لماذا حرب طويلة وغير إعتيادية ؟..

 

 

شبكة المنصور

كامل المحمود

تتحقق الأهداف .. المعلنة منها والدفينة بقدر صلتها بالحق والباطل.

 

يتجه المحللون في حسابات تقييم الفعل ونتائجه الى قاعدة ثابتة وهي إن عامل الزمن في تحقيق الأهداف يعتبر واحد من أهم مستلزمات النجاح ..وأول علامات الفشل في عدم تحقيق الخطة لأهدافها يكمن في تجاوز الفعل لهامش الزمن المحدد .

 

وعندما شنت الولايات المتحدة الحرب رسميا على العراق في 20 آذار 2003 كانت الإستحضارات الأساسية لهذه الحرب قد جرى الإعداد لها منذ زمن طويل جدا ..ولعل أقرب تأريخ لبداية الإستحضارات والذي يمكن الإتفاق عليه من الجميع كان في آب 1990 إن لم يكن قبله بسنوات ..وتضمنت خطة غزو العراق توقيتات تقبل هامش الزيادة والنقصان بفعل الظروف والمستجدات الميدانية واللوجستية وربما في بعض جوانبها السياسية ..

 

ولكن بمرور الزمن ثبت إن في هذه الحرب لم تكن توقعات إحراز النتائج فيها قريبة من المطابقة النسبية لكل التحليلات والدراسات التي إعتمدت على المعلومات والمعطيات التي تم تقديمها لبناء الخطة وإتخاذ القرار السياسي وفقا لها ..

 

إضافة الى عدم تحقق عامل الزمن المتوقع فإن النتائج لم تكن متطابقة أيضا مع الإستنتاجات الأولية التي وضعت كمبررات تعزز إتخاذ القرار بشن الحرب على العراق خلافا لرأي المجتمع الدولي وتجاوزا لتقاليد أمة تريد قيادة العالم وتدعي بالحرية والديمقراطية وتنادي بإحترام خيارات الشعوب..

 

فلا النتائج جاءت وفقا للخطة ..

ولا الزمن جاء مطابقا لسير العمليات العسكرية وما تبع ذلك من فعاليات سياسية ..

وإذا كان من وصف دقيق لما جرى ..

 

فهو إن قرار الحرب على العراق إفتقد الى الدقة في تحديد الأهداف وزمن تحقيقها فكانت النتيجة هي حرب طويلة ومعقدة بكل المقاييس كما وصفها الرئيس الأمريكي الجديد باراك أوباما في خطابه يوم 27 شباط 2009 والذي تضمن خطة إنسحاب القوات الأمريكية من العراق ..حيث قال:

 

( By any measure, this has already been a long war. )

 

نعم وبأي مقياس كانت هذه الحرب طويلة..

لقد كانت هذه الحرب طويلة لأنها إعتمدت على جملة من المعلومات المضللة والكاذبة التي تم الترويج لها بدوافع شخصية وإنتقامية بغية تأليب وتعبئة الرأي العام العالمي والأمريكي ضد قيادة العراق وشعبه وتصوير النظام العراقي في حينه بانه يمثل خطرا كبيرا على الأمن الإقليمي والعالمي وعلى الأمن القومي الأمريكي بإمتلاكه لأسلحة الدمار الشامل وصلته المزعومة بالقاعدة .

 

وقد حدد بوش بلسانه يوم 20 آذار هدف هذه الحرب بخطابه عندما قال :

 

( لقد أصدرت الأوامر الآن للقوات المسلحة الأمريكية لنزع أسلحة الدمار الشامل العراقية !)..

 

وهكذا حملت هذه الحرب منذ اليوم الأول لشنها عوامل فشلها في تحقيق أهدافها ..

 

ولم تكلف الإدارة الأمريكية وجيش المستشارين السياسيين والإستراتيجين انفسهم بمراجعة الأهداف المعلنة والدفينة لهذه العملية والوقوف على الأسباب التي دعت جهات معروفة بتقديم هذه المعلومات المغلوطة وما هي غاياتها!..

 

وفيما لو فرضنا إن قرار الحرب وإسقاط النظام العراقي كان قرارا متخذا وكانت الغاية هي البحث فقط عن مبررات!..

فلماذا كان هذا القرار متخذا؟..

ومَن الذي إتخذه؟..

ومَن سيستفيد من تحقيقه؟..ويستثمره ..ويوظفه..ويستغله ..ويتاجر به؟..

ومَن من العراقيين سيقف معه؟..

 

ومَن هؤلاء الذين سيؤيدونه؟..ماهو تأريخهم ؟..وماضيهم؟..وعلاقاتهم؟..وصلتهم بشعبهم؟..

وإذا كان هؤلاء المؤيدين والمتبرعين بالمعلومات سيكونوا حلفاء أساسيين فهل يصلحون لقيادة العراق بعد الإحتلال؟..وهل سيكونوا أمناء في تنفيذ الأهداف الدفينة..بعد أن تتحقق الأهداف المعلنة؟..

ومَن مِن  العراقيين سيقاومه؟.. والى أي مدى سيستمرون في المقاومة ؟..

وفي النهاية مَن مِن المعسكرين على حق ليكون الآخر على باطل؟..

 

هذه هي عوامل الحرب الطويلة والمعقدة والصعبة ..

وهكذا هي الحالة العراقية..

وهذه هي الحرب التي دمرت وقسمت العراق وقوضت سيادته وأمنه وإرادته وسلبت ثرواته..

وستنتهي هذه الحرب حتما ..ولن يكون ذلك إلا بهزيمة الباطل ..

 

لإننا لم نسمع أو نقرأ في حياتنا أن إنتصار الباطل يوما سيولد وطنا مستقرا آمنا وموحدا وقويا ومزدهرا كما يزعمون !.

 

كيفية طباعة المقال

 
 

شبكة المنصور

السبت / ١٠ ربيع الاول ١٤٣٠ هـ

***

 الموافق ٠٧ / أذار / ٢٠٠٩ م