شيخ عائض القرني : العالم  الحقيقي هو العالم المطبّق  لشرع الله ؛ لا  ( المطبّل )  لشرع الله

 

 

شبكة المنصور

طلال الصالحي

لا أخفي عليك شيخنا  د. عائض القرني  أنني فرحت  حين  رأيتك  تساهم  بآرائك  القيّمة  منذ مدّة  وبأكثر من موقع , خاصّة  في المواقع  ذات الهموم  السياسيّة  التي هي لبّ الإسلام  وجوهره التي سبق  لها  وأن عملت في نهاية المطاف , مع الشحن الإيماني  بالطبع , على تحرير  بلاد العرب  واكتساح  جميع  الحدود المصطنعة "سايكس بيكو الروم والفرس" وحرّرت الشعوب  التي كانت ترزح  تحت  نير ظلمهما  والتي عانت الويل والثبور من تينك الإمبراطوريّتين , واللتين  عادتا اليوم ! بفضل انشار  "الدين" السلبي  الذي  تعمل  على تشجيعه  الدوائر الصهيونيّة  وتزيد في تعميقه  في النفوس ...

 

فرحي  بهذه المشاركة يا شيخ  عائض  هو  نابع من شعور  لديّ  أفسّره  على أنه نابع  من توقعي  ببداية ومضات  تسبق  الضياء الذي  قد  يحمل معه بادرة عهد  جديد  يكون فيه علماء الأمّة ومفتيها من ضمن طوابير الهموم  الحقيقيّة اليوميّة  للشعوب العربيّة والإسلاميّة , هذه  الشعوب  التي وصلت إلى الحضيض  بفضل "التخدير الديني"  الكهنوتي  الذي زاد  في تجهيل جماهير الأمّة  العربيّة والإسلاميّة يوماً  بعد  يوم  بعد أن  عمل الشيطان بسحره  في النفوس وحظّ  على عزل عالم الدين  بين جدران أربع  "المسجد" وتزيينه له الاعتكاف فيه فقط  مؤمّلاً  إيّاه   بأن  الناس سيأتون إليه  لا أن يذهب هو  للاختلاط  بهم ومعرفة  همومهم الحقيقيّة وآثار جلد حكامهم  بالسياط  الاستعماريّة اليوميّة  التي أذاقتهم الويل وجعلتهم  يهرولون ليل نهار من أجل سد  رمقهم  وسد  رمق  عيالهم  رغم تمتع  بلدانهم العربيّة والإسلاميّة  بثروات هائلة  عملت  الدوائر الاستعماريّة على سلخها منه  وعزلها في مجمّعات  مسوّرة  تسمّى  "ممالك وإمارات"  مترعة  بعيون النفط  التي  شكّل منها الغرب  مدنه الحديثة  المتطوّرة وصناعاته  الألكتروتكنو  التي  باعدت  بينهم  وبين أفخم  مدينة عصريّة عربيّة بعشرات السنين الضوئيّة ,  وآنستهم تلك الآبار من بحار النفط  بأنواع  أسلحة الفتك  الشامل المسلّط  على رقاب شعوبنا العربيّة والإسلاميّة  بعد أن كان  النفط  من  المفترض  أن يكون ملكاً  لجميع الأمّة وعزّاً  لها ...

 

 لا أطيل عليك شيخ القرني , ولكن لي هنا ملاحظات سريعة جدّاً  على ما تفضلتم  بنشره في موقع كتّاب من أجل الحرّيّة ... :

 

(  حكام الغرب يستقبلون الحكام  أعدائهم بالسجون والمحاكمات الملفقة ويحكمون عليهم بالإعدام يقوم  بها بالنيابة عنهم  أذيالهم من حكّام  وعملاء  مأجورون  محسوبين على  بلداننا مع الأسف ..

