قمة بغياب الهمة القومية

 

 

شبكة المنصور

هيئة التحرير/ المقال الافتتاحي لاسبوعية القادسية

الصادرة في الجزائر العدد 52 الصادر في ١٧ كانون الثاني ٢٠٠٩

الامة سبقت حكامها باستنكارها الصريح لهذا التمادي للنظام الرسمي العربي في إلغاء صوتها عبر مؤسسات الجامعة العربية. وإذا ما اتفق الحكام على حج وعمرة الكويت فإن معجزة المال والرشاوى المنتظرة لهذا الطرف أو ذاك هي المقررة سلفا للحضور. أما غزة ودمها المسكوب، فإنهم غير مستعجلين لعقد قمة الدوحة المخصصة لها، حتى يكتمل ذبح غزة من الوريد الى الوريد وعلى المباشر .


لابد هنا من تشخيص جراحي وصريح لحالتنا العربية التي باتت إضحوكة الامم. وإذا ما عرف السبب سيبطل العجب. مأساتنا محددة في حال جامعتنا المُفَرقة وبشتاتنا المطلوب أمريكيا وصهيونيا. لماذا لا نقولها صراحة إن قمة تُحضر لها الجامعة العربية هي مجرد تحقيق رغبة لوزارة الخارجية المصرية التابعة مباشرة لأحد مكاتب الخارجية الامريكية. القمم العربية صارت مصادر غمة، طالما أن الخارجية المصرية لازالت وصية على مقر ورئاسة الجامعة ومؤسساتها. ولا خير من نظام يفرز نفسه بكل صلافة عن السرب العربي وحتى من شعبه المصري. لا خير يرتجى من الجامعة والقمم المنظمة من قبلها طالما أن رجال كمب ديفيد هم الذين يعينهم النظام المصري تباعا كأمناء للجامعة العربية، الا في حالة واحدة متفردة ومتميزة عندما قرر النظام العربي الرسمي حينها من عزل نظام أنور السادات بعد زيارته لإسرائيل وبدء التطبيع الرسمي المعلن مع الكيان الصهيوني وأحدث شرخا لازلنا ندفع أثمانه ضياعا لطموحات الامة في العراق وفلسطين ولبنان، وقتها نقل مقر الجامعة العربية الى تونس وعين لها أمينا عاما تونسيا هو الراحل" الشاذلي القليبي". هذا الرجل الذي رفض أن يكون ألعوبة مثل غيره من موظفي الخارجية المصرية فرفض غزو العراق تحت عنوان " تحرير الكويت" ورفض أن تكون جامعته العربية تشارك بقوات عربية تحت قيادة أمريكية بتدمير العراق في العدوان الثلاثيني 1991. ولأول مرة يستقيل أمين عام جامعة عربيا ثأرا لكرامة الامة المجروحة.


وبدلا من أن يسترجع العرب مصر الى جادة الصواب العربية ووقف التطبيع والانكسار والذلة، فإن العكس تماما قد حدث، حيث جرَّت مصر بعض من أخواتها العربيات الى الحضن العبري بدءا بالاردن وانتهاء بموريتانيا، فتوسعت دائرة التطبيع العربي- الصهيوني الذي بات يشمل الان 7 دول عربية معلنة، مابين تمثيل على مستوى سفارة الى مكاتب مشبوهة بعناوين ومسميات عدة. وكثرت المصافحات العربية الصهيونية آخرها مصافحة شيخ الازهر مع بيريز، والكارثة أن الجامعة العربية بعد استقالة أمينها العام التونسي عادت الى بيت الطاعة في القاهرة، ولم تعد القاهرة عاصفة المعز بل عاصمة المذل.


الحقيقة التي يعرفها الرأي العام العربي أن الجامعة العربية وقممها الاخيرة باتت تخضع الى إملاءات وزارة الخارجية الامريكية حيث تعد أوراقها وبياناتها وتوقيتاتها في كواليسها بما فيها بيانات ومشاريع القمم العربية التي تتم بعد المصادقة الامريكية والصهيونية عليها ويتولى النظام المصري مهمة التنفيذ.


أن قمة عربية تمانع مناقشة قضية قومية واسلامية وانسانية بمستوى زلزال كوني يهز اليوم الضمير العالمي اليوم ويؤرقه لا نتنظر منها ، خيرا سوى بيان بائس سيُعد مسبقا وفق تصورات المبادرة المصرية-الفرنسية وخلفها الدفع الامريكي. لقد إنشغل النظام المصري وبتأييد من النظام السعودي في مهمات تأخير وإحباط المبادرات العربية رغم حالاتها المحتشمة التي لا تتجاوز حدود المطالبة والمناشدة لإسرائيل بوقف مذبحة غزة. ان الجماهير العربية تشمت بهؤلاء المتخاذلين ولا ترتجي من قمتهم سواء كانت في الكويت أو في الدوحة فكلتاهما ستنتظمان فوق قاعدة أمريكية محتلة.


نقولها صراحة إذا كانت هناك بقعة تستحق ان تكون فيها قمة العرب فلا بد من الاعلان عنها انها غزة أرض الشهداء والشموخ والعزة القومية وليست الدوحة او الكويت ولا القاهرة او الرياض. كان على جزائر المليون ونصف المليون شهيد أن تكون حاضنة قمم العرب والمبادرة لها طالما أن أنفاس وعبق دماء شهداء الجزائر لازالت توصي بالممانعة والمقاومة والجهاد.

 

كيفية طباعة المقال

 

شبكة المنصور

الاثنين  / ٢٢ محرم ١٤٣٠ هـ

***

 الموافق ١٩ / كانون الثاني / ٢٠٠٩ م