أمريكا تاريخ اسود من الغزوات والاستيلاء على الأوطان وفرض الاتفاقيات المذعنة بحق الشعوب
العراق من أولويات السياسة الأمريكية

﴿ الجزء الاول ﴾

 

 

شبكة المنصور

الباحث والسياسي العراقي د. صابر العطية

لقد ثبت للشعب الأمريكي ولشعوب العالم وبعض المشككين من العرب, إن أكاذيب المجرم بوش وإدارته يستحقان عليهما جائزة نوبل للكذب والخداع وقد تأكد لشعوب الأرض انه أول رئيس دولة كبرى خدع شعبه وحمله وزر عقد وأمراض وأطماع شخصية جلبت كراهية الشعوب لبلاده.

 

لقد سخر بوش وإدارته ,الإعلام المرئي والمسموع والمقري في أمريكا وفي العالم ومنها بعض الدول العربية التي يمول إعلامها المبرمج بأموال المخابرات الأمريكية لأجل معركته الخاسرة مع العراق وذلك للسيطرة على اكبر حقل نفطي في العالم, وهي بحيرة النفط  العراقية.

 

إن الحاجة الاقتصادية لنمو الولايات المتحدة لمنافسة الصين واليابان,و تحسين الاقتصاد الأمريكي بعد الانهيارات المتتالية التي حصلت والوقوف أمام السقوط  التام, كان يستدعي قيامهم بالحرب على العراق واحتلاله ومسك مفاتيح اكبر احتياطي للنفط في العالم.

 

لقد اتفقت أمريكا مع بعض الدول التي أصبحت فيما بعد من حلفائها, على بعض الفتات من الدولارات والصفقات الوهمية للتعاون معها ومنها بعض الدول العربية التي فتحت حدودها و سماءها وأرضها وبحرها لقتل أشقائهم العراقيين لقاء بعض الملايين التافهة متناسين إن العراق كان يغرقهم بماله ونفطه حتى في اشد الظروف قسوتا عليه .

 

لقد سقط الحلفاء وتحطمت جبهتهم بعد فترة وجيزة من الاحتلال وبدأ يتهاوى الواحد تلو الأخر من بلير إلى أزنار إلى جون هاورد ,قبل أن يسقط بوش ومشروعه على يد المقاومة العراقية الباسلة والصمود الرائع للشعب العراقي البطل.

 

لقد ودع الشعب العراقي المجرم بوش بزيارته الأخيرة إلى بغداد بضربة حذاء عراقية ختمت سوء أعماله في العراق من قتل وتدمير وتهجير,وما خروج الملايين في أصقاع الدنيا فرحا وابتهاجا للطمه الحذاء العراقية بوجه الطاغوت إلا تعبيرا عن كراهية شعوب العالم لهذا المجرم لما اقترفه من جرائم إبادة ضد شعوب العالم والإنسانية جمعاء .

 

إن تدخل المخابرات المركزية الأمريكية في شؤون بعض الدول وخاصة في أفريقيا وفي الدول العربية من خلال المؤسسات الثقافية والإعلامية وعدد كبير من الفنانين العالمين ومن دور السينما والمسرح ومراكز الأبحاث والصحافة وستودياهات التمثيل التي تعمل كلها لخدمة الثقافة الأمريكية  وإدخالها إلى المجتمعات الأخرى لترويج ذلك,كما إن المخابرات الأمريكية قامت  بتأسيس منظمة أطلق عليها اسم منظمة الحرية والاتحاد الدولي للحرب الثقافية والتي أسست (40فرعا لها في 40دولة) في العالم تعمل جميعها لخدمة نشر الثقافة الأمريكية , كما قامت ألc.i.a)) بتأسيس نادي القلم الدولي والذي عمل من خلال (80ثمانون فرعا في  80 بلدا في العالم ) وكان عملها الرئيسي نشر الثقافة الأمريكية في بلاد العالم , كما مولت المخابرات المركزية الأمريكية الآلاف الأفلام الأمريكية لنقل الثقافة الأمريكية إلى الدول الاشتراكية والإفريقية والأسيوية والعربية لإفساد مجتمعاتها والقضاء على العادات والتقاليد لتلك الشعوب وتفكيك النسيج الاجتماعي والثقافي فيها.

 

لقد فشل الرئيس كلينتون على مدى عهدين في البيت الأبيض من احتواء العراق وإسقاط نظامه الوطني أو استمالته للهيمنة الأمريكية , كما إن تمرد شعوب العالم على سياسة العولمة السياسية والاقتصادية والثقافية والسيطرة على الشعوب ,قد ساهم بشكل فعال بتأخير تنفيذ المشروع الأمريكي لبعض الوقت, كما إن السياسة الأمريكية الرعناء قد عملت على عودة الوعي إلى الدب الأبيض الروسي الذي نفض الغبار عنه ونهض من جديد ليكون قوة عالمية عسكرية واقتصادية منافس للولايات المتحدة وصولا إلى مكانته السابقة كقطب ولاعب أساسي في العالم .

