سفراء أم هم وبلاء
سفراء أجانب في وزارة الخارجية العراقية

 

 

شبكة المنصور

مازن العراقي

السفير حسبما تشير اليه اتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية يمثل رئيس الجمهورية ويعتمد في دولة ثانية على اساس التمثيل المقابل ولأنه منصب يعتبر من المناصب السيادية بسبب الحصانة والأمتيازات الدبلومسية التي يتمتع بها إضافة الى ان وزارة الخارجية تعتبر في أي بلد من الوزارات السيادية لذلك كان هذا المنصب من المناصب المهمة والحساسة ليس في الوقت الحاضر بل حتى منذ الأزمنة القديمة حيث كان هناك الكثير من الصفات التي يتسم بها السفير والمبعوث والقاصد الرسولي للأنبياء والملوك والزعماء ومنها الوسامة والجسامة والذكاء واللباقة وحب التصرف وعرفته بلغة البلد الذي يعتمد به.


وعرفت عن الدبلوماسية العراقية عراقتها حيث شغل هذا المنصب خيرة سياسيين ومثقفين العراق لغاية الغزو الامريكي للعراق وكانت من الاسماء اللامعة في هذا المجال نوري السعيد ومحمد فاضل الجمالي وأمين المميز وعبد الجبار الهداوي ووسام الزهاوي ونزار حمدون واكرم الوتري واحمد الكيلاني ووداد عجام ورياض القيسي ووهبي القره غلي وسعيد الموسوي وعبد الرحيم الكتل وعبد الأمير الأنباري ونبيل النجم وفاروق زيادة وغيرهم من فخر الدبلوماسية العراقية, ولم يكن اختيار السفراء بالمهمة السهلة خاصة ممن هم اصلا خارج السلك الدبلوماسي من الوزراء وكبار الأكاديميين والسياسيين والمثقفين، لذلك كانت الدبوماسية العراقية علامة مضيئة في الدبلوماسية العربية والأجنبية والسفراء محط أنظار العرب والأجانب لقوة حضورهم وفعالية نشاطاتهم وشدة تأثيرهم في الوسط الدبلوماسي.


إستمر هذا الأمر لغاية ما قبل الغزو الأمريكي للعراق بأستثناء بعض الوافدين من وزارات اخرى وكان هؤلاء ان لم يثبتوا كفائتهم في وزارة الخارجية فأنهم بعد فترة ينقلوا الى ديوان الرئاسة كمستشارين وهو منصب فخري أو ينقلوا الى وزارات أخرى وكذلك بقية الدبلوماسيين الذي يفشلوا في امتحانات الترقية او يرتكبوا جرائم مالية أو ادارية أو امينة أو يهملوا في واجباتهم في الوزارة أو البعثات العراقية المعتمدة في الخارج, وكان استمرار الدبلوماسي في عملة في الوزارة منوط بنجاحه وتطوير امكاناته ومهاراته وأجتيازه أمتحانات اللغة بنجاح وهذه الامتحانات كانت في غاية الصعوبة وتمثل كابوسا مخيفا للموظفين فدرجة النجاح في اللغتين العربية والأنكليزية 80% وبقية المواد 75% وما كان بأمكان أحد أن يفلت من هذه الأمتحانات بوساطة أو غيرها سيما ان الوزراء كانوا انفسهم يحضرون قاعات الامتحان وبعضهم يمتحن فيها كبقية الموظفين مثل الأستاذ طارق عزيزخلال قيادته الوزارة.


