لقاء مجلة الاوسط مع شاعر العراق الكبير وشاعر المقاومة عبد الرزاق عبد الواحد

 

 

شبكة المنصور

 
يمشي معه في الشعر كما كان يمشي انكيدو مع جلجامش.
يصارعه ويصارع من أجله بحثا عن عشبة للخلود.
وليس هذا سوى شيء من أبو خالد.
متنبي آخر؟ ربما. ولكنه الأخير. ولاّدٌ، وصنّاع، وخلاّقٌ، وساطع.
فكيف يمكن لشاعر كهذا أن يوصف؟
مرة نقرأه. ومرة نتأمل العراق فيه، ونتأمله. ومرة نراه الى سعفة
يرنو ليخادعها بسحره فترنو. و... مرة كتب يقول:
مرَّة قيلَ لي
لمَ مِن دونِ كلِّ الشَّجَرْ
تحتفي بالنخيلْ؟
لم أجد ما أقول
غيرَ أنيّ تَذكَّرتُ كيف الفصول
تتعاقبُ كانت على بيتنا في العماره..
وتذكرتُ كيفْ
في شتاٍء وصيفْ
تتغيَّرُ أشكالُ كلِّ الشجَرُ
تتناثرُ أوراقُهُ في المطرْ
وحدَها كانت المطمئنَّةَ في بيتنا
بين بردٍ وحَرّ..
وتذكرتُ..
يا ما رأيتُ بها تَمَرةً نصفَ مأكولةٍ
كان جَدّي يقول
لم أجدْ كالبلابلِ شيئاً أكولْ
إنها تعشق التمرَ،
تأكلُهُ وتغنّي
ووجدتُ مع الوقتِ أنّي
أعشقُ النخلَ والتَّمرَ
أعشقُ فيه البَلابلَ والطَّلعَ
والسَّعَفَ اللايحولْ
رغمَ كلِّ اختلاف الفصول
حين أصبحتُ في سنِّ جدّي
ونظرتُ لمجدِ العراقْ
صرتُ أدري لماذا
دمُ ألفِ شهيدٍ
لسعفةِ نخلٍ يُراقْ. ( ١٩٨٩ )
فكيف يمكن لنخلة كهذه أن توصف؟
نراهن "أنّ الذي يقلق الضجة الآن" شيء كالقمر، حاولنا أن
نساءله عن حدس يراه ويسمعه، فرأينا عراقا كونيا، رمزيا، ساحرا
ليس كمثله عراق. ورأينا شاعرا ليس مثله أحد.
ومرة.. تساءل:
"يا قمراً في شواطي العمارةِ
مِن أين نأتي بحَدس الطفولةِ
من أين..؟! ( ١٩٧٤ )
هو لم يعرف من أين، ونحن لم نعرف من أين يأتي قمرٌ في العراق
بحدس مثل عبد الواحد.
واحدٌ، في الشعر، هذا الواحد.
وها هو يتحدث.


* عبد الرزاق عبد الواحد في غربته ومنفاه، كيف تراه؟
بأي عين ينظر الى العالم؟

– الآن اجتمعت عليَّ الغربتان: غربة الروح، وغربة الجسد. كنت معذباً بالأولى وأنا في وطني، فطعنتني الثانية في القلب.. ومنذ خمس سنوات وأنا أنزف دمي شعراً.. أنزف لكن لا أموت.. ودموع العراقيين، وهم يسمعونني، تغسل وجوههم ولكنهم لا ينكسرون .. وحيثما التقيت بهم، أحسست بالعراق بأسره يترقرق بين عيونهم وهم يبتسمون، فيحتضن بعضنا بعضا وًكأننا نحتضن العراق بأسره.


أيها البشر الكبار.. يا أبناء وطني الطيبين.. ما أروعكم.. وما أبهاكم.. وما أعظم احتمالكم !

 

* قال عنك الجواهري انك الوحيد الذي يمكن ان تخلفه على عرش الشعر. قصائدك الأخيرة تقول انه على حق. هل الهزة العنيفة التي نشأت بالغزو والاحتلال هل التي اخرجت المتنبي الأخير؟


– لئن كان فيَّشيء من المتنبي فمنذ قصائدي المبكرة.. أما زلزال الإحتلال فقد أثار في شعري كل فجيعة ابن زريق البغدادي، وكل كبرياء وغضب الحارث بن عباد صاحب القصيدة الهائلة في حرب البسوس :
قرِّبا مربط اَلنَّعامةِ منِّي
شابَ رأسي وأنكرَتْني عيالي
ويبقى الجواهري شيخي، والمتنبي سيد قافيتي.


