تاملات

ثقافة المقاومة بين الفكر والممارسة

﴿ الجزء الثالث ﴾

 

 

شبكة المنصور

سمير الجزراوي

الواقع يقرءمنه ان وضعا خطيرا تمر به امتنا العربية وحيث ان العدو غزا قطاع غزة ايظا بدون تفويض دولي بل هنالك استنكارا شعبي عربي و دولي ايظاو استنكار دولي رسميا ولو يطغي عليه طابع الحياء.هذا الحدث الخطير وضع الامة الان في تكرار الفرصة التاريخية لتحسم موقفها  كونهاعلى مفترق طرق اما ان تختار طريق مقاومة اعدائها وبكل الوسائل المتاحة لها ووفق قاعدة كلا حسب قدرته وامكانيته ومؤد هذا الطريق هو في مساندة المقاومة ودعمها.او ان تختار طريق الذي به ترهن المستقبل وتتراخى بل تنسحب من رحى المعارك وتحت اعذار مشروعة (بسبب اغلاط المقاومة في فلسطين)أو اعذار يهيئها ويعدها اعداء الامة وان كلا الشكلين من الاعذار لا يبيح لقادة الامة ان يتخلواعن ابطال المقاومة ويكرروا المواقف الخيانية تجاه العراق عندما تخلوا عنه بل هيئوا للعدوان عليه بل البعض قدم كل الدعم اللوجستي للاعداء يدفعه الحقد والكراهية والعمالة وذلك في عام 1990وكذلك في عام 2003 ايظا .ان الفرصة التاريخية الان متحققة لبعض القيادات العربية لتكفر عن بعض الجرائم التي اقترفتها بحق العراقين . ان الاجتياح الاسرائيلي لقطاع غزة يهدف ليس للقضاء على سلطة حماس ومن ثم اعادة ترتيب البيت الفلسطيني وبالشكل الذي يتماشى مع ما يسمى بامن اسرائيل بل في نفس الوقت ارسال اشارات لسلطة عباس والدول العربية بان اي مواقف أو خطوات بالمستقبل لاترضي اسرائيل فالقوة الاسرائيلية كفيلة بتصليح الوضع ووفق المصلحة الاسرائيلية .ولكي نقوم الوضع في فلسطين سواء كان عند الجانب العربي الفلسطيني أو الجانب الاسرائيلي لابد لنا من وضع الحقائق التالية امامنا أولا:


1-    ان اسرائيل تتقدم على الجانب العربي في الميدان العسكري و السياسي, ففي الجانب العسكري والسوقي, العدو يسجل تفوقا وخاصة بعد اخراج العراق من معادلة الصراع بعد احتلاله بل الان وفي ظل حكومة الاحتلال هو لايشكل اي مصدر قلق للامن الاسرائيلي. اما الجانب السياسي ففي الداخل الاسرائيلي يلاحظ وحدة في موقف معظم الاحزاب الاسرائيلية تجاه الفضية الفلسطينية ووقوف كل الاحزاب الاسرائيلية وراء قرار الحكومة في حصار واجتياح غزة, وعلى صعيد الموقف السياسي الخارجي فالغرب عموما يؤيد ما تفعله اسرائيل بالعرب و بالاخص في غزة ويعتبرونه جزء من دفاع اسرائيل عن وجودها ضد ما يسمونه بقوى الارهاب وتتحمل بعض اطراف المقاومة جزء من بلورة هذا الموقف.


2-    وبالمقابل ان الداخل الفلسطيني شهد ويشهد اضطرابا في علاقة الاطراف الفلسطينية وصراع وصل لحد استخدام السلاح وتبادل التهم وانفراطا في كل انواع التحالفات بين التنظيمات التي تتشكل منها منظمة التحرير الفلسطينية, وعلى الصعيد العربي فقد خسرت القضية الفلسطينية خسارة كبيرة لاتتعوض بخروج العراق و بعد احتلاله من كونه السند الاقوى والجدي و المتواصل في دعمه للفلسطينين ,والواقع العربي الرسمي يسوده التخاذل وروح الهزيمة والاستسلام بل في بعض الاحيان يصل في مواقف بعض الحكام العرب إلى التأمر على الفلسطينين وما حصار غزة واجتياحها الا حصيلة لهذه المواقف الخيانية.وبالمناسبة هم نفس المسؤولين الذين طبلوا وزمروا وهيئوا بل شجعوا و اعطواالتسهيلات للعدو الأمريكي في احتلال العراق في 2003.