وبعد الغزو الامريكي تم إجتثاث السفراء وبعضهم رفض العمل في الوزارة منطلقا من مبادئه وقناعته بعدم جواز العمل تحت الوصاية الامريكية والبعض الأخر اعلن اللجوء السياسي في الدول التي كان يعمل بها لقراءته الدقيقة للمستقبل ااسياسي للعراق أو خشية من تسلط الميليشيات على رقاب الناس سيما ان السفراء كان معظمهم من البعثيين وهذا ما جرى فعلا, وانيطت مهمة إعادة تشكيل الوزارة من قبل قوات الاحتلال الأمريكي لعميلهم المعروف محي الدين الخطيب والذي يشغل حاليا سفير العراق في اليونسكو وكان موظفا صغيرا في الوزارة وفصل منها وغادر الى الولايات المتحدة ليتقن دروس العمالة من أفضل جامعتها, وهذا الرجل بحق هو المدمر الأول للدبلومسية العراقية يليه أياد علاوي الذي كان يترأس الحكومة، فقد تولى الخطيب مهمة إعادة تشكيلها بالتعاون مع جوقة العملاء ومنهم غانم الشبلي وهو امريكي الجنسية وموفق مهدي نمساوي الجنسية وسعدي الفضلي نيوزلندي الجنسية وأختار الخطيب أتعس موظفين سابقين في وزارة الخارجية ليشكل لجنة اختيار السفراء والدبلوماسيين الجدد وكلاهما من أقاربه وهما أسعد السعودي موظف دبلوماسي فاشل نقل الى وزارة أخرى في النظام الوطني السابق وسعد الحياني موظف أداري سابق طرد من الخارجية بتهمة الفساد المالي وعمل حملة دار لنقل الحجاج الى بيت الله الحرام عسى أن يكفر عن جريمة الأختلاس! أختيار السفراء جرى حسب مستوى العمالة أوالمقدرة المالية على الدفع لمحي الدين الخطيب وكانت الدفاتر تنهال على الخطيب ولجنته من قبل المرشحين وأوفرهم سخاءا هم محمد حمود العطية وقريبيه بهاء شبيب وحاتم الخوام الذي يتباهى بأنه دفع عشرة دفاتر لمحي الخطيب لكونه مستقل لا ينتمي الى حزب معارض وليس له أي نشاط سياسي إضافة الى رعد رشاد الآلوسي والوزراء مفوضين سعد محمد رضا وعماد العاني، وتم اختيار السفراء ومعظمهم من أصحاب الجنسيات الأجنبية الذين أعلنوا ولائهم للدول التي منحتهم جنسيتها وإذا اضفنا اليهم الاكراد الذين يمثلون كردستان وليس العراق ستجد ان الخارجية العراقية تضم ممثلين أجانب من المانيا وامريكا وبولندا واسبانيا وانكلترا ونيوزلندا وفرنسا والنمسا وايران والجيك وبلغاريا ورومانيا وكندا والسويد وهولندا والنرويج واستراليا وهم أشبة بمنظمة دولية متعددة الاطراف منها لوزارة خارجية ! وأن نسبة السفراء العراقيين الحقيقيين من غير مزدوجي الجنسية لا تزيد عن 10% من مجموع السفراء وهم من السفراء القدامى.


من الطبيعي ان هذه الحثالات البشرية التي باعت وطنها الأصلي العراق واقسمت بالولاء للدول التي تجنسوا بها لا يمكن ان يمثلوا العراق بأي شكل من الاشكال وبغض النظر عن المشاكل التي تولدها أزدواجية الجنسية في الدول المعتمدين بها فهي تبقى في كل الأحوال حالة شاذة في العرف الدبلوماسي لا يوجد لها مثيل في دول العالم المتحضر والمتخلف حتى في افغانستان المحتلة من قبل قوى الشر ذاتها، وكانت الدبلوماسية العراقية قبل الغزو عراقية خالصة ولم يوجد من السفراء العراقيين أجانب فقط شغل ثلاثة عرب منصب سفير احدهم من فلسطين اسعد الغوثاني والبديري من سوريا وزهير البيرقدار من سوريا أيضا ورغم ان القانون العراقي يساوي العرب بالعراقيين لكن حتى هؤلاء تم الأستغناء عن خدماتهم بعد فترة رغم كفائتهم وحرصهم وتفانيهم في خدمة العراق العظيم.


ويبدو ان بعض هؤلاء الحثالات ظنوا أنفسهم فعلا سفراء رغم كونهم موضعا للنكتة والسخرية من قبل نظرائهم السفراء الأجانب والعرب بسبب ضعف شخصيتهم وجهلهم بالأعراف الدبلوماسية وافتقارهم الى أبسط مباديء البروتوكول إضافة الى الفضائح المالية والفساد الاداري والاخلاقي والجرائم التي ارتكبوها في البلدان المعتمدين فيها وهذا الأمر ليس بغريب فمعظمهم كا نوا من المتسكعين في أوربا أو عملاء يتسلمون رواتبهم من المخابرات الأجنبية وكان حلمهم ان يحصلوا على وظيفة مستخدم محلي في سفارة وليس منصب سفير فهو منصب يفوق احلامهم ويتجاوز خيالهم الجشع لكن الاحتلال كما هو معروف يكرم أقزامه ويحاول ان يجعلهم عمالقة ولكنهم أشبه بالبالونات ينتفخوا ولكن بعد مدة يتسرب منها الهواء وتعود الى حجمها الضئيل وتركن في سلة المهملات.


