دور العراق في الصراع العربي الصهيوني

﴿ الحلقة الاولى

 

 

شبكة المنصور

د. صابر العطية / باحث والسياسي العراقي

لقد لعب الشعب العراقي من خلال أحزابه الوطنية والقومية منذ بدايات القرن الماضي بالعديد من الثورات والانقلابات وقاد اكبر المظاهرات في تأليب الشارع العربي والعالمي لإسقاط الأحلاف والزعامات العربية والعراقية المتخاذلة كما كانت للحركات الشعبية العراقية دورا رئيسيا ومنها شيوخ العشائر العراقية في ثورة 1920 ضد الاستعمار البريطاني حيث تلاحم أبناء العراق من الشمال إلى الجنوب ومن الشرق إلى الغرب بثورة شعبية مسلحة ضد الغازي البريطاني .


لقد كانت القضية الفلسطينية القضية المركزية للعراق في كل مراحلها السياسية بالرغم من المسافة البعيدة بين العراق وفلسطين وقد كان العراق السباق في الدفاع عن القضايا العربية ومنها قضية فلسطين التي قدم من اجلها الرجال والمال والسلاح .


وكانت القضية مهمة ومركزية بالنسبة لكل الحكومات المتعاقبة حيث شكلت محورا أساسيا في سياسة العراق الخارجية ,فمنذ إعلان وعد بلفور المشؤم الذي حقق لليهود الصهاينة حلمهم في دولة صهيونية مغتصبة على أجساد مئات الآلاف من أبناء الشعب العربي الفلسطيني والتي أصبحت هذه الدولة كارثة على الشعب العربي والأمة العربية.


لقد بذلت الحكومة العراقية آنذاك بحكم علاقتها الوثيقة مع بريطانيا جهودا كثيرة للحيلولة دون قيام دولة إسرائيل وحينما فشلت جهود العرب في ذلك كان العراق في طليعة الدول العربية التي شاركت في الحرب ضد إسرائيل عام 1948 حيث تمكن الجيش العراقي من تحقيق انتصارات باهرة على العصابات الصهيونية, كما تم إيقاف النفط العراقي الذي كان يصدر عبر الموانئ الفلسطينية, ومنذ فشل الحكومات العربية بالقضاء على هذه الدويلة اللقيطة ضلت المشكلة الفلسطينية في ضمير أبناء الأمة العربية وأحزابها الوطنية تدور حولها كل هموم الأمة الأخرى.


إن إسقاط النظام الملكي عام 1958 كان على يد الضباط الذين شاركوا في الحرب ضد الكيان الصهيوني عام 1948 وعلى رأسهم الزعيم عبد الكريم قاسم رحمه الله حيث كان ضياع فلسطين احد أهم أسباب قيام ثورة تموز ضد النظام الملكي كما حصل في مصر وسوريا , وشهدت المنطقة العربية حركت تحرر واسعة كان سببها هو ما حصل في فلسطين.


وكان العراق في عهد الزعيم عبد الكريم قاسم أول من أسس نواة لبناء جيش فلسطيني من أبناء اللاجئين الفلسطينيين الذين قدموا إلى العراق ,وفي نكبة 1965 ساهم العراق مساهمة فعالة على الجبهة الأردنية بقواه العسكرية والجوية ولا تزال مقابر شهداء العراق في الأردن ماثلة حتى ألان .


وجاءت ثورة حزب البعث العربي الاشتراكي عام 1968 واستلامه السلطة في العراق نتيجة فشل الأنظمة العربية في حرب 1968 وضياع كل فلسطين وأجزاء من سوريا ومصر , ولعب حزب البعث طيلة فترة وجوده في السلطة خلال 35سنة (1968-2003)دورا هاما في الصراع العربي الصهيوني , فأخذ الحزب على نفسه عام 1947 إتباعه نهجا قوميا في مجال الفكر والتنظيم كان ردا على فشل الأنظمة العربية في التصدي للكيان الصهيوني , وأصبحت فلسطين القضية المركزية للعراق وقام بدعم المقاومة الفلسطينية التي بدأت كفاحها المسلح بعد نكبة حزيران عام 1965 ووقف إلى جانب معاركها الكبيرة في فلسطين والأردن ولبنان ودفع بآلاف المتطوعين العراقيين للقتال ضد العدو الصهيوني وأمدهم بالمال والسلاح والتدريب.