* شاعر الوطن والحرية ، ماذا يعني لقب كهذا بالنسبة لك ؟
– إن أنا إلا واحد من العراقيين الذين يضمون تراب العراق المقدس بدمائهم الزكية كل يوم، من مقاومين شهداء، أو ضحايا أبرياء.. وكل دم مٍن دمائهم شهقة للحرية يخفت إزاءها كل صوت.. فأين أنا منهم ؟!.


* أشاعر مقاومة أيضا ؟
نعم. وهذا شرفي العظيم الآن.


* تتحدث عن السبعين بصلابة العشرين، ولكن بأسى الخمسين. أهي منقلب حكمة، في عينيك، أم منقلب أقدار؟
– ثلاثة وسبعون عاماً في العراق ولا تريد للروح فيها أن تكون كجبل حمرين ؟
وثلاثة وسبعون عاماً في العراق، ولا تتوقع للقلب، وهو يهجرالعراق بعدها مرغما ،ً أن يذبحه الوجع والحنين؟!.
فَرْط اُلسّكوتِ على فَرْطِ الأذى سَقَمُ
قد يَسكُتُ الجُرحُ لكنْ يَنطِقُ الألَمُ
وَمَعقِلُ الظُّلم ،ِ أيّا كًانَ صاحِبُه لا بُدَّ يَوما عًلى أهليهِ يَنهَدِمُ
فَقُلْ لِكُلِّ عُتاة اِلأرض : مَن غَشَمُوا
وَمَن عَتَوا قَبلَكم في الأرض..أينَ هُمُ ؟
ألَم تُزَلزَلْ صروحُ الأرض أجمَعِها
بِهِم كَما زُلزِلَتْ زِلزالَها إرَمُ ؟
وَما الذي صارَ هولاكو سِوى شَبَحٍ
في حين بِغدادُ مِلْءَ العَين تَبتَسِمُ؟!


* ابو خالد، ماذا عن ام خالد ؟ أي إمرأة هي؟ بأي سحر سرقتك ؟ وبأي قدرة حافظت عليك ؟

لَيُخَيَّلُ لي أ مَّ خالدْ
فَرْط مَا شَمسُ عُمري تَميلْ
أنَّ ظِلِّي وَظِلَّكِ صارا بِطول ظِلال النَّخيلْ !
نَخلة بُيتي .. ومِظَلَّة كُلِّ أوجاعي، وكل إبداعي.. هكذا سميتها يوم
دعوتها لكي تتسلم درع دمشق في حفل تكريمي.
هي المثال الأعلى للزوجة .. والمثال الأعلى للأمومة. أكثر من
رأيت في حياتي صدقا ، وإخلاصا ،ً ومروءة.. في كل ما تقوله وما
تفعله.
أنا سرقتها.. وحافظت هي عليَّ بكل هذه الصفات، وبكونها
طبيبة أولادي وأحفادي.. ورحلوا، فكرست نفسها لي. هي الآن أمّ
بيتي، وطبيبتي، وصارت تحفظ شعري وتتمثل بحكمه في الحوادث،
وتذكرني به وأنا على المنبر كلما نسيت.


* اللقاء الاخير بصدام، متى وكيف كان؟ عن ماذا تحدثتما ؟
– قبيل الإحتلال بشهر تقريبا ، وردتني برقية من صديقي الشاعر السوداني المبدع صدّيق المجتبي، وكان وزيرا لًلثقافة في حينها، يدعوني إلى السودان، تبعتها برقية أخرى بعد أسبوع .. فهيأت نفسي للسفر. ولأنني كنت مستشارا بدرجة خاصة ، فإن الموافقة على سفري لابد أن تمر برئاسة الجمهورية .. وحصل.


قبل سفري بيومين، عدت إلى البيت عصرا فًأخبرتني أم خالد بأنني مدعو للذهاب إلى القصر الجمهوري في الساعة ا لتا سعة مساءا .ً.


