الطريق إلى الطائفية ..

 
 
 

شبكة المنصور

عبد الجبار الجبوري / كاتب وإعلامي عراقي
الطائفية كلمة كريهة في الوعي الجمعي العراقي الآن، وخاصة بعد تداولها وممارستها بشكل مباشر وعلني  من قبل الحكومات بعد الاحتلال الأمريكي للعراق ،والتي أصبحت شعارا لحكومة الاحتلال الأولى  واقصد بها (مجلس الحكم المحلي) الذي أنشأه الحاكم المدني سيء الصيت( بول بريمر) وقسم بموجبه الحكومة إلى وزراء شيعة وكرد وسنة وحسب نسبتهم في العراق بتوصيفه ، من هنا سن بريمر قاعدة طائفية سميت فيما بعد ( المحاصصة الطائفية ) والتي شملت جميع مناصب الدولة بدءا من رئيس الجمهورية وحتى فراش الدوائر الحكومية في جميع أنحاء العراق ، وقد دفع العراق والعراقيين ثمنا باهظا فرضته الحكومات المتعاقبة حتى يومنا هذا وذهب ضحية هذا الثمن ملايين العراقيين بين قتيل ومهجر ومهاجر في الداخل والخارج ، إضافة إلى تدمير بنية مؤسسات الدولة وتفشي سرطان طائفي منظم هو الفساد الإداري والمالي ونهب ثروات البلاد كلها وفي مقدمتها النفط إضافة إلى النهب المنظم للجنة أعمار العراق التي تشرف عليها إدارة بوش السابقة ( البنتاكون ) باسم لجنة أعمار العراق والذي قدر النهب (250) مليار دولار من أموال الشعب العراقي الجريح .

 

مقابل شلل الحياة الاقتصادية والزراعية والصناعية والصحية والتعليمية في عموم البلاد وانتشار جيوش  العاطلين في شوارع العراق من خريجين وعسكريين سابقين ومجتثين بعثيين وغيرهم ، كل هذا البلاء جاء نتيجة الحكومات الطائفية التي تحمل أحقاد الماضي ودوافع الانتقام والثأر وممارساتها على الأرض على شكل ميليشيات حزبية طائفية مسلحة وفرق موت ومجاميع خاصة مدعومة من إيران طالت الرموز الدينية والعسكرية والعلمية والعشائرية ممن يناهضون الاحتلال الأمريكي ويعارضون العملية السياسية المبنية على المحاصصة الطائفية/ العنصرية التي فرضها الاحتلال وإدارة بوش في حكم العراق بعد احتلاله وغزوه ، والتي أفرزت هذه المحاصصة البغيضة دستورا مسخا مفخخا وحكومات طائفية وبرلمانا طائفية تحاصصيا نتج عن انتخابات (مزورة ) بشهادة الاحتلال وبعض رموز الحكومات والكتل السياسية والأحزاب ،وشهدت البلاد خلال هذه الفترة من  عمر الحكومات في سني الاحتلال حربا طائفية أشعلها من يحمل أجندة معادية للعراق وله ثارات قديمة وإطماع توسعية هدفها إضعاف العراق وتهميش دوره القومي والعربي وتقسيمه إلى فدراليات وطوائف وأقاليم عنصرية  وطائفية يقودها أمراء الحب ممن جاء تحت جنح الظلام ومع دبابات  الغزو الأمريكي ،

 