3-    القوة الاسرائيلية العسكرية تشهد باستمرار تطويرا في حجم الترسانة المسلحة و نوعيتها وكذلك تطورا في الطرح السياسي لقضيتهم امام الرأي العالمي لغرض كسب تأيده المستمر وخاصة في التركيز على جوانب القتلى من العمليات الاستشهادية وعكسها للرأي العالمي عاى انها جزء من الاعمال الارهابية واستغلال هذه الافعال باتجاه تصويرها على انها تهديدا لامن اسرائيل واما الجانب العربي فلايزال يدير هذا الصراع بالتاكيد على الجوانب التاريخية و الدينية والتي لم تعد تشكل اي حيز من اهتمام المجتمع الدولي وتضمين خطاباتهم اطنان من التهديدات ورفض كل ما هو يدعوا للسلام والتفاوض.


4-    ان اسرائيل تتلقى دعما من منظمات مختلفة ودول وهذا الدعم مالي وعسكري وسياسي وحتى إعلامي في حين ان الفلسطينين لا يحظون الابدعم دولي محدود جدا واما العربي فقد تراجع بشكل كبيرا وحتى هذا الدعم اصبح مشروطا بالموقف من السلام مع اسرائيل والذي يتماشى مع سياسة الاستسلام.

 
ماذا علينا كعرب وفي هذه الظروف ان نفعل ؟
ان نؤيد المقاومة الفلسطينية  وبغض النظر عن كل المأخذ عليها ومهما كانت مرجعيتها ان نترفع عن المستويات التي تثير في النفوس اي خلاف على الاقل نؤجلها لحين مرور هذه المرحلة الخطرة من حياة الامة ودعمها بكل الامكانيات وعلى ان لا يحول هذا الدعم إلى توظيف العنوان المقاوم في الطائفية أو الولاء لغير الامة العربية,ومساعدة الفلسطينيين في بلورة الفهم الصحيح في الوعي لحقيقة الصراع ونوعية العدو الذي يجابههم لان التصور الفلسطيني الأولي كان يعتقد بان الكيان الصهيوني يعيش في مراحله الأخيرة وبالمظاهرات وتكرار العمليات الجهادية سينهار ويتحقق النصر. وكذلك مساعدة العمل المقاوم على تطوير الأساليب والطرق و نوعية السلاح المستخدم والتي تتوازى مع التطور التكنولوجي في العالم.ان تتجه القوى الفلسطينية إلى تغير ستراتيجتها السابقة والعقيمة في استجداء الدعم من الانظمة العربية بدلا من البحث عن الدعم من الوسط الجماهيري العربي  الامر الذي سيؤدي إلى غضب الانظمة العربية والحركة الفلسطينية كانت لاترغب في ذلك.وفي هذه المرحلة التي تمر بها المقاومة الفلسطينية وبكل خلفياتها العقائدية و السياسية ان تتعامل مع الحقائق التالية:


1-ان تبدا القوى الفلسطينية والعربية بتعبئة الرأي العام الفلسطيني و العربي و الاسلامي باتجاه كسب تأيدها وتسقيط من حساباتها كسب تأيد الانظمة العربية ومتى ما تم كسب الرأي العام العربي و الاسلامي بالنتيجة يكون التأييد العالمي حاصل تحصيل اما الانظمة العربية فهي لاتمثل الا مصالح الطبقة الحاكمة وهي مرتبطة بمصلحة الاجنبي سواء الذي في الشرق أو في الغرب.


2- الوعي  الكامل بان الرأي الشعبي الغربي لا يتأثر باحقية الشعوب أو شرعية المطاليب بقدر ما يؤثر به الالم الذي قد يصل اليه وهاكم المثل في موضوع غزو العراق فعندما بدءت الولايات المتحدة وبعض الدول لغربية من دق طبول الحرب في العراق في عام 2003 خرج الملايين من الاوربين والامريكين بتظاهرات حاشدة ضد الحرب ولكن الغزو حصل ولم تعيق هذه الاحتجاجات العدوان على العراق ولم يقلب ميزان الرأي العام الأمريكي الابارتفاع الخسائر البشرية والمادية وعلى يد ابطال العصرمن المقاومة الذين يذلون هذا العدو المتغطرس وهو يعتبر نفسه اكبر قوة عالمية ولتجعله المقاومة في العراق قزما في الموقف وقزما في هزيمته القادمة والتي تحتمها حركة التطور التاريخي في العراق و المنطقة ووطننا العربي .


