تسع وستون عاماً
بين التاريخين الأول
1939م
والثاني العام الثامن من الألفية
الثالثة والأمريكان يخططون
لاحتلال العالم
وقد يستغرب القارئ
الكريم ويقف عند هذا الرقم وقد
يغادر موضوعنا هذا ظنا منه اننا
سنأخذه إلى متاهات هذه العقود
والواقع المأساوي لهذه الدولة
العظمى .ولكننا نتعمد في هذه
المرحلة بالذات البحث في الغاطس
والبعيد في الفكر السياسي
الأمريكي لحاجة
جيل الشباب فينا إليه ونحن في عصر
السرعة والانترنيت.لقد حمل هذا
الفكر منطق
((
القوة)) كمنهج أحادي
النظرة ولم يغادر عقول هذه الدولة
وصناع القرار فيها الاستعمار
والتسلط الاستعماري بالقوة
وافتعال الأزمات لحظة
واحدة بما يضمن
مصالحها وأهدافها على حساب
الشعوب.
يقول المفكر
الفرنسي روجيه غار ودي في كتابه
(
الولايات المتحدة الامريكيه ..
طليعة الانهيار ) الصادر
سنه
1998 وهو يفسر دراما
الدعاية الأمريكية والمسميات التي
أطلقها الفكر العدائي الأمريكي
للشعوب بما يسمى
(( حق
التدخل )) ولحقته بمفردة
أخرى لتفسير سلوكها الإجرامي في
العقد الأخير من القرن العشرين
((
النظام الدولي الجديد ))
يقول غار ودي
(( انه حلم القادة
الأمريكيين وهو اسم أخر لسيطرة
الولايات المتحدة على العالم )).
إما الأول وهو
((حق
التدخل )) فهو الاسم
الجديد للاستعمار . وهكذا استطاعت
أمريكا وبآلاف الساعات الدعائية
المهيمنة على أوربا والعالم
الترويج لهذه البضاعة الفاسدة
والمفضوحة احتواء العالم وقد تمكن
بوش الأب ترجمته بشكل عملي سنه
1991بالعدوان
على العراق وتدويل المشكلة
العراقية الكويتية وغلق أبواب
الحل العربي والإسلامي والدولي
إمامه لإظهار أمريكا بحلتها
المزيفة الجديدة الدفاع عن النظام
العالمي والتباكي على هيبة الأمم
المتحدة .
إن المسار
التاريخي للسياسة الأمريكية وضع
في أولوياته تحقيق السيطرة على
العالم فوق كل اعتبار ولو أدى
بالنتيجة إلى دماء الملايين من
البشر كما حصل ذلك في العديد من
ضحايا القرصنة الأمريكية على
الشعوب وهذا مايقودها إلى سلوك
هذه السياسة الانتهازية التي
اعتمدتها إبان الحرب العالمية
الثانية بين ألمانيا النازية
والاتحاد السوفيتي سنة
1939
فقد كانت تدفع الألمان باتجاه
موسكو وتشجع هتلر على غزوها
واحتلالها وتراوغ الروس في دخولها
الحرب ضد ألمانيا ولم تتوانى من
دعمها لموسكو وما إن تمكن الروس
اجتياح بولندا وتوجه الجيش الأحمر
بقيادة ستالين إلى برلين دفعها
إلى دخول الحرب والتخلي عن دور
المراقب فيها أيضا بما يخدم الهدف
الامبريالي وهذا ما أكده ترومان
لصحيفة نيويورك تايمز في حزيران
سنة
1941 عندما دخل الألمان
روسيا
:( سنرى إذا كانت ألمانيا ستنتصر
فإننا سنساعد ألمانيا _ دعهم
يقتلون بعضهم بعضاً أكثر
مما
يمكن ) إن هذا التفكير
المسبق بحرق الأرض وصب الزيت على
النار وصناعة الموت هي نتاج العقل
الأمريكي لنصف قرن حسب تفسير
ترومان لما كان يجري في العالم
آنذاك وقد فقد السوفيت وحدهم بهذه
الحرب
20 مليون نسمة .
وقد دخل في عقل
المتوالين على البيت الأبيض الهوس
والعنجهية في التعامل مع الشعوب
فيقول الرئيس الأمريكي وودرو
ولسن
((1913 _1921 ))
((
إنني أرجو إن لا ننسى ابداً بأننا
خلقنا هذه الأمة لتخدم البشرية))
لنقف على كلمة خلقنا.... وماذا
يريد منها ولسن . إما هنري لوس
الكاتب الصحفي لصحيفتي التايم
ولايف كتب سنه
1941
يقول
(( يجب ان يتولى العالم مسؤولية
النظام العالمي الجديد ))
وهنا تردد كلمة
( يجب ) .
ويأتي الرئيس
الأمريكي ليدنون جونس
( 1963_
1969
)
وهو الذي شكل للصهاينة اليهود
جسراً جوياً في عدوان عام
1967
وغير موازين القوى في المنطقة
ومكن إسرائيل من احتلال كامل
التراب الفلسطيني وسيناء والجولان
وجنوب لبنان في حرب إبادة وحشية
يقول هذا القرصان سنة
1968
( لو
لم نكن نحن هنا فمن هي الأمة التي
تحمي الحرية ) .
وهذا إجحاف
واستهانة واستعلاء نازي شوفيني
على كل الأمم . ويلخص الرئيس
الأمريكي رتشارد نيكسون في كتابه
( نصر
بلا
حرب ) ستراتيجية السياسة
الأمريكية مؤكداً على صناع القرار
الأمريكي ترجمتها وهي تستند إلى
أولا /
امتلاك أمريكا القدرة على الردع
الستراتيجي من خلال تدعيم الوجود
العسكري لها في مناطق حيوية في
العالم وذات مكانه في حسابات
أمريكا
( عسكرياً
واقتصادياً).
ثانياً /
دفع دول العالم الثالث إلى تبني
سياسة اقتصاد السوق ومنعها من
الحصول على تكنولوجيا متطورة في
كل المجالات وإبقاء أوروبا تحت
المظلة الأمريكية لضمان إبقاء
الهيمنة الأمريكية على العالم .
وهذه هي إذن
مخرجات وشواغل الفكر السياسي
الأمريكي الذي يفكر بالسيطرة حتى
على أوربا وما حدث ليوغسلافيا
وأفغانستان والعراق ترجمه لما
استند إليه صناع القرار في أمريكا
في أحادية التفكير بالتعامل مع
تحديث الاستعمار وتغيير
المسميات واحتلال
العالم بما في ذلك مؤسساته
الرسمية وتسويق الإرهاب والقرصنة
ووضع العالم والبشرية اجمع على كف
عفريت . |