وفي عام 1973 حينما بدأت مصر وسوريا معركة التحرير ضد الكيان الصهيوني سارع العراق بإرسال قواته العسكرية التي كانت تقاتل المتمردين الأكراد في شمال العراق المدعومين من شاه إيران إلى سوريا وتمكن الجيش العراقي المعروف ببسالته من حماية دمشق من تقدم الصهاينة عليها , وقد لعب العراق دورا أساسيا في استخدام النفط العربي كسلاح في المعركة كما إن العراق وقف أمام الصهاينة الذين أرادوا جعل القدس عاصمة لهم حينما اتفق مع الملك السعودي الراحل فيصل وصدرا قرارا عربيا بمعاقبة كل دولة تعترف بقرار الصهاينة من جعل القدس عاصمة لهم أو تقوم بفتح سفارة لها في القدس كما وقف بكل قوة لتأسيس منظمة التحرير الفلسطينية التي أصبحت الممثل الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني .


ولآن العراق ظل القوة العربية الوحيدة الرافضة للحلول الاستسلامية للقضية الفلسطينية والداعم لحركات المقاومة المسلحة قد تمكن من بناء قواته المسلحة بشكل يمكنه من مواجهة العدو الصهيوني و لذلك قامت إسرائيل بضرب المفاعل العراقي عام 1981واستمر العراق ببناء وتطوير قواته المسلحة مما دفع إدارة بوش المتصهينة لغزو العراق عام 2003 وإسقاط نظامه الوطني الذي ضرب إسرائيل ب 39 صاروخ ارض - ارض هزة أوكار ومضاجع الصهاينة ودقت معاقلهم بدقة مخترقتا الدفاعات الجوية ومنها شبكة صواريخ باتريوت.
 

ومن دعمه للقضية الفلسطينية قام العراق بتقديم (مليار يورو) للانتفاضة الفلسطينية من صادرات النفط العراقي وطالب الدول العربية بالحذو حذوه في إيقاف صادرات النفط العربي لمدة شهر استنكارا للعدوان على الانتفاضة المباركة وقام بتسعير صادرات النفط العراقي بالعملة الأوربية ( اليورو ) ردا على دعم الولايات المتحدة لإسرائيل كذلك قام بتقديم المساعدات المادية السخية لعوائل الشهداء الفلسطينيين.


لقد حققت القيادة العراقية تأيدا وشعبية لدى الشارع العراقي والفلسطيني والعربي.


لان العراق كان الشريك الفعلي للتضحيات من اجل فلسطين والقضايا العربية بالرغم من انشغاله ببعض الحروب التي فرضت عليه الاانه لعب دورا بارزا في كل مراحل الانتفاضة الفلسطينية مما جعله هدف للولايات المتحدة وإسرائيل.


وهكذا أجمعت الولايات المتحدة وإسرائيل وبريطانيا على قرار احتلاله وتدمير مؤسساته و حل الجيش العراقي واجتثاث قيادته واغتيال علمائه وتخريب مصانعه العسكرية والمدنية وإخراجه من معادلة الصراع العربي الصهيوني وإنهاء القوة العسكرية والعلمية الأهم في المنطقة لتبقى إسرائيل الشرطي القوي والوحيد في منطقتنا.

 

مع تحيات الباحث والسياسي العراقي
د.صابر العطية

 
في الحلقة القادمة أهداف العدوان على العراق ودوافعه

 

كيفية طباعة المقال

 
 

شبكة المنصور

الجمعة / ١٦ ربيع الاول ١٤٣٠ هـ

***

 الموافق ١٣ / أذار / ٢٠٠٩ م