من كان بيته من زجاج ...

 

 

شبكة المنصور

عبيد حسين سعيد

المجتمعات الغربية مجتمعات استهلاكية - مزاجية الطبع-   لا تكاد تنتهي من صرعة إلاّ وجاءت بأخرى سرعان ما تنتهي إلى ثانية وهكذا دواليك ومن ذلك أن لهم في كل حاجة رغبة سرعة في الطعام سرعة في الاعتقادات وسرعة في فضِّ أي علاقة حتى وان كانت بين أقرب الأقربين رحماً الذين من المفترض أن تربطهم بهم آصرة الأبوة والأمومة ,حتى هذه أهملوها  ولم يتمسكوا بها فنظرتهم- القاصرة - إلى الحياة نظرة طعام ,وشراب, وقوة, وشهوة ولم يدخل قاموسهم شيْ اسمه (الوفاء)فأصبحوا يركنون والدِيهم كأي حاجة استنفدت آجالها وانتفت الحاجة إليها دون وازع من ضمير أو عرفان أو ثقافة بِرٍ لوالد أو عرفان جميل لأُمٍ حملت ووهنت, يستخدمون المرأة استخدامهم الدعاية ومادام مجتمعهم وحياتهم تميل ميلاً مادياً خطيرا باتجاه المادة فمن الأولى أن تكون المرأة هي الأخرى سلعة كبقية السلع تباع وتُشترى كأي حاجة ولها أدوار تمرُّ بها كدورة  حياة أي آلة مصنعة,بداية نضوج جاذبية توقد في الأنوثة والجمال مرغوبة فتاة موديل أو غلاف إلاّ أنها سرعان ما يخفت بريقها عندما تصبح أم وتصبح بمرور الزمن أقل نضارة,تجد نفسها في عزلة من حيث ابتعاد الأبناء والأحفاد عنها شيئاً فشيئاً- كطائرالحيقطانة- الدراج الذي يترك أمه حال خروجه من العش- إلى أن يصل المطاف بها في إحدى زوايا– دور المسنين- تعيش وحيدة وكأنها لم تنجب ولم تضنى وتسهر حانية محنية الظهر من أجل راحة وليدها الذي سرعان ما يشذ عن طبيعة الأسوياء من البشر, فمجتمع كهذا عليه إعادة النظر في أسس بنائه فليس من العدل أن يكون جزاء الأم عقوقاً وجفاءً ودون خجل أو مواربة هم لا ينظرون إلى سوءتهم فيطلع علينا إعلامهم بتخرصات مكررة يتباكون فيها على المرأة المسلمة ومظلوميتها وعدم تمكنها من الخروج من شرنقة العفة والوقار والحقوق المقدسة والتقاليد  التي أنارت طريق المرأة في الإسلام وجعلتها تقترب من القدسية والصراط الموصِّل إلى الفوز بجنات قرنها الله بحب الوالدين وقد جعل الإسلام من حق الأم على ولدها أن ينفق عليها إذا احتاجت إلى النفقة ، ما دام قادرا مستطيعا ، ولهذا لم يعرف عن أهل الإسلام طيلة قرون عديدة أن المرأة تُترك في دور العجزة ، أو يخرجها ابنها من البيت ، أو يمتنع أبناؤها من النفقة عليها ، أو تحتاج مع وجودهم إلى العمل لتأكل وتشرب .


وكرم الإسلام المرأة زوجةً ، فأوصى بها الأزواج خيرا ، وأمر بالإحسان في عشرتها ، وأخبر أن لها من الحق مثل ما للزوج إلا أنه يزيد عليها درجة ، لمسئوليته في الإنفاق والقيام على شئون الأسرة ، وبين أن خير المسلمين أفضلُهم تعاملا مع زوجته ، وحرم أخذ مالها بغير رضاها ، ومن ذلك قوله تعالى : ( وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ ) النساء/19 ، وقوله : ( وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ) البقرة/228     فما أسعدنا حين نحظى بهمسة أُمٍّ ورضاها نكون بعدها من القوة والثقة بالنفس ما يجعلنا أغنى الأغنياء فلم نعد نخشى قولة قائل وسؤل سائل فنحن لدينا شهادة حسن سلوك ممهور برضا- ختم- الوالدين (الجنة تحت أقدام الأمهات) والآن ونحن في عصر وهن فيه حبل الجهاد واقتصر على ساحات تعد على أصابع اليد الواحدة قبلما كان واجباً وفرض عين على كل مكلف يستطيع حمل السلاح ولكن ذلك وصل إلى حد يئسنا من جنة ظلالها السيوف ولم يبق لنا غير أقدام أمهاتنا عسى أن نتمرغ تحتها.. فحريٌّ بكم وانتم تـنتقدون وضع المرأة العربية والمسلمة أن تكفّوا عنا مساوئكم وغسيلكم القذر وتتركوا لنا مساويكنا نستاك بها ونحافظ على سنن ونواميس أثبتت التجارب والمعطيات الكونية أن الدين الإسلامي هو الدين الذي ستلجأ إليه البشرية للخلاص من ظلم الظالمين ليعم العالم نظام يحترم فيه الإنسان مهما كان لونه وعرقه ويكون فيه الأبوان قبلة وملجأ يلجأ إليهما عندما تتكسر العبرات في صدور الأبناء فيجدون صدراً حنونا موجها وناصحاً ودليلاً موثوقاً به للوصول إلى الفوز بقوله تعالى( وَسَارِعُواْ إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ133 آل عمران) فكفاكم صراخاً وكفكفوا دموع أمهاتكم وبناتكم فإنكم أراذل الناس فمن كان بيته من زجاج فلا يرمي الناس بالحجارة.

 
 

 

كيفية طباعة المقال

 
 

شبكة المنصور

الاحد / ٢٧ صفر ١٤٣٠ هـ

***

 الموافق ٢٢ / شبـــاط / ٢٠٠٩ م