ازمة رئيس ام ماذا ..؟

 

 

شبكة المنصور

عبد الجبار الجبوري/ كاتب واعلامي عراقي

تدخل ازمة اختيار رئيس مجلس النواب العراقي شهرها الثاني على التوالي وبنجاح ساحق على شاشة سينما /كروكر/ الكائنة في علاوي البطيخ ، ولكي نشاهد للمرة الالف احداث الفلم المرعب هذا علينا ان نعود (فلاش باك ) قليلا لكي نعرف كيف اخرج الفلم ومن كتب السيناريو ومن هم ابطاله ومن اختارهم لهذا الفلم ، حيث بدأت الاحداث عندما قام رئيس المجلس السابق محمود المشهداني بتقديم استقالته او اقالته (لافرق) فتسابقت الكتل السياسية باعلان اسماء مرشحيها لشغل منصب رئيس المجلس وعلى اثرها تفككت جبهة التوافق واعلن خلف العليان انسحاب كتلته واعلن اخرون معه انسحابهم من التوافق وتراشقوا بكلام من العيار الثقيل،ودخلت على الخط كتل وتيارات واحزاب اخرى كل منها قدمت مرشحها العتيد التي تظنه هو الذي سيفتح( خيبر) بعد وصوله سدة رئاسة مجلس النواب، وهكذا دواليك اجتماعات المجلس تنعقد ويفشل انعقادها لعدم اكتمال النصاب او غياب الكتل(الزعلانة) عن الحضور وتطور الامر وصارت كتلة التوافق وفرسانها يهددون بحل المجلس واجراء انتخابات مبكرة في عموم العراق ومازال عرض الفلم مستمرا وبنتائج متصاعد في التصعيد الاعلامي الهدف منه الضغط على اعضاء المجلس لغرض (مرشح) بعينه ليكون ( منقذ العراق ) وكأن لايوجد في المجلس ومن الكتل الاخرى شخصية تستطيع ان تسد الفراغ الذي تركه ( المشهداني) الذي اقيل رغم عنه وصار البعض من الكتل يحاول ويعمل جاهدا ان يعيده (المشهداني) الى رئاسة المجلس ،

 

لكن اين تكمن الازمة هل هي فعلا ازمة رئيس المجلس ام ان بعض اطراف المجلس وهيئة رئاسة المجلس لا تريد انتخاب رئيس لكي تظل مهيمنة على قرارات المجلس وتهميش دوره في هذه الفترة الحرجة من عمر(الحكومة) وخاصة ان الانتخابات الاخيرة لمجالس المحافظات قد افرزت حكومات محلية تهدد مستقبل الكيانات والاحزاب والتيارات التي فشلت فشلا ذريعا في هذه الانتخابات واصبح غيابها عن المشهد الساسي العراق قاب قوسين او ادنى بل مؤكدا في ااية انتخابات قادمة، اذن الازمة المفتعلة لانتخاب رئيس مجلس النواب ليس ازمة في حقيقة امرها بل عمل مقصود منظم وراءه اهداف جهات خارجية لها مصالح استراتيجية في العراق وليس من مصلحتها وجود رئيس مجلس نواب حقيقي يمثل الشعب بكل اطيافه ويعيد هيبة الدولة في تغير دستورها المسخ ويقبراحلام الطائفيين والانفصاليين والعنصريين في تقسيم العراق الى فدراليات ودكاكين ودويلات وطوائف. هذا هو هدف من يهيمن على مجلس النواب من كتل متنفذة حاكمة تحمل اجندات خارجية ، وفي هذا الوقت يعاني الشعب من جور الاحتلال الامريكي وافعاله الاجرامية بحق الشعب العراقي الجريح ،

 

اذن مجلس النواب الذي جاء ليخدم الشعب الذي يعاني البطالة والجوع والحرمان والاحتلال وفقدان الامان والغذاء والكهرباء والماء قد زاد من الطين بلة وعطل حياة العراقيين ، فلا ميزانية ولاحركة تجارية وسياسية اقتصادية مطلة ومعارك فضائيةو معارك داخل وخارج البرلمان على شكل اغتيالات وتفجيرات وتهديدات والسبب غياب رئيس مجلس النواب ، فالشعب يعيش في محنته القاتلة في جميع نواحي الحياة ومجلس النواب منشغل بالمصالح الشخصية والفئوية وزيادة الرواتب المليونية والتحالفات الطائفية والمحاصصات القاتلة التي قادت البلاد الى شفير الهاوية السحيقة، فهل يستطيع رئيس المجلس القادم انقاذ الشعب العراقي من محنته ويقضي على الطائفية والمحاصصة التي جاء هو بسببها الى رئاسة المجلس... لا لا ياسادة انها لم تكن ازمة رئيس لمجلس انها ازمة شعب جريح يعاني امراض مستعصية لا يمكن شفاؤها بالمحاصصة الطائفية والفدرالية والاقليمية التي تعمل عليها الحكومة الان بكل تياراتها واحزابها ومفاصلها، الامر ابعد من ذلك بكثير،وحلوله واضحة وجلية لكل وطني غيور وحريص على مستقبل شعبه وامته ، ان الطريق الوحيد الى ذلك هو اخراج المحتل باسرع وقت واقامة حكومة وطنية نزيهة ، ولاؤها للعراق وحده ، تدوس على الطائفية والعنصرية وتجعل الشعب كله في خط شروع واحد وتحت خيمة وطنية واحدة هي خيمة العراق الموحد ،يستظل بها كل الشرفاء من ابناء هذا الوطن الجريح ، انها ليس ازمة رئيس يا حكومة ....

 

انها ازمة وطنية ومستقبل شعب ولاغيرها ازمة .... فأتعظوا ياناس..

 

كيفية طباعة المقال

 

شبكة المنصور

السبت / ١٩ صفر ١٤٣٠ هـ

***

 الموافق ١٤ / شبـــاط / ٢٠٠٩ م