نؤخر فضح العملاء لنمنحهم فرصة تصحيح المسار

 

 

شبكة المنصور

كلشان البياتي / كاتبة وصحفية عراقية

كان قد سأل عني أكثر من مرة ولم يكن يحظى برؤيتي .. وكان يلح في طلب لقائي لامرٍ هام .. كان يأتي ويستفسر عني بشكل يومي إلى أن حظي برؤيتي على طريق الصدفة ..


ولأني كنت (حبابة) افني يومي في مساعدة الناس والتدخل في حل بعض مشاكلهم لدى دوائر الدولة عندما كان الصحفي منا (سلطة رابعة) يحسب له إلف حساب، فقد كان احد الذين حظو بمساعدتي عندما كان محتاجاً للمساعدة ..


جاءني يطلب مساعدتي مجدداً واثقاً من أن الاحتلال لم يغير من معدني واصلي الطيب فالمعادن الحقيقية لن تصدأ ابداً .. جاء يطلب مني مساعدته في الحصول على كتاب يثبت بأنّ ولده كان متضرراً من النظام السابق وأنه تعرض للسجن ، وقال أن ولده لو حصل على هذا الكتاب بإمكانه أن يحصل على الوظيفة بسهولة جداً..


نظرتُ في وجهه وقلت له: لكن ابنك لم يكن مسجوناً لأسباب سياسية بل سجن بتهمة السرقة والسرقة كانت ثابتة عليه فكيف تريد أن تحول ابنك من سارق ولص إلى مسجون سياسي .. وكيف ستصدقك الحكومة، قال أن الحكومة (قشامر) و(منو يقرا ومنو يكتب).. وقال آن مجرد الادعاء بأنه متضرر من النظام السابق أو شتم النظام كفيل بتوظيف ابنه وتعيينه في منصب كبير.


سألته أين ضميرك وأين أخلاقك وبأي وجهٍ ستلاقي ربك يوم الحساب ، إذا كنت لا تخشى صدام حسين أفلا تخشى الله ..


وانصرف عني الرجل بعد أن لاقى مني ما لاقى وانقطعت عني إخباره إلى أن سمعت أن ابنه تعين في إحدى الدوائر وأصبح مسوؤلاً كبيراً بفضل الادعاء بالتضرر من النظام السابق.


بعد الاحتلال الأميركي للعراق ، ارتفعت أصوات تتهجم على النظام السابق وتشتمه ، .. ولو تصفحنا تاريخ كل الذين انتهجوا طريق الشتم والتهجم على الرئيس الشهيد صدام حسين فسنجد إنهم أما لصوص وأما قتلة وقعوا في قبضة العدالة فحكموا بالقانون ودخلوا السجن .. وأن لم يكن المتهجم قاتل أو سارق فهو مرتكب جريمة من الجرائم التي تعاقب عليه القانون الدولي وليس العراقي فخيانة الوطن والإساءة إليه جريمة .


المعتقل السياسي إنسان وطني له رأي مخالف للنظام الذي يحكم البلاد ، لا يشتم ولايتهجم بألفاظ بذيئة ولا يكذب لأنه قد يكون مهيئاً لتسلم سلطة في البلاد فكيف سيكون مسؤولاً حين يستخدم التهجمّ والادعاء أسلوب للوصول إلى الهدف.


أن سبب احتقار كل السياسين الذين تسلموا السلطة في العراق يعود إلى إنهم لم يكونوا معارضون محترمين ، أي أنهم لم يقوموا بانقلاب عسكري ضد النظام بل إنهم استعانوا بقوة عسكرية أجنبية واحتلوا الوطن بالدبابات والطائرات فتسببوا في قتل الملايين من العراقيين الأبرياء فضلا عن اعتقال الآلاف ويتحملون وزر كل الانتهاكات والجرائم التي وقع على الشعب العراقي .


عندما ندقق في ماضي اغلب الذين يظهرون في الفضائيات كمحللين أو سياسيين وينتقدون سياسة صدام حسين ويتهجمون عليه نجد أنهم أما كانوا ضباط خالفوا القواعد العسكرية فأحيلوا إلى مجالس تحقيقيه وتعاقبوا على أثرها أو كانوا ضباط مرتشين أثقلوا كاهل الجنود فالضابط العسكري الملتزم لايشتم قائده ولايتهجم عليه ولا يدعيّ عليه زوراً وبهتاناُ والضابط العسكري يتحلى بالروح العسكرية العالية والأخلاق الرفيعة فضلاً على ثقافته العالية.


وأن لم يكن ضابطاً عسكرياً فقد يكون متهم بجريمة من الجرائم المخلة بالشرف كالسرقة والقتل والاختلاس والاختطاف وغيرها.


