الامتحان الصعب وخلق القادة العظام

 

 

شبكة المنصور

د. صابر العطية / باحث وسياسي عراقي
٢ / ٤


إن الولايات المتحدة لم تأتي لإسقاط الحكومة الوطنية العراقية ورئيسها الراحل صدام حسين رحمه الله إلا إنها جاءت لإسقاط الأمة العربية من خلال العراق الذي يشكل الرأس من الجسد بالنسبة للأمة العربية.


لقد جاءت القوات الأمريكية الغازية لتدمير العراق القوي والسيطرة على ثروته النفطية وجعله محطة للامتداد القوات الغازية إلى بقية الأقطار العربية تنفيذا لمشروع الشرق أوسط الكبير الذي يجزئ الأمة العربية ويقسمها إلى مقاطعات يمكن السيطرة عليها ومصادرة ثرواتها تنفيذا للمرحلة الثانية من سايسبيكو سيئة السيط .


لقد جاء على لسان نائب الرئيس الأمريكي ديك تشيني ووزيرة خارجيته ووزير دفاعه رامسفيلد بأن الهدف الأول لغزو العراق قد تحقق والجائزة الذهبية الثانية هي السعودية وجائزة الترضية الثالثة هي مصر وتؤكد هذه التصريحات بأن الهدف الأمريكي ليس العراق فحسب إنما الدول العربية الأخرى .


وقد كان للمقاومة العراقية الباسلة ومنذ اليوم الأول للعدوان على العراق صولات وجولات يومية ضد المحتل الغاشم حيث أمطرته بحجارة من سجيل في قلبه وآلته العسكرية وأثخنت من جراحه و قتلاه والتي تقدره مصادر موثوقة بعشرات الآلاف من القتلى والمعاقين والمصابين بعاهات دائمة وخير دليل اعترافهم بالهزيمة وسحب قواتهم السريع من ارض الرافدين خلال مدة اقصاها2011.


٣ / ٤


لقد حقق الاقتصاد الأمريكي مكاسب نوعية بسبب انهيار الاتحاد السوفيتي وتفوق الاقتصاد الليبرالي الحر والتحولات التي جرت في مختلف بلدان العالم الرأسمالي المتقدم والمتخلف على حد سواء فأصبح نموذج الليبرالية الاقتصادية الأمريكية قائدا للاقتصاد العالمي من خلال عملته التي أصبحت الأولى في العالم والتي تقود باقي العملات بالرغم من كونها ورق صحف ليس إلا لعدم تغطيتها( بالذهب) كباقي العملات العالمية .


إن تعاظم دور صندوق النقد الدولي ومنظمة التجارة العالمية واستخدام الولايات المتحدة إستراتيجية المقاطعة الاقتصادية والحصار على بعض الدول لإسقاط النظم السياسية التي لاتسير في قطارها اصطبحت من المسلمات المتبعة لدى الإدارة الأمريكية وغطرستها.


وبات من المؤكد إن الرأسمالية العالمية وتلك الثروة المنهوبة من عمليات المحاصصة وتصفية تركت القطاع العام في الاتحاد السوفيتي ومنظومته الاقتصادية التي جرت تصفيتها من خلال صناديق الاستثمارات الأمريكية قد اثر ذلك بشكل مباشر على الاقتصاد الأمريكي ولو مؤقتا كما أنها استقطبت الخبرات والقدرات البشرية من الدول الاشتراكية ومن الهند واسيا وأفريقيا وتحولت مركزا لاستقطاب الاستثمار وتحقيق الثورة الانفجارية المؤقتة.


لقد قامت الولايات المتحدة بتفكيك الاتحاد السوفيتي وبيع تركته بواسطة عملائه هناك وكررت ذلك مع العراق حيث قامت بتفكيك العراق من خلال دستور مسخ وضع أساس لكل ماهو يسئ للعراق ومستقبله ويعيق تقدمه ويجعله من البلدان المتخلفة بالفدرالية تارة وبالتقسيم تارة أخرى بالقتل والخطف والطائفية وتشجيع العراقيين على الهجرة بواسطة عملائها للسيطرة على العراق ونهب ثروته الوطنية وتشكيل حكومات مأجورة.


لقد قامت الولايات المتحدة بتحقيق الإرباح من خلال تأسيها لمصانع كبيرة في دول عديدة مثل الصين وكوريا والهند والتي تعتمد على الأيادي العاملة الرخيصة حيث قامت بتزويدها بالتكنولوجيا مما أصبحت البضاعة المنتجة منافسة للبضائع الأوربية ,لكن سرعان ماتضرر الاقتصاد الدولي بعد إن تعرض لازمات كثيرة وعواصف انعكست على الاقتصاد الأمريكي وانهارت مستويات الدخل للفرد الأمريكي وأفلست كثير من المصانع والشركات وزادت نسبة العاطلين عن العمل بسبب طرد ملايين العمال والموظفين كما تأثرت دول كثير جارت الاقتصاد الأمريكي كاليابان


٤ / ٤


والبرازيل والمكسيك والأرجنتين وغيرها كما تأثرت الدول الأوربية بالركود والبطالة وتقول التقارير أن( 33) مليون أمريكي يعيشون تحت خط الفقر وان الولايات المتحدة تقف على حافة الإفلاس ولا تملك الجرأة للاعتراف بالحقيقة التي تقدر بعشرات التريلونات من الدولارات وهي اكبر دولة مدانة في الكره الأرضية.


إن تدهور الاقتصادية الأمريكي كان احد أسباب شن الحرب على العراق وكان القصد من تلك الحرب هو سد العجزالامريكي قبل سقوطه لكنه سرعان ما تحول إلى نقمة على الولايات المتحدة وعلى اقتصادها وعلى إدارتها لسوء التخطيط وعدم إدراك المخاطر والسلبيات التي قد تحدث جراء احتلال العراق بالرغم من مئات المليارات التي نهبت من العراق واستحواذ الإدارة الأمريكية على الأموال العراقية في البنوك الأوربية والأمريكية .


إن تحطم الاقتصاد الأمريكي الذي أصبح عاجزا أمام العالم نتيجة التأمر الأمريكي على الاقتصاد الدولي من خلال الأسواق المالية والبورصات التي سحبت مليارات الدولارات من رجال الأعمال والشركات والتي أفلس الكثير منهم نتيجة تلك المؤامرة وسوف يتحطم ذلك الجبروت الأمريكي ويدفع ثمن الإجرام الذي قام به خلال عقود ضد الأمم والشعوب وسوف يكتب التاريخ عظمة المقاومة العراقية التي أذلة المحتل وطقطقت رأسه وأفشلت مخططه التوسعي كما سوف يكتب عن صبر العراقي وقوة بأسه بالرغم من كل المصاعب والويلات التي أرادت النيل منه.


العدد القادم أمريكا امبراطوية مصابة بداء العظمة

 
كيفية طباعة المقال
 
 

شبكة المنصور

الثلاثاء / ٠٤ ربيع الثاني١٤٣٠ هـ

***

 الموافق ٣١ / أذار / ٢٠٠٩ م