 

كما إن نجاح الدول الأوربية بالرغم من اختلافاتهم وتناقضاتهم من اللغة والعادات والتقاليد قد توحدت وكونت نظام امني وسياسي ونقدي موحد قد أضعفت بدورها من قوة اللاعب الأمريكي على الساحة الدولية.

 

وفي الوقت نفسه أصبحت شعوب العالم العربي والإسلامي تكن الكراهية والعداء للإدارة الأمريكية لمواقفها الداعمة لإسرائيل وتزويدها بالأسلحة المتطورة لقتل الشعب العربي في فلسطين, ناهيك عن منحها مليارات الدولارات سنويا من اجل ذلك.

 

إن تدخل الولايات المتحدة الأمريكية بدعم بعض حكام المنطقة والضغط على البعض منهم وإملاء الشروط على البعض الأخر وإجبار الأخريين على توقيع اتفاقيات مذعنة بحق شعوبهم    يأتي وفق مصالحها الإستراتيجية في تلك البلاد .

 

لقد غرقت الولايات المتحدة الأمريكية في عهد بوش الأرعن بمشاكل لاحصر لها في دول العالم من روسيا وكوريا والصين مرورا بآسيا وأفغانستان والعراق إلى دارفور والصومال وتشاد ناهيك عن الصراع العربي الإسرائيلي ومشاكلها مع دول أمريكا ألاتينية.

 

إن بوش وشركائه أصحاب الشركات النفطية ومصانع السلاح ومصانع السيارات من الحركة المسيحية المتصهينة والتي تساهم في وضع الاستراتتجية والقرارات الصعبة اتجاه العالم وخاصة في الشرق الأوسط قد ثبت فشلها فشلا ذريعا وأدى  ذلك بالولايات المتحدة إلى كوارث لاتحمد عقباها ,وقد تؤدي بها إلى الهلاك فهناك مشاكل اقتصادية وتعليمية وصحية وضريبية كما أن تعرض العديد من البنوك والمصارف والشركات للإفلاس قد شكلت  عبأ ثقيل على المجتمع الأمريكي من خلال تسريح  وطرد مئات الآلاف من الموظفين والعمال وازدياد نسبة العاطلين عن العمل الذي شكل خطرا على المجتمع الأمريكي.

 

إن المشاكل الداخلية العديدة التي فاقت التوقعات قد أثقلت كاهل الشعب الأمريكي في عهد بوش والتي أفقدته الثقة بالإدارة الأمريكية لكونها لم تهتم بالوضع الأمريكي الداخلي بل كرست كل عملها من اجل السياسة الخارجية وما تجنيه لشركات بوش وبطانته أصحاب الشركات الكبيرة التي تعتمد على أذكاء النعرات الطائفية والعرقية بين شعوب العالم وتغذية الحروب الأهلية من اجل إنعاش سوق السلاح الأمريكي وإيجاد مصادر جديدة لتسويقه.

 

إن المؤشرات السياسية وقرأه أحداث (11ايلول) بدقة تجعل من المتابع التاكد من أن تلك الأحداث هي من عمل المخابرات المركزية الأمريكية وكانت الشكوك كلها تحوم حول ذلك الموضوع منذ الوهلة الأولى , وقد كشفت التحقيقات التي أجريت في أعقاب العملية إن البيت الأبيض ومجلس الآمن القومي وال f.b.i)) كانوا على علم مسبق بهذه العملية ومن الممكن أن تكون قد نفذتها هي أو نفذت لمصلحتها , وما يزيد الاعتقاد هو ما قامت به الإدارة الأمريكية من إعلان حالة الطوارئ في أعقاب الحادث, صاحبها قوانين تقيد الحريات وإنشاء أجهزة أمنية جديدة واستحداث وزارة للأمن القومي وتخصيص مليارات الدولارات لمحاربة الإرهاب.

 

وقد نجحت الولايات المتحدة الأمريكية بعد ذلك بإقامة تحالف دولي ضد الإرهاب مع أوربا برئاستها وحددت حركة الأموال بين دول العالم بحجة تمويل الإرهاب وكل ذلك يؤكد حقيقة إن هجوم (11ايلول) كان من عمل وإخراج أمريكي بامتياز .

 

إن قيام الولايات المتحدة الأمريكية باحتلال أفغانستان وحربها على طالبان وتحشيد مئات الآلاف من جنودها المدججين بأحدث الأسلحة لم تكن لمحاربة طالبان فحسب بل لترهيب العالم على أنها القوة الأعظم في العالم وعلى هذا الأساس احتلت المنطقة الأهم في العالم كونها المحطة التي تطل على الحدود الصينية /الروسية/الهندية/الباكستانية/الإيرانية والاهم بالنسبة إلى أمريكا التي احتلت أفغانستان وعينت العميل حامد كرزأي الأمريكي الجنسية رئيسا لهذه الدولة الإسلامية.

 

لقد كان من الصعوبة بمكان الوصول إلى هذه البقعة الإستراتيجية من العالم لولا أحداث (11ايلول) الذي جعلت لاامريكا مركز ثقل عالمي ومحطة عسكرية مهمة في هذه المنطقة .