إضافة إلى أجندات أخرى أجنبية تقودها مخابراتها لتدمير العراق وتفتيت نسيجه الاجتماعي ،وتغيير هويته العربية وطمسها تحت مسميات حاقدة ، لئيمة ، سرعان ما اكتشف نواياها من قبل جميع العراقيين والعراقي كما يقول المثل ( مفتح باللبن ) فقد جابه هذه المؤامرات الطائفية والعنصرية والأهداف الشريرة بمزيد من المقاومة والصبر وترسيخ مبدأ الوحدة الوطنية بإرادة عالية ووعي عميقين ، وافشل كل هذه المخططات الدنيئة وقبلها افشل بصموده الأسطوري المشروع الأمريكي العسكري الاستراتيجي على ارض الرافدين بتضحيات كبيرة جاوزت المليون والنصف شهيد فأضاء بمقاومته الباهرة الاستثنائية طريق المستقبل لعراق واحد مشرق برهن ذلك كله في صفحات مضيئة في انتخابات مجالس المحافظات الأخيرة حيث قلب الطاولة على مروجي الطائفية ومستخدمي الدين كغطاء رخيص لكسب المقاعد والمناصب  باسمه وتلويث سمعة الدين الحنيف ، وانقلب السحر على الساحر وأظهرت النتائج أن شعب العراق أذكى ممن أراد أن يضحك على (لحيته) بشعارات دينية  طائفية لاتمت للدين بصلة أو وعود كاذبة أبطلها الواقع وفضحتها الممارسات الخبيثة الإجرامية ،فظهرت تيارات  وأحزاب وطنية ورموز عشائرية وشخصيات عراقية مؤثرة وتجمعات لقوائم  هي معروفة بولائها للعراق أرضا وشعبا وحضارة وتاريخا،هازمة دعاة الطائفية  وحاملي الشعارات الاسلاموية الخادعة الماكرة البراقة باسم الدين،وبعد انتهاء انتخاب الحكومات المحلية في المحافظات ، تفجر الوضع الأمني دفعة واحدة وبتوقيت واحد  في المحافظات التي شهدت هزيمة القوائم ( الكبيرة ) وخسرت الانتخابات والتي تصر على إفشال مهام المحافظين ورؤساء مجالس المحافظات لكي تعود إلى السلطة بجبروتها الطائفي /العنصري وحصلت تفجيرات كبيرة في بغداد ونينوى وديالى والبصرة ، واليوم أعلنت بعض الشخصيات والكتل الكبيرة نيتها على التخندق الطائفي مرة أخرى في مشروع طائفي جديد للمشاركة في انتخابات مجلس النواب القادم وظهرت بوادر هذا المشروع في لقاء رئيس كتلة الائتلاف العراقي الموحد مع رئيس الوزراء( لضرورة العمل الجاد ) لإحياء الائتلاف العراقي وتوسيع دائرته  والانفتاح على الأحزاب والكتل الأخرى لضمها إليه كالتوافق والتحالف الكردستاني والفضيلة وغيرهم وهذه الدعوة مؤشر حقيقي على إدراك خطورة نتائج انتخابات مجالس المحافظات الأخيرة وضرورة تفادي انتكاسة أخرى اكبر من سابقتها قد تقلب جميع الموازين وتجعلهم خارج العملية السياسية ، ودرس قائمة الحدباء الوطنية مازال مكتوبا على سبورة المفوضية،لاسيما وان قائمة أخرى  وحركة جديدة ظهرت في الجنوب باسم (حركة تحرير الجنوب) والتي تدعو إلى تحرير العراق  ابتداء من الجنوب وهي تعني من الاحتلال الإيراني أولا والأمريكي تاليا وبذلك أصبح للعراق جناحان هما قائمتا الحدباء في الشمال وحركة تحرير الجنوب في الجنوب وبهما سوف يحلق الصقر العراقي  طائر العنقاء من رماد الطائفية الكريهة إلى سموات صافية خالية من غيوم الحقد الكراهية  والثارات والاحتلال ،ليكتمل المشهد العراقي معانقا قمر العراقيين الذي سيضيء حلكة الليالي المدلهمة التي خيمت على العراق طوال سني الاحتلال البغيض والطائفية الكريهة....

 

العراق باق والطائفية والطائفيون إلى زوال أكيد...

 
 
كيفية طباعة المقال
 
 

شبكة المنصور

السبت / ٢٠ جمادي الاولى١٤٣٠ هـ

***

 الموافق ١٦ / أيــــــار / ٢٠٠٩ م