صدريون ام مقتديون
بين العنف والمقاومة التصريحات الاخيرة لمقتدى الصدر

 

 

شبكة المنصور

داود العراقي العربي
نقلت بعض الفضائيات خبرا مفاده : ان مقتدى الصدر طالب مريديه من الصدريين (نبذ العنف والاتجاه الى الاعمال الثقافية والاجتماعية).

 

الى هنا والخبر يعد من محاسن هذا الشاب الجالس في احد ايوانات الحوزة الدينية في طهران لاكمال بحوثة المذهبية للحصول على درجة الاجتهاد ، وايضا هو خبر اثلج صدور المحتل والساسة العراقيين في المنطقة الخضراء، الا ان العراقيين ، كعهدهم دائما لا يرتكنون الى أي قول ما لم يتفحصونه من كل جانب - او كما يقول المثل الشعبي امفتحين باللبن – راحوا يتساءلون وهم محقون: اذن اين شعارات مقاومة المحتل ؟ وهل ما قام به اتباعه من اعمال عسكرية تندرج تحت خانة مقاومة المحتل ام تحت خانة اعمال الشغب التي راح ضحيتها الالاف من الابرياء العراقيين؟


وقبل ان نناقش هذا الموضوع ، علينا ان ننبه الى قضية مهمة لم تجد حضها عند الدارسين السياسيين والاجتماعيين ومن يهتم بدراسة الثقافة الدينية لأي مجتمع ، هي تلك التي تعني بالاجتهاد والتقليد.


نحن نعرف ان باب الاجتهاد مفتوح عند اتباع المذهب الشيعي الجعفري الاثني عشري ، ونحن نعرف انه الى ما قبل اكثر من اربعين سنة كان هناك مجتهد شيعي واحد معترف به بين الشيعة ، الا انه وبعد هذه الاربعين سنة وخاصة بعد ان وصل خميني الى الحكم في ايران تعدد رجال الاجتهاد ، ليس بين شيعة العراق وبين شيعة ايران ، بل بين شيعة البلد الواحد ، فتعددت المرجعيات في العراق ، وفي التعدد الاختلاف ، وفي الاختلاف تبدأ الصراعات، ثم تزامن صراع اخر بين المجتهدين العرب والمجتهدين الايرانيين في العراق العربي كما حدث من صراع بين المجتهد العربي محمد باقر الصدر وبين المجتهد الايراني الاصل محسن الطباطبائي الحكيم ومن بعده بين الاول ايضا وبين من جاء الى دفة المرجعية في النجف ابو القاسم الخوئي الاذري الاصل الايراني الجنسية ، ثم تجدد الصراع مرة اخرى بين هذا الاخير ومن جاء بعده – السيستاني الايراني الجنسية - وبين المجتهد العربي الاصل محمد محمد الصدر.


وهكذا تعددت المرجعيات وكثرت الصراعات بين المجتهدين الايرانيين والمجتهدين العرب ، حتى وصل الحال الى تكفير بعضهم للبعض ، كما حدث مع المجتهد العربي – اللبناني الجنسية – محمد حسين فضل الله ، اذ كفره خمسة وعشرون مجتهد ايراني الاصل .


وانشق الشيعة بين هؤلاء جميعا .
هذه الصراعات برزت مرة اخرى بعد الاحتلال ، ببروز التيار الصدري – والتسمية لم تكن دقيقة – الذي وقف ضد ابناء المجتهد محسن الطباطبائي الحكيم  من السيطرة على العراق مع اخرين والذين جاؤوا مع الدبابةالامريكية  ، وقام بذلك الصراع الشباب الذين كانوا من مقلدي محمد محمد الصدر بقيادة ابنه مقتدى الصدر ، وانضم اليهم الكثير من شباب العراق من المجرمين الذين كانوا في السجون ومن الفقراء  المحرومين ، وتسموا باسم الصدريين ، أي انهم يرجعون في تقليدهم المذهبي الى المجتهد الديني الصدر الذي قتل قبل الاحتال بسنوات،وهذا هو عين الكذب .


