حزب البعث العربي الاشتراكي                                      أمة عربية واحدة     ذات رسالة خالدة

       قيادة قطر السودان      

 

جنوب كردفان : السلام  ( الغائب ) والفرص ( الضائعة )

 

 

شبكة المنصور

 

أربعة أعوام انقضت ،كانت كافية لتقييم ومحاكمة اتفاقيتي العجز و الإخفاق (سويسرا ونيفاشا) للسلام في ولاية جنوب كردفان. فالولاية التي وعدت وبشرت بالاستقرار , والأمن , والتنمية , لم تحصد إلا المزيد من الماسي و الأزمات والتوقعات المرة , في ظل فشل (الشريكين) في التصدي لاستعادة الاستقرار الأمني والسياسي والاقتصادي , والتخطيط لبرامج تزيل بها الاختلال الذي سري في مفاصل الولاية ومحاصرة التدهور الاجتماعي .

 

لقد طال الانتظار , عاما بعد آخر , ووالي خلفا لوالي , والولاية لاتزال ترزح في نكبتها , لان القابعين علي صدرها من (إنقاذيين) أو (متشاركين) لم يعو أو يدركوا ويلات الحرب والدمار والتأخر المريع من فرط اختزالهم لكل صور الماضي البئيس في المحاصصة والمصلحة وتامين السلطة. وفي التلاعب والمغالطة بمصائر الناس . لقد طال أمد الحرب , كما طال أمد السلام الغائب , فكلاهما لم يحل معضلة(الأمن), فكانت محصلة الإنجازات التي يمكن إن تحسب إلى هؤلاء هى  المزيد من إهدار الفرص  وفقدان الاتجاه, وعدم السيطرة علي الأمور, وبالتالي فتح الأبواب علي مصراعيها وتوسيع دائرة التعاطي والانجراف مع التوترات والمناخ المسموم بالاجندات المتداخلة. ومن حصيلة هذه التداعيات فى العام 2008م وحده: صدام دموي بين قبيلتي المسيرية والرزيقات – حادثة اختطاف الصينيين واغتيالهم في الأسبوع الأخير من أكتوبر  – انفجار الوضع في آبيي منتصف ديسمبر-أحداث الخيرسان– أحداث السنوط – أحداث منطقة خور الدليب الأولى و الثانية  وعبري الأخيرة – إلي جانب أحداث متفرقة في دابري , والدبكر , والحمرة , و العباسيه .... الخ الخ.

 

إن اتفاقية (نيفاشا) والتي أطلقوا لها العنان بوصفها (بالسلام الشامل) وباتفاقية (الوحدة الوطنية) , لم تكن سوي كذبة وخدعة من الشريكين, عندما عادت الأيام أدراجها لتفصح عن دورات من العنف الدموي لم يسبق لها مثيل في تاريخ السودان الحديث, وعلي نطاق واسع لم تسلم منه الخرطوم العاصمة نفسها هذه المرة, ما يؤكد صحة ما كان ينبه له حزبكم , حزب البعث العربي الاشتراكي يومها, واصفا سلام نيفاشا بالناقص والمجتزأ, والفوقي لانه غيب إرادة الشعب وقواه الحية, واستجاب للاملاءت والوصاية الأجنبية, هذا بعد التأكيد والترحيب بوقف إطلاق النار, والتامين علي استحقاقات الجنوب وفق رؤية وطنية خالصة بعيدة عن الضغوط والشطط والتلاعب بمصير البلاد في انتهاج سياسة التفتيت والتقنين للانفصال تحت لافتة ما يسمي (بحق تقرير المصير) .

 

لقد كشفت سنوات السلام (الغائب) انه لا يوجد سلام إلا في أضابير ومضابط الاتفاقيات التي أودعت للجهات المعنية بها. وان كلفة (السلام؟!!) المفتري عليه كانت اكبر من كلفة (الحرب) نفسها, لان فاقد الشي لا يعطيه.

 

إن تصاعد حمي الخلافات بين الشريكين في ولاية جنوب كردفان وتناقضهما, قد ظل يقطع الطريق أمام التصالح وبناء قاعدة للسلام والتعايش الخلاق . ولم يفرمل عجلة التنمية ورتق النسيج الاجتماعي فحسب , وانما أنعش القبليات والجهويات كمعتصمات يتم اللجوء إليها وتوظيفها وفق صيغ تضمن لهما البقاء وفرض سلطة الأمر الواقع. وقد تجلت هذه المظاهر في أوضح صورة لها في التنافس المحموم حول تكوين إدارات أهلية مسيسة فاقدة للدور والأراده. و فى النزوع  إلي تسليح القبائل أو بالأحرى زيادة وتنويع الأسلحة لديها بعد تجاهل نزعها (وفقا لشروط الاتفاقية نفسها), إلى جانب الاحتفاظ بذات المسميات والمليشيات. بل الادهي من ذلك وجود شكل (للإدارات) شبه مستقلة عن سلطة مركز الولاية في ( الغرب والجنوب والشمال). علاوة علي الدور المربك للوجود الأجنبي المكثف.

