المعادلة السهلة الصعبة
امريكا والعرب
... والمقاومة العراقية

 

 

شبكة المنصور

محمد عبد الحياني / مناضل بعثي

اعتادت الادارات الامريكية المتعاقبة على النظر للامور من زاوية واحدة , وهي تحقيق مصلحتها ... واقول مصلحتها , ولا اعني مصلحة شعوبها التي تئنُ تحت وطئة الجشع الرأسمالي للشركات الامريكية , الذي اصبح الاكثر شراهة في العالم . ولم تتوانى هذه الادارات من ان تستخدم ابشع الطرق واخسّها للوصول الى اشباع شراهة هذه الشركات حتى لو كان الامر فيه اهداراً بمصالح شعوبها ( اموالا ودماء ) , او بالدخول بحروب مع الدول الاخرى ,(و هذا ما فعلته مع دولة   ثورة البعث في العراق ) حينما وجدت ان هذه  الثورة قد اصبحت خطراً على مصالح شركاتها , خصوصاً بعد ان قامت هذه الثورة بطرد هذه الشركات من العراق بعد قيامها بتأميم نفط العراق وقتل آمالها في نهب ثرواته الاخرى من فوسفات وكبريت ومعادن اخرى , وفوق كل ذلك فان ثورة البعث قد علّمت  دول العالم الاخرى , كيف تستطيع ان توظف ثرواتها لتنمية بلدانها واستخدامها للتأ ثير على مجريات الاحداث الدولية لصالحها . .. ولكن الحكام العرب الذين يمتلكون ثروة النفط  لم يستفيدوا من هذا الدرس لأنهم كانوا ولا زالوا يتحركون بعكس تطلعات الشعب العربي في الاقطار التي يحكمونها واستغلوا هذه الثروة لصالحهم الخاص .

 

ونعود مرة ثانبة لمعادلتنا ( السهلة الصعبة ) التي طرفيها ثورة العراق وامريكا ,وعواملها شعب الحضارات في العراق وكل الشعب العربي وشعوب الولايات الامريكية في الطرف الاول من المعادلة  ,اما في الطرف الاخر  الذي تخدمه هذه الادارات فهي الشركات الامريكية ( عابرة القارات ) واللوبي الصهيوني والكيان الصهيوني  المسخ الذي اغتصب الارض العربية في فلسطين , ومن العوامل المساعدة التي استعملتها الادارات الامريكية ؛ ايران التي اعتبرتها الادارات الامريكية من اهم عواملها ,  وجواسيسها الذين تعودواعلى ان لايعيشوا ألا في   ظل مخابرات الدول الاجنبية , ويفتخر احدهم ( ممن جاء على ظهر الدبابة الامريكية بعد احتلال العراق ) انه مرتبط  بستة عشرجهازمخابرات في العالم معتبراً ذلك بالظاهرة الحضارية ( الا سحقاً لهذه الحضارة ) ,ومن قال بأن لدى امريكا حضارة....!!!؟؟؟ , فالحضارة هي تراكم عشرات القرون من الثقافة والتقاليد والقيّم ,  فالموجود في امريكا هو مجرد ( بناء مدني بنته عقول وايادي شعوبها التي جاءت الى امريكا منذ اقل من قرنين طلباً للعمل ولازالت تتقاطر هجراتها الى اميركا لحد الآن , من آسيا وافريقيا وامريكا اللاتينية , وكان هذا البناء لصالح ملاك الاقطاعيات التي اغتصبها المهاجرون الاوائل الانكلوسكسون الذين جاءوا اليها بعد اكتشاف القارة بهدف استعمارها استعماراًستيطانياً فأبادوا شعبها الاصلي ( الهنود الحمر ) بمساعدة اليهود الذين وظفوا اموالهم , كعادتهم , كممولين لهذا الاستعمار بالمال والسلاح الذي ابادوا به الهنود الحمر , ليبنوا دولة الجريمة والاستغلال والتميزالعنصري )....

ومما تقدم نجد ان شعوب الولايات الامريكية ؛ انما يشكلون في واقع الحال طبقتين , طبقة تشكل اكثر من (95 ) بالمئة ممن لا يملكون سوى جهدهم الفكري والعضلي الذي يبيعونه للطبقة الاخرى التي تمتلك كل شئ .ولذلك فقد اعتبرنا النسبة العالية من شعب هذه الولايات في الطرف الاول من المعدلة المذكورة في اعلاه . ... وعلى هذا الاساس فان المقاومة العراقية عرفت كيف تبني ستراتيجيتها في التصدي لاطماع ادارة المجرم بوش وذلك بأشعار شعب الولايات الامريكية بان ادارته تحارب العالم , والعراق على وجه الخصوص , بدماء ابنائهم وامولهم التي يدفعونها بشكل ضرائب دفاعا عن الشركات التي تستغلهم ابشع استغلال ودفاعاً عن الكيان الصهيوني الذي لا يمتّ لهم بصلة بل لليهود الذين يسطرون على اقتصاد ولاياتهم , والذين كانوا وراء خراب بيوتهم في الازمة المالية الاخيرة نتيجة , لرفع اسعارالنفط الذي سرقوه من العراق المحتل ومبيعات الاسلحة التي تنتجها مصانعهم ( فهم لاينتجون ألاّ الدمار و مواد الموت ) ,  الاسلحة التي دمرت العراق واغتالت اكثر من مليون ونصف المليون شهيد عراقي .... كما استطاعت المقاومة العراقبة ان توصل الرسالة الى شعب هذه الولايات , مما دفع اصحاب القرارالحقيقيين ان يخالفوا القاعدة في اختيار رئيس الولايات الامريكية فجاءوا من بعد (43 ) رئيس امريكي ابيض برئيس ملوّن هو ( اوباما ) متصورين انهم بذلك يرشون الشعب الامريكي.... وبقي الامر الآن هو ان يفهم الرئيس الجديد ( اوباما) بانه الآن بين خيارين , الاول ان يكون مع نسبة ال ( 95 ) بالمئة التي انجبته , او يأتمر بأوامر اصحاب النفوذ والقرار الذين يشغلون الطرف الآخر من المعادلة , الذي يضم الشركات عابرة القارات واصحاب الترليونات من الدولارات واصحاب المصانع العملاقة التي تشتري جهد شعب الولايات الامريكية بثمن بخس وتستثمر دماءهم في حروب امريكا خارج حدودها , وهي الآن تستثمردماءهم في العراق و افغانستان كما ان في هذا الطرف من المعادلة  اللوبي الصهيوني واليهود وكيانهم المسخ في فلسطين المحتلة , ذلك الكيان الذي استبق استلام ( اوباما ) للادارة الامريكية بايام , بالمجزرة المروعة لاهلنا في غزة والتي ذهب ضحيتها آلاف الشهداء والجرحى واكثرهم من الاطفال والنساء والشيوخ , ليضعه امام امر واقع في ضرورة استمرار دعم هذا الكيان من قبل الادارة الامريكية الجديدة .