اذ ان الشيعة تعرف ان من اسس التقليد الشيعي عدم جواز تقليد المجتهد الميت ابتداء، ولو عرفنا ان اكثرية الذين انضموا الى التيار الصدري بعد الاحتلال او انضموا الى ما يسمى بجيش المهدي سيء الصيت ، هم بعض الشباب الذين لم يكونوا قد قلدوا الصدر في حياته،اضافة الى ان المقلدين الحقيقين للصدر من الرجال كبيري السن لم يقبلوا اساسا بافعال جماعة مقتدى الصدر ، وكثيرا ما هاجموهم باقوالهم في المجالس الخاصة ، وكانوا يرددون امام مستمعيهم ان مقتدى الصدر وجماعته لا يمثلون مرجعية الصدر، هذا صحيح ، خاصة ان من يشاهد في الواقع وعلى الفضائيات ، ان اغلب الحاضرين في أي صلاة جماعية لهم هم من الشباب الذين لا يحق لهم تقليد الصدر لموته قبل ان يصلوا هؤلاء الى السن الشرعي للتقليد ، او ممن كان غير متدين الا ان ظروف الاحتلال وما رافقه من عنف قد دفعهم الى التدين ، اذ ان اي مجتمع يمر بمرحلة صعبة يتجه الى الملاذ الاخير له وهو التدين.


مما سبق ، نخلص الى ان ما يسمون انفسهم الان بالصدريون لم يكونوا صدرين ، وانما هم مقتديون – نسبة الى مقتدى- علما ان صعود نجم مقتدى بين اؤلئك الاتباع كان بسبب كونه ابن الصدر المناكف للمرجعيات الاخرى في النجف ، وليس لسبب اخر ، فمن المعروف عنه انه شاب طائش كان والده يسميه – ابو اللكم = اللقم – وهي تسمية تطلق على من يكون شرها في الاكل ، وقد سمح الامريكان الى تشكيل هذا التيار – اقصد تيار المقتديين –وكذلك لتشكيل جيش المهدي  بحجة الديمقراطية ،الا ان السبب الرئيسي هو تفتيت الشعب العراقي اولا ، ونشر عمليات العنف في العراق .


اذن نصل الى نتيجة مفادها ، ان مقتدى الصدر عندما طالب اتباعه ان ينبذوا العنف ، لم يطالب الصدريين ، مقلدي محمد محمد الصدر، وانما الذين اتبعوه هو ، وهو لم يكن مرجعا، هذا اولا ، وثانيا : ماذا يفهم عندما يطالب مسؤول تيار جماعته ان ينبذوا العنف ؟ اليس معناه انهم كانوا هم وراء احداث العنف ؟ ولماذا لم يطالبهم بنبذ المقاومة ؟


لم يطالبهم بوقف مقاومتهم لانه يعرف انه ولا يوم واحد قاوم المحتل ومن جاء معه من السياسين الجدد ، وان كل احداث العنف التي جرت في المحافظات الوسطى والجنوبية كانت بسببهم، ولم تكن مقاومة للمحتل ، ولم نسمع ولو لمرة واحدة ان جيش المهدي قد اصاب جنديا او الية من الامريكان، بل ان الفضيائيات اضافة للمشاهدات العيانية ،تنقل لنا  ان جيش المهدي دائما يقاتل العراقيين ، أي ان عنفه داخليا، ولم يكن موجها للمحتل لكي نقول انه مقاومة .
وكان بعض الناس في السنوات التي مضت لم يصدقوا تلك الاقوال في ان ما يقوم به جيش المهدي ليس بمقاومة حتى شهد شاهد من اهلها ، بل هوحاخامهم ، مقتدى الذي طالبهم وبالحرف الواحد ان (ينبذوا العنف).


ولو عدنا قليلا الى ما قبل ما يسمى بانتخابات مجالس المحافظات، ورفض (المقتديين) الاشتراك فيها ، وهذا ليس معناه انهم ليس مع هذه الانتخابات ، بل انهم انفسهم قد توصلوا بعد هذه السنوات من العنف الى انهم لم يكونوا مقبولين في الشارع العراقي كما كانوا سابقا وانكشافهم اخيرا ، لهذا ثقفوا جماعتهم الى ان يدعموا قائمة اخرى .


الخلاصة:
- ان ما يدعون اليوم بهتانا بانهم صدريون هم ليسوا كذلك ، بل يمكن القول انهم مقتديون.
- ان اغلب اعمال العنف التي وقعت بعد الاحتلال ، خاصة في المحافظات الوسطى والجنوبية – دون ان ننسى دور امريكا والصهيونية وايران – هي من فعل هؤلاء المقتديون، وبدفع ايراني لهم او لمن لبس عباءتهم .
- انهم لم يقاوموا المحتل ابدا .

 
 
كيفية طباعة المقال
 
 

شبكة المنصور

السبت / ٢٤ ربيع الاول ١٤٣٠ هـ

***

 الموافق ٢١ / أذار / ٢٠٠٩ م