وذهبت أنا الآن سأتحدث عن ليلة شديدة الخصوصية، لذا سأكون دقيقا كًل الدقة في سرد تفاصيلها.
ذهبت إلى القصر في الساعة التاسعة، فوجدت أمامي حشدا مًن الناس اعتاد القصر الجمهوري أن يغص بهم كل ليلة لمقابلة الرئيس في أمور رفعوها إليه.. فجلست معهم.


قدم لنا العشاء، وكل ما احتجنا إليه، وبقينا ننتظر حتى الساعة الرابعة فجرا ،ً ثم نقلنا بسيارات خاصة إلى موقع آخر انتظرنا فيه حتى الساعة السادسة والربع صباحا حًيث دعينا إلى دخول القاعة حيث كان الرئيس ينتظر. حين بلغت باب القاعة سمعته يسأل أحد المرافقين : هل جاء عبدالرزاق؟. قال المرافق: نعم سيدي، مع الآخرين.


فقال الرئيس: هو لم يطلب المقابلة ، أنا الذي طلبته، فلماذا أبقيتموه ينتظر طوال الليل؟.


في تلك اللحظة كنت أجتاز باب القاعة، فقلت مبتسما: شكرا لك أبا عدي.


عمري ثلاثة وسبعون عاماً، وأنفقت الليل كله جالسا أًنتظر.


فأقبل عليَّ وابتسامة عريضة تشرق في وجهه وهو يقول: إحسبها عليَّ عبدالرزاق .. هو خطأ من أوصل الرسالة. ثم سلم عليَّ بالطريقة التي كثيرا مًا وصفتها كلما تحدثت عن لقاءاتي به: تقدم إليّ، وضمني إلى صدره بكلتا يديه، وقبلني أربع مرات على جانبي وجهي، ثم أخذ بيدي  وأجلسني قبالته إلى جوار ثلاثة ضباط برتب عالية، اكتشفت فيما بعد أنهم ثلاثتهم قادة فيالق.


كان طلاب المقابلة من الرجال والنساء يجلسون في جانب من القاعة، وأنا والقادة الثلاثة في جانب، مجاورين لهم. وبدأ المرافق يفتح الأضابير المكدسة على مكتبه واحداً بعد الآخر، ويقدم الملف، بعد أن ينادي على اسم صاحبه، إلى الرئيس، يقرؤه، ويناقش صاحبه، ثم يكتب توصيته عليه. إستغرق هذا قرابة ساعتين، حتى إذا فرغ من الملفات جميعها التفت إلينا.


"يا هلا.. جثير الهلا.. شلونك عبد الرزاق؟ "قلت: الله يحفظك أبو عدي .. إذا أنت بخير إحنه بخير. قال "إن شاء الله". ثم التفت إلى الضباط قائلاً "شلونهم النشامه؟" فردوا عليه بمحبة تندى لها العين. قال: "شلون همَّتكم؟"


فشرع الثلاثة يقرأون له أبياتاً من الشعر مليئة بًالحماسة، والنخوة، والمديح له. فضحك رحمه الله ضحكته المتميزة وهو يقول: "أشهد بالله قادتي شجعان.. يقرأون شعراً أمام عبدالرزاق!".


فضحكوا هم أيضاً، فقلت: تعالَيتَ مَوهوبا .ً. فأكمل هو:
تَعالَيتَ واهبا
ولَبَّيكَ مَطلوبا .. ولَبَّيكَ طالبا
قلت: تكريم عظيم لي أبا عدي أنك تحفظ شعري. قال: "أحفظ منه الكثير يا عبدالرزاق". قلت حفظك الله. وبعد حديث قصير مع القواد الثلاثة وقف، فوقف الجميع. سلم عليه القادة واحداً واحداً، وسلم عليه الجميع وهم ينصرفون.. وحين مددت يدي لأسلم عليه قال: "لا. خليك أنت. أريد أن أراك".


