حق المقاومة اصبح نظاما مؤسسيا وجبهويا وصورة واقعية قائمة، تحققت بفعل جهد نضالي بطولي ايماني وطني منظم ضد اعداء الامة، وليس ضد ابناء الامة، واستعانت بالواحد العظيم المعين الجبار الكريم ولا رب سواه. وبهمة المخلصين الصادقين من ابنائنا واخواننا. ان زمن المقاومة هو زمن حق العرب، وانت واحد من العرب شئت ام ابيت، وسيمضي هذا الزمن الى الامام تاركا خلفه الاخطاء التي ارتكبت ويبقيها الزمن كماضي، يحاورها التاريخ.

 

ومن الحكمة ان يبادر اصحاب الشأن العربي باعطاء اولوية للاخذ براي الجامعة العربية ومنظماتها الفرعية سواء في اطار التصويت او التصويب لفصل الوهم عن الحقيقة، والكذب عن الصدق، والنقض عن العهد، بخبرة كوادرها وسعة معلوماتها، واصالة تراثها التنظيمي العالي الكفاءة والنوعية. وان قدسية الهوية العربية خط احمر لا يمكن التجاوز عليه باطروحة مذهبية او عرقية، فبها حملنا دعوتنا الاسلامية السمحاء، وكنا امة تامر بالمعروف وتنهى عن المنكر، فتبلورت حضارتنا واندمجت هويتنا مع اسلاميتنا فكانت علاقة العروبة بالاسلام خير دليل على رسالتنا الخالدة لحد الان.

 

واذا صلح العرب وتصالحوا صلحت تطبيقات الاسلام واذا تعثر العرب وتخاصموا  تعثرت تطبيقات الاسلام.

فلنا شيئا مما نريد..

ولم الخيار بالجديد...

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 

اخوكم

ابو جعفر

 
كيفية طباعة المقال
 
 

شبكة المنصور

السبت / ٠٦ جمادي الاولى١٤٣٠ هـ

***

 الموافق ٠٢ / أيــــــار / ٢٠٠٩ م