يوم ارتقى الشهيد صدام إلى مقام الأبرار والصديقين

 

 

شبكة المنصور

عبد الكريم بن حميدة / تونس

"ها أنا أقدم نفسي فداء، فإذا أراد الرحمن هذا صعد بها إلى حيث يأمر سبحانه مع الصدّيقين والشهداء.. فداء للوطن والشعب.. وبذلك يُعزّ باستشهادها نفسا مؤمنة إذ ذهب على هذا الدرب بنفس راضية مطمئنة من هو أصغر عمراً من صدام حسين. فإن أرادها شهيدة فإننا نحمده ونشكره قبلاً وبعداً.. فصبراً جميلاً، وبه نستعين على القوم الظالمين.."
هذا جزء من آخر كلمة توجّه بها القائد الشهيد صدام حسين المجيد إلى شعبه وأمته.. بعدها بأيام قليلة صعد إلى عليين، إلى حيث الأبرار والصدّيقون والشهداء.. والأنبياء.


اختار له الله أكرم ميتة وأشرفها.. وها هي أمّته التي استشهد من أجلها تُباهي بصموده، وتحيي ذكراه، وترفعه إلى أعلى مقام.. وها هم الأحرار والشرفاء في كل مكان يرون في ثباته على المبادئ ووقوفه وحيدا في مواجهة المجرمين وأعوانهم النموذج الأسنى.. والمثال الأبهى..


عندما تلقى نبأ استشهاد نجليه عدي وقصي وحفيده مصطفى، لم يربكه النبأ.. ولم تهزّه الفاجعة.. قال بكل ثبات وإيمان: "لو كان لديّ أولاد آخرون لما تمنيت لهم مصيرا أشرف من هذا الذي انتهى إليه ولداي وحفيدي".


وفي وصيته الأخيرة خاطب شعبه وأمته بالوضوح الذي عُرف به، وباليقين الذي امتلأ به قلبه، وبالإيمان الذي عمر كل جوارحه: "أقول اليوم باسمكم ومن أجل عيونكم وعيون أمتنا وعيون المنصفين أهل الحق حيث رفّت رايته.. لقد عرفتم أخاكم وقائدكم.. لم يحْن هامته للعُتاة الظالمين، وبقي سيفاً وعلما على ما يحبُ الخُلّص ويغيظ الظالمين. أليس هكذا تريدون موقف أخيكم وابنكم وقائدكم..؟!  بلى.. هكذا يجب أن يكون صدام حسين وعلى هكذا وصف ينبغي أن تكون مواقفه، ولو لم تكن مواقفه على هذا الوصف لا سمح الله، لرفضته نفسه. وعلى هذا ينبغي أن تكون مواقف من يتولّى قيادتكم ومن يكون علماً في الأمة".


سنتان مرّتا منذ رحيلك، ونحن لا نزداد لك إلا حبا، ولا نتيه بك إلا فخارا.. وشّيْت باستشهادك سجلّ أمتنا الحافل بالمفاخر.. ودفتر شهدائنا المرصّع بالأكرمين العظماء.. من الحسين بن علي بن أبي طالب.. إلى عمر المختار..  سنتان مرّتا.. والمقاومة التي كان لك فضل إطلاقها باعتبارها أسرع مقاومة في التاريخ لا تنفك تكيل الضربات لأعدائك.. وتهزّ عروش الطغاة.. وتزلزل الأرض الطاهرة من تحت أقدامهم.


وها نحن اليوم كأشدّ ما نكون لك تذكرا.. وها هم المقاومون في كل أرض عربية ولا سيما في فلسطين يسطرون بدمائهم.. وثباتهم.. ملحمة الصمود، ويرفعون راية العزة والفخار وهم يواجهون صلف الأعداء وخيانة الأشقاء.. وكيف لا يذكرك كل فلسطيني.. وأنت الذي رفضت في أحلك الفترات الاعتراف بالكيان الصهيوني أو التفاوض معه، ورفضت التخلي عن شعار تحرير فلسطين من الماء إلى الماء، ودعمت المقاومة الفلسطينية جهارا نهاراً وفي ظل الحصار القاتل الذي تساوى فيه العدو مع الصديق مع الشقيق.. فخصصت لعائلة كل شهيد فلسطيني مبلغ عشرة آلاف دولار.. مثلما أرسلت الأطباء والممرضين العراقيين إلى الأردن لعلاج الجرحى الفلسطينيين.


سنتان مرّتا منذ اختارك الله عز وجل إلى جواره.. وأنت لا تزداد في النفوس إلا كبَرا.. ولا تزداد صورتك إلا إشراقا.. سنتان ازداد فيهما شوق الأحبة إليك، وتعاظم فيهما توق الشرفاء إلى حكمتك تنير لهم طريق الحق، وتعبّد لهم سبيل الثبات.
أيها القائد الشهيد.. يا سيد الشهداء..


أحرار أمتك وماجداتها يستلهمون من ذكرى استشهادك كل معاني الوفاء والكبرياء.. وها هم ينازلون أعداءهم بالعزم نفسه.. وبالإيمان ذاته.. وباليقين عينه.. عين اليقين الذي عبّرتَ عنه في إحدى رواياتك عندما كتبتَ:


"علينا أن لا نكون مستعجلين في اقتطاف ثمرة صمودنا التي نعني بها النصر، وليس غير الصبر الجميل، صبر التوثب والصمود والتجديد والإبداع ما ينمّي القدرة، خطوة بعد خطوة ليغدو النصر ثمرة وتاج جهادنا وصبرنا، بعد أن زرعناه، أولا وقبل كل شيء باليقين والإيمان داخل صدورنا وسقيناه بدماء الشهداء .. وعند ذلك سيصل عدونا إلى أبعد نقطة ظلام في الإحباط فينهزم ونصل نحن إلى أعلى نقطة إشعاع وإشراق في قمة مرحلة الصراع فننتصر".


طوبى لك الشهادة يا صدام المجيد..
وسلام لك وعليك.. يا أخا الشهيد.. ويا أبا الشهيدين.. ويا جدّ الشهيد..
السلام عليك يا سيد الشهداء.. والسلام على شهداء أمتنا جميعهم.. لك ولهم العزة والمجد والفخار.. ولأعدائنا الذلة والهزيمة والصَّغار.

 

 

كيفية طباعة المقال

 

شبكة المنصور

الثلاثاء  / ٠٩ محرم ١٤٣٠ هـ

***

 الموافق ٠٦ / كانون الثاني / ٢٠٠٩ م