كيف ستنتهي الحرب في العراق ..عَين على الماضي .. وعَين على المستقبل

﴿ الجزء التاسع ﴾

 

شبكة المنصور

كامل المحمود

عندما أراد الرئيس الأمريكي الجديد أوباما أن يتحدث عن كيفية إنهاء الحرب في العراق بدأ كأي مسؤول عن أمة عظيمة أدخلها قادتها في صراع معقد..(طويل)..و(غير إعتيادي) أن يوضّح كيف يفهم الشعب الأمريكي ( الى أين يجب أن نذهب في العراق، وأين نقف هناك) ..عندما قال في خطابه يوم 27 شباط 2009 معلنا خطة الإنسحاب من العراق:

 

(I have come to speak to you about how the war in Iraq will end. To understand where we need to go in Iraq, it is important for the American people to understand where we now stand).

 

تناولنا العديد من القضايا الأساسية المتعلقة بموضوع كيف تنتهي الحرب وكيف إن هذه الحرب بدأت وإستمرت ولازالت تتقاذفها الشعارات والتغيير المستمر بالأهداف المعلنة والمهمات المنجزة أو تلك التي في طريقها للإنجاز حيث بدأت من الترويج بانها (حرب مقدسة ) وإنتهت اليوم بقول اوباما بانها كانت من أجل (الإطاحة بنظام صدام حسين) ولا ندري ماذا ستكون غدا!..

 

وتنويه الرئيس الأمريكي الجديد عن أهمية أن يعرف الشعب الأمريكي مالذي يريده من العراق والى أين يحتاج أن يذهب أمر جيد ! ..

 

وكذلك أين تقف الأمة الأمريكية اليوم ممثلة بكل قواتها المسلحة الضاربة والمقاتلة وصنوف خدماتها على أرض الواقع العراقي !..

 

هذا التنويه يبشر بعصر أمريكي جديد!..

وهو عصر يدعو فيه الرئيس الأمريكي الى المكاشفة الحقيقية والصراحة التامة والمطلقة مع الأمة الأمريكية!..

هذه الأمة التي زجّت نسائها ورجالها في إتون حرب مدمرة أطاحت حتى بإقتصادها ولا تعرف لحد الآن الأسباب الحقيقية لإشعالها من قبل الإدارة المنصرفة!..

 

وهذا يعني إن الرئيس أوباما سيكون صريحا وشفافا بشكل يُقنع الشعب الأمريكي بأن دماء شبابه لم تذهب سدى وما كان يقتطع من لقمة أطفاله ليديم عجلة الحرب عبر المحيط هي فعلا ذات معنى وقيمة وإستوجبت مثل هذه التضحيات!..

واليوم عرف الشعب الأمريكي لأول مرة بأن (فاتورة الدم والمال والسمعة والمصداقية المفقودة) التي دفعها كانت من أجل (إسقاط نظام سياسي) في بلد لا يشكل مصدر تهديد للولايات المتحدة ولا للأمن العالمي وليس له أي علاقة بالقاعدة وبتفجيرات 11 أيلول ولم يكن لديه أساحة تدمير شامل !..

 

اليوم عرف الشعب الأمريكي إن الإدارة السابقة غررت به وضللته وخدعته !..

لم يعرف الشعب الأمريكي والكونغرس عن هذه الحرب غير حتمية وضرورة إندلاعها لحماية الأمن القومي الأمريكي والأمن والسلم العالميين بإعتبار إن الطرف الآخر الذي توجه رجال ونساء الولايات المتحدة لمحاربتهم يمثلون خطرا جسيما على العالم  وإن (الإبحار) لنزع أسلحتهم مهمة إنسانية! ..

 

والسؤال المهم هو :

هل ستصارح الإدارة الأمريكية الجديدة الأمة بكل الحقيقة ؟..

 

أم ستكتف فقط بما (يحفظ ويصون) كرامة الإدارة السابقة على حساب حقوق العراقيين؟..

وهل سيصارح الرئيس الأمريكي الجديد الأمة الأمريكية بالإجابة على ثلاثة أسئلة مهمة لم تحصل حتى الآن على أجوبة صريحة عليها وهي :

 

لماذا كانت الإطاحة بالنظام العراقي (هدفا إستراتيجيا مخفيا) للولايات المتحدة الأمريكية؟..

وإذا كان ذلك (وسيلة ) أو (خطوة حتمية أساسية) لتحقيق (هدف مخفي كبير)!..فما هو هذا الهدف؟.. 

وهل إن الهدف وماتم تحقيقه منه لحد الآن يرتقي لحد خلق مبررات كاذبة أفقدت الولايات المتحدة مصداقيتها وسمعتها مع كل هذه الخسائر وهذه التضحيات؟..

 

ونحن نسأل أيضا:

هل سيخبرالرئيس الأمريكي الأمة بصراحة أين تقف الحملة العسكرية والسياسية الأمريكية اليوم في العراق؟..

هل سيطلعهم على حقيقة أنهم يقفون على برك دم مليون ونصف مليون عراقي قتل وإغتيل ويحيط بهم مأساة مليوني طفل يتيم ومليون إمراة أرملة وعوائلهم البائسة والحزينة إضافة الى أكثر من أربعة ملايين عراقي مهجر داخل وخارج العراق ومئات الآلاف من المعتقلين في السجون الأمريكية العلنية والسرية في العراق؟..

 

وإن القوات الأمريكية لازالت تختار الزمان والمكان لتوجيه الضربات الجوية التدميرية والإغارة وقتل المواطنين الآمنين بدون رقيب أو محاسبة!..

 

هذه هي الأرض العراقية التي يقف عليها الأمريكيون اليوم !..

فالى أي مدى تحتاجون أن تذهبوا؟..

وما هو الهدف الذي تريدونه وتحتاجه الأمة الأمريكية في العراق لكي ندفع لأجله كل هذا الثمن؟..ويستمر الشعب الأمريكي بدفعه أيضا؟..

 

ببساطة العراقي وحسه السياسي التأريخي وحدسه الذي غالبا ما يصيب نقول:

 

إن حل المشكلة العراقية بشكل حقيقي ودائم ..

وحتى يصبح العراق بلدا محررا وقويا وغنيا وعامل توازن فعال في محيطه الإقليمي والدولي ..

فإن الأمر يحتاج الى شجاعة فائقة..

ومَن لا يريد أن يفهم معنى الشجاعة عليه أن يرجع لبطون التأريخ ليعرف كم كان القرار الشجاع مهما ومنقذا في لحظته!..

 

ومَن يؤمن بالمكاشفة والصراحة والصدق والحق..

ويريد أن يبدأ عهده بهذه الشفافية ..

ويريد أن يتعاون لإنقاذ الحاضر العراقي .. والحاضر الأمريكي..

 

عليه أن لا يركز بكلتا عينيه على خطط المستقبل فقط!..

عليه أن ينظر الى الماضي أيضا ..

ويستلهم منه العبر والدروس ..

ويدفع إستحقاقاته قبل أن يطالب بديون الآخرين ..

 
كيفية طباعة المقال
 
 

شبكة المنصور

الاحد / ٠٢ ربيع الثاني١٤٣٠ هـ

***

 الموافق ٢٩ / أذار / ٢٠٠٩ م