لا الآن ، ولا بعد التحرير
لا مصالحة مع أعوان المحتل وأزلامه ، والقرار متروك لقادة المقاومة العراقية وفرسانها

 

 

شبكة المنصور

كلشان البياتي / كاتبة وصحفية عراقية
لنتابع بجدية وندقق في الإحداث والوقائع لنرى من يطلب المصالحة ومن يدعو إليها ويتحدث بها بين الحين والآخر - بمناسبة ودون مناسبة ..


الطرفان المتخاصمان في العراق اليوم هما الحكومة العراقية المنصبة من قبل الاحتلال والمحتل نفسه والطرف الآخر هو حزب البعث المنضوي ضمن جبهة المقاومة الوطنية العراقية والقوى المناهضة للاحتلال .


إطلاق مبادرة المصالحة وتسويقها عبر وسائل الإعلام يهدف إلى تضليل الرأي العام العربي والدولي بتشويه صورة البعث وإيصال فكرة مفادها أن البعثيين يلهثون وراء المصالحة من اجل العودة إلى السلطة فإذا سمحنا لهم بالعودة وتصالحنا معهم فأنّ فكرة تحرير العراق والمقاومة ضد القوات الأميركية وإذنابها ستزول وتتلاشى من أذهانهم ولن نرى هناك من ينادي بالمقاومة من طرف البعثيين احد أهم الإطراف الرافضة للوجود الأميركي كقوة محتلة بل يعد الطرف الرئيسي والكبير بشراكة مع قوى وطنية أخرى تناهض الاحتلال الأميركي للعراق.


لو عدنا إلى الإحداث منذ بدايتها فسنجد أن البعث لم يطلق ولا دعوة مصالحة ولم يطالب بها بشكل شفهوي أو تحريري وبيانات البعث التي تنشرها شبكة البصرة ومواقع المقاومة العراقية تبين أن البعث رفض فكرة المصالحة رفضاً قاطعاً وعد من دعا إليها وطالب بها (خائن) لكل قيم البعث ومبادئه السامية . ولو تعقبنا تصريحات البعث عبر ممثله وناطقه الإعلامي الرسمي (الدكتور أبو محمد) فسنجد أن البعث هو الذي يرفض عروض المصالحة ويرفض الدعوة إليها.


وإذا أردنا أن نقدم شواهد أكثر دلالالة على رفض عروض المصالحة التي تقدمها الحكومة العراقية على لسان أعضائها المشاركين في العملية السياسية والتي تأتي على شكل تعابير لغوية كثيرة أبرزها ( لامصالحة مع البعثيين ، لا تصالح مع البعثيين) بالإمكان اختيار عينات من البعثيين بغض النظر عن مستوياتهم ودرجاتهم الحزبية وطرح سؤال المصالحة عليهم (هل تقبل عرض فكرة المصالحة الوطنية على الحكومة العراقية العميلة ) فإذا جاء الجواب (نعم) وكان عدد الموافقين واحد فقط حينها يمكنننا تبني وجهة نظر أخرى.


أن الحديث اليومي عن المصالحة مع البعثيين يهدف من جانب آخر إلى تقديم صورة أخرى للشارع العربي الرسمي والشعبي مفادها أن البعثيين هم فقط يرفضون الاعتراف بالحكومة العراقية ويدعون إلى مقاومة المحتل الأميركي وان المقاومة تنحصر بفئة محددة وهم البعثيين ورفضهم كما أسلفنا أعلاه من اجل السلطة أما العراقيين الغير منتمين للبعث فهم راضون بالوجود الأميركي ومعترفون بالحكومة العراقية العميلة وهو إعطاء صورة خاطئة أخرى مفادها أن المقاومة الوطنية تنحصر بفئة محدودة وليس لديها شعبية واسعة في الأرض في أن الواقع يشير عكس ذلك تماماً فالشارع العراقي عموماً باستثناء أحزاب سياسية أيدت الاحتلال وشاركت في العملية السياسية وهي صنيعة المحتل نفسه ترفض المقاومة الوطنية ضد الاحتلال.


بعد ست سنوات من القتل والتدمير وانتهاك حقوق الإنسان بكل إشكاله وصوره ، نرى هناك رفضاً شعبياً واسعاً للحكومة العراقية وقبلها للمحتل الأميركي حتى وان قدم الإعلام العراقي أو العربي صورة مغايرة عن الواقع العراقي . وكما كان الإعلام الأميركي والعربي يذهب إلى أن المقاومة الوطنية تنحصر في مدن محدودة مثل صلاح الدين والانبار والموصل باعتبارها مدن تنحصر بمذهب ديني معين لغرض تأكيد الصورة التي تبغي إيصالها وزرعها في أذهان البعض وهي المقاومة من اجل الحصول على مكسب مادي أو الاستحواذ على سلطة الحكم في العراق.


وبعد ست سنوات متواصلة من المقاومة الوطنية بكل صوره وإشكاله ووسائله ، وتصاعد عمليات المقاومة وعودتها إلى الساحة بعد فترات من الركود والخمول لأسباب تتعلق باستراتيجيها وتكتيكها في مجابهة قوة محتلة مختلة بكل المقاييس ، لازلنا نسمع ونقرأ عن موضوع يومي ممل يشمئز منه نفس أي عراقي وطني يرفض الاحتلال والاستعمار، موضوع المصالحة الوطنية الذي يسوق من قبل الإعلام العراقي والعربي بشكل مثير للاشمئزاز والضحك..


المثير للضحك أن الحكومة العراقية العميلة هي التي تتبنى تطرح موضوع المصالحة الوطنية في وسائل الإعلام ، هي التي تدعو لها وتتدعي إنها ترفض المصالحة مع البعثيين وهي التي تعقد المؤتمرات وهي التي تصدرّ بيانات وتقارير وتصريحات إعلامية لتقديم صورة مفادها أن العراق يعيش في عهد الديمقراطية وان الحكومة هي نتاج الديمقراطية والمصالحة مع البعثيين الذين كانوا يحكمون العراق قبلنا ودعوتهم للمشاركة في العملية السياسية تأتي من باب تطبيق الديمقراطية.


الحكومة العراقية تعمل ومنذ سنوات على إيهام وتضليل الرأي العام العربي والدولي من خلال إطلاق تصريحات (نرفض التصالح مع البعثيين ، أو لا مصالحة مع البعثيين أو الصداميين ) والتضليل يأتي من خلال إيهام المقابل بأن البعثيين يلهثون للمصالحة بغية المشاركة في السلطة والعملية السياسية ( طلبوا المشاركة في السلطة لكننا لم نقبل ) أو طلبوا المشاركة في العملية السياسية لكننا رفضنا وتعبيرات أخرى نسمعها يومياً على لسان الحكومة ومجلس نوابها.
هناك فرق كبير جداً ..


أن تطلب الحكومة العراقية وتلهث وتتوسل بالبعث أن يتصالح معها وبين أن يطلب البعث ويعرض على الحكومة العراقية المصالحة ببيان رسمي موثق..


لنترك القيادات البعثية الموجودة خارج المعتقلات وندقق في مواقف قيادات بعثية تعاني ما تعانيه في المعتقلات ونتسأل هل طلب منكم القيادي البعثي علي حسن المجيد وهم ابن عم الرئيس الشهيد صدام حسين واحد المقربين منه وهو يواجه أربعة أحكام بالإعدام وثلاثة أحكام مؤبد وعرض عليكم المصالحة ، وهل قبل بالمصالحة التي عرض عليه أو وصلت إليه عبر وسائل الإعلام وأعطى رائيأ ايجابياً بها مقابل أطلاق سراحه وحريته ...


اعرضوا المصالحة على طارق عزيز أو عبد الغني عبد الغفور أو عزيز صالح النومان أو محمود فيزي الهزاع والآخرين مقابل أطلاق سراحهم وحريتهم وهم يواجهون إحكاما بالسجن مدى الحياة والإعدام .. هل طلب مئات الآلاف من المعتقلين العراقيين في سجون الاحتلال المصالحة وعرضوها ودعو إليها مقابل الحرية .. فإذا وافق المعتقلون العراقيون فكرة المصالحة حينها سيكون هناك موقفاً آخر ورؤية أخرى .لكننا نعلم جيدا أن لا احد منكم سيجرؤ أن يعرض الفكرة على أي قيادي عراقي معتقل أو حر لان الجواب سيكون واضح وهو جواب معروف واضح لا يقبل اللبس : لا تصالح مع المحتل .. لا تصالح مع عملاء أمريكا ولا مع أذنابه ، وانتم إذناب أمريكا وذيولها في العراق والذنب سيقطع مهما طال الزمن أو قصر بمجرد أن يبتر الرأس ..


إذا كان الرئيس الشهيد صدام حسين وهو أمين عام حزب البعث ورئيس جمهورية العراق الشرعي قد رفض كل عروض المصالحة وإيقاف المقاومة من المحتل نفسه مقابل إطلاق سراحه فكيف يمكن أن يرضخ البعثيين بعد استشهاده للمصالحة أو يطلبوا المصالحة ويدعو لها. إذا قال صدام حسين (لا) في قضية ما فأن العراق كله والبعثيين في العراق وخارجه سيقولون بل قالوا (لا) معه فالبعث هو صدام حسين وصدام حسين هو البعث إما من أراد أن يصور عكس ذلك أي يفصل بين البعث وبين صدام حسين فهو ليس بعثياً.


أن العراق محتل منذ ست سنوات ، وطالما المحتل لازال موجوداً فلا يصح الحديث عن المصالحة ، وحتى بعد تحرير العراق لايصح الحديث عن المصالحة فالعناصر التي ساهمت في احتلال العراق واستولت على الحكم والسلطة بقوة الآليات العسكرية الأميركية وكانت السبب الرئيسي في وصول العراق إلى ما وصل إليه من الفساد الشامل في كل مجالات الحياة حتى صار العراق البلد الأكثر فسادا في العالم من الناحية المادية وانتهاك حقوق الإنسان حسب التقارير الرسمية الصادرة عن المنظمات المعنية بحقوق الإنسان يجب أن يحاسبوا ويخضعوا إلى المحاكمة .


أن المنطق يستدعي تقديم كل عراقي ساهم في احتلال العراق وفي تدميره بغض النظر عن موقعه الوظيفي أو درجة مساهماته إلى القضاء العراقي الذي سيتشكل حتماً بعد التحرير لينال جزائه العادل وفق القانون العراقي إما الحديث عن المصالحة معهم ومشاركتهم في السلطة وإدارة الدولة فهذا يعد موضوعاً( خارج التغطية) مخالفة قانونية ودستورية مرفوضة شرعاً.


أن إلحاح الحكومة العراقية ودعواتها اليومية للمصالحة يعطي انطباع بأنها هي التي تحتاج أن تتصالح مع البعث وهي التي تحتاج أن يرضى عنه البعثيين والبعثيين لن يرضوا عن المالكي ولا أعوانه لو قامت القيامة وفار التنور.


والمقاومة العراقية التي تعد الممثل الشرعي الوحيد عن الشعب العراقي هي التي ستكون صاحبة القرار في تقرير مصير كل عراقي كان عوناً وسنداً للمحتل بغض النظر عن موقعه ودرجة عمالته ودرجة تسببه في الأذى فأن صفحت عنهم وتصالحت معهم فما علينا إلا الرضوخ والطاعة وتنفيذ الأمر دون مناقشة فالمقاومة التي تحرر بلداً من احتلال قوة تعد أعظم قوة عسكرية في العالم بالتأكيد مقاومة جديرة بالاحترام .


عاشت المقاومة العراقية الوطنية وتحية إلى فرسانها وقادتها.
المجد لشهداء المقاومة .
الحرية للمعتقلين في سجون الاحتلال.

 
 
كيفية طباعة المقال
 
 

شبكة المنصور

الجمعة / ٠٧ ربيع الثاني١٤٣٠ هـ

***

 الموافق ٠٣ / نـيســان / ٢٠٠٩ م