 

لقد أصبحت من أولويات السياسة الأمريكية بعد الحرب على أفغانستان واحتلالها هو تنفيذ المرحلة الثانية من مخططها الإجرامي ألا وهو شن الحرب على العراق واحتلاله وجعله محطة عسكرية ترتبطه بآسيا و تكون بذلك وضعت (أفغانستان /العراق /الخليج العربي /وصولا إلى أفريقيا) تحت الكماشة وأمنت النفط وممراته عبر هذه الدول .

 

لقد قامت أمريكا باحتلال العراق بعد أن أنهكته اقتصاديا واستنزفت قدراته العسكرية من خلال حصار جائر دام ثلاثة عشر سنة ذهب ضحيته مليون عراقي, أما  الأهداف الأمريكية لغزو العراق تتلخص بالتالي:

 

1/ إضعاف العراق والقضاء على قيادته التي كانت تشكل خطر على امن إسرائيل والخلاص من الجيش العراقي الذي هدد إسرائيل وضربها بعشرات الصواريخ العراقية التي ضربت أهدافها بدقة.

 

2/ تدمير العراق القوي اقتصاديا والذي دعم الانتفاضة الفلسطينية بالمال وبادر بقطع النفط لمدة شهر واحد ردا على غزوا الأراضي الفلسطينية.

 

3/ انتقاما من سياسة العراق الاقتصادية الذي جعل من تعاملاته النفطية والتجارية (باليورو) بديلا عن التعامل بالدولار الأمريكي.

 

4/ لقد اعتبر العراق إن الأموال العربية يجب أن تستثمر في الدول العربية لأفي أمريكا أو أوربا وذلك لإنعاش الاقتصاد العربي وقد اعتبروا ذلك ضد مصالحهم الاقتصادية.

 

العربي وتطوره وشجع العلاقات التجارية بين البلاد العربية.

 

5/ إن احتلال العراق القوي والغني والعائم على بحيرة من النفط والذي يقدره الخبراء ب(115تريليون) برميل من النفط كذلك وفرة المياه الجوفية باالاضافة إلى  النهرين  العظيمين دجلة والفرات واعتبار ذلك دعم لتنشيط الاقتصاد الأمريكي  المنهار الذي تعرض لضربات متلاحقة

 

لقد شنت أمريكا حربا على العراق بالرغم من استجابة العراق لقرار رقم (1441) وتعاونه مع المفتشين الدوليين وقيامه بتسهيل مهماتهم التجسسية , ودمر ما دمر من الأسلحة والصواريخ لسحب الذرائع الأمريكية للحرب على العراق , إلا إن غزوا العراق والحرب عليه واحتلاله كان تحصيلا حاصلا للأسباب التي ذكرناها والتي كانت بالنسبة للولايات المتحدة موضوع مصيري لشدة الأزمات الاقتصادية وإفلاس الشركات الأمريكية الكبيرة ومنها والبنوك والمصارف  وشركات الطيران وشركات البناء والمقاولات والتي بات من الصعب تبرير تلك السلبيات للمجتمع الأمريكي إلا إلهائه بحرب لأناقة له فيها ولا جمل .

 

لقد تحدت الولايات المتحدة مشاعر عشرات الملايين من شعوب العالم التي تظاهرت في الشارع الأمريكي والأوربي والعربي وفي كل دول العالم رافضة الحرب على العراق واستفراد أمريكا على العالم لتكون شرطيا يؤدب الشعوب المستضعفة التي لا تركب القطار الأمريكي .

 

نعم لقد قامت أمريكا وحلفائها البريطانيين والأسبان والاستراليين هجومهم على العراق من دول أشقائنا العرب لقاء جوائز ترضية وزحفوا بجيوشهم الجرارة نحو العراق  بلد التاريخ والحضارة البلد الذي اخترع الكتابة على لوح الطين البلد الذي اخترع السفينة الشراعية ووضع النظام العددي العشري وقسمت الدائرة إلى (360) درجة كل ذلك قبل خمسة الآلاف سنة .

لقد كان للعراق السومري والبابلي والأشوري الفضل على الإنسانية من خلال وضع القوانين وترجمتها للغات عديدة وإنشاء اكبر المكتبات العامرة في الدنيا .

 

انه العراق بلد التاريخ والحضارة انه بلد الأنبياء ,انه بلد نبي الله نوح وإبراهيم وصالح ويونس عليهم السلام ,لقد خلق الله العراق ليكون موطنا للرسالات السماوية والحضارة الإنسانية وملتقى الطرق البرية والجوية والبحرية ,حيث يقع في قلب التوازن الاستراتيجي الكوني وهو نقطة لامتداد العالم.         

 

( الجزء التالي دور العراق في الصراع العربي الصهيوني )

 

كيفية طباعة المقال

 
 

شبكة المنصور

الاثنين / ٢١ صفر ١٤٣٠ هـ

***

 الموافق ١٦ / شبـــاط / ٢٠٠٩ م