يا ثيران الوطن العربي ' اتحدوا '

 

 

شبكة المنصور

رشيد السيد احمد

و انتم في الواقع العملي بضع بقيرات  فاقعات اللون.. يتمّ تسمينكم ، من أجل ذبحكم في " مسالخ المحكمة الدوليّة "  .. و لكن ماذا أفعل إذا كان ابن المقفع رحمه الله قد وضع حكمته على أساس " ثيران بيضاء ، و سوداء " .. فا نسحب عليكم مثله  ، و أصرّ المثقفون على اعتماد تصنيفكم في خانة الذكران من هذه الفصيلة الخالية لحومها من الكليسترول .... و تمّ اعتمادكم على صفحات المقالات ثيراناً .. لا تتعظ من ذبح احدها أمام الآخرين  .

 

نعم هذه سياسات الاستفراد .. لالتهامكم بقرة بعد بقرة .. فقد وصلتم إلى السن الذي صار بالإمكان احتساب أعماركم فيه على أساس بلوغ " بغال الجيش "  سن التقاعد .. و تكفي طلقة في الرأس ، و ينتهي الموضوع ..

 

القصة يا سادتي تبدأ منذ أن ابتلى الله هذه الأرض التي تسمى " عربيّة "  بنعمة النفط ، و نعمة الماء .. فا ستجلب ذلك كل سقاطات الأرض ... و بناءا عليه تم تقسيم هذه المزرعة " العربيّة " بين هذه السقاطات ، و بين من يتم تعيينهم كبقرات راعيات لمصالحها ، و راكبات على شعوبها ، و مؤبدات على صدورها .. استفردت بما تركه لها راعيها ، و قسمّته بين أقربائها ، و محاسيبها .. فكممت الأفواه ، و اعتقلت الناس .. من أجل تحقيق اكبر قدر من المكاسب ...

 

طبعا الإرهاصات كانت .. مع تركة الرجل المريض " أي السلطنة العثمانيّة " .. يومها استطاعت بريطانيا أن تخدع شريف الحجاز – الجد الأعلى لملك " شرق الأردن " .. و بعدها تمت سلسلة من المؤمرات ، و التقسيمات  بين بريطانيا  و فرنسا ... فانتشرت الخطوط ، و الألوان على خارطة شرق المتوسط ، و تمّ زرع الكيان الصهيوني .. بينما كان القسم الإفريقي بكامله تحت مختلف أنواع الاحتلال ، و قبل ذلك بزمن غير طويل .. ثم دخل الوطن " المزرعة " في عملية التحرر الوطني .. و نبتت أحزاب ، و ماتت أحزاب " بعضها تمّ إحيائه في مصر "  .. و حدثت انقلابات ، و ازيحت سلطات ، و جاءت سلطات  .. و باستثناء الخليج العربي .. كانت الثورة تأكل أبنائها .. وجاءت رياح الإمبراطورية الأمريكيّة  .. لتكنس المصالح البريطانيّة – الفرنسيّة ، و تم اعتماد دويلات الخليج الخارجة من هذين الاستعمارين .. محميّات أمريكية .. لهم النفط ، و لنا جزء من النفط يتم بموجبه اعتمادنا " بقرات " بالوكالة تسوس بقايا الأفخاذ ، و البطون ، و القبائل  .. و على وقع البسطار الأمريكي .. كان القطيع يدوزن خطواته .. من المحيط إلى الخليج .

 

أمريكا لم تخرج عن سياسة فرّق تسد ، بل أضافت ، و نتيجة سيطرتها على " مجلس الأمن " .. فكرة الحصار .. و في كل حصار كان هناك " بقرة طروادة " تشدّ على يد أمريكا ، و تتفنن في الهروب من التزامات عروبتها ، رغم أن الاستعمار الانكليزي كان قد اخترع  "جامعة عربيّة " تم ّ بناءاً على اجتماعاتها ، و مؤتمراتها ، ابتلاع فلسطين  .. و على مرأى من " بقراتها " كان جزء من الشعب العربي تباد .. و ورقة تسقط هنا ، و ورقة تسقط هناك .. و مع كلّ سقوط ورقة .. كانت الجعجعات .. و الاستنكارات  ، و الشجب ، و الاحتجاجات ، و كلّما زاد مزاد الشجب .. زادت حدّة المعاناة .. و من أجل كل  " بقرة " فكرت في الخروج على شيء من الأوامر الأمريكيّة .. كان يتم تجويع الشعب ، و تقويض كيانه ، و محاولة تركيعه ... و من ليبيا إلى العراق إلى سوريا إلى غزّة .. كان المسلسل يستمر .. و كلما انتهى جزء .. خرجت علينا استديوهات البيت الأبيض بجزء جديد .. اشدّ إثارة ، و أكثر دماء ... و البقرات .. لاهيات .. متآمرات .. مستكلباتٌ على بعضها .. مستفأراتٌ أمام أمريكا .

 

على هذا المشهد السوداوي .. يقع المواطن العربي في تناقضات شديدة .. مستفّزة .. فهو يرى من يلوّح بالمحاكم الدوليّة يشرب من الدماء ، و ينفّذ مجازر حرب ، و يستعمل الأسلحة المحرّمة ، و يجرب اليورانيوم ، و القنابل الذكيّة ، و يعربد هنا ، و هناك ، و لا من سائل  .. ثم يرى أن شخصا يمثل رمزا لجزء من هذا الشعب الذي يحب ، و الذي يشترك معه في كل مقومات الوجود  .. يُعدّ بشكل سريع من أجل سحله إلى المسلخ الدولي .. ثم يرى أنّ هذا الرمز كان قد فرّط بالكثير من حقوق هذا الجزء ، و استجلب كل السقاطات ، و لعب على التحالفات ، و استعدى من استعدى ، و نكّل بمن يختلف معه في وجهة النظر .. فيقف المواطن على حدود التناقضات ، و قد اسقط في يده .. لأنّه منذ الإرهاصات الأولى كان قد تمّ تغيبه .. و حجبه .. و الاستفراد به ، و التحدث عنه ، و بلسانه ، و تمّ تجييشه ، و زرع أفكار القطيع في خلفيته الذهنيّة ... و كان ابن المقفع قد شارك دون أن يدري بها .. ثم استجلب ليضرب المثل بما ترجم عن اهل الهند

 

و على هذا المشهد السوداوي .. يخرج خوار النشاز .. من " بقرات " عميلات .. تسمى " معارضة الخارج " .. لا تملك من حقوق المعارضة غير ما تمليه عليه .. مكاتب الاستخبارات الغربيّة .. و مراكز بحثها .. فتطيل الخوار ، و تستعدي و تجيّش ، و تتآمر .. و كانت  أمريكا في خضم هذه الأحداث قد سنّت سنّة " إدخال البقر المعارض في الخارج  " على ظهور عرباتها .. فأصبحت هذه العربات حلما لكل معارضة خارجيّة .. همها الركوب على هذا الشعب بمختلف التسميات فالمزرعة – الوطن مازالت فيها فوائض تكفيها ، و تكفي محاسيبها .. لتعيد دورة الأيّام ..

 

و على هذا المشهد السوداوي .. يترعرع في أحضان المآسي .. اسود ، و صقور .. يقارعون المحتل ، و يقضون مضجع المستفردين بهذا الوطن نتيجة غيبوبة " البقر الحاكم " ، و يردّون العدوان .. و يقدمون زهرة الشباب ، و الدموع ، و الدماء رخيصة على مذبح الوطن ... فيهبّ  " البقر الحاكم " لمحاربتهم ، و كسر صمودهم ، و يجيش في سبيل ذلك .. إعلاما مرهونا ، و مثقفين مثقوبين .. و يدفع الأموال ، و يحرض الأعداء .. و يتآمر عليها ، و يعقد المؤتمرات ، و المؤتمرات المضادّة .. في سبيل القضاء عليها ، و استئصال شأفتها  ...إذ حين يستأسد الشعب .. لا يبقى أيّة أدوار يقوم بها " البقر الحاكم " ...دون أن يدور في خَلد أيّ " بقرة " أنّ منعتها من قوّة أسودها ، و صقورها  .. فمتى نتعلم ؟؟؟؟  البقرات يتم إعدادهن ... و سكين المسلخ الدولي بالمرصاد .. فمتى يستأسد " البقر " .. الجواب عند ابن المقفع !!!

 

كيفية طباعة المقال

 
 

شبكة المنصور

السبت / ١٧ ربيع الاول ١٤٣٠ هـ

***

 الموافق ١٤ / أذار / ٢٠٠٩ م