 

ونشير في هذا المنحي إلى ما ظل حزبنا ينبه له ومنذ وقت مبكر, ففي بيان له بتاريخ ديسمبر2005 ورد الآتي:(إن المتتبع لما يجري في ولاية جنوب كردفان يرصد حراكا تحتيا من قبل كل من حزب المؤتمر الوطني والحركة الشعبية قائم علي الاستقطاب الجهوي والعنصري الذي وسم نهج الحزبين إبان اقتتالهما.و ورد أيضا: إن أطراف اتفاقات وقف إطلاق النار لا يستفزهما التواجد الكثيف للأجنبي بقواته وأمراضه واملاءاته المنتهكة يوميا للسيادة الوطنية , ولا تعنيهما معاناة المواطنين سواء في عدم صرف المرتبات للعاملين أو العوز والجوع والفقر أو أن تحصدهم الحمي الفيروسية فرادي وجماعات )  وفي بيان آخر في نوفمبر 2006 أشار فيه الحزب  إلى أن (التنافس غير الشريف والمكايدات المستمرة بين طرفي الشراكة طيلة هذه المدة افرز العديد من التداعيات الخطيرة متمثلة في غياب سلطة الدولة والقانون , وعجز الإدارات الحكومية , وشيوع الفساد المالي والإداري , والتردي المريع في كافة مناحي الحياة السياسية والأمنية والاقتصادية و الخدمية)  دون أن يحرك ذلك ساكنا في الاستعداد للتعامل مع الصوت الآخر , بل أمعنا في الاستهتار والتلاعب بأرواح المواطنين البسطاء كضحايا يتم توريطهم فى  أو دفعهم إلى الاقتتال عند اللزوم. وتعكس أوضاع محلية رشاد بوضوح هذا الجنوح والانفلات واحياء النزعة الثأرية لدي القبائل ومن خلفها مليشيات الشريكين.

 

 و يتكرر المشهد من جديد في أزمة التنمية وازدياد فجوة المتاهة والضياع, وطوابير الفاقد التربوي, مع تفاقم معدلات البطالة في أوساط الشباب, إلى جانب تقلص المساحات الزراعية ومسارات الرعي كنتيجة منطقية لغياب الأمن, و نذر المجاعة المحتملة, علاوة علي الإعلانات الرسمية عن استشراء الأوبئة والأمراض الفتاكة (مثل الإيدزوالحمي النزيفية).

 

إن القوي الوطنية والقوي الحية وشخصيات وعناوين المجتمع والمثقفين مدعوين اليوم وأكثر من  أي وقت مضي للتراصف والتخندق والوقوف صفا واحدا , وتفويت الفرصة على دعاة الفتنة و العنف والاقتتال, والشروع الفوري في الإمساك بزمام الأمور وتجاوز سلطة الشراكة التي هي أس البلاء واصل الداء. وقيادة المبادرة كطلائع للتوعية والتغيير وذلك عبر مواقف واليات عمل متنوعة وفعالة تأخذ في الاعتبار الآتي :  -

 

* إدانة حالة الاستهتار والتسويف والمماطلة والتعامي عن النزاعات والتوترات والاحتقانات والاقتتال, وتحميل المسؤولية الكاملة للشريكين في الوصول بالولاية إلى هذا الدرك السحيق.

 

*رفض التعاطي أو التعامل مع الدعوات المعلنة أو الخفية  لتسليح او تمكين القبائل والمليشيات من الحصول على الأسلحة والوقوف بكل الوسائل ضد ذلك وتعريته وفضحه.

 

* توظيف أقصى الجهود  من اجل التعايش السلمي والإخاء والسلام الاجتماعي تحت كنف الولاية التي تحتضن الجميع , و التأكيد على انه لاخيار آخر سوي  الوحدة كمنطلق لإنجاز السلام الدائم والتنمية المستدامة .

 

* ضرورة الالتزام بالدور الحضاري والمدني والقانوني في التظلم والتحاكم , عبر أطر العدالة والإنصاف والمساواة والتسوية السلمية للنزاعات.

 

* الضغط علي سلطة الشراكة في المركز والولاية بان تطلع بدورها في توفير الأمن وحماية أرواح الناس عبر تفعيل الدور الحيادي للجيش والشرطة والقيام بمهامهما وفق تقاليد واعراف وقوانين الخدمة , والناي بهما عن الصراعات القبلية والجهوية.

 

* تفعيل دور الإدارة الأهلية , وابعادها عن قوالب العمل الرسمي مع الأخذ في الاعتبار المستجدات التي أثرت عليها , وذلك لضمان التوافق والتفاهم والانسجام والحياد.

 

التحية لشعبنا في ولاية جنوب كردفان  وهو يسكب الدم النجيع بلا خطيئة

والخزي والعار لدعاة الفتنة  و الحروب الأهليه

وعاش حزبكم حزب البعث مكافحا ومنافحا بكم و معكم  من اجل الوحدة والاستقلال

 
 

قيادة قطر السودان

لحزب البعث العربي الاشتراكي

كانون الثاني / ٢٠٠٩ م

 

كيفية طباعة المقال

 

شبكة المنصور

الثلاثاء  / ٠١ صفر ١٤٣٠ هـ

***

 الموافق ٢٧ / كانون الثاني / ٢٠٠٩ م