ولنجد كيف تتعامل السفارة الامريكية مع هؤلاء الأقزام فالسفير العراقي في المانيا علاء عبد المجيد ( الماني الجنسية) يتعامل معه مستشار في السفارة الامريكية وليس السفير كما جرت العادة وزميله في درب العمالة والرذيلة حاتم الخوام (اسباني الجنسية) في اثينا تتعامل معه سكرتيرة أول في السفارة الأمريكية، وعندما حاول ان يطمئن على حياة السفير الامريكي شارلس ريس آنذاك بعد تعرض السفارة الأمريكية لهجوم في أثينا رفض السفير الحديث معه وطمأنته نفس الموظفة! وسفير العراق في النمسا طارق عقراوي او كما يسمى من قبل أبناء الجالية( طارق عقرباوي وهو نمساوي الجنسية) يتعامل معه سكرتير ثاني في السفارة الامريكية ولم يلتقي بالسفير الأمريكي إلا في العيد الوطني! والسفير الكردي في السويد احمد بامرني(بريطاني الجنسية) نجم الجوازات المزورة قطع السفير الأمريكي اتصالاته المباشرة معه بعد التحقيق في جريمة بيعه(26) ألف جواز ويتعامل مع سكرتير ثاني! وهكذا فهم صغار حتى في أعين أسيادهم الامريكان!


بعد أن اصدر المالكي قرارة باحالة عدد من هؤلاء الأمعات الى التقاعد رغم ان قانون التقاعد لا ينطبق عليهم لمضي فترة قصيرة على تقلدهم المناصب لكن فترة التكسع على شوارع أوربا وأروقة المخابرات الأجنبية احتسبت كخدمة لأغراض التقاعد ولا غرابة في عراق يحكمه العملاء, فالعاهرات يعتني بهن السماسرة وهن يقدمن الخدمة للزبائن ويفتخرون بهن. لقد توسم البعض خيرا بتقيأ الوزارة هذه الطفيليات المسمومة وتنظيف معدتها منها، لكن الحقيقة دائما مرة فمضت أشهر وما يزال هؤلاء يغرفوا بالدولار ولمعرفتهم بأن مدتهم في الوظيفة صارت محدودة فأنهم زادوا من فسادهم المالي سيما انهم جميعا سيكملوا معاملات التقاعد ويغادروا الى بلدانهم وهنا ننصح المالكي بأن يصدر قرار يحرم بموجبه هؤلاء السفراء من الراتب التقاعدي إذا غادروا العراق الى البلدان المتجنسين فيها بعد إنتهاء عملهم, أو ان يجبرهم على إكمال المدة الأصغرية في الوظيفة للأحالة الى التقاعد وان تكون تلك المدة ما لا يقل عن(15) سنة خدمة حقيقية يقضون المتبقي منها في الوزارة! وستكون النتيجة مذهلة للمالكي.


بعد أن نشرالدكتور محمد أدريس اسماء اكثر من ثلاثين سفير متجنسين بجنسيات أجنبية بدءا بوزير الخارجية هوشيار زيباري البريطاني الجنسية وتنتهي بمفتش الوزارة سعدي الفضلي النيوزلندي الجنسية والمعروف بلياليه الحمراء الصاخبة, تذمر بعض هؤلاء السفراء وتساءل احدهم من الكاتب هل تريد من الشعب العرقي ان يطاردنا في الشوارع؟ ونجيبه ماذا تظن أيها المجرم هل سيترككم الشعب بعد فضائحكم وفسادكم؟ وهل يسكت عن جريمة بيع الجوازات من قبل السفراء احمد بامرني وحاتم الخوام ومحمد العاملي ومحمد مجيد عباس وعلاء عبد المجيد وغيرهم أم عن سرقة الأموال المخصصة للأعمار في نيويورك واليونان والنمسا وايطاليا وباريس وغيرها؟


حتى لو أغلقت حكومة المالكي الباب على هذه الجرائم فأن الشعب العراقي لا ينسى من أساء اليه وستبقى فايلاتكم وفايلات المفسدين غيركم من وزراء ونواب ووكلاء وزارات مدراء عامين وآخرين مفتوحة سواء كنتم في العراق أو هربتم الى الدول المتجنسين بجنسيتها! والله والشعب سيطاردونكم حتى في احلامكم ويحولونها الى كوابيس، وأن وعد الله حق ووعد الشعب عقد مقدس في رقاب المجاهدين والمقاومة الباسلة.


ولنا عودة بإذن الله

 

كيفية طباعة المقال

 
 

شبكة المنصور

الاثنين / ٢١ صفر ١٤٣٠ هـ

***

 الموافق ١٦ / شبـــاط / ٢٠٠٩ م