عراق بلا مصالحة

 

 

شبكة المنصور

عبد الجبار الجبوري
برزت بعد احتلال العراق من قبل قوات الاحتلال الامريكية وتكوين مجلس الحكم المحلي بأشراف الحاكم المدني سيئ الصيت بول بريمر نكتة سياسية سمجة وكذبة اخرى تضاف الى اكاذيب ادارة المجرم بوش، الا وهي كذبة ونكتة المصالحة الوطنية على الرغم من قدسية هذه الكلمة التي تعلن عن برائتها من الحكومة ونحن نستذكر ( صلح الحديبية ) اذن علينا ان نستعرض ماروجه أدعياء المصالحة منذ بدء الاحتلال فنرى ان الادارة الامريكية التي تمول وتشرف وتصر على ( المصالحة ) لكسب الوقت هي من يفشل جهود المصالحة ، ولكن دعونا نعّرف ونفسر ماهي المصالحة ومع من تتم وتتحقق ، فالمصالحة يدعى اليها طرفان متنازعان مختلفان في الفكر والتطبيق وتتحقق عندما تتوافر عناصر المصالحة ويتنازل الطرفان اولا عن نواياهما الشريرة تجاه الاخر ثم يذهبان بعد ذلك الى اللقاءات والحوارات على طاولة واحدة للوصول الى حلول تحفظ ماء وجه الطرفين وتضمن حقوقهما برعاية طرف ثالث محايد ونزيه.. بعد ان يتنازل كل منهما عن حماقته وعنجهيته واصراره على ( محو ) الاخر وتدميره واقصائه وخنقه بحبل من القرارات الجهنمية الذي صنعته له ادارة المجرم بوش في دهاليز واشنطن..

 

ولدينا ادلة عديدة على تحقيق مثل هكذا صراعات دموية سياسية افضت الى المصالحة الحقيقية ونلسن مانديلا وما قام به في جنوب افريقيا مثالا على ذلك ،اذن هناك فرص لتحقيق اية مصالحة عندما تتوفر الشجاعة والنوايا الصادقة والقرار الجريئ الغير خاضع لأملاءات اجنبية ، ولكي لا نبتعد عن المشهد العراقي الدموي وكذبة المصالحة التي اطلقتها الحكومة منذ ستة اعوام والتي صدعت رؤوس المواطنين بها فنقول ان الحكومة ينطبق عليها المثل العراقي ( تثرد بسد الصحن ) اي لاتدخل في الموضوع مباشرة فهي تقيم مئات مجالس المصالحة داخل العراق وفي جميع المحافظات وحتى بين اهل الحي والمحلة الواحدة ثم تقيم ندوات للمصالحة خارج العراق في كوريا واليابان وتركيا ومصرالجزر الواق واق ، اية مصالحة وطنية هذه التي ترعاها كوريا واليابان وجنوب قرة قوش.. وفوقها تصرف مليارات الدولارات من اموال الشعب العراقي الجائع الجريح بحجة المصالحة وفعلا تتحقق هذه المصالحات ولكنها مصالحات وهمية تتحقق مع اطراف داخل الحكومة والاحزاب الحاكمة او اطراف هامشية ليش لها وجود على ارض العراق او مع شخصيات سياسية ضالة لا قيمة لها سياسيا واجتماعيا ولا تمث حزب او طائفة ولها ماض اسود يعرفه العراقيون ، هكذا تمارس الحكومات المتعاقبة وتتعامل مع مفهوم المصالحة وتطبيقاتها العنكبوتية على ارض الواقع ، بعد ان ضمنت ان لا مصالحة حقيقية مع الطرف الاول المعني بالمصالحة حقا ونقصد انهم وضعوا ( تابوت المصالحة ) في كفن دستور وضعه المحتل وعملاءه وبذلكضمنوا وبأشراف جهات ايرانية واملاءاتها لا تريد عودة الامان الى العراق مدى الدهر من قبلها ، ان المصالحة صك غفران هي من يمتلك مفاتيحه ونسيت ( الحكومة ) وتعامت عن جوهر المصالحة الذي يمثل الحل الوحيد لعودة الامن والامان للعراقيين ونعني به الطرف الاخر لوجه المصالحة الا وهو الطرف المناهض للاحتلال والعملية السياسية برمتها والتي نصبها برايمر بأنتخابات ( هي تقول عنها مزورة )..

 

اذن بالونات المصالحة التي اعلنها رئيس الوزراء ودحضها مستشاره في اليوم الثاني واجهز عليها خطيب جمعة النجف والتيار الصدري وشخصيات ايرانية زارت العراق ( رفسنجاني ولاريجاني ) وغيرهما وقد توجها في الرفض المرجع الديني الشيعي في النجف السيستاني عندما احال المبادرة / الكذبة الى الدستور اذن كيف تتم وتحقق مثل هكذا مبادرة ورئيس الوزراء مطلقها الاول يؤكد في تصريحاته مباشرة رفضها واستحالة تحقيقها ، اذا مع من تتصالح ( ياسيادة) رئيس الوزراء وتطلق بالونات المصالحة كل يوم فهل تضحك على ذقون الشعب بمعسول الكلام ولديك دستور يمنع المصالحة وقرارات جائرة ذبحت بها الشعب العراقي من الوريد الى الوريد وتريد مصالحة ، ام هو كلام للتسويق الاعلامي المحض للرأي العام وللادارة الامريكية والتي تعرف تماما ماذا تضمر للذين يرفضون مثل هكذا مصالحة دموية قسرية مشوهة والعالم كله يعرف حجم الدمار الذي خلفته الان وتخلفه بالمستقبل مثل هكذا( مصالحات مفخخة ) وعندما ستنفجر لاحقا سوف لاتبقي ولاتذر ولاسيما ان القوات الامريكية مصممة على الرحيل قريبا حسب اتفاقيتكم الامنية معهم وماذا بعد ؟؟؟

 

بوادر التصعيد الدموي والحرب الاهلية ظهرت بشكل واضح وجلي بعد احداث الفضل وخلالها وفي محافظات عراقية اخرى من قبل الحكومة نحن نعرف ان هناك ضغوطا حقيقية صادمة على اطراف الحكومة لافشال اي جهود لتحقيق المصالحة وهذه الضغوط ايرانية بالدرجة الاولى تحمل ثارات تاريخية لايمكن ان تفرط بها في فرصة كهذه وقد لاتتوفر لها مرة اخرى لقرون طويلة وضغوطا اخرى داخلية لها ولاؤها الخارجي  واجندتها العدائية للشعب العراقي.. سيظل العراق هكذا بلا مصالحة حقيقية تعيد كرامته وكبريائه وحضارته مادامت الحكومة لاتصارح الشعب بحقيقة نواياها وارتباطاتها الخارجية التي تضمر العداء المزمن للعراق والعراقيين لذا وجب علينا أن نكرر ان الحكومة في مبادرتها للمصالحة ( تثرد بسد الصحن ) وهي تعرف ذلك جيدا ونحن ايضا نعرف ذلك يا حكومة والعاقل يفتهم ويتحسب ...... وكل مصالحة حكومية والعراق بالمشمش .

 
كيفية طباعة المقال
 
 

شبكة المنصور

الخميس / ٠٦ ربيع الثاني١٤٣٠ هـ

***

 الموافق ٠٢ / نـيســان / ٢٠٠٩ م