3- ادراك المقاومة الفلسطينية في اطرافها فتح وحماس وكل فصائلها بان خيار المقاومة المسلحة هو الخيار الانجع في هذه المرحلة من تاريخ النضال الفلسطيني و التركيز على ان المقاومة الفلسطينية تحارب اسرائيل المحتلة و ليس اسرائيل اليهود اي ان الحرب مع هذا الكيان قائم بالاساس على تحرير الارض والحقوق الفلسطينية فيها وليس على محو العنصر اليهودي ورفض وجودهم وهذا ما  حاولت وتحاول و قد نجحت الحركة الصهيونية ان تثبته في العالم.


4-ادراك القوى الفلسطينية كافة و بما فيها حماس ان استبدال البندقية بطاولة مفاوضات مع العدو أو مجاملته في بعض الاحيان سوف يفقدها لاهم عنصر في اي تفاوض ولكن إبقاء البندقية مشرعة عند المفاوضات سوف يكسب المقاومين قوة وسند و مرجعية شرعية  اي الذي لايستطيع ان يحقق انتصارات في الميدان يكون ضعيفا في طرح مطاليبه امام المنتصرين وخير مثال على ذلك شروط المقاومة العراقية القاسية على المحتل في اصلاح الوضع في العراق. وان تتقن قيادات الكفاح الفلسطيني متى ولاي مدى يمكن ان  تستخدم المقاومة الوسائل السياسية لان اي خطاء في التقديرات هذه تعطي رسالة للعدو بحصول تغير في النهج المقاوم فيصعد من هجومه ويذكرني هذا في كتب باسم نعيم وزير الصحة في الحكومة المقالة في غزة كتبه في صحيفة الغارديان في ايار 2008تحت عنوان (حماس تدين المحرقة) المقصود بمحرقة اليهود في العهد النازي وحسب ادعائهم .انا أقول ان استعارة عتاد بندقية الغير أو لبس لباس الاخرين والتمثل بسلوكهم لا يخدم كسب اي قضية بقدر ما ان نعطي لقضيتنا الوضوح والتميز والاستقلال في العرض و التبني ..


ولاجل وضع ستراتيجية رصينية للمقاومة وتستطيع ان تجابه التحديات لامة العرب ان نحول المقاومة القطرية إلى مقاومة قومية اي مغادرة ساحات النضال القطرية وتحويلها إلى ساحة نضال قومي وذلك بوحدة فصائل المقاومة العربية في العراق و فلسطين وكل بلد عربي تتواجد فيه روح المقاومة أو كيان للمقاومة مع الفرز الدقيق والتوضيح الكامل لمفهوم المقاومة اي ان لاتحمل في نشأتها وديمومتها اي توجه قطري أو طائفي  اوان تحمل اجندة اجنبية والامر الذي يسجل بعد ذلك على المقاومة. وان تقود المقاومة العربية من يؤمن بالعمل العربي الموحد ويمتلك الفكر و الستراتيج للعمل القومي ولكي لاتقع هذه المقاومة في التيه أو التجريبية لابدلقيادتها ان تمتلك الخبرة في العمل القومي .وتجربة المقاومة العراقية دليل على هذا النموذج فالمقاومة العراقية فيها الاتجاه الديني والقومي والوطني ويؤطر هذه الاتجاهات قيادة بعثية والذي يعرف الايدلوجية البعثية يستطيع ان يفهم سبب النجاح الذي تحققه المقاومة العراقية في الوحدة في الفكر والهدف و الوسائل فبوركتم يا من نحن نتنقى بكم بعدما اصبحتم معيارا للوطنية ..حفظكم الرب سالمين ومنتصرين لاجل هذا العراق والامة العربية والانسانية جمعاء امين ...

 

 

كيفية طباعة المقال

 

شبكة المنصور

الخميس  / ١١ محرم ١٤٣٠ هـ

***

 الموافق ٠٨ / كانون الثاني / ٢٠٠٩ م