جلست معه أكثر من نصف ساعة. سألني عن أحوالي، وعن شعري.. ثم طلب مني أن أقرأ له مقطعا خًاصا من قصيدتي "سلاما عًراق القادسيات" سبق أن قرأته له مرتين قبلها، فقرأته. والمقطع هو:


يَقولونَ: هَل بَعدَ المَنيَّة غايَة ؟
أجَلْ.. بَعدَها أنْ لا تَجوعَ، ولا تَعرَى
وأنْ لا تَرى لِلشَّرِّ وَجْها ، ولا يَدا وأنَّكَ تُمسي لا تُراعُ، وَلا تُغرى
أجَلْ بَعدَها مِعيارُها..أنْ تَجيئََها
مَهيبا .ً. وأنْ تَختارَها مِيتَة بِكْرا
وأنْ تَترُكَ الدُّنيا وَذِكراكَ مِلْؤها
ثَكِلْتُكَ إنَّ المَوتَ مَوتُكَ في الذ كرى
وَلَو كانَ بَعدَ المَوتِ مَوتٌ لَعَوَّضَتْ
بِهِ النَّفسُ ما عانَتْهُ مِن مِيتَةٍ نَكرا
وَلكنَّهُ المَوتُ الذي ليسَ غَيرُه وإرْثُكَ مِنهُ لا يُباعُ، وَلا يُشرى!


عندما أكملت، ردَّد مرَّتين :"تعيش.. تعيش".. ثم أردف قائلا :ً "ألَدَيك أيَّة حاجة عبدالرزاق؟ ". قلت: تسلم أبو عدي.. بسلامتك ما محتاج أي شيء .. ولكن لديّ سؤال أسأله إذا أذنت لي. قال: اسأل.
قلت: هل ترى أن الحرب ستنشب؟. قال: "إي عبدالرزاق تنشب. إلا إذا أراد الله سبحانه أن "يَجعَمهم".. ولكنها في الغالب ستنشب". ثم وقف فوقفت. قبلني أربع مرات على جانبي وجهي، ثم قال لمرافقه: "أوصلوا عبد الرزاق إلى بيته بسيارة خاصة". وحين هممت بالخروج، كان

آخر ما قاله لي: "سلمِّ لي على لميعة". قلت: تسلم أبو عدي، يوصل..


وستفرح كثيرا .ً وخرجت.. وكان هذا آخر عهدي به رحمه الله

 

* كيف كانت بغداد. اوقاتها. شوراعها. مقاهيها. ماذا كانت تنتظر في اجواء الحصار؟ ماذا كانت تقول؟
- كان الجو ملغوما بالتوقعات.. وكانت دائرة العدوان تضيق حولها يوما بًعد يوم .. كان الناس يضربون أخماسا بًأسداس، مهمومين، متوتري الأعصاب، يلاحقون الأخبار من جميع مصادرها.. وكان أثر الحصار في حياة الناس قد بلغ ذروته القصوى، لاسيما في الجانب الصحي من حياتهم، حيث شحت الأدوية والمستلزمات الطبية بشكل مريع..


وصار الحصول على دواء لمريض يكلفه أضعاف راتبه الشهري إذاكان موظفا .ً. أما الأطفال فلم يكن في عونهم، وعون عوائلهم إلا الله.


كان العراق كله يذبح ذبحا لاسيما أطفاله.


جاءني إلى الوزارة يوما أحد الشعراء الشباب.. جلس في مكتبي وفجأة أخذ ينتحب. قلت : ما بك ؟. قال : إبني بين الحياة والموت. قلت : كم عمره ؟. قال: خمس سنوات. أرسلته إلى طبيب ؟.. قال: أجل.


شخص مرضه، ولكن دواءه مفقود إلا في صيدليات خاصة تستورد
أدوية أجنبية. قلت: وماذا تنتظر؟ فأجهش في البكاء وهو يقول: سعر
الدواء أربعة أضعاف راتبي الشهري. خرجت من مكتبي إلى مكتب
صديق في الوزارة، وعدت إليه ومعي ثمن الدواء.. قلت: أسرع الآن
إلى الصيدلية.

غسل يدي بدموعه وهو يتشبث بها ليقبلها قائلا :ً كيف
سأفيك هذا المبلغ؟. قلت : حين يشفى بإذن الله، قل له أنت مدين لعمك عبد الرزاق عبد الواحد بهذا المبلغ، عليك أن تفيه له يوما مًا!


هل أحكي ما لا يقل عن هذه الحكاية وجعاً؟.. واحد من ألمع شخصيات العراق.. مثقف كبير، وموظف أكبر من كبير.. تأخرت يوما  مًا في الخروج من الوزارة بعد نهاية الدوام، وحين غادرت مكتبي رأيته يخرج من مكتبه متأبطا ثًلاثة قواميس ضخمة، فضحكت وأنا أقول: أراك مشغولا جًدا بًالثقافة هذه الأيام؟!. فابتسم بمرارة وهو يقول: لا والله يا أبا خالد.. أنا ذاهب بها لأبيعها!.


