.. ولاخطأ في ( مدلس ) ، على مبنى
فعل دلس ، من حيث أنه ( الدولي )
وحده الذي أدمن أن ( يدالس ويوالس
) ، يظلم ويخون ، في كل مايعني
قضايا وأمور المسلمين ، والعرب
منهم بشكل خاص ، بعد أن دحته
ودلسته أميركا بكل قواها لصالح
كل ما هو اسرائيلي في كل ما يمنع
الأمن ، بعذر ( الأمن ) الدولي ،
عن كل ما هو عربي ، وفي كل مكان .
واذا كانت الظلمة من مجنحات
الدلس والدلسة ، الخيانة والغش
والتزوير ، في مدلس الأمن الدولي
، فلاشك عند مجنونين من عربنا أن
( أولي الأمر ) منا ، ممن تنفتح
لهم أبواب هذا المدلس الدولي
ونوافذه ، قد واتاهم التأريخ قبل
الواقع بنور معرفة أبعاد التدليس
الدولي ، الذي يتعاطاه هذا المدلس
، منذ عقود تصب كارثة بين كارثة
وكارثة على الوطن العربي ومن
أردان وجيوب أبرز ثلاثة من كبار
المدلسين الدوليين هم : أميركا
وبريطانيا وفرنسا .
ولعل أحقر وأخسّ علامات هذا
التدليس هو أن هذه الدول نجحت في
وضع قدسية ( ربّانية !! ) سياسية
لإسرائيل بملايينها الخمسة مقابل
دونية دولية ، واستهانة أممية ، ب
( 1.5 ) مليار مسلم ، وإستباحة
دموية لم يحتفظ بها تأريخ هتلر
نفسه بأرواح ودماء ( 350 ) مليون
عربي ، شاء لهم قدرهم أن تزرع
اسرائيل بينهم بقرار بريطاني
وتثنية من مدلس الأمن الدولي ذاته
الذي شرعن لمستوطن ان يرحل ابن
بلد قسرا ، وشرعن لمحتل ان يبيد
شعبا ويحارب شعوبا .
واذ ماتناسينا بؤر الدلس التي
تزرعها دول الدلس الغربي في الوطن
العربي لتفتيت العرب وتدميرهم ،
فإن ما هو أحطّ من الدلس ، معنى
ومبنى ، أن تقوم أميركا وبريطانيا
بغزو العراق دون أن يلجأ مدلس
الأمن الدولي الى بنده الحربي
السابع لحماية ( 27 ) مليون إنسان
من لوثة الدلس التي شرذمت هذا
الشعب الى إقطاعيات وممالك لتجار
حروب وثق التأريخ كل حقاراتهم ضد
الإنسانية في العراق ، فضلا عن
تماهل وتدليس متعمد في إتخاذ قرار
لوقف الهجمة البربرية ضد جنوب
لبنان قبل عامين ، وتماهل مماثل
عن محاصرة ( 1.5 ) مليون عربي
فلسطيني منذ اكثر من سنة ، والدلس
في وقف هجمات اسرائيل على غزة في
هذه الأيام ، حتى ترتوي المعدة
الإسرائيلية من دماء عرب الجوار .
ومع هذا يحمل ( أولي الأمر )
منا شكاواهم ، على مفارقة المضحك
المبكي في ( يا أعدل الناس إلا ّ
في معاملتي .. فيك الخصام وأنت
الخصم والحكم ) ، كلما إتسعت
مقابر أهلنا بفضل دلس الغرب
ومجلسه الأمين على اسرائيل ،
وكلما ازدادت خيام أهالينا
المشردين من جراء دلس قال فيه
أولمرت أنه يستغرب ان يطالبه قادة
أوربيين بوقف هجومه على غزة بينما
يطالبه قادة ( عرب ) بالإجهاز
عليها لتسليمها لمحمود عباس ،
الخناس الوسواس ، من آل البيت
الأبيض وثلاث ورقات اسرائيلية .
مضحكة الهرولة العربية لتدويل
هجوم غزة في مدلس الأمن الدولي ،
مع أنها تعرّي عربا بلا سند ولا
قوة خارج كراسي حكمهم ، يمكن
عدّها نكتة عربية ، سمجة ثقيلة
الظل ، مزدوجة الإمتياز ، مزدوجة
المبنى ، مزدوجة المنبر ، ومزدوجة
الرواة في آن :
أولها : أن هذا المدلس الدولي
يعرف ان المدّعي ، الضحية ، جاء
ليرجو ويتوسّل ويبتهل لمن ظلمه
وآذاه وأهانه : مدلس الأمن الدولي
،أن يخفف الظلم ويرقق الأذى
ويلّطف الإهانة لعل الشاكي ،
المدّعي ، يستعيد آخر قطرة حياء
بين أهله الضحايا .
وثانيها : ان المدلس الدولي يعرف
أن المبعوثين القادمين إليه ولدوا
عربا ولكنهم يعيشون طوعا وإختيارا
في غير وادي العرب الذي يناله
الأذى منذ عقود على أيادي أصحاب
المدلس ذاته .
كما أن التخلّي الطوعي العجيب
ــ الأكثر إضحاكا وأعمق إبكاء ــ
عن قوة الحق في مايمتلكه الشاكي
العربي ، في مقاطعة جناة التدليس
الغربي في كل ماأعانهم على إرتكاب
جرائمهم ضد العرب ، سواء النفط أو
غيره ، هو الذي يشجع كل مدالس
الغرب على تجميع قواها في مدلس
دولي صار من ( الطبيعي ) في تخومه
أن يهان العرب وهم ضحايا ، وصار
من المألوف يظهرالعرب في ( كعبته
) : ( جناة ) ، ( ارهابيين ) ، و
( قاصرين متخلفين ) يحتاجون لمن
يرعى شؤونهم من دهاليز الغرب
وحدها .
أنظروا الى قضايانا العربية
كلها تجدون حلّها وربطها بأياد
غير عربية لأن ( أولي الأمر ) منا
إختاروا انفراديتهم ووحدانتيهم
طوعا متخلّين عن سبب القوة الأول
في عالم اليوم : الوحدة ! .
أنظروا الى قضايانا المصيرية كلها
تجدون أوتاد حبالها بأياد ليست
عربية ، لأن حكامنا إختاروا كراسي
الحكم في القطيعة مع شعوبهم على
لحمة قرار واحدة بين الحاكم
والمحكوم توفرها : الحرية ! .
والله عيب ياعرب أن نسمع
الأجانب يستغربون ذلنا حتى في
المطالبة بحقوقنا ! .
والله عيب أن يتظاهر الأجانب من
أجلنا ولا نستطيع التظاهر من أجل
أنفسنا ! .
والأكثر عيبا وإذلالا أن يبقى
حكامنا أسرى ، متطوعين ، في مدلس
الأمن الدولي ! . |