ولنضرب مثالاً آخر صادفني شخصياً ، كان والداه مسجون بتهمة محاولة الانقلاب على نظام الحكم في العراق في الوقت الذي كان العراق يخوض حرباً مع إيران للدفاع عن ترابه وسياسته بينما تم سجنه بتهمة اختلاس أموال الدولة ، ادعى بعد الاحتلال انه متضرر سياسي وعلى هذا الأساس تم تعين والداه في منصب كبير في الدولة.


أي رئيس دولة في العالم وأي ملك أو أمير يعفي عن شخص يحاول قيادة انقلاب ضده..


الم يسجن منتظر الزيدي لمجرد قذف رئيس دولة محتلة بالحذاء ..


ياترى ماذا سيفعل المالكي آو الطالباني لو فكر ضابط عسكري في الدفاع أو الداخلية قيادة انقلاب عسكري ضده؟؟....هل سيطبطب على ظهره ويقول له أحسنت يابني أم انه سيلقي في دهاليز السجون ويمحى إثره من الوجود.


هذا المقال رسالة إلى كل الذين يظهرون على الفضائيات والصحف ويتقولون على صدام حسين الذي رحل شهيداً خالداً في الدنيا والآخرة . ونقول لهم إذا كان شتم الميت أو المعتقل تعد رجولة في نظركم وإذا كان التهجم على الشهيد هي ارخص طريقة للوصول إلى المنافع الشخصية ومنها التقرب من قوة الاحتلال وسلطتها وإذا كنتم تشعرون بنقص في الرجولة فاشتموا صدام حسين وتهجموا عليه وادعوا عليه لان ذلك لن يزيد صدام حسين ومحبوه ومؤيدوه إلا شرفاً ووساماً فصدام حسين اثبت للعالم اجمع انه رجل يستحق الحياة كما استحق الشهادة ، استحق احترم الملايين من الأحرار وتقديرهم ودخل التأريخ مناضلاً ومقاوماً وقائد نهضة وعمران ومشنقة الشهادة التي ارتقاها برجولة إجابة وافية على كل تفاهاتكم.


لن نحكي على انجازات صدام حسين لان الذاكرة العراقية والعربية ستحتفظ لقرون وعصور كل الانجازات التي حققها صدام حسين للعراق وللأمة العربية .


ولان الإنسان مشروع قابل للإصلاح والتهذيب ولان القضية اليوم هي قضية وطن مغتصب وشعب يتجرع السم والموت والاهانة بكل إشكالها ، أتعمد أن لا أشير إلى الأسماء الحقيقية لبعض الذين اصطفوا مع فيلق الاحتلال وكانوا عونا وسندا لقوة الاحتلال في إطالة أمد الاحتلال واستمرارها رغم أن العميل يجب أن يفضح ويكشف أمام الملاً ويجب أن يعاقب لكننا نمنحه فرصة لتصحيح المواقف والتوبة والعودة إلى طريق الحق والأخلاق والمنطق ، والوقوف بصف المقاومة ومؤازرتها هو طريق الحق ومناهضة الاحتلال وفضحه والمطالبة بجلائه من العراق هو طريق المنطق ..


ولان خسارة الإنسان وسقوطه في وحل العمالة اكبر من خسائرنا باحتلال الوطن فطالما هناك رجال أصحاب نخوة وضمير وغيرة يتحرر الوطن لكن تحرير الإنسان من العمالة عملية ليست سهلة.


أن سامي عباس مجول الذي أشار إليه احد ضباطنا البواسل في مقاله المنشور على شبكة البصرة العزيزة بتاريخ 8 كانون الثاني 2009 هو نموذج من هؤلاء الذين اشرنا إليهم في مقالنا فبدلاً من أن يتهجم على سلطة الاحتلال وعملائها اخذ يتهجم على الجيش العراقي صاحب المآثر البطولية والانتصارات هذا الجيش الذي حافظ على شرف الأمة العربية وكرامتها يوم قاتل قتال الصحابة وصدّ الفرس عن ارض العرب.. هذا الجيش كان مقدر له أن يحرر فلسطين ويمنع إسرائيل من انتهاكاتها بحق شعبنا العربي في فلسطين ، هذا الجيش هو الذي كان سيقف بوجه إسرائيل ويمنعها من انتهاكاتها ضد شعبنا العربي في غزة الحبيبية ..


تحية إلى كل عراقي عرف طريق الحق فسلكه .
وتحية إلى كل عراقي اختار المقاومة .

 

 

كيفية طباعة المقال

 

شبكة المنصور

الجمعة  / ١٩ محرم ١٤٣٠ هـ

***

 الموافق ١٦ / كانون الثاني / ٢٠٠٩ م