إذا قرأت هذه الأسطر أيها الإنسان الكبير، والصديق الكبير، والموظف الكبير، والمثقف الكبير.. فاعذرني على الوجع الذي جعلني أكتبها في حين قلت لي يومها أنك تأخرت في مغادرة الوزارة حتى لا يراك أحد..!!.


في تلك الظروف كتبت قصائدي الدامية: (أختام الدم)، (ألواح الدم) (أدرك حدود الصبر)، (المرتقى)، وأكثرها وجعا (ًيا صبر أيوب).


* لنعد الى الوراء قليلا. الى الأشهر التي سبقت الغزو. كيف كانت؟ ماذا كنت تفعل؟


– كنت أعمل في وزارة الثقافة والإعلام، وكان لي بالإضافة إلى ذلك مكتب ثقافي في شركات الإيمان مع الصديق الحميم الدكتور سطام الكعود رئيس مجلس إدارة هذه الشركات.. وكان أديبا يكتب الشعر ويحبه، ويضعني من نفسه موضعا شًديد الخصوصية. في تلك الفترة اقترح عليّ أن اسجل شعري كله بصوتي على أقراص"سي دي"، وكان يهيّء لمشروع كبير لنشر جميع أعمالي الشعرية مقروءة وًمسموعة.


وقد استغرقت عملية تسجيلها أكثر من عام في "ستوديو حكمت" في الأعظمية. وما يزال كل منا يحتفظ بنسخة من هذه التسجيلات في انتظار أن نستطيع يوما تًنفيذ هذا المشروع، بعد أن نضع صيغته النهائية، ونوقع الإتفاق عليه يوم يتحرر العراق بإذن الله.


كنت أكتب باستمرار، وأنشر باستمرار، وكنت، بالإضافة إلى ذلك  دائم الصلة بمجموعة الشعراء الشباب الذين انتموا إليَّ وانتميت إليهم في الندوة التي التقوا عليها وأسموها "ندوة عبدالرزاق عبدالواحد"، وهم الآن عمالقة الشعر العراقي، وسيكونون عمالقة الشعر العربي كله يوما مًا.


هنا أود أن أذكر حادثا عميق الدلالة، حدث لي في تلك الأيام.


أرسلت ثلاث قصائد حب هي من أجمل شعري إلى مجلة "ألف باء".. ومرّ شهر كامل ولم تنشر، ولم يسبق لمجلة "ألف باء" أن أخرت نشر قصيدة لي.. فاتصلت بالأستاذ أمير الحلو رئيس تحريرها متسائلا ،ً فاعتذر بخلل في التنسيق، وارتباك في قسم التصميم.. ثم فجأة ،ً


ومع زيارة كوفي أنان لبغداد في لحظات الإحتدام القصوى للوضع في العراق، صدرت "ألف باء" مطرزة بثلاث قصائد لعبدالرزاق عبد الواحد في الحب!. بمرارة كبيرة حملت سماعة التلفون وقلت لأخي رئيس تحريرها: معقولة يا أبا خالد؟.. وفي مثل هذا الضيق؟!. وأنت تعلم من سيقرأ هذه القصائد، وماذا سيقول. إعتذر الأستاذ أمير الحلو مرة أخرى وقال: عسى أن لا يكون إلا الخير.

 

في اليوم التالي اتصل بي الوزير قائلا :ً أبو خالد. عندي لك خبر سعيد، فهل تتفضل عندي لسماعه؟، فذهبت إليه.


إستقبلني الدكتور همام عبد الخالق وزير الثقافة مرحبا .ً. وما كدت أجلس حتى وضع بين يديّ مجلة "ألف باء" مفتوحة عًلى قصائدي، وقد كتب على صفحتها: " ما دام عبدالرزاق يكتب قصائد حب كهذه فا لعراق بخير".

 
 
كيفية طباعة المقال
 
 

شبكة المنصور

الخميس / ١٣ ربيع الثاني١٤٣٠ هـ

***

 الموافق ٠٩ / نـيســان / ٢٠٠٩ م