 

لقد كان للمقاومة العراقية الفضل في توضيح كل ذلك لشعوب الولايات الامريكية مما جعل من مقاومة العراق طرفا ًرئيسيا في نضال هذه  الشعوب . كما كشفت  المقاومة العراقية العوامل المساعدة للاحتلال من جواسيس وعملاء والحكام العرب الذي انكشف زيفهم امام الشعبين العربي والاسلامي بعد المجازر الاخيرة التي قام بها العدو الصهيوني لشعبنا العربي في غزة , حينما خرجت الجموع المليونية في كل الاقطار العربية والبلدان الاسلامية وكل احرار العالم موجهة اصابع الاتهام لهولاء الحكام الذين باعوا العراق لامريكا والصهاينة مما جعلوا من الكيان المسخ في فلسطين المحتلة يتنمربغياب قوة العراق ويقوم بجريمته الاخيرة ,  اما  تصريحاتهم الاخيرة واجتماعات قُمتهم فانها لم تكن  بصحوة ضمير , بل كانت امتصاصاً لثورة الجماهير وغضبهم . كما كشفت المقاومة العراقية ومحقت اطماع ايران في العراق وكشفت عملاءها وميليشياتها وعمائمها الشيطانية وجرائمهم واساليبهم الخبيثة في انجاح العملية السياسية التي صممها الاحتلال في العراق مستهدفاً منها تقسيم العراق الى عددٍ من الدويلات الحقيرة , كما كشفت المقاومة علاقة الكيان الصهيوني بجارة السوء (ايران ) وصيغة اتفاقهما في اقتسام العراق .

 

الادارة الامريكية الجديدة والمعادلة السهلة الصعبة :-

 

عرضنا في ما تقدم صورة للاوضاع التي كان يتعامل بها مجنون البيت الابيض ( بوش الصغير ) وهي ذاتها  التي سيواجهها الرئيس الجديد ( باراك اوباما ) ..... هي الاوضاع ذاتها التي تتشكل منها المعادلة الصعبة التي يستطيع الرئيس الامريكي الجديد ان يجعلها سهلة ويتعامل معها وفق توجهات وطموحات ال( 95 ) بالمئة من الشعب الامريكي الذي يطالب حكومته بالانسحاب من العراق , لانها الخاسرالوحيد في كل الاحوال , باستثناء الانسحاب من العراق . وكانت المقاومة العراقية قد سهلت للرئيس الجديد اتخاذ القرار الاكثر حكمة في خدمة الشعب الامريكي .... وقد قالها سيد شهداء العصر ( صدام حسين رحمه الله ) من بعد تأميم نفط العراق عام ( 1972 ) ان قرار التأميم لم يكن ضد الدول التي تنتمي لها الشركات  بل ان القرار هو اجراء لاعادة حقوق الشعب بثرواته الطبيعية وفي وقت لاحق لهذا التصريح اكد شهيد العصر( رحمه الله) بان العراق لايمانع في بيع نفطه وباقي المعادن الى امريكا تماماً كما يبيعها لاي دولة في العالم من دون المسا س باستقلال العراق او التدخل بشؤنه الداخلية . وفي الخطاب التأريخي للقائد العام للقوات المسلحة و القائد الاعلى للجهاد والتحرير شيخ المجاهدين عزة ابراهيم بمناسبة الذكرى ( 88 ) لتأسيس الجيش العراقي الباسل اكد المناضل عزة ابراهيم على ذات الشئ اذ قال فيه ,وفي الرسالة الاولى منه  , الموجهة الى (اوباما ) , بأن اعلان الرئيس الجديد , الانسحاب الشامل  من العراق وتركه لاهله حراً مستقلاً فان المقاومة الوطنية والقومية والاسلامية والقوات المسلحة المجاهدة تتعهد باسم قيادتها الموحدة للرئيس الامريكي الجديد بانها ؛ ستتحاور معه فوراً لاقامة افضل افضل واوسع واعمق العلاقات الستراتيجية مع امريكا على اساس المصالح المتبادلة و المشتركة وعلى اساس عدم التدخل في الشؤون الداخلية للغير وعلى اساس الند للند ,واحترام حرية واستقلال الشعوب وخياراتها في الحياة واما في عكس ذلك لا سامح الله ؛ فان ابطال الرافدين قد اعدوا العدة باسم الله العلي القديرالقوي العزيز لمقاومة شاملة وفاعلة وطويلة ومتصاعد حتى يخرج آخر جندي غازي