تأملات / البعث ضرورة نضالية عربية وعالمية

﴿ الجزء الثالث ﴾

 

شبكة المنصور

سمير الجزراوي
فالحزب هو الامل في نظر العرب المخلصين من مثقفي و كادحي الامة وهو القادر على منح الامةو الانسان والمجتمع النموذج العربي الذي ينهض بهما ,والذي لا يتوافق مع فكر وتصورات الامبريالية وعملائها والذي يتعارض مع انانيتهما واطماعهما ولا يتفق مع برامجهم ,وهنالك الكثير من الحقائق التي يمكن ان تقوي هذا المنطق , ولكن ليس والان مجال بحثها, فبالتأكيد كانت الامبريالية العالمية وفي مقدمتها الامبريالية الامريكية والعقل الصهيوني حاضر في هذه الرابطة الشريرة,وهذا الامر يستدعي منا والان ان نتصدى لهذا التوجه والأهداف التي وضعت الاولوية لتشويه تجربة النظام العربي المستقل والذي يحمل الهوية الوطنية والقومية وفي نفس الوقت يزرعون اليأس والاحباط في النفس العربية من قدرة الانسان العربي على قدرته في الاعتماد على الذات العربية في النهوض والتطور, وان يكون هذا بمعزل عن الضوابط التي تضعها وتحددها الامبريالية والصهيونية لأنني اقر بانهما يتبنيان اقامة الانظمة الوطنية والقومية في بعض الاحيان وان إنهما يعطيان هامشا من الصفات الوطنية والقومية ولكن وفق تصميمهما ولتحقيق غاياتهما ويسمحان لهذا النموذج من الأنظمة بتحرك وطني أو قومي بهدف احداث التشويهات بالمواقف وارباكا لمواقف القوى الوطنية والقومية الحقيقية ,  وكما هو السلوك الامبريالي حيال تبنيه للحرية والديمقراطية ودفعه على اقامة أنظمة تضفي عليها شئ اسمه الديمقراطية مثل اجراء نوع من الانتخابات الشكلية والسماح ببعض الممارسات السطحية لاضفاء وجه للديمقراطية على الانظمة التي صممتها وتقدمها إلى الجمهور على انها الديمقراطية مع جرعات من الحملات الاعلامية لتشويه الحقائق وصولا لهدفهم للخلط بين المواقف .

 

وها هو فعل المحتل الامريكي في العراق في تبنيه لإقامة ديمقراطية الموت و القتل والرشاوى و السرقات في ترتيب أطلقوا عليها العملية السياسية في العراق في البدء أقول ان من البديهيات ان المحتل لا يمكن أن يجلب أي نوع من الديمقراطية، لأن الإحتلال بحد ذاته يعدأقسى مصادرة للحريات الديمقراطية،ففي حين يصادر حرية البلد بأكمله هل من المعقول والمنطق ان يقيم انظمة ديمقراطية صحيحة، وإن كثرة الإحزاب او التجمعات او الجبهات الفئوية  بحد ذاته لا يعني حالة صحية أو مرضية للديمقراطية او تستطيع ان تخدم القضية الديمقراطية ، فالأمر يقاس من خلال الخدمات و المواقف ان كانت سياسية او اقتصادية  التي تقدمها مهنياً ووطنياً وتعكس ايجابية النظام،وخاصة حرية الانسان وديمقراطية البنيان السياسي البعيد عن القتل والاختطاف والرشاوي بمعنى حرية الوطن وحرية الأفراد بالمعنى الصحيح و مع ذلك فان المحتل الامريكي الغريب عن ثقافة الشعب العراقي في الامور التي تخص كرامته وحبه للعراق ولا ينخدع بان ظواهر القتل و السلب والفسادالاداري والمالي والابتزاز السياسي وتنفيذ اجندات اجنبية هومظهر للديمقراطية , وحيث ان مفهوم الدولة هي المؤسسة التي تقوم بتأمين وضمان السلام الأهلي للمواطنين الساكنين في المساحةالجغرافية التي تسيطر عليه الدولة. الدولة هي المنتج بمبدأ الشرعية، مهما كان المحتوى(ان كانت قد جاءت يشرعية الانتخابات الحقيقية او نتيجة ثورة جماهيرية) والمصدر لنظام قانوني يسمح لها بإقامة قوانينها الخاصة التي يتعامل بها المواطنون وبقناعة.

 

وهذا ما نسميه السيادة الداخلية للدولة، قدرتها على ادارة  المؤسسات وبكل شفافية،. وفي هذا المعنى أيضاإنها تبقى المحيط الأساسي والجوهري لتنظيم الحريات العامة، الفردية أو الجماعية. وامام هذا التعريف الواسع والذي في اعتقادي لا يختلف عليه اليمين المتطرف اوالمحافظ او اليسار هل ما تقدمه الولاياة المتحدة الامريكية التي تحتل العراق من النظام الديمقراطي المزعوم فيه اية خاصية او سمة واحدة من هذا التعريف البسي والشامل للدولة؟واما في موضوعة السيادة فقد نفترض جدلا ا للدولة منتخبة ديمقراطيا ولو ان هذا الامر حتى المعنيون من حكومة الاحتلال و المحتل الامريكي يقر بان السياقات و الاجراءات وحتى التفاصيل البسيطة في عملية الانتخاب لم تكن مشروعة ولكنني اريد ان اصل الى السيادة والتي تعني في مضمونها التراكيب السيادية التاليةمن مفاهيم الاستقلالية والتي وبكل بساطة هي قدرة الدولة على حماية السيادة سواء للوطن او للشعب. واهلية الدولة والتي تعني بداية أن الدولة تجد أهليتها أو جدارتها الدولية التي تمارس في سيادتها، وهي ليس بحاجة لقدرات(مثلا قوات اجنبية) أو جدارة خاصة كي تمتلك هذه السيادة. أيضا،في ممارستها الواقعية هي تتجزأ إلى عناصر مختلفة يعرّفها المحللون القانونيون.

 

واعود الى تسأولي هل هنالك في العراق اليوم هذه المواصفات او السمات لدولة؟وفي نفس الوقت تسكت الامبريالية الامريكية ومع تقديمها الالاف من الاطنان من الأعذار لانتهاكات حقوق الانسان في الكثير من دول عربية أو في العالم وتحت ذريعة انها قرابين لإقامة الديمقراطية, فهي تكيل بمكيالين وبالشكل الذي يخدم مصالحها وتوجهاتها وهي قادرة على فرض هذه الموازنات لأنها الاقوى في هذا العالم الذي لا  تحكمه العدالة و الحقيقة بل تتحكم به القوة ولا شئ غير القوة . ولكن هذا لا يعني ان العالم سوف سيستمر على هذا الصورة ويعمل بهذه القانون المغلوط لان قوانين تطور حركة التاريخ لن تسمح بسيادة القوى العظمى إلى مديات زمنية غير محدودة وبدون ان تواجهها مقاومة لهذه القوة الغاشمة ولاشكالها المزيفة كديمقراطيتها الهزلية أوانظمتها الكارتونية,ونعود لنؤكد على ان كلما زادت القوى الغاشمة من اضطهاد للشعوب وخاصة الشعوب الحضارية كلما تنامت قوى المعارضة وتشددت في المواجهة معهاو حاليا تعتبر المقاومة العراقية البطلة البؤرة التي سوف تستقطب حولها كل القوى والتوجهات الدولية المعارضة للهيمنة الامريكية وتمسك بكل الموازنات في صراعات الشعوب مع معسكر المهيمين,وانأ شخصيا أومن بان الامبريالية العالمية وعلى مدى وجودهاكايدلوجية ونظام ديمقراطي وما لديها من المنظرين والمفكرين الذين يبحثون وباستمرار في طرح الحلول الإنقاذية عند تعرض الامبريالية لإخفاقات أو انتكاسات وليس كما اعتقد المفكرين الماركسيين اللينينين سابقا عندما تنباءو في بداية القرن العشرين بانهيار النظام الرأسمال بسبب تعرضه لانتكاسات واولها كان حالات التضخم و ايظا بسبب الثورات التي شهدها  القرن من انتصارات الطبقات الكادحة وفي مقدمتها الطبقة العاملةوكان منظروا الاشتراكية يحلمون باتساع الثورة العمالية ومقابل انهيار للرأسمالية وقتئذ ولكن فلاسفة الرأسمالية استطاعوا ان يخرجوا نظامهم من هذا الخانق الاقتصادي والسياسي ,ودليلي على مقدرة النظام الرأسمالي في ايجاد حلول السياسية و الاقتصادية لانتكاساته هو استمراره ليومنا هذا,والدليل الحالي علىعلى قدرة الرأسمالية الامريكية بتجاوزها للمأزق السياسي والعسكري والاقتصادي في العراق,هو وفي اللحظة التي شعر فيها المشروعون الاستراتيجيون الأمريكان بخطر موقفهم في العراق بسبب تعاظم قوة المقاومة العراقية وتنامي الشعور الوطني العراقي وبالمقابل بدء ظهور حالة التشتت و التشرذم في صفوف عملائه (لنعي مرة اخرى للنغمة الامريكية الاعلامية بان هذا هو مظهر اولي لبناء الديمقراطية! اي تضحيات على مذابح الديمقراطية وكما يدعون, انها كذبة لمدارة حالة خائبة) واما ردة فعل العقل الامبريالي تجاه مأزقهم في العراق فقد تجلى بقيام المفكرين الاستراتيجين الأمريكان بطرحهم اطواق نجاة لهم اسموها خيارات أمريكا في العراق وقد نضجت صورة الاندحار الأمريكي في فبركة سميت بتقرير بيكروهاملتون.

 

ولكن العقلاء والمراقبين السياسيين يفهمونها بانها حالة هروب من العراق وإلا كيف تتبدل الإستراتيجية الامريكية خلال ستة سنوات, فمثلا على سبيل المثل لا الحصر في الموقف من حزب البعث ومن اصدار قانون باجتثاثه بل باباحة قتل اعضائه إلى دعوته و إلى ترتيب يسمونها بمصالحة معه,اذن ان الاستراتيجين والمصممين للبرنامج الاستعماري يقدمون بعض التضحيات في مجال تكتيتاتهم كالسماح للبعض بهامش من المواقف الوطنية والقومية ولكن بحدود وضوابط امبريالية وبالشكل الذي لا يصل الامر إلى ان تعارضها مع الاطماع الامبريالية وما نراه الان من تحركات أو سلوكيات لبعض الانظمة العربية أو الدولية بنفس وطني أو قومي الا للتمويه عن حقيقة المواقف الوطنية أو القومية ولهذا الان يروج للنموذج الوطني و القومي لانظمة من تصميم امريكي وكذلك لانظمة ديمقراطية تكون فيها النوايا الامبريالية مختفية بعباءة نسيجها وخيوطها امبريالية ولكن لونها وشكلها محلي ...

 
كيفية طباعة المقال
 
 

شبكة المنصور

الثلاثاء / ٠٤ ربيع الثاني١٤٣٠ هـ

***

 الموافق ٣١ / أذار / ٢٠٠٩ م