في خضم التحدي نبتعد
قليلاً عن التحليل ونخضع
لقوانين العزيمة والإرادة
والتحدي المرحلة للمعركة
، وإيمان قطعي بالنصر لأن
النصر معلوم قبل الحرب ،
فالنصر هنا لا يعني أو
يعتبر تحقيقه على الأرض
فحسب ، وإنما النصر هو
عدم الانكسار .
وهنا لن نهرب ولن نفر من
غزة ، ولن نغادر منازلنا
مهما كان الثمن ، فلن
نبرح هذه الأرض قطعاً ،
هذه هي معالم النصر التي
نعلمها ونعرفها ونتثبت
بها ، وعازمون عليها ،
أما النصر الجغرافي
والعسكري فهو صورة مشوشة
، مخادعة لأن المعركة لا
تخاض بين جيشان في ساحة
حرب مفتوحة ، بل هي معركة
بين جيش يتسلح بكل أسلحة
الدمار وغير الدمار ، جيش
مسلح بنازية وهمجية لم
يعرف لها التاريخ البشري
مثيل ، وشعب أعزل يتسلح
بالإرادة والعزيمة ،
يتحدي بكل ما يملك من
عزيمة ليبقي صامداً
ثابتاً على أرضه .
هذه هي المعادلة التي
تدور على ألأرض في غزة ،
والتي يجب أن نعلم طرفاها
وندركهما وننقلها للرأي
العام العالمي ، وليس تلك
المعادلة المضللة التي
تتناقلها وسائل الإعلام
وخاصة العربية والتي تزيد
من مآسينا أمام الرأي
العام العالمي ، هذه
الوسائل الإعلامية التي
تصور أن ما يدور على
الأرض معركة بين جيشين ،
وهنا تزييف للواقع
وللحقيقة ، ومشاركة في
تضليل العالم ونقل الصورة
الخاطئة والمغلوطة التي
يرغب بنقلها العدو
الصهيوني ، ويسعى لها من
خلال ماكنته الإعلامية
بأنه يقاتل جيش آخر منظم
يهدد وجوده وأمنه ويمتلك
مقومات القتال .
فهذا الصمود هو صمود
إرادة وعزيمة يمتلكه بضعة
مئات من الشباب المقاوم
أما آلة الموت الصهيونية
، وشعب يواجه بأطفاله
وأجساده مذبحة لا ترحم
بشر أو حجر أو شجر .
حتى فصائل المقاومة التي
تخوض المواجهة لا تمتلك
سوى الإرادة والعزيمة ،
فهي لا تمتلك أدنى مقومات
القتال في حرب ومعركة
همجية يخوضها هذا العدو ،
وإنما ما تملكه سوى مخزون
وطني ترسمه بدماء أبناء
الوطن وشبابه المؤمن
بحتمية التحدي ، والصمود
على أرضهم وفي ديارهم
ووطنهم.
فهي معركة كرامة يخوضها
شعب لم يتبق له شيئاً سوى
تلك الكرامة والعزة ، شعب
لم يعد يجد ملجأ يحتمي به
سوى تلك المنازل
المتهاوية على أجساد
أطفاله ، وشيوخه ، ونساءه
، فهذه هي المعركة التي
تدور في غزة الآن ، معركة
وقودها شعب جله أطفال
ونساء وشيوخ وشباب حالم
بالعيش بكرامه وإنسانية ،
حتى تلك الآيادي التي
تحمل البندقية المتواضعه
فإنها بندقية غير عسكرية
، ولا يمكن وصفها
بالعسكرية ، فهي لا تمتلك
من المفهوم العسكري
شيئاً.
هذا ما يجب الانتباه له
من وسائل الإعلام العربية
وأصحاب الفكر والثقافة
والتحليل السياسي عند
تناول معركة غزة ، أم حرب
إبادة غزة ، وضرورة تحديد
أطرافها دون مبالغة أو
خيال واسع ، ونقل الصورة
كما هي وبحقيقتها .
أما حرب إبادة غزة وبمنطق
سياسي فهي معركة لا هدف
لها حتى راهن اللحظة ،
فالهدف الأول والأخير هو
إبادة شعب أعزل ، وتدمير
الحلم الفلسطيني بدولة
وكيانية وتقرير المصير ،
وكل ما تتذرع به إسرائيل
ما هو سوى مبررات تضعها
أمام العالم لذبح هذا
الشعب ، فتارة تذبحه
بالجوع ، وتارة أخرى
بصواريخها ودباباتها
وقنابلها وصواريخها ،
مسلسل الذبح مستمر منذ
ستون عام ، لم يتوقف
للحظة ، فحركة حماس
المبرر القديم الحديث
الذي تستخدمه إسرائيل كما
استخدمت سابقاً فصائل
المقاومة مبرراً في
حروبها السابقة وذبحها
للشعب الفلسطيني .
فمعركتها الحالية التي
أعلنت إنها تخوضها ضد
حركة حماس هي نفس المعركة
التي لا زالت تخوضها منذ
ستون عام في عمر المواجهة
الفلسطينية – الإسرائيلية
، لم يتغير بها سوى أسماء
القوي الفلسطينية ، وهذه
الحركة لا تمتلك جيش
وأسلحة نووية تهدد الأمن
الصهيوني والوجود
الصهيوني ، وإنما هي حركة
من هذا الشعب ومن أبنائه
، فالمتأمل لأرقام وأسماء
وهوية الشهداء يدرك أن
الحرب حرب إبادة ضد شعب
وليس ضد قوة معينة .
فدعونا من الخيال والوهم
الذي يعشش بأعماقنا تحت
مسمى الانتصار ،
فالانتصار قائم ولن ينكسر
أبداً ولن ينكسر مطلقاً
لأنه انتصار شعب ضد عدو
همجي .
|