تاملات
ثقافة المقاومة بين الفكر والممارسة

﴿ الجزء الاول﴾

 

 

شبكة المنصور

سمير الجزراوي

اعتقد انه من الضروري ان نتفق في البدء على مفهوم الثقافة واعتقد يتفق معي الاكثرية عاى انها عبارة عن مجموعة من الاشكال و المظاهر لمجتمع معين و تشمل العادات والتقاليد وممارسة قواعد ومعاير لكيفية العيش و الوجود من عقائد وطقوس ومارسات وقواعد للسلوك والمعتقدات وهذا المفهوم قريب من التعريف الاجتماعي اما التعريف الذي يخدم موضوع بحثنا فنستطيع ان نعرفه بأنه هي اجمالي وكل المعلومات والمهارات التي يملكها مجموعة من البشر وثقافة المقاومة يمكن اعتبارها ثقافة فرعية من ثقافة المجتمع .. ويمكن ان تعتبر مقاومة المحتل الغاصب في القياسات العمودية وفي كل الشرائع و المعتقدات السماوية أو البشرية وكذلك في القياسات الافقية في المجتمعات و الشعوب والامم وتحت اي سقف زمني كان فيه الانسان يمارس هذا الواجب والفريضة المقدسة هو عملا بطوليا ومشرفا ومهما كانت طبيعة الغاصب والمحتل من حيث الجنس والفكر ومرجعيته  و ايظامهما كان نوع المقاومة ووسائلها المشروعة في المواجهة وهدفها .وان كل الشعوب والامم تتفاخر بشهدائها وتقدس دماءهم الزكية التي تراق من اجل التحرر وتخلد ذكراهم في الذكرىو اقامة النصب التذكارية لهم لانهم اضحية لتحرر شعوبهم في مقاومة الاستبداد والاحتلال .والجهاد ضد المحتل واسقاط كل ما يترتب من اقامة المؤسسات والتشكيلات والديمقراطيات هو فعل مقدس اي ان الجهاد بحد ذاته ليس هدفا أو غاية بل هو الوسيلة لتحقيق الغايات و المقاصد التي تزيل الاحتلال وتأسيساته وتعيد الشرعية للشعب وديمقراطياته قبل فعل الاحتلال.

 

ان هذه الفلسفة الجهادية للمقاومة لو تمعنا فيها بشكل دقيق و من غير اي تجزئة لمفرداتها وادركناان كل القواعد الكلية وبشكل شامل للقواعد المعمول بها في العمل المقاوم وحددنا مقاصده المرعية  نكون قد انصفنا الفعل الجهادي في مؤسسة المقاومة ومشروعها واعطيناها الشرعية في ان تصبح القاعدة الاساسية ولبنتها الاولى في المشروع المستقبلي لبناء المجتمع الجديد من حيث متناته واستقراره ويصبح الفعل الجهادي وسيلة اسثنائية و مؤقتة  وضمن ضوابط ملزمة للمجاهدين أولا وللشعب ثانيا بمعنى انتهاء صيغ الكفاح بتحقق التحرير الكامل وان الجهاد هو جزء من معركة الاصلاح التي يدعو لها فكر أو عقيدة المقاومة و ليس صيغة تترسب وتصبح جزء من شخصية المقاومين وتتحول بعد ذلك إلى باب للفتن ومضهر للتسلط و الفرض في مجتمع المتحررالجديد ولتتحول بعد ذلك (لاسامح الله) إلى قوة غاصبة بديلة عن الغصب الاجنبي المحتل.. وان هذه الفلسفة الجهادية للمقاومة هي طموح كل مقاومة مؤمنة بخلاص شعبها وتحرره واعطاء ه الحرية الكاملة للشعب في اختيار قادة مرحلة التحرر وان ترشح قوى المقاومة لهذا الشرف يكمن في قناعة الجماهير في استحقاقات القيادة وليس على المقاومة ورجالها ان تعتبر فرض نفسها لقيادة المرحلة الجديدة هو حاصل تحصيل تضحياتها بل اعطاء الشعب حرية الاختيار وبذلك تتحقق احترام ذات المقاومة لدورها الكفاحي. كما ان المقاومة لابد ان تكون لها عملية سياسية ومبرمجة بحيث لايكون فعلها محصورا من اجل اهدافا عسكرية بل ان يكون لها بجانب ذلك اهداف سياسية شرعية واضحة تستطيع من خلالها ان تحددهويتها وبرنامجها السياسي وحتى الفكري وان توعية و تثقيف المقاتلين بهذه البرامج جزء اساسي من عملها بحيث يتعرف المقاتلون على الجانب الشرعي من كفاحهم ويركزون وبقناعة و دراية في فعلهم الكفاحي على الجانب السياسي الشرعي للعمل العسكري و الذي يدور على تحرر الارض و التخلص من الاحتلال وركيز الجهد القتالي للمقاومين على الحاق القدر الأكبر من الخسائر بالمحتل وقد لا تتمكن المقاومة من تحقيق القدر الكبير من الخسائر لعدم وجود التكأفوء بين المقاومة و العدو ولكن الاتجاه بتنفيذ فلسفة المقاومة في استنزاف وانهاك واضعاف العدو على الاقل في مرحلة تتصف بهذه الحقائق..

 

وان المقاومة التي تنطلق و بدون هذه الرؤية وبدون استراتيجيات وتكتيكات معدة مسبقة و متناسبة مع طبيعة كل مرحلة من مراحل الجهاد التي قد تمر بها المقاومة وتعتمد فقط على العواطف الجياشة واطلاق الشعارات النارية و الوعود الفارغة والمظاهرات الاحتقانية والمؤتمرات التعاضدية فانها لا تستحق ان يطلق عليها مقاومة لانها تركت منصة الجهاد واستعارت قوائم غير مضمونة لنصب منصة هشة وضعيفة والمقاومة التي لا تعتمد في مساندة جماهيرها بالدرجة الاولى لا يكتب لها الاستمرار في كل الاحوال ..نستلخص في هذا الجزء من بحثنا ان اية مقاومة لابد ان تكون واضحة في فلسفتها امام مقاتليها وجماهيرها وحتى امام اعدائها وان تمتلك رؤية واضحة لكفاحها وان تضع الاسترتيجيات و التكتيكات لكل مرحلة من مراحل نضالها وان تبني قواعد الاسناد على جماهيرها أولا وكذلك ان تتجنب استعارة الشعارات من الاخرين وان تبتعد في اية مرحلة من مراحل كفاحها من الاقتراب من اجندة اجنبية وان تفرز نفسها فكريا و نضاليا كحركة سياسية و كفاحية عن اهداف الاخرين من الاحزاب و الحركات وتحافظ على استقلالها لاان العمل الثوري الكفاحي يستهوي الجماهير ويتعاطف معها ويكون هدفا للانتهازين في ركوب موجة الكفاح.والرب هو المعين ...امين.

 

 

كيفية طباعة المقال

 

شبكة المنصور

الاحد  / ٠٧ محرم ١٤٣٠ هـ

***

 الموافق ٠٤ / كانون الثاني / ٢٠٠٩ م