تأملات / المقاومة ... ثقافة ونهج بعثي

﴿ الجزء الاول ﴾

 

 

شبكة المنصور

سمير الجزراوي

في البدء لابد ان يقر الكل ان المقاومة حق مشروع لكل شعوب العالم المقهورة ,بل هو سبيلها الوحيد لاعادة سيادتها المسلوبة واول ركن للسيادة هي هويتها الحقيقية التي عرفها ويعرفها العالم.وان كافة شعوب العالم والتي تعرضت للاحتلال او اغتصاب الارض شكلت مجموعات لمقاومة الاحتلال , وفي تاريخنا المعاصر ظهر وبشكل اساسي نوعين من اشكال المقاومة


1-النموذج الاول والذي ينبثق الفكر المقاوم من بعد ممارسة الفعل المقاوم.فالمقاومة الفرنسية  تشكلت من خلال تجمعات جماهيرية ولتفرزبعدها قيادات ورموزا فرنسية وتتبلور احزابا تتكئ علىماضيها المقاوم في شرعية المشاركة في الحياة السياسية في مراحل ما بعد التحرير,  فالشعب الفرنسي عند الاحتلال النازي لفرنسا في الحرب العالمية الثانية بدء بتكوين خلايا من الشعب الفرنسي لمحاربة الاحتلال النازي ومن كل التكوينات السياسية الموجودة في صفوف الشعب الفرنسي لمناهضة الاحتلال وبالفعل ساهمت هذه المقاومة في تحرير فرنسا وبمساندة قوية من دول الحلفاء و خاصة بريطانيا التي قدمت كل الانواع الدعم لعمل المقاومة وان مرحلة مقاومة المحتل النازي افرزت قيادات تأريخية لفرنسا مثل شارل ديغول واحزابا ثبتت من تواجدها في الساحة السياسية الفرنسية على مقدار الارث التي تمتلكه من مرحلة المقاومة.  والمقاومة الفلسطينية البطلة وبكل فصائلها هو النموذج العربي لهذا النوع,فقد تشكلت فكرا و كفاحا بعد الاحتلال الاجنبي لفلسطين سواء البريطاني او من بعده الكيان الصهيوني وبالرغم من الخلفيات السياسية والفكرية التي ساهمت في تكوين ثقافة المقاومة الفلسطينية ومن خلال ممارستها للفعل المقاوم ضد الصهاينة, بدءت هذه الفصائل المقاومة تتخندق سياسيا وتتبلور ويظهر لكل فصيل منها فلسفة جديدة للمقاومة ولتكون هذه الفلسفات فكرا لها وتتقدم امام فعلها المقاوم للعدو  ولتتحول الضرورة الاولى و المتقدمة على تحرير فلسطين وهذا هو السبب الرئيسي في تحول المقاومة الفلسطينية الى حالة من التشرذم والذي اضر بقضية التحرير كثيرا لصالح العدو.

 

فلو كان هنالك فكرا مقاوما يضع تصورا عاما لهدف المقاومة ويتعززهذا الفكر من خلال ما ينضحه واقع المقاومة وليتبلور الى ثقافة متكاملة لتحولت هذه الثقافة بمثابة سكة متينة لعملية المقاومة وقد تتحول الى مرجعية تعود اليها الفصائل الفلسطينية المقاومةو حتى في حالة الاجتهاد في المواقف او عند الاختلافات , ولكن الواقع الفلسطيني اليوم يحكي ان اصرار البعض على ان منظمة التحرير الفلسطينية هي المرجعية امر غير واقعي ولكنه ليس غير صحيح ,و ذلك لان منظمة التحرير الفلسطينية هيئة مؤسساتية قانونية اتفق عليها في فترة من فترات النضال الفلسطيني,ان ما يحتاجه الشعب الفلسطيني وبالذات فصائله المقاومة هو النموذج البعثي ولست بموقف الادعاء بالافضل ولكن الذي سأبينه مافي تجربة البعث العظيم من الفكر والثقافة و بالتالي الى الفعل المقاوم كنتيجة مرنة وبكل سهولة و انسابية لترجمة الفكر الى واقع نضالي وهي التي ستوفر القناعة الكاملةبالحاجة العربية للنموذج البعثي.. وحتى المقاومة الجزائرية البطلة و التي ارتقت الى مستوى الافعال الاسطورية في فعل المقاومة ضد الاستعمار الفرنسي ,و التي افرزت رموزا نضالية كبيرة في مرحلة المقاومة مثل البطل محمد بن بيلا والبطلة جميلة بوحيرد وفي نفس افرزت مرحلة المقاومة تيارات سياسية لتعتمد كليا على رصيدها الجماهيري علىتلك المرحلة مثل جبهة التحرير الجزائرية ,وهي الان تجتر هذا الخزين من الارث النضالي وبالتاكيد ستأتي مرحلة النفاذ ,ولايمكن ان ننسى الدور البطولي لمقاومة الشعب المصري للاحتلال الاستعماري اثناء العدوان الثلاثي على مصر في عام  1956. وما افرزته من قيادات استطاعت ان تفرض نفسها في العمل السياسي في مصر وتعزز في نفس الوقت دور المرحوم البطل جمال عبد الناصر قائد ثورة مصر من رصيده الجماهيري العربي و العالمي,وكان هذا بمثابة انشاء القاعدة الاولية لروحية المقاومة والتي ظهرت في مراحل الاستنزاف الذي عاشها الشعب المصري بعد نكبة حزيران .

 

اما  موضوع المقاومة  في لبنان فهي الان تعيش حالةمن بازار التوازنات الطائفية والمذهبية في لبنان، فالتركيبة الطائفية المقيتة في لبنان أساءت الى المقاومة العربية و اللبنانية بشكل خاص وحولت مقاربة إشكالية المقاومة من مستوى استراتيجية الدفاع الوطني عن لبنان والمفترض تكون مصممة لحمايةكل المجتمع، و كل الشرائح، و كل الشعب، الى مستوى مقاربة بدائية مرتبطة بثقافة التكوين الطائفي لبنية النظام السياسي في لبنان والتي لا ترى المقاومة الا من زاوية أنها سلاح في يد فئة يتم إقحامه في لعبة السلطة والنفوذ في لبنان، وكذلك قيام الاحزاب اللبنانية بتنفيذ الاجندات الاجنبية وبنسب تتفاوت بقدر القرب والبعد عن مصالحها الطائفية في الساحة اللبنانية و النموذج  الاكثرتطرفا في البازار المقاوم اللبناني هو حزب الله اللبناني الذي يسعى بتحقيق الاجندة الايرانية وما تصريحات مسؤوليه الاخيرة بدعوة الدول العربية لمد اليد لايران و متناسيا هذا الحزب استمرار ايران لاحتلال الجزر العربية الثلاث و تصريحات مسؤوليه المستمرة والمعبرة عن الاطماع الايرانية في الارض العربية و اخرها ما جاء حول اطماعها في البحرين , فاي تشويه للمقاومة بتحولها من مقاومتها للمحتل الصهيوني الى تحويل لبنان تابع ومحتل من قبل لايران فهذه هو الانحراف في الفعل المقاوم بنفسه, وتشويها للمقاومة العربية لكي يفقد الشعب العربي الثقة بكل المقاومة العربية وذلك من خلال تبعية حزب الله لايران و كانما فصائل المقاومة العربية لها مرجعيات متعددة وتنفذ اجندات اجنبية هذا هو التشويه بحد ذاته..


و النموذج الاخر لهذا النوع والمتمثل بالمقاومة للشعب السوفيتي بقيادة الحزب الشيوعي السوفيتي في تحرير المدن السوفيتية والتي تعرضت للاحتلال النازي وخاصة ما حدث من اسطورة في ستالينغراد في مقاومة للجيوش النازية في الحرب العالمية الثانية, وحيث كانت الدولة السوفيتية وراء دعم المقاومةوبكل انواع الدعم ووصولا لانتصار المقاومة.


والخلاصة ان كل هذه انواع المقاومة كانت تقوم بعد الاحتلال فكرو ثقافة و عملا.وان قيادات المقاومة اما من رموز نضالية في الشعب او الامة او احزابا مؤثرة في المجتمع ,تتبلور عندها فكر وثقافة المقاومة بعد ممارستها لفعل المقاومة.اما حزب البعث العربي الاشتراكي فان فكر وثقافة المقاومة موجود في الكتابات الاولى للقائد المؤسس وفعل المقاومة مارسه الحزب ومنذ تأسيسه وهذا ما سنتاوله في الجزء الثاني انشاء الله ...امين

 

كيفية طباعة المقال

 
 

شبكة المنصور

الاحد / ١٨ ربيع الاول ١٤٣٠ هـ

***

 الموافق ١٥ / أذار / ٢٠٠٩ م