 

بينما  الحكام العرب  يرقصون مع أعدائهم  وأعداء الله ويقيمون لهم الولائم ويفرشون السجّاد الأحمر تحت أقدامهم   ويهدون  لهم أنواع الهدايا والعطايا والصقور وينحرون الذبائح  تحت أقدامهم  بعد أن ذبحوا شعوب  الأمّة العربيّة والإسلاميّة  قربانا  لهم.. !

 

الحاكم العربي  إن فلت  وهرب من الحاضر  المرعب واستطاع أن  يقيم المصانع  المتطوّرة وأن يشرّع القوانين التي تحترم آدمية مواطنيه وأن يرسل  الطلبة لتحصيل العلم  بعشرات الألوف  وأن يشجع العلماء واستطاع أن يبنى قوة عسكرية تهابها جميع الدول  واستطاع أن يعمل  وأن يعمل  وأن يعمل  الخ  واستطاع أن يقوم بكل ما من شأنه أن  يرفع  مقام  الأمّة , فإن أوّل من  سيحاربه  من أبناء   جلدته  هم  "علماء الأمّة"  وسيكفّرونه  تحت مختلف الذرائع والترهات وتحت وابل من التفاسير المصنـّعة والتحريف القرآني وليّ آياته  بما تشتهيه  سياسة حاكمه المرتبط  بالمستعمر على طول الخط  , بل  وسيفتون  إذا تطلب الأمر بإقامة القواعد العسكريّة  لأعداء الله على أراضيهم  وسيفتون  بتمرير  جيوشهم المجرمة المزودة بأحدث آلات الدمار عبر أراضيهم  بغية سلخ جلود  الشعوب التي  تفكر   باستخدام عقولها التي وهبها لها  الله ....!

 

المصائب كبيرة  يا شيخ   القرني وعالم الدين الذي  يشعر بنفسه أنه رسول من عند الله بصيغة  رجل دعوة حقيقي ,  أعني ؛ هو  العالم  الذي أعلن جهارا  نهارا وأمام الملأ  بكفر الحكام الذين يوالون اليهود والنصارى ويفتحون لهم آبار نفطهم  وأسواقهم  التي تصب بالنهاية  بقتل المسلمين أينما كانوا ..

 

عالم  الدين الحقيقي يا شيخ  هو  المطبق  لشرع الله  بما يرضي الله  والفطرة السليمة "لا المطبّل  لشرع الله"  الذي يجاهر  بالدعوة إلى الله  ليل  نهار بينما يغظ  الطرف عن  الأسباب الحقيقيّة  التي وراء انتشار  الجهل  والرذيلة والفسق والفجور ومساوئ الأخلاق والسرقات والخيانة والعمالة  التي ورائها بدون أدنى  شك  ارتهان البلاد العربية والإسلامية  لإرادة المستعمر الكافر "أهل الذمّة"  كما يصفهم علماء السوء  السفلة  حاشاك ...

 

 العالم  الحقيقي  يا شيخ هو الذي  يعلن  موقفه  تجاه حرق المصاحف ورميها  بالمراحيض  وتهديم المساجد وقتل وتهجير الملايين من العرب والمسلمين  العالم الحقيقي هو من يجاهر  ليل نهار  بعدوانيّة وبكفر وبشرك  كل من يضع أو وضع يده  بيد  قادة الغرب الاستعماري الذين قتلّوا العراقيين والأفغان والفلسطينيين واللبنانيين والسوريين والجزائريين والليبيين ...

 

الخ   العالم الحقيقي  يا شيخ  هو من  يعمل  على إصدار الفتاوى الجهاديّة  التكفيريّة بحق هؤلاء الحكّام الذين  رهنوا البلاد  والعباد  لأعداء الله  وضحكوا على شعوبنا  بالسلام الأميري والملكي والجمهوري  وألهونا  بالعَلَم  "الإسلامي"  والعيد  الوطني  والجيش  الإسلامي الذي  يستورد  سلاحه  من أعداء الله  والرسول !  ... القائمة  تطول  يا شيخ

أرضيتم  بالحياة الدنيا من الآخرة ....

 

الله أكبر

المسلم البدوي الذي  يعبد لله  يجب أن يعبده  حرّاً  ولديه قوّة حرّة  تدافع  عن دينه الحقيقي الحرّ  , لأن الله  لا يقبل أن يُعبد معه  شريك  تحت مسميات أهل الكتاب  وأهل الذمة وقواعد  عسكرية صديقة  الخ من  مصائب  لو كان رسول الله حيّاً  لاجتث  رقاب  ولاة الأمر هؤلاء من على أكتافها  ... !

 

الرسول صلى الله عليه وآله وصحبه  وسلّم فهم مفهوم العبادة الحقّ  التي  لا تقبل مع الله شريك  لذلك  شرّع القتال  وحرّم  تواجد  أيّ مشرك أو كافر نصّ بكفرهم  وبشركهم  القرآن  ونصّت عليه السنـّة ...

 

فلنتق الله  يا شيخ  , وأوصي  نفسي أولاً , ولنبلغ  من ارتضوا  لأنفسهم  أن يكونوا علماء  باختيارهم أن يبتعدوا  قدر الإمكان  عن الكهنوت ويمرّنوا أنفسهم  على ذلك  ليكونوا كما  السلف الصالح على عهد الصحابة الأوائل حين كانوا مستنفرين مع رسول الله 24 ساعة في اليوم  استعداداً لمواجهات عسكريّة قد  تحدث في أيّة لحظة  ضد أعداء الله  الطامعين بديار العرب والمسلمين ... لأننا إذا أردنا أن نقيس إيمان حقيقي  لأمّة  تدّعي الإسلام  فإننا  نقيسها  بمدى تحرّرها  من المستعمر , لأن الله  يحب عباده الأحرار  الذين  لا يخضعون لسطوة عبد مهما كان لونه ومهما  كان جنسه ومهما  كانت ادّعاءاته  لأنه  من المفترض أن لا يخضع سوى لسطوته  سبحانه ..  فهكذا كانت دولة  رسول الله ... فبيت الله  كانت خامات بنائه  بسيطة يغلب عليها التراب والأرض التي  تحيطه  تراب  في تراب  والمسلمون  يسجدون اتجاهها بقربها  على أرض مفروشة بالتراب , وساحة مكشوفة  تراب في تراب , ولكن المسلمون  حينها  كنوا  سادة العالم ! ... ) ...

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

كتب الشيخ  عائض القرني في موقع كتّاب من أجل الحرّيّة  ...

 

أعتز بإسلامي، وأتشرف بإيماني، فديني فوق كل اعتبار ومقارنات، لكن أريد أن أقارن بين العرب وبين الغرب في عالم الدنيا، فالغرب أنجز في عالم السياسة والاقتصاد والصناعة والعمل والإنتاج آلاف الأضعاف مما أنتج العرب المعاصرون، إذا أفتتح الغرب مصنعاً أفتتح العرب قناة فضائية عابثة، وإذا اكتشف الغرب دواءً أو محركاً أو صناعة، أكتشف العرب أغنية أو لعبة أو هواية، إذا أقام الغرب جامعة للإبداع والاختراع والاحترام، أقام العرب مهرجاناً للقبيلة، وإذا سافر الغرب إلى المريخ وعطارد والزهرة، سافر العرب إلى رحلة بريّة؛ لصيد الأرانب والغزلان والضبان، وإذا عقد الغرب برلماناً لمدارسة شئونهم وعلاج أخطائهم، عقد العرب محاكمة للضمير والقلم الحر والرأي، وإذا أنتج الغرب دبابةً وصاروخاً وطائرة، أنتج العرب ملهى وبوفيه ومرقصاً، وإذا توسع الغرب في المحيطات وعبر القارات للاستيلاء على الثروات وأخذ الخيرات، توسع العرب في أراضي جيرانهم ومزارع إخوانهم وسلبوا حقوق عشيرتهم،

 

عند الغرب مزاين أف 16 ومزاين الكونكورد سابقة الصوت ومزاين الميرسدس ومزاين اللكزس ومزاين حاملات الطائرات وقاذفات الصواريخ، وعند العرب مزاين الإبل ومزاين البقر ومزاين الغنم ومزاين الغواني، الغرب يأخذ من العرب خام الحديد فينتجه مصفّحة ومدفعاً وقذيفة ورشاشاً، والغرب يأخذ من العرب خام الخشب فيصنعه طاولة وكرسياً وباباً ونافذة ودولاباً ويبيعه على العرب، والغرب يأخذ من العرب الحجارة فينتجها رخاماً وبلاطاً ومرمراً ويوردها على العرب بأضعاف الأثمان،

 

إذا تقاعد العربي أُصيب بالوسواس والهذيان والإسهال والسمنة والضغط والسكري والجلطة من الفراغ القاتل والإهمال المميت، وإذا تقاعد الغربي كُرّم ومُنح الجوائز التقديرية والشهادات الفخرية واستُفيد من تجاربه وخبراته، مع الغربي في سيارته كتاب ودفتر وقلم وآلة تسجيل وتصوير لتقييد وحفظ المعلومات والأفكار، وعند العربي في سيارته هراوة وكرباج وسلة حلويات وزنبيل فواكه ومرطبات، يصنع الغرب الباص والقطار والحراثة والثلاجة والسخانة، وينتج العرب صحافاً من العيدان وأقداحاً من الخشب وفؤوساً وخناجر وقدوراً من النحاس باسم التراث الشعبي المجيد، الغربي يقرأ في الطائرة والسيارة والأتوبيس والحديقة، والعربي يسولف في الطائرة ويرقص في الميدان ويسهر مع الشلة ويسمر مع الأصحاب ويغني مع الأحباب،

 

أخذ العرب من الغرب البنـز والجنـز والقبّعة والبيتزا والهمبرجر وقصّة الشَّعر والكرفتّا، وأخذ الغرب من العرب تراث الأجداد من المعرفة والإبداع والعلوم، وأخذ العرب من الغرب الأكل بالشوكة والملعقة وبعض الكلمات، وأخذ الغرب من العرب النفط والغاز والمعادن والأخشاب والآثار والمخطوطات، وليت الغرب أخذ من العرب الإيمان والقرآن وسنة ولد عدنان، وليت العرب أخذ من الغرب العمل والجد والمثابرة والصناعة والإبداع.

 

إذا عقد العرب قمة فضجيج وصجيج وهراش وهواش ثم يخرجون بلا قرارات وإذا عقد الغرب قمة فصمت وهدوء ولياقة واحترام ثم قرارات قاطعة تهز العالم، العرب يتحدون العالم بأجمل أغنية وأفضل لاعب وأروع موسيقي وأكبر فنان، والغرب يتحدى العالم بأضخم ناقلة وأقوى صاروخ وأقدم جامعة وأعظم اختراع، العربي مهموم بثوبه وجزمته ونظارته وساعته، والغربي مهموم بدوامه وانتاجه واكتشافه ودراسته،

 

عند العرب سباق للهجن والخيول والصقور، وعند الغرب تسابق في الكيف والنوعية والتصدير والإنتاج، تسمع عند العرب هدير العرضة والرقصة والدبكه والسامري وتسمع عند الغرب هدير المصانع والمعامل والميراج والهوك والأباتشي. وهذا لا يعني أني أتمنى حياة الغرب، فوالله الذي لا إله إلا هو إن الأعرابي أي البدوي الساكن بخيمة في الصحراء وهو يعرف ربه ويتبع رسوله ويصلي خمسة أفضل عندي من مليار من وزن الرئيس الأمريكي {أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ َمَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ }.

 

د. عائض القرني

داعية ومفكر إسلامي

 

كيفية طباعة المقال

 

شبكة المنصور

الخميس  / ٠٣ صفر ١٤٣٠ هـ

***

 الموافق ٢٩ / كانون الثاني / ٢٠٠٩ م