الــْغـَسّانِيّة
أنموذجا لواقع التعليم في العراق

 

 

شبكة المنصور

عبيد حسين سعيد

التعليم في العراق حاله حال بقية المؤسسات الأخرى في عراق ما بعد الغزو الصهيو أمريكي تأثرت تأثراً كبيراً وواسعاً. وكانت اشد الضربات إيلاما هي التي وجهتها الهمجية الأمريكية إلى الصرح العلمي والمؤسسات العلمية في العراق الذي كان يمتلك بشهادة اليونسكو- أروع نظام تعليمي في الشرق الأوسط- ويمتلك كفاءات علمية لا يدانيها في الوطن العربي مدانٍ من حملة الشهادات العليا, وقد أصابت ما أصابت هذه الحملات الجنونية كبد هذا الصرح المؤمّل أن يكون نبراساً ومنارة يُهْتَدى بها, لكن واقع الأمر إن المحتل جاء بأجندة حاقدة هدفها إيقاف الدفق العلمي في العراق لأن الأعداء أكثر من فرأوا التاريخ قديمه وحاضره ويعرفون معرفةً تامة إن القوة القادمة من الشرق والتي ستنال منهم هي من العراق وان أي نهوض ستكون نتيجته مؤلمة على مستقبل هذا الكيان المسخ, فلا بد من القضاء عليه قضاءً مبرما فكانت الخطوة الأولى لهذا المخطط قتل وملاحقة العلماء وهدم كل ما له صلة بالعملية التعليمية اعتماداً على مستشارين يقودون الوزارات ويوجهون سياساتها فكانت حصة التربية –التعليم الابتدائي -والتي تعتبر الأساس في بناء الأجيال فكان سلاح الطائفية والتفرقة هو أنجع الأسلحة فأصبحت الجامعات طائفية والمعاهد والثانويات وكان للمدارس الابتدائية الحصة الأعظم هذه المرة ليس على شكل شعارات إنما جاء على شكل تغيير في المناهج – دس السم في العسل- وزج العبارات والكلمات الطائفية فيها لزرع بذور الفتنة وغرسها لتنموا ويشتد ويستغلظ ليعم الجهل للعودة بالعراق إلى عصرما قبل الصناعة - كما بشَّر بيكر- فعزلوا الكوادر والخبرات وبتوجيه وبرامج معدة سلفاً –قرارات بريمر- فاستبدلوا الحكيم بالزنيم والرقيم بالهشيم وجاءوا بأصحاب شهادات مزورة وهجروا أصحاب الصحائف النظيفة والهمم العالية والضمائر - ولو نعد مثالب الاحتلال لا نحصيها- وكثيرة هي الأمثلة لا يسمح المقام لشرحه سنتناوله في بحثنا حول الفساد الإداري في وزارة التربية بعد الاحتلال – والتي وصلت إلى الحد الذي أقفرت نسب النجاح إلى الحد الأدنى المتدني لا تتحمل المسؤولية فيه إدارات المدارس بالدرجة الأولى- لوجود بعض الأعذار المقنعة- ونأخذ نموذجا من حيث اكتمال النصاب التعليمي وسعة البناية مدرسة الغسانية – نسبة إلى دولة الغساسنة التي حكمت لمدة 600 عام- الابتدائية التي تأسست عام 1954 وأول مدير لها هو الأستاذ (عاصم نصرت) أطال الله في عمره إلى إدارتها الحالية الأستاذ(جابر ألحديثي) والذي يتحمل عبئاً كبيراً في تمشية الأمور بما تيسر له من خبرة وتعاون وانقياد واضح من قبل الهيئة التعليمية و بكل مسؤولية وتفاني من أجل الوصول بالطالب إلى مرقى أو مسلك يتجاوز من خلاله الصعوبات الكبيرة التي تعترض جبل المعوقات ليستطيع أن يكون عضواً نافعا في المجتمع وقائداً معولاً عليه ولا تقتصر المعوقات على الضبابية الإدارية من الحلقات العليا واصطدامها بممانعات على المناهج الدراسية التي تختلف من منطقة إلى أخرى وهذا الاختلاف والتباين هو جزء من أهداف مرسومة – مبيتة- لتجزئة مكونات العراق الواحد لموحد تاريخاً وشعباً, وأخرى ترتبط بتعليمات إدارية ومنهجية تصطدم بعدم وضع خطط موحدة شاقولية لجميع العراقيين بلغة واحدة , كما كانت قبل الاحتلال حين كانت تعتمد أسس التربية الحديثة الممزوجة بتعاليم ربانية ولا تعتمد الطائفية منهجاً إنَّ ما تتطلبه المرحلة الحالية ونخاطب الشرفاء أن يعودوا بالعملية التربوية – فهي تعيش حالة من الموت ألسريري – إلى المناهج السابقة فكانت تخاطب النشء بلغة الوحدة والوطنية والجغرافية والتاريخ المشترك ويكون الهدف الأول الأمانة في احتضان أطفالنا فهم العماد والمدد الأطفال اليوم في ظل الحرية المنفلتة في العراق أو ما يسمى (الحرية) جعلت من أطفالنا مشاكسين أطفال عاشوا ويلات الحرب والمداهمات والخوف وآخرين فقدوا آبائهم أما قتلا أو اعتقالا فخرج جيل لا يستجيب ولا يسمع ويبقى المعلم حيران بين واجبه الوظيفي وبين الأمانة الملقاة على عاتقه وخير ما نستشهد به أبيات من قصيدة للشاعر العربي إبراهيم طوقان  ..


شوقي يقول وما درى بمصيبتي قــم للمـــعـلـم وفّــه التــبجـيـــلا
اقعد فديتك هل يكون مبــــــجلا من كـان للنـشء الصغار خلـيلا
ويكــاد يقـلــقني الأمــير بــقوله كـاد المـعلم أن يكــون رســـولا
لوجرب التعليم شوقـي ساعــةً لقضى الحياة شــقاوةً وخمــولا

 
 

 

كيفية طباعة المقال

 

شبكة المنصور

الخميس  / ٢٥ محرم ١٤٣٠ هـ

***

 الموافق ٢٢ / كانون الثاني / ٢٠٠٩ م