لن يحرم المتابع لنشاطات روّاد
حانة المضبعة الخضراء من متعة
الضحك على مرضى ( المؤامرة
والمؤامرة المضادة ) ، التي
يسمّونها مرة إنقلابات ومرة فتنة
طائفية ، أو حرب قوميات ، طريفها
: يقين جميع روّاد الحانة من
حقيقة بشرية تفيد أن : من يخون
بلده وشعبه مقابل مال أو منصب
مستعد لخيانة أقرب الحلفاء اليه
في ذات الحانة ، التي ماجمعت غير
خونة وأرباب عملهم ، أيا كانت
درجات الإئتلاف والإتحاد والتوافق
التي يسيّرون أعمالهم بها .
وقد يذهب البعض الى قرين :
حقيقة ( ما يبنى على باطل فهو
باطل ) في أمر هؤلاء ، فيجد أن ما
يوصّف الحال هو : ( مايبنى على
خيانة آخره خيانة ) ، فتتضح
مبررات كل الإنقسامات والإنشقاقات
، وتقلبات التحالفات الجديدة
والقديمة ، بين هؤلاء ، وكلها
اساليب دفاعية للنجاة من خيانة
متوقعة ممن إنشقوا أو تخيّطوا في
ذات الحانة ، عندئذ لا يجد
المتابع أحدا من هؤلاء يطيق فراق
مائدة المقبّلات التي رصفها صاحب
الحانة لضباعه على الظن والوهم
أنها ( مجانية ) ، ( بوفيه ) ،
ولكنها في حقيقة الأمر من لحم ودم
العراقيين الذي أدمنوه .
إدارة الإحتلال نجحت والى حد
بعيد في زرع ( فوبيا الخيانة ) في
نفوس عملائها ، وبالمقابل نجحت في
جعل هؤلاء يوقنون الا ّ منقذ
ولاملاذ لهم غير تلك الحانة
المحاصرة بالعراقيين الرافضين لها
، حتى أن محمود المشهداني ، الذي
طرد من باب البرلمان العراقي عنوة
، اعلن انه يخطط للعودة من شبّاك
مائدة المقبلات هناك عاجلا ، مع
انه اعترف مرات بعمالته وعمالة
برلمانه ، وشكا مرات ومرات من
كلاب صاحب الحانة التي تتشمّم كل
عميل يوميا خوفا من ( خيانة )
محتملة ، فضلا عن الكشوفات (
السونارية ) المخزية التي يتعرضون
لها رجالا ونساء هناك .
واذا كان من مضحكات ( فوبيا
الخيانة ) في عراق اليوم الجديد
ان موظفي معظم الوزارات (
العراقية ) لم يروا وجوه وزرائهم
الا من خلال وسائل الإعلام ، لأن
هؤلاء لم يزوروا وزاراتهم غير مرة
واحدة ، أو إثنتين في كل عام ،
خوفا ورعبا من موظفيهم ، ويديرون
وزاراتهم من حانة المضبعة الخضراء
بالهاتف ، بل أن بعضهم بات يدير
وزارته من خارج العراق ، لإشتداد
وطأة هاجس الخيانة على مفاصل وعيه
، فمن الأكثر إضحاكا أن هؤلاء
لايثقون الا بمن نال ( صك غفران )
امريكي او ايراني او من ذيل
الطرفين الكوندي ، وحتى من نال
مثل هذا الصك يبقى مشكوكا به على
خيانة مفترضة قادمة آجلا أم عاجلا
.
وتنتفخ شراعات الخيانة
الأقليمية عند ضباع الحانة عادة
بكل ريح قادمة من واشنطن أو طهران
، على طول وعرض جهات البنتاغون
واعلام الملالي المعمّم ، وبما
يفسر ( المعجزة ) التي تحدث عنها
( نجاد ) قبل اشهر ، اذا ليس من
السهل على الإطلاق على ( مسؤولين
) أن يؤدّوا دور متعادين ، أمام
شعوب الأرض ، وهم حلفاء يأكلون من
لحم ذات الفريسة التي وقعت بن
مخالبهم ، فيراهم المرء مرة
يهاجمون هذا الطرف ومرة يهادنونه
، وكأن إنقلابا ب ( 180 ) درجة قد
حصل ، ليس وفق مصالح العراق قطعا
، بل وفق مصالح الإدارة المشتركة
في حانة المضبعة الخضراء وروّادها
من أمريكان وأيرانيين وكوند .
على ان الأكثر طرافة في عالم (
الفوبيا ) العراقي هذا هو ما
أثارته ( قندرة ) منتظر الزيدي ،
التي إختلف فقهاء البرلمان
العراقي في إتخاذ موقف جلي وواضح
منها ، ولم يختلفوا طبعا وطبعا
على عمالتهم التي اعلنها محمود
المشهداني مرات ومرات ، والإختلاف
جاء جوابا عن سؤال :
أي دور يمثلون أمام الشعب
العراقي ؟!
أيؤيدون ( القندرة ) أم
يرفضونها ؟!
وفي آخر المحصلات أنهم ، ووفق
يقينهم ويقيننا ، قد خسروا الشعب
العراقي في هذه الجولة ، فضلوا
ربح رواتبهم كنواب ، أو كدوّاب ،
كما يحلو للعراقيين وصفهم ، على
هذه التجارة الوطنية البائرة
ماليا ، لأنهم على يقين من (
الخيانة ) جاهزة لكنسهم جميعا
بضربة واحدة من صاحب الحانة
وشيطانها الأكبر حليف معممّي محور
الشر وحاضنة الشرق الوسخ الجديد
في شمال العراق .
محمود المشهداني ، لم يعد
محمودا كرئيس برلمان ، وهو ليس
أوّل القرفين من هذه الشيزوفرينا
المرضية ، ولن يكون الأخير، فها
هو برهم صالح ، وبطرقة أخرى وشكل
آخر ، يحذر من فتنة قومية : بين
العرب والأكراد ، أظرف ما في
مبناها ومعناها معا أنه : هو واحد
من أسسوا لتفجيرها في ذات الحانة
، مع جلال الطالباني ومسعود
البرزاني ، مما يذكرنا بذلك الطفل
الذي صنع لنفسه إفعى من من طين ثم
فر ّ مرعوبا منها !! .
ولكن وبكل بساطة لايجد المتابع
مثل هذه الفتنة ، الخيانة ، خارج
المضبعة الخضراء ، لأن عرب واكراد
العراق غير المصابين بمرض ( فوبيا
الخيانة ) ، ممّن لم يستقبلوا
الغزاة ( بالورود ) ولا يرون في (
بوش ) ( هدية من الله ) للخونة
حسب ، لن يقاتلوا بعضهم بعضا
قطعا ، بل سيقاتلون من خانهم
جميعا لمجرد مال أو منصب ، ويبقى
السؤال الدائم على مسرح حانة
المضبعة الخضراء :
من سيخون من يخون في عالم
الخونة ؟! . |