العراق المشهد الدامي

 

 

شبكة المنصور

عبد الجبار الجبوري / كاتب وإعـــــــــلامي
يخطئ من يعتقد أن المشهد السياسي في العراق قد حقق أهدافه على الأرض بعد احتلال العراق من قبل إدارة المجرم بوش وتقديم (السلطة) على طبق من ذهب إلى مايسمى بالمعارضة العراقية فقراءة بسيطة لما حصل ومنذ ستة أعوام من خراب شامل وقتل يومي وتفتيت النسيج العراقي وهدم بنيته التحتية وتهجير أبنائه ناهيك عن انعدام كامل للخدمات الصحية والتعليمية والاقتصادية يقابلها غياب الأنشطة الزراعية والصناعية بكل صنوفها وحشود العاطلين المليونية من الخريجين وغيرهم،إذن ماالذي بقي  (للدولة) كي تسمى دولة وحبل النجاة الواهي الوحيد هو النفط وصادراته التي تتأرجح يوميا فلولاه لكانت الحكومة عاطلة أيضا مثل هؤلاء الخريجين وتستجدي (كرصة الخبز) كما يقول المثل العراقي.... هذا كله موجود على الأرض وتراه الحكومة وتتعامل معه وتقول على أن الوضع الأمني تحسن والأمور كلها( دهن ودبس) ولم يبقى لها إلا مغادرة قوات الاحتلال الأمريكي من المدن في حزيران القادم..

 

لكن سؤال خبيثا يطرحه الشارع العراقي على الحكومة إذا كان هذا هو حال ( العراق الجديد ) فمن يقوم بالتفجيرات الدامية في كل مدن العراق ومن يعتقل آلاف العراقيين الأبرياء ومن يقوم بالاغتيالات المنظمة لرموز العراق الوطنيين المناهضين للاحتلال ومن المسؤول على الفساد الإداري الذي قصم ظهر الحكومة والاقتصاد العراقي والذي يدفع ثمنه شعبنا الجريح ولماذا تمتنع الحكومة عن تقديم المفسدين والنهابين ولصوص النفط إلى القضاء العراقي بل تتستر عليهم وهم بمواقع حزبية وحكومية عليا فمنهم وزراء ووكلاء وزارات ومدراء عامون ورجال دين كبار وأبناؤهم أليس هذه هي أقوال ومعاناة النائب صباح ألساعدي رئيس لجنة النزاهة في البرلمان والتي يعلنها يوميا على الملأ وفي الصحف وفي الفضائيات ..

 

أما المشهد الحكومي فهو أسوأ من هذا بكثير فقد ( فرخت الانتخابات المحلية لمجالس المحافظات وفجرت مشاكل لاحصر لها ولا باستطاعة الحكومة مواجهتها ونقصد ( المناصب المتنازع عليها ) في المحافظات ففي الجنوب مايزال العراك على أشده بين الكتل الفائزة والكتل التي لا تقبل بأي منصب غير سيادي وما يجري في النجف ونينوى واسط وكربلاء مثالا على ذلك ، هذا يعني إن أبناء المحافظات ومنذ أربعة أشهر يعانون الأمرين من غياب الحكومة المحلية المنتخبة وتجاهل الحكومة المركزية لمعاناتهم القاسية في مواجهة الصعوبات المعيشية والاقتصادية والإدارية وإجراءات الاحتلال من اعتقالات واغتيالات بدم بارد ،فيما تتفاعل أزمة خطيرة في هذا الاتجاه في محافظة نينوى جراء إصرار قائمة نينوى اللا متآخية  وإصرارها على الحصول على منصب (سيادي) وإلا (تخرب الملعب) بالديمقراطية الأمريكية متناسية أنها كانت تحكم المدينة طوال أربع سنين دون أن يعترض احد عليها بالمدينة والتي في ضل حكمها ازدادت أحوال المدينة سوءا لم تشهده المدينة في تاريخها من قبل وكنا نأمل كأجراء ( توافقي / تحاصصي مقيت ) أن تقوم قائمة الحدباء بإسناد موقع نائب رئيس المجلس أو النائب الثاني للمحافظ لقائمة نينوى ونزع فتيل حرب عنصرية قائمة لا سامح الله بين الأحزاب الكردية وأهل نينوى .

 

ونعتقد هذا حصل بفعل ديمقراطية بوش التي فرض فيها أحزابا وكتلا عنصرية وطائفية لا تؤمن بالعراق الواحد الموحد بل تنزع إلى تقسيم العراق وتحويله إلى ( دكاكين ) في حين الحكومة صامتة تتفرج على الجميع ومنشغلة فقط بالمصالحة اللا وطنية مع أشباح لا وجود لهم إلا في مخيلتها وخيالها الثأري الانتقامي ، وإلا فطريق المصالحة الحقيقية كما يعبر عنها دائما طارق الهاشمي واضح ومعروف للجميع ومااجراءات الحكومة إلا ( بالونات ) للاستهلاك الإعلامي وذر الرماد في عيون إدارة اوباما وإيهامها بأن الحكومة تعمل على طريق المصالحة متناسية أن اوباما خلال زيارته الأخيرة إلى العراق قد عنف الحكومة عندما قال ( إن صبر الإدارة بدأ ينفد في مسألة المصالحة الوطنية ونريد إشراك جميع العراقيين فيها ) ولكن الحكومة ( ثولتها ) وذهبت إلى ملف آخر وفتحت على نفسها أبواب الجحيم وذلك باعتقال قادة الصحوات ومنتسبيهم وقيام معركة كبرى معهم في الفضل والمقدادية وغيرها من المدن وتعرض الصحوات إلى الاغتيالات وعدم صرف رواتبهم إلى أكثر من أربعة أشهر وتهديدهم بسحب السلاح منهم وطردهم والتخلي عنهم بعد انتفاء ( الحاجة ) من خدماتهم التي لاتقدر بثمن عما قدموه لها في مواجهة مسلحي القاعدة في العراق .

 

وهكذا ترمي الحكومة الصحوات بعد الخدمة على قارعة الطريق ليلقون مصيرهم المعروف في الاعتقال والاغتيال هذا هو المشهد العراقي الدامي والذي يرفض أن يتوارى عن أنظار المواطن بفعل إصرار الحكومة على إتباع أساليب وخطط وبرامج سياسية فاشلة وأجندات خارجية في معالجة تداعيات الاحتلال الأمريكي وجرائمه في العراق ومنها الاتفاقية الأمنية المشبوهة .... لانرى في الأفق بريق أمل لظهور رجل سياسي وكتلة سياسية يكون ولاؤها للعراق أرضا وشعبا .... لذا سيظل المشهد العراقي داميا حتى يأذن الله بنصر قريب وفتح مبين .......

 
 
كيفية طباعة المقال
 
 

شبكة المنصور

السبت / ٢٩ ربيع الثاني١٤٣٠ هـ

***

 الموافق ٢٥ / نـيســان / ٢٠٠٩ م