نافذة / تداخلات في المفاهيم والقيم

( ٥- التحضر و التخلف .. بين الحقيقة و التضليل )

﴿ الجزء الخامس ﴾

 

شبكة المنصور

سمير الجزراوي
 

في البداية لا بد ان نتفق على تعريف للحضارة والتخلف لكي نوجد تقاربات مع الذين يختلفون معنا سواء في النظرة أو في الاستنتاجات المبنية على الاسس العقائدية  والمنطلقات الفكرية.  وننتفتح على الذين يمتلكون ابسط الاستعدادات للتوسع في الفهم وتطوير في الفكر والرأي الذي ينزع نحو الامام.وفي نفس الوقت نتقترب من منصة خطابنا في تنقية كتاباتنا واحاديثنا وبلورتها باتجاه ان يكون اكثر قوة في حججه و منطقيا بقدر ملامسته للواقع و حضاريا بقدر ما تمثله الحضارة من اللياقة و ادب الكتابة والصدق في رفد المعلومات وليس كما يفعل الاخرين من تضليل للحقائق ويضيعون عليهم وعلى الذين معهم حقيقة المتداول في كتاباتهم أو خطاباتهم السياسية أو في حواراتهم وبالتالي يفقدون مصداقيتهم ,وبذلك نحقق تعقيدا اكثر للذين تكون خطاباتهم بسيطة وحواراتهم تتسم بالمهاترات فاما ينبهروا بخطابنا ويتأثروأ بنموذجنا في التفكير والتصرف وهذا هواحد اهدافنا البعثية بالكسب الصعب ..او يتركوننا وشأننا بسبب عدم استيعابهم لمنطقنا وغرابتهم عن الرقي في كتاباتنا ونقدنا وتشخيصاتنا وبموضوعية الاسلوب العقائدي الذي تعلمناه في مدرسة الحياة البعث .ولكي نعطي المفهوم الصحيح للحضارة لابد ان لا نحصره بحدود التمدن والتحضر ,وان لا يقتصر على عمارة الارض والمعدن والمظاهر الشكلية للانسان كالملبس والاكل والتصرف,بل ان المفهوم لابد ان يكون اعم وليشمل عمارة الاخلاق ومفردات الاخلاق أي ان نصل لعمارة مافي الصدور من الايمان بالله وبالوطن وبالعائلة و المجتمع وبالامة ,وهذامهم بالنسبة لنا في الشرق وغائب بالنسبة في الغرب.ولتكون البداية ماذا نفهم من تعبير الحضارة والتي اليوم مثيرة للجدل وقابلة للتأويل واستخدامها يستحضر القيم الايجابية و السلبية في التأشير على معاني التفوق و الرفعة والانسانية والتطور والتقدم .  

 

في الواقع يرى العديد من أفراد الحضارات المختلفة أنفسهم على أنهم متفوقون ومتميزون عن أفراد الحضارات الاخرى،  ويتابدلون أفرادها و البعض منهم عبارات او تهم مثل الهمجية والدونية.. و يذهب البعض إلى إعتبار الحضارة أسلوب معيشي يعتاد عليه الفرد من تفاصيل صغيرة إلى تفاصيل أكبر يعيشها في مجتمعه ومن هذا استخدامه إلى احدث وسائل المعيشة بل تعامله هو كإنسان مع الأشياء المادية والمعنوية التي تدور حوله وشعوره الإنساني تجاهها. و ايظا جزء منها  مجموعة الفنون و التقاليد و الميراث الثقافي و التاريخي و مقدار التقدم العلمي و التقني الذي يتمتع به شعب معين في حقبة من التاريخ. ان هذه الصور هي بمجموعها لا تكمل المعنى الاوسع للحضارة. إن الحضارة بالمعنى الشامل تعني كل ما يميز أمة عن أمة من حيث العادات و التقاليد و أسلوب المعيشة و التمسك بالقيم الدينية و الأخلاقية و مقدرة الإنسان في كل حضارة على الإبداع في الفنون و الآداب و العلوم. اذن الخلاصة ان الحضارة هي مجموع الجهد الذي يبذله الانسان في كل جزء من حياته .فالتقدم الفكري والعلمي وفي الاخلاق يهئ عقلا سليما يفكر تفكيرا سليما و اما انجازاته في في الرقي و التقدم في الطب و الهندسة و الزراعة و التي هي كلها تهدف لتمكين الانسان من السيطرة على ما حوله من الاحياء و كذلك من ظواهر الحياة.اي يمكن ان نسمي التقدم في العلوم المختلفة و التي ذكرناه في اعلاه بالمدنية واما التقدم والتطور والاهتمام بالاخلاق و التربية  و السلوك فهي ثقافة . وان أي اهتمام وتطور في احدهما دون الاخرى يعتبر تقدما غير متكامل.  ,فالدول التي تهتم بالمدنية لا تسمى دولا متحضرة لان حضارتها عرجاء و ناقصة و لكن يمكن ان تسمى دولا ذات مدنية,و الدول على سبيل المثال التي تهتم بالثقافة فقط يمكن اعتبارها قريبة من الطوباوية او الفهم الخلدوني للدولة.اذن المطلوب من الانسان الذي يريد بناء حضارة ان يهتم بالبناء الثقافي و المدني معا. اما الذي نلمسه في الغرب الان من تقدم في الجانب المدني فهو مدنية بنيان مدني و ليس حضاري لان الانسان الغربي يفقد وبمرور الايام لجوهر الانسانية وبالتالي يقترب من ان يتحول الغربي الى عبد للالة ...                                  

 
 
كيفية طباعة المقال
 
 

شبكة المنصور

الاربعاء / ٢١ ربيع الاول ١٤٣٠ هـ

***

 الموافق ١٨ / أذار / ٢٠٠٩ م