قراءة في خطاب المعتز بالله المنصور بإذنه

﴿ الجزء الثالث

 

شبكة المنصور

أبو محمد العبيدي
تأتي أهمية توجيه النداءات أو الخطابات من قبل القادة , إلى أهمية الموضوع المراد تناوله والى أهمية المرحلة والى قدرة ووزن القائد ومكانته وأخيرا إلى كيفية تناول الموضوع ,وقائدنا استمد ثقله السياسي والثوري ومكانته الحالية في القيادة إضافة إلى الشرعية ونضاله الطويل منذ أن كان طالبا في ثانوية الاعظمية,والتي كان يحدثني عنها سابقا صديقان لي وهما ماجد وصباح واللذان كانا من رفاقه وأصدقائه في الثانوية ,إن الماضي النضالي والأخلاق البعثية العالية ودوره السابق لا تكف ليكون قائدا في أهم مرحلة من مراحل الصراع في تاريخنا الحديث والتي تتصف عن غيرها من المنازلات التاريخية إنها أشرس واهم وآخر المنازلات الحاسمة بين قوى الشر وقوى الإيمان ضمن المرحلة الحالية من عمر البشرية ,والتي قد يتصور البعض إننا نبالغ في وصفنا هذا ,لأنها في تصورهم ما هي إلا معركة مثل بقية المعارك التي خاضتها الأمة العربية أو الإنسانية ضد الامبريالية وقوى الشر,مثل معركة فيتنام التي انتصر بها الشعب الفيتنامي على الامبريالية أو معركة تحرير الجزائر او معارك التحرير الأخرى بغض النظر عن نتائجها ,إذن لماذا نعطي أهمية اكبر لهذه المعركة ونميزها عن بقية المعارك .؟


لم تتمتع دولة على مدى التاريخ بالقوة التي تتمتع بها الولايات المتحدة عند غزوها العراق اقتصاديا وعسكريا وسياسيا وإعلاميا وتأثيرا على الدول والشعوب وعلى الحكام وعلى الفضاء والأرض ويساندها نظام عالمي متمثل بمجلس الأمن وصندوق النقد الدولي والبنك الدولي ومنظمة التجارة الحرة ,ومنظومة رهيبة من أجهزة الإعلام ابتداء من هوليوود مرورا بكل وكالات الأنباء والقنوات الفضائية الأمريكية والأخطر القوى التي تساندها من وسائل الإعلام المحلية والوطنية والقومية والتي لعبت دورا قذرا جدا ومؤثرا جدا لأنها لا تتكلم باسم الامبريالية مباشرة بل باسم الدين مرة وباسم القومية وباسم الوطن وباسم الديمقراطية ولكنها تمهد للغزو الامبريالي للعقول ,أي إن هذه المعركة كانت بين قوة رهيبة وبالمقابل شعب منهك من الحصار وجيش دمر عن بعد دون أن يرى عدوه وجها لوجه ,وحزب قتل وشرد وسجن اغلب قادته وكوادره وقوانين اجتثاث لم يشهد لها تاريخ الإنسانية مثيل,من هذا يتضح إن هذه المعركة هي الحاسمة من بين كل المعارك الأخرى ولذلك تأخذ أهمية وخصوصية ,لأنها تمثل السيطرة على آخر قلاع الإنسانية المعادية للامبريالية والتي تتمتع دون الأخريات بأنها تمثل فكر يمتاز بتقدمه وتجاوزه الانغلاق القطري والأناني ليرتقي إلى الإنسانية وأهداف سامية لا تتعارض مع طموحات بقية الشعوب في الحياة الحرة الكريمة .


كان انتصار الامبريالية في هذه المعركة سيؤدي بالعالم إلى نفق مظلم لن تستطيع تجاوزه بسهولة وبعد مضي وقت طويل جدا,والأصعب إن ظاهر هذه المعركة محسوم سلفا وخاصة إن القوات الأمريكية قد حسمت المعركة العسكرية بالمفهوم التقليدي سريعا جدا مما أوصل القناعة لدى الجميع بان الحرب انتهت وان الولايات المتحدة قد انتصرت مما ولد انهيار تام في المعنويات وفقد الأمل بكثير من الثوابت ليس في العراق والأمة بل على المستوى الإنساني .


وفي ظل هذه الأوضاع برزت المقاومة العراقية والتي كان للبعث دورا رائدا فيها لتعيد الأمل لجماهير الأمة ولم تكتف هذه المقاومة بمقارعة الاحتلال بل قوضت اكبر إمبراطورية ,وكان شرف القيادة للقائد عزة الدوري ,أي إن عزة الدوري ولد كقائد تاريخي يوم قيادته للمقاومة وليس قبلها وسيبقى تاريخ انتهاء اكبر زعيمة لقوى الشر على أيدي الشرفاء في العراق يذكر بأحرف من نور كل الأبطال المقاومون وعلى رأسهم القائد ,من ذلك تأتي أهمية كلماته ,ومن الملاحظ تركيزه في خطابه الأخير على دور فيلق الإعلام رغم حجمه وفعله الصغير إذا ما قورن بأي دور للمجاهدين عمليا فقد خاطب السيد الرئيس الكتاب والإعلاميون والشعراء والمثقفون الثوريون ,ونعتهم بنعوت البطولة ,بل وصف دورهم وكلمتهم الصادقة بأنها أقوى من ضرب السلاح وأرسل تحية خاصة للفنانين وتحية تقدير واعتزاز لكتاب المقاومة ,ولم يكتف بتحية فيلق الإعلام بل رسم لهم إستراتيجية ومنهجية للإعلام ضمن المرحلة الحالية من خلال تحديد الثوابت الثمانية لتكون أساسا لهم في تحليل المواقف والسياسات والمنبثقة من إستراتيجية البعث والمقاومة وعلى منهجية الجهاد والتحرير ,أما الثوابت فهي الانسحاب ,الاعتراف بالمقاومة, كل ما جاء به الاحتلال باطل ,الاعتذار ,إطلاق سراح المعتقلين ,التعويضات ,إعادة الجيش وبقية الدوائر الأمنية,وأخيرا عدم التفاوض إلا بعد تنفيذ هذه الطلبات.


إن هذه الثوابت يجب أن ينظر إليها من خلال الحقائق التالية التي حددها القائد :


1_إن معركتنا هي معركة أممية نيابة عن الإنسانية وهي بين قوى الخير وقوى الشر وما العراق إلا ساحة للمنازلة.
2_إن الله سبحانه وتعالى قد اختارنا لهذه المنازلة وإننا مكلفون بهذا الدور.
3_إن الاحتلال يمثل قوى الشر في العالم كله.
4_ممثل الخير في هذه المنازلة هو البعث
5_إن المستهدف الرئيسي هو البعث .
6_المعركة دائمية بديمومة قوى الخير والشر .
7_وقد تضمنت الفقرة تعهدات من القائد للبعث وللشعب وللأمة العربية والإنسانية جمعاء وهي :


أ_تعهده بعدم التفاوض إلا بعد تنفيذ كل شروط المقاومة .
ب_تعهده بالعمل الجبهوي بعد النصر .
ج_تداول السلطة عبر الانتخابات الحرة .
د_دراسة تجربة سلطة الحزب خلال خمسة وثلاثون عاما ومعالجة الأخطاء والهفوات والانحرافات ومحاسبة مسببيها.
و_العودة إلى الفكر ألبعثي الأصيل .


8_تأشيره وتأكيده على عدم خروج المحتل إلا بالقوة .
9_تثبته بان العملية السياسية هي مشروع المحتل والتي يريد من خلالها تحقيق ما عجز عن تحقيقه بالقوة العسكرية الفاشلة.


وأخيرا حذر من الأعداء الذين يحاولون جرنا إلى معارك جانبية لصرفنا عن الجهاد ..
وكان نداءه الأخير إلى مقاتلي ومناضلي البعث وفصائل المقاومة في جبهة الجهاد والتحرير طلب تحمل المزيد من أشقائهم ورفاقهم في الجهاد من بقية فصائل المقاومة ,بل وبرر مواقفهم بعدم علمهم بالحقائق وعدم فهمهم بحقيقة فكر البعث واصل عقيدته ومنهجيته.


إن تركيز القائد على دور العاملين بالإعلام من كتاب وفنانين وشعراء ليس إلا تثمين لدورهم وأهميتهم في هذه المرحلة بل وكل المراحل ولم يكتف بل رسم لهم طريق العمل وبين الثوابت وما علينا إلا العمل وما أسهل عملنا قياسا إلى عمل غيرنا من المقاتلين !

 
 
كيفية طباعة المقال
 
 

شبكة المنصور

الجمعة / ٢٨ ربيع الثاني١٤٣٠ هـ

***

 الموافق ٢٤ / نـيســان / ٢٠٠٩ م