كيف ستنتهي الحرب في العراق .. خطة الإنسحاب العسكري الأمريكي ..

المؤسسة العسكرية والأمنية العراقية .. جزء من مشكلة معقدة

﴿ الجزء الثامن ﴾

 

شبكة المنصور

كامل المحمود

نظرة الإدارة الأمريكية الجديدة للحالة العراقية تمثلت بمحاور متعددة منها المتعلق بتفاصيل إنسحاب القوات العسكرية ومنها الذي يتصل بالجانب السياسي والديبلوماسي والإجتماعي وما تسعى الإدارة الأمريكية ليكون العراق عليه بعد (إكمال الإنسحاب  منه)!...

 

وعلى الرغم من محاولة فصل كل محور عن الآخر إلا أن المتابع لها يجد أنها متداخلة ومترابطة ومتشابكة ولايمكن حل أي مشكلة في محور بدون ربطها بمحور آخر .

 

طرح الرئيس الأمريكي الجديد أوباما يوم 27 شباط 2009 إستراتيجية الإنسحاب العسكري التي تتضمن جزئين :

الجزء الأول من هذه الاستراتيجية يتعلق بإنسحاب  (مسؤول)  للألوية المقاتلة للقوات المسلحة الأمريكية من العراق بحيث تنتهي (المهمة القتالية للولايات المتحدة في العراق) بحلول  31 أغسطس 2010.

بعد سحب الألوية المقاتلة سيتغير (هدف الولايات المتحدة) وبحسب ما قاله أوباما نصا:

(الى دعم الحكومة العراقية وقواتها الأمنية حيث تأخذ زمام القيادة في تامين أمن بلدهم)..

 

وقال أوباما:

(سنحتفظ بقوة إنتقالية لتتولى ثلاث فعاليات مختارة وهي : التدريب ،التجهيز وتقديم المشورة لقوات الأمن العراقية طالما كانت هذه القوات غير طائفية وتقوم بمهام مكافحة الإرهاب وحماية إنسحاب قواتنا المدنية والعسكرية من العراق .بشكل اولي ستتألف هذه القوات من 35 الى 50000 عسكري امريكي).

 

وأضّح الرئيس الأمريكي أنه:

( خلال هذه الفترة الإنتقالية سيتم التركيز على القيام بمزيد من عمليات إعادة الإنتشار ).

وينوي الرئيس الأمريكي  سحب جميع القوات الامريكية من العراق بحلول نهاية عام 2011. حيث سيتم تسليم الملف كاملا الى المسؤولية العراقية .

 

وقال أوباما نصا:

(الجزء الثاني : خلال القيام بعملية إنسحاب مسؤول للألوية المقاتلة سيتم التركيز على إدامة الجهود الدبلوماسية لصالح تحقيق مزيد من السلام والرخاء في العراق. وإن نجاح الأمة العراقية على المدى الطويل يتوقف على القرارات التي يتخذها  قادة العراق وعلى مثابرة وصمود الشعب العراقي).

 

إذا ستبدأ الولايات المتحدة بسحب قطعاتها العسكرية المقاتلة لينتهي وجود هذه القطعات في نهاية آب 2010 وستتغير مهمة الولايات المتحدة في العراق الى تقديم الدعم للحكومة العراقية وستتحول مهمة القوات المسلحة الأمريكية بعد هذا التأريخ الى التدريب والتجهيز وتقديم المشورة لقوات الأمن العراقية وكذلك مكافحة الإرهاب وحماية القطعات المنسحبة من خلال قوة مجموعها من 35 الى 50000 جندي ثم يتم سحب كافة القطعات العسكرية بحلول نهاية عام 2011 لتستلم الحكومة العراقية المسؤولية كاملة .

 

وتقول المصادر العراقية الرسمية بأن القوات العراقية ستكون جاهزة لتسلم مسؤولياتها حال رحيل القوات الأمريكية!..

 

وإشترط أوباما في خطابه بأن هذه المهمات الثلاث والتي ستقوم بها القوات الأمريكية في المرحلة الثانية من الخطة يجب أن تقترن بشرط مهم ..

 

وهذا الشرط هو أن قوات الأمن العراقية التي سيقوم الجيش الأمريكي بتدريبها وتجهيزها وتقديم المشورة لها يجب أن تكون غير طائفية.

 

من الواضح إن تحقيق هذا الشرط  للقوات العراقية الحالية ستحدده الحقائق على الأرض وليس تصريحات المسؤولين عنها..

وحتى وإن ظهرت حقيقة وجود هذا التوجه والتبني الطائفي في الأرض !..

 

كم من الحقائق الساطعة التي فرضت نفسها في الواقع العراقي قبل الحرب وبعدها ولحد اليوم والتي توضح بشكل لا يقبل الجدل عقم الكثير من القرارات والإجراءات المتبعة ولن يتم الأخذ بها وتم تجاوزها بتعمد ؟..وجرى إلغائها بإصرار ..مستندين على تعنت غير مبرر ورغبة غير قابلة للنقاش على عدم الإحتكام للمنطق والواقع ؟..

 

وكم مرة كان العراقيون خلال هذه السنوات الست شهودا على أحداث دامية ومآسي طالت شرائح واسعة من الشعب كان فيها إيغال بالحقد والظلم وهي تنفذ بروح طائفية تحت ظلال القانون والدستور والصلاحيات ؟..أو نفذتها مجاميع وفرق الموت المرتبطة بجهات خارجية وهم يرتدون ملابس الشرطة أو الجيش ويستخدمون عجلات الدولة الرسمية وأمام أنظار الأجهزة الحكومية وربما بدعم من بعض أفرادها؟..

 

وكَم من الإغتيالات والتصفيات تمت بوضح النهار وقامت بها ميليشيات متنفذة ووسط علم وتغاضي القوات الأمريكية وأجهزتها الأمنية العاملة على أرض العراق ؟

 

وكيف ستتمكن الإدارة والقوات الأمريكية من فرز التوجهات الطائفية لهذه القوات وقد نشأت وترعرعت وتطورت قدراتها بعد أن تم بنائها بالأساس وفق هذه الصفة المقيتة.

 

لذلك فمن غير الممكن وضع هذا الشرط بدون العودة لمنتسبي الأجهزة الأمنية الأصيلة وإعادة تدريبها وتجهيزها ..

 

أما بالنسبة للجيش فإن الطريقة الجدية لنزع فتيل الطائفية هو بعودة كافة منتسبي الجيش العراقي الأصيل للخدمة وتدريبه وتجهيزه والإستفادة من خبرات وقدرات قادته المجربين وحاملي علم وخبرة النظرية والميدان وفي مختلف الصنوف .

 

عدا ذلك فسيكون البناء هشا وسوف لن نخلق جيشا وطنيا ولاءه المطلق للعراق وليس للحزب أو الطائفة ..

 

ويعتمد الموضوع بكل ثقله على الحكومة العراقية ..

الحكومة العراقية التي (ستحظى هي والقوات الأمنية بدعم الحكومة الأمريكية لتسلم الملف الأمني بالكامل) حسب قول الرئيس أوباما ..

 

والحكومة هي التي ستعطي أو تزيل صفة الطائفية من عدمها للقوات العراقية ..

وإذا كانت كلا الجهتين الحكومة والقوات العراقية تتلقى الدعم الكامل من الحكومة الأمريكية فسوف لن يتمكن أحد من تغيير الصفة الغالبة والنََفََس العنصري أو الطائفي لهذه القوات إذا كانت قرارات وتصرفات وتوجهات هذه الحكومة تتسم بها!..

 

وإذا كانت الأحزاب التي تتحكم بالسلطة اليوم قد أحكمت وجودها داخل المؤسسة العسكرية والأمنية بالرغم من إشاعة عدم جواز تداول العمل السياسي داخل هذه المؤسسة ..إلا إن وجود آفة المحاصصة وقدرة التأثير على القرار السياسي والقوانين والتعليمات قد أنهت بالفعل مليء (كل الفراغات والشواغر) في المؤسسة الأمنية والعسكرية ..هذه المؤسسة المهمة وخاصة المواقع القيادية والمؤثرة فيها!..

 

والمتابع لإجراءات الفصل والتسريح والطرد التي تم إتخاذها وشملت مفاصل هذه المؤسسة يستطيع بوضوح أن يستنتج الى أي شاطيء نحن متوجهون !..

 

خاصة وإن هذه الإجراءات المستمرة تستهدف (الخبرات والكفاءات من طائفة محددة والتي كانت تعمل في نفس مجال عملها سابقا) تحت ذريعة كونهم من (النظام السابق)!..إضافة الى إجراءات الإجتثاث التي تم تضمينها بقانون وأدخلت في الدستور لضمان صعوبة الحيود عنها!..

 

وبهذه المحاصصة وبإتباع إجراءات الإقصاء والإبعاد والإجتثاث وتهميش الآخرين والإستفراد بالسلطة والقرار سوف لن يتم خلق مؤسسة أمنية وعسكرية وطنية ولن يخدم العراق ولن تكون هذه القوات قادرة على مليء الفراغ الأمني بعد رحيل القوات الأمريكية ..

 

وإذا تسامى أي حزب فوق ذاته وأنانية منتسبيه وجعل حب العراق والتضحية في سبيله وخدمة شعبه والذود عن كرامته والحفاظ على إرادته وإستقلاله هدفا دائما له فسيكون هذا الجيش بكل منتسبيه وتجهيزاته جيشه..

مثلما يكون هذا الحزب قوة للجيش ..

 

وبعد موضوع الطائفية..نتطرق الى الجيش العراقي !..

ماذا ستكون عقيدة هذه المؤسسة العسكرية ؟..

وماهو شكل تنظيمها؟..

وماهي محاور حركاتها وساحات عملياتها ومَن هم أعدائها التقليدين ؟..

 

ولو فرضنا (حسب العقيدة السائدة الآن )!..أننا بدون أعداء (عدا الإرهاب ومَن يدخل ضمن هذا التعريف)!..وبالمقابل سوف لن يشكل العراق تهديدا لأحد!..

 

فهل سنبقى بدون قوة قتالية ضاربة قادرة على التعرض لأي تهديد خارجي ؟..

 

وهل ستكون لدينا في يوم من الأيام كتائب دبابات ومدفعية حديثة ومتطورة ؟..وهل سنمتلك أحدث الطائرات المقاتلة والقاذفة وإسطول نقل عسكري وطائرات سمتية هجومية وبطاريات الصواريخ  والسفن الحربية ودفاع جوي متطور وخدمات مختلفة وقوات خاصة وفرق وألوية مشاة ونظام إتصالات غاية في التطور لخدمة منظومة القيادة والسيطرة ؟..

 

وهل سينجز ذلك قبل 2011 أم بعدها ؟.. 

أم يجري الإتجاه لإلغاء وزارة الدفاع !..

ونكتفي بوزارة الداخلية ؟

 
كيفية طباعة المقال
 
 

شبكة المنصور

السبت / ٠١ ربيع الثاني١٤٣٠ هـ

***

 الموافق ٢٨ / أذار / ٢٠٠٩ م