تاملات
الثوابت والمتغيرات في السياسية الامريكية في الشرق الاوسط

﴿ الجزء الثالث ﴾

 

 

شبكة المنصور

سمير الجزراوي

فالرؤية الاوروبية في استراتيجية الشرق الاوسط بانها قائمة على اعمدة ثلاثة وبتعاقب مطلوب وهي :


1-اجراء التحديثات في مجتمعات والانظمة في دول الشرق الاوسط.


2-بناء الديمقراطية من داخل الواقع في الشرق الاوسط.


3-تحقيق الامن والاستقرار وحسب المفهوم الغربي للامن والاستقرار و طبعا امن اسرائيل ضرورة متقدمة عن الحاجات الاخرى.


في حين الرؤية الامريكية قائمة على :


1-تحقيق الديمقراطية ووفق التصورات الامريكية أي جاهزيتها في الجعبة الامريكية وفرضها على شعوب المنطقة و كما هو الذي يحدث في العراق بعد الاحتلال الامريكي.


2-تحويل هذه الانظمة (الديمقراطية) الى اداة ووسيلة امريكية لمكافحة الارهاب .


وهذا الاختلافات المستترة بين الرؤية الامريكية والاوروبية هي في حد ذاتها الاساس الذي ينمو باتجاه الاختلاف و الخلافات الامريكية والاوروبية وقد تبين هذا بشكل واضح في مجريات الاوضاع في العراق بعد الاحتلال ..والتحرك الفرنسي الاخير للرئيس الفرنسي ساركوزي في زيارته لبغداد المفاجئة وتصريحاته حول الرؤية الفرنسية لمستقبل العراق واستعدادهم لتوسط بين امريكا وايران ايظا, وبعد مجئ اوباما يلاحظ ان اوروبا بدت تنشط دبلوماسيا وحيث ان الظاهر في سياسة اوباما ومن خلال حملته الانتخابية لاننا لغاية الان لم نلمس أي تغير حصل ولكن ان الرؤية الجديدة الامريكية تقترب من الرؤية الاوروبية في اكثر الفقرات الخاصة بالسياسة في الشرق الاوسط..اي ان هذا التحرك الاوروبي هو في حقيقته ليس خروجا على السياسة الامريكية بقدر ما يمثل إعلاناً أن هناك دور أوروبي ضمن المفهوم الأميركي ، ستدخل أوروبا الساحة أو الحلبة السياسية بالمفاهيم الأميركية ضمن قواعد اللعبة الأميركية حتى ولو على مضض متفقة معها على ضرورة التخلص من تعريف الهوية العربية والقومية العربية كمصدر تعريف ذاتي للعديد من الدول والتعامل مع الشرق الأوسط الكبير باعتباره أكبر من هوية عربية أو متغير أو أكبر من هوية إسلامية،أي محاولة غربية لمحو أي هوية عربية او اسلامية  .

 

ورغم كل هذا فإنه لا يخفي أن هناك بعض ملامح الخلاف والقلق الاوربي من تبعيته لأمريكا ولكن هذه النقطة لا يجب على المفكرين العرب والحركات العربية الاصيلة ان تعتمد او تحملها اكثر من حجم هذا الخلاف,واذا اردنا نحدد بعض الملامح الخلاف الامريكي الاوروبي في الشرق الاوسط اقول ان المحور الاول للخلاف حول كيفية تحقيق الديمقراطية في الشرق الاوسط  تتعلق بالكيفية في عدم المساس بالشعور الديني الاسلامي و المحور الثاني يتعلق بالاهمية التي تعطى للثقافات المحلية والمحور الثالث يتعلق بمشاركة جماعية لتحقيق الديمقراطية وتعاون كل الدول العظمى والدول العربية في هذا الاتجاه, انها القبول بالشراكة العربية مع الدول الاوروبية في النظرة ووضع الحلول للواقع العربي و الشرق الاوسطي.في حين ان الامريكان يرون ان تحقيق الديمقراطية تكون باسلوب الفرض و هل يمكن أن تأتي الديمقراطية وكأنها نوع من الإملاء أو الفرض إن كان التدخل العسكري قد أتى بنتائج سلبية كما حدث في العراق؟

 

وهل من الممكن أن يكون استخدام مثل هذه القضايا التنموية والإصلاحية إلى آخره ذريعة لعدم معالجة الأسباب الرئيسية لعدم الاستقرار والنزاع في المنطقة بكاملها وأسباب التطرف بما في ذلك أيضاً التعامل غير المنصف والمجحف مع الشعب الفلسطيني والقضية الفلسطينية والتي غذت التطرف في المنطقة، والسؤال الأكبر .. هل يمكن تحييد موضوع الصراع العربي الفلسطيني؟ أن من مصلحة الدول العربية أن تقوم بتحول ذاتي ديمقراطي وبتطوير وبعملية إنماء متكاملة وعلى حكوماته التي تبنت السلام كخيار استراتيجي أن تتبنى استراتيجية للسلام واستراتيجية تحول ديمقراطي وتنمية وهذه قضايا لابد وأن تسير بقرار داخلي واليوم ما جرى في العربية السعودية من تغيرات في بنية النظام هو استباق للمرحلة القادمة. وهذا يتطلب نظرة أكثر دقة وتمحص في الواقع العربي.

 

لأن أي تدخل خارجي في هذه الشئون لن يكون له ثمرة إيجابية ولاسيما اذا كان التدخل أمريكيا فهذا لن يجد قبولا وإن كان الرفض ليس للاصلاح في حد ذاته وإنما الرفض للوجود الأجنبي وان هذا الرفض يتثمل في المقاومة,وانها تأخذ اشكالا ومنطلقات مختلفة فبعد احتلال العراق اخذت المقاومة العراقية شكل المقاومة المسلحة وتنامت بشكل بدء يثير القلق الامريكي بل اليوم اصبح المحتل يبحث عن مخارج يتخلص منها من هذا المأزق واكثر ما يقلق المحتلين تنامي قوة المقاومة في اساليبها وتعاظم التأييد الوطني و القومي لها بل الان اصبحت القوى العربية الثورية تتمثل بنهج المقاومة العراقية البطلة, وتعليل ذلك يعود إلى أسباب كثيرة مثل الدعم الأمريكي الأعمى لإسرائيل والذي أحدث خللاً كبيراً بالمنطقة نتيجة للتحالف والاندماج الاستراتيجي بين الدولتين،

 

وقضية فلسطين والوجود الأمريكي في العراق، والتهديد بمحاسبة سوريا أفقد أمريكا مصداقيتها في أنها تريد بهذه المنطقة خيراً.وان القوة الوحيدة التي الان تجابه مشاريع هذه الدولة الامبريالية بكل عناد ثوري ومبدئية الثوار الصادقين ولتكون الوريث الشرعي للنظام الثوري في العراق قبل الاحتلال الامريكي ,ان المقاومة العراقية الان تقوم بدور قومي كبير فهي تشكل من جانب معوق في خاصرة الامبريالية الامريكية وحليفتها اسرائيل في ادوارهم المشبوهة في الوطن العربي وايظا يجعل هاتين الدولتين المارقتين ان تحسب لهذه الثورة التي تحرك المشاعر المقاومة للاحتلال وكذلك هي التجربة الفريدة في النضال العربي ضد اعداء الامة وما المقاومة الشرسة و البطلة للمقاومة الفلسطينية خلال العدوان الاسرائيلي الاخير على غزة الا دليل على الحث الثوري المقاوم  لمقاومة العراقية في حدود تأثيراتها على المقاومة الفلسطينية وان المقاومة الفلسطينية وبكل خلفيات ومرجعيات المقاومين يطمئنون الى المقاومة العراقية وذلك بكون قيادة المقاومة العراقية هي بعثية وهم قد خبروا حزب البعث في مواقفه الحقيقة تجاه الثورة العربية و ما تشكله القضية الفلسطينية من محور مركزي في نضال حزب البعث العربي الاشتراكي و ما قدمه وقدمته ثورته في العراق قبل الاحتلال في عام 2003 فالخوف الامريكي من تحول المقاومة العراقية مرجعية نضالية عالمية بعد اكتملت ملامح كونها مرجعية للمقاومة العربية ..

 

وما النصر و التحرير الا من عند الله عز وجل وله الشكر على كل شئ ...امين.

 

كيفية طباعة المقال

 
 

شبكة المنصور

الاحد / ٢٠ صفر ١٤٣٠ هـ

***

 الموافق ١٥ / شبـــاط / ٢٠٠٩ م