تاملات
الثوابت والمتغيرات في السياسية الامريكية في الشرق الاوسط

﴿ الجزء الثاني

 

 

شبكة المنصور

سمير الجزراوي

ان ملامح للشرق الاوسط الجديد تظهر في بعض السياسات و العلاقات والمصالح بين دول المنطقة ويظهر ذلك من خلال النظام الذي صاغت ملامحه ومن ثم اوجدته الامبريالية العالمية و بالأخص الامبريالية الامريكية وبموجب الإستراتيجية الامريكية في الشرق الاوسط  و ان هذا النظام بدءت الولايات المتحدة بصياغة اوليات تكوينه من خلال خلق التوترات والعقد والمشاكل السياسية في هذه المنطقة ومحاولتها في:


1-ازالة القوى العربية القومية المؤثرة في منطقة الشرق الاوسط والتي لها تأثيرات في المواقف القومية المرتبطة بمصلحة الامة العربية والتي لا تلتقي في المبدأء والنهج مع السياسات الاجنبية التي لا تخدم مصلحة الامة  وكما حدث في غزو العراق وتغير نظام الحكم القومي الوطني فيه ..


2- تحييد بعض الانظمة العربية  التي لها تأثيرات في بلورة المواقف العربية و الاقليمية الايجابية في المنطقة وكما حصل مع نظام الحكم في اليمن وليبيا..


3-دعم الدول العربية التي تشكل محور ما يسمونه بالدول العربية المتعدلة ويمثل هذا المحور السعودية ومصر والاردن.


4-فرض سيطرتها على مناطق لها من الاهمية العسكرية والسياسية و الاقتصاديةوتحت حجج مكافحة ما يسمونه بالارهاب مثل احتلال افغانستان.


5-استخدام القوة المسلحة المفرطة في الاجرام من اجل تقوية المعسكر الامبريالي وكما في الهجوم المسلح على قطاع غزة واطلاق يد الامبريالية الامريكية في منطقتنا وهي اسرائيل .


ان المخططين للاستراتيجيات الامريكية يضعون المصلحة الامريكية كاولويةفي تخطيطهم و ثم ينظرون للاخرين الذين هم  الاوربين و العرب من دول الصديقة لامريكا.وان هذا المبداء يأتي منسجم مع ما قاله المخطط الاستراتيجي الأمريكي(جون كانن) في عام 1948((نحن الأميركيين نمتلك أكثر من 50% من ثروة العالم، بالرغم من أننا لا نشكل سوى 6% من سكانه، وفي هذه الحالة تتمثل مهمتنا الرئيسية في المستقبل أن نحافظ على هذا الوضع المختل لصالحنا، وكي نفعل ذلك علينا أن نضرب بالعواطف والمشاعر عرض الحائط، علينا أن نتوقف عن التفكير بحقوق الإنسان ورفع مستويات المعيشة وتحقيق الديمقراطية في العالم.)).ولاجل نوضح ذلك لابد ان تسليط الضوء من الانعطاف الخطير بعد انهيار الاتحاد السوفيتي وهي المرحلة التي تشكلت ملامحها الاولى في ظهور نظام الاحادي القطب والتي تزعمت فيه الولاياة المتحدة العالم, وبدءت بفرض هيمنتها ومن خلال عدة افعال ومنها فرض الحلول الامريكية لمشاكل العالم و خاصة في الشرق الاوسط والمتمثل في الحرب على العراق في عام  1991 وفرض الحصار الشامل عليه والذي هيئ لها جربعض الحكام العرب الى مؤتمرمدريد للسلام و للمصالحة مع اسرائيل  بعدما وضع العراق العرب المتخاذلين والذين شاركوا في الحلف الامبريالي في الحرب على العراق وكذلك اعطى للقضية الفلسطينية القوة والثبات في الحل السياسي عبر مبادرة العراق في حل اشكالية الكويت مع حل القضية الفلسطينية في 12-8-1990..

 

وكذلك ضرب العراق للعمق الاسرائيلي بالصواريخ العراقية وهذا اعطى بعدين للعلاقة مع العدو الصهيوني .البعد الاول هو شجاعة العراق في هذه الخطوة كسرت  الخطوط الحمراء ولما اسموه الامن الاسرائيلي وشجعت المقاومة العربية الفلسطينية على تجاوز هذا الحاجز النفسي والعسكري الذي اصطنعته اسرائيل.و البعد الثاني ان الخطوة العراقية هي الاولى في تاريخ الصراع العربي مع الصهاينة وهي خطوة اخذت بعدا هجوميا عسكريا بعد سلسلة الهجومات الاقتصادية ومنها تأميم النفط في العراق أي انها نقلة نوعية من حالة الدفاع العربي الى حالة الهجوم العربي على المصالح الامبريالية..  وكانت الخطوات في ضرب العراق وفرض الحصار عليه مهمة جدافي بلورة الشرق الاوسط الجديد في وكذلك في الصومال ويوغسلافيا ولترسيخ هيمنتها اختارت العراق للاسباب التالية:


اولا- وذلك لكونه البلد الذي تحدى الامبريالية العالمية ومنذ ثورة 17-30 تموزووقوفه بحزم مع الفلسطينين و ثورتهم وتحدياته في خطوة التأميم الجبارة في 1حزيران 1972 وسياسيا في شقه للعزلة الامبريالية حول (المانيا الديمقراطية)في حينها,ومواجهة العدوان الايراني في1980 والعديد من المواقف الثورية لحماية المصالح القومية والقطرية .ان كل هذا تراكم كخزين من الانتقام في الذهنية التشريعية للاستراتيجيات الامريكية وانتظرت لفرصة لتنتقم وجاء دخول العراق في الكويت وبعد سلسلة من المواقف العدائية لامراء الكويت ببرمجة امريكية وبفبركة هوليودية استطاعت امريكا ان تجعل من دخول العراق في الكويت انه اعتداء وتحدي للعالم وتهديد للسلم العالمي  من هذه الخزعبلات الامريكية وحوالتها الى تراجيدية العصر وجرت خلفها دولا عربية واوربية وهم يعرفون بتفاصيل هذه الخطوة الامريكية في حربها في عام 1991 ولكن من يتجراء على الاعتراض او الانسحاب وهي بعينها ديكتاتورية الدولة القوية ,وان كانت وكما تدعي الدول الاوربية بالديمقراطية لماذا لم تعارض الجريمة الامريكية  في العراق ومع العلم ان اوروبا شهدت مسيرات مليونية ضد حرب امريكا على العراق ,الا يعطي معارضة الرأي العام الاوروبي على الحرب والمفترض ووفق السلوك الديمقراطي ان تتخذ الدول الاوربية خطوات بالاتجاه الذي يمثل ارادة شعوبها ,ولكن لان ديمقراطيتهم زائفة عندما تتعارض مع الخطوات الامريكية لم تجراء هذه الدول على اتخاذ كذا موقف..  بعد حرب الثلاثين دولة على عراقنافي1991 والذي حولته امريكا مسرحا لتثبيت انفرادها في سياساتها وبعيدا عن الشرعية الدولية والمعروفة في حينها بالامم المتحدة بل وصل الأمر إلى استخدام موظفيها لأغراضها الخاصة من فرق التفتيش عن أسلحة الدمار الشامل العراقية والتي تعمل تحت راية الامم المتحدة ولكنها حقيقة كانت تعمل لحساب وكالة المخابرات الاميركية الـ CIA.

 

وهذا اعطى للامريكان اندفاعا باتجاه استفزازبعض الدول الاوربية بالولاء المطلق للامريكان في كل ما تتخذه السياسة الامريكية من خطوات للتغيرات في المنطقة العربية وباتجاه الاحادية في الروية للمصالح, ان الخطاب السياسي الامريكي المتعلق بالديمقراطيات العربية وبظاهرة التطرف الديني في الشرق الاوسط يختلف عن الرؤية الاوربية في التحليل والمعالجة وخاصة فيما يخص الاصلاح الديمقراطي في الشرق الاوسط فالرؤية الاوربية والذي تمثلت في المبادرة الالمانية امام مؤتمر ميونخ للسياسات الامنية حول الاصلاح الديمقراطي في الشرق الاوسط ومن ثم تطورت وبعد الالتقاء الفرنسي معها لتطرح بشكل مشروع مشترك الماني-فرنسي ويقدم الى مجلس وزراء خارجية الاتحاد الاوربي في بروكسل ولتطرح امامها المبادرة امريكية في ميونخ ومن قبل رامسفيلد والسيناتور ريتشاد لوجاز رئيس اللجنة الشئون الخارجية في مجلس الشيوخ الامريكي في مؤتمر ميونخ  اهي مصادفة ام معلومات جديدة!؟. أم هوكان استباق ألماني ـ أوروبي للمبادرة الأمريكية من أجل ترشيدها وقطع الطريق أمام نزعة الانفراد الأمريكية بتقرير مستقبل الشرق الأوسط‏,‏ بدليل الاختلاف الجوهري بين مبادرة فيشر ومبادرة رامسفيلد.

 

على الرغم من استناد المبادرتين معا إلى تقارير الأمم المتحدة حول التنمية البشرية في العالم العربي‏ وهي تقارير مفبركة و لا تفي بحاجة الإعتراف لدى شعوب المنطقة.ان كل ذلك  يعكس لنا ان الرؤية الاوربية لا يمكن لها ان تطرح الا بموافقة امريكية وان الاوربين لا يزالون يشعرون بحاجتهم للامريكان بالرغم من زوال الاتحاد السوفيتي ولذلك لا يمكنهم من مزاحمة الولاياة المتحدة في مشاربعها بالرغم من بعض الشطحات الاوروبية .. أي لا يمكن ان تتقاطع المحاولات الامريكية مع التوجهات الاوروبية بل هي تصب في بودقة واحدة وهي الروية الامريكية اولا و اخيرا.

 

كيفية طباعة المقال

 
 

شبكة المنصور

الاحد / ٢٠ صفر ١٤٣٠ هـ

***

 الموافق ١٥ / شبـــاط / ٢٠٠٩ م