الأمن العربي أين هو ؟

 

 

شبكة المنصور

عبيد حسين سعيد

بعد أربع وستين عاما على أول اجتماع عربي في( أنشاص) ظل مفهوم الأمن القومي العربي تتجاذبه الأماني القومية وأحداث الواقع المعتل وهذاالمحورالخطير ظل طافياً على سطح كل المؤتمرات وباتت عبارة (الأمن العربي في خطر) هي العبارة الأكثر شيوعاً وتداولاً و كنا نتحسب ونبني دعائم من ورق ومراسلات وتصريحات دون أي دعائم ملموسة بل انقلبت إلى أكثر خطورة وصار العمل الأمني ينصب على حياكة المؤامرات العربية إلى أن أصبح التوجس العربي حقيقة و يقينا  رأيناه رأي العين  ولمسناه لمس اليد  خلال أحداث شهدها أديم الوطن العربي لم  نتصور أن وطننا العربي وصل إلى هذا المستوي فأصبح مرتعاً خصباً وضعيفاً يستجدي (النصرة) استجداء الذليل, وباتت ثغوره مهلهلة لا تقوى على الصمود أمام أي ريح , فالاختراق الفاضح لجسد الوطن تم بتواطىء مع من يفترض أنهم حماته وعمقه الطبيعي وأقربها مثلاً ,المواطن  في السودان يشاهد طائرات (مجهولة )الهوية تنتهك المجال الجوي للبلد وتقصف تجمعات بشرية  وتقتل منهم العشرات ثم تعود سالمة من حيث أتت دون أن تجرأ أي  دولة من الدول عن الإعلان عن هذا الاختراق؟!  

 

فالسودان ليست له حدود مشتركة مع إسرائيل ولا مع الولايات المتحدة الدولتان العدوتان للعرب والمسلمين ومر الخبر مروراً ملفتاً ولسان الحال يقول: الأمر لا يتطلب في الظرف الراهن أن نستنكر هذا الفعل وكأنهم سلموا باستحالة الرد بالمثل أو الاستنكار ولكن لم الاستنكار فقد استنكرنا كثيراً دون فائدة أما العالم المتحضر فلسان حاله يقول :ما دام القتلى هم من العرب وزيادة هم  والزيادة أنهم مسلمون فالأمر بسيط و يقع على عاتق أمريكا فهي الحامي (والحرامي) والقاضي والجلاد  وفق رؤية انقسم عليها العرب فباتوا معسكرين (الاعتدال) وممانعة  فالإرهاب وفق النظرية التعريفية الأمريكية فانه بات مفصلٌ على مقاساتنا  – من دون خلق الله- وما عليكم إلا الرضوخ والطأطأة فانتم جزء من مشروعنا الكبير فما عليكم إلا أن تسبتوا(من السُبات )   ونحن سن تكفل بالرد ونبرره على انه لتطبيق قانون الإرهاب وان الهدف يستحق القصف وان هؤلاء لا بد لهم أن يموتوا  لأنهم يهددون(الأمن القومي الإسرائيلي)؟!! فقد أصبح العالم محكوما بإرهاب الدولة الأقوى فقد قصفت أمريكا  العراق عام 1998 بمئات الصواريخ  من على بوارج  تبحر في المياه العربية( وعلى عينك يا قاضي) كما يردد( فيصل القاسم) وأصبحت إسرائيل تصول وتجول فأجواء العرب مفتوحة وقائمة الأهداف هي الأخرى مفتوحة تقصف متى شاءت وكيف شاءت فالكيان الصهيوني مطلق اليد واللسان في الوطن العربي دون أن رادع يردعه .. ولكن لماذا السودان ؟

 

إنّ السودان دولة ذات سيادة لا تمالي أو تستخذي أمام طوفان الخنوع ومناصرة للحق العربي وتتخذ من الإسلام شرعاً وهذا كله يضيق على الكيان الصهيوني أن تمد نفوذها في القارة الإفريقية ولكن كيف لإسرائيل أن تخترق كل هذه الحدود لتضرب قافلة سيارات, إن إسرائيل لا تستطيع أن تفعل فعلتها لولا الدعم الأمريكي المعلن وإنها  حصلت على ضوء اخضر ضمناً من دول (الاعتلال العربي) والتي باتت عاجزة أن تقول لإسرائيل مجرد كلمة لانها لو خالفت لضاعت (كراسيهم) فاخرسَّ المتكلم وتديثوا أمام انتهاكات العرض العربي المستمرة . ذلك لم يكن ليحدث لو كان العراق معافى لما استطاعت دولة إقليمية أن تهدد البحرين ولا تستطيع هذه الدولة أن ترفع العصا بوجه أي قطر عربي لا هناك دولة عربية قوية (مستقلة) استقلالاً حقيقياً فهل عجزت الأمة أن تحمي حماها ...

 

وهنا لا بد أن يسأل سائل من أين دخلت الطائرات وأي الممرات سلكت ؟؟! وأي الدول العربية كانت معبراً(كوبري) لتنفيذ ثلاث عمليات إرهابية وتغرق سفينة في البحر . فلو كانت الدول التي لها علاقة - أي علا قة مع إسرائيل- تحترم نفسها لانتفضت وعلقت هذه العلاقات فلو كانت هذه الطائرات اخترقت المجال الجوي الفنزويلي لكان الأمر يختلف ولكان ما يكون..  فهل الشراكة في عملية السلام تفقد الدول سيادتها ؟ ام تعزز من احترام غريمها لها ؟؟ هذا منطق لا يستطيع المواطن العربي إلاّ أن يقف حائراً في فك رموزه ! لم هذا الدنية في عروبتنا وإسلامنا فما الذي يشغل الحاكم العربي! أن لم يفلح في حماية ثغر, ولا دفاع عن عرض ولا يهتز لهم عرق حي إذا ما احتل قطر من أقطارها وما دامت هذه مواصفاتهم فما عليكم إلا أن تخرجوا إلى شعوبكم وتقولوا لهم نحن لا مصلحة لنا في انتسابنا للامة العربية  .. ولكننا استنتجنا من هذا كله إننا امة تنسى تاريخها ولا تأخذ الدروس من عثراتها رغم البراهين الربانية وآخرها درس الصمود البطولي في غزة التي وقفت كالطود الشامخ بوجه أعتى قوة عسكرية في المنطقة– بعد أن تخلى العرب عن واجبهم- والجرائم التي مع الأسف أثبتت الأحداث إن من دبر عمليات الاستهداف ومباركتها هم أنفسهم الذين ذبحوا العراق والصومال والآن جاء دور السودان ولكن هذه المرة أخطأوا التقدير وان هذه العملية بقضها وقضيضها ما هي إلا تنفيس لاحتقان فهل ستنجح قمة الدوحة وسمو الشيخ حمد الذي تعلمنا منه كيف يشخص العلة ويجد لها العلاج فهل ستخرج القمة العربية من (روتين) البيان السياسي,المكشوف … ويتحقق الهدف المنشود- الذي أصبح حلما -  في بناء أمن عربي حقيقي, أم سيكون الفشل مرادفاً لكل قممهم؟؟       

 
 
كيفية طباعة المقال
 
 

شبكة المنصور

الاثنين / ٠٣ ربيع الثاني١٤٣٠ هـ

***

 الموافق ٣٠ / أذار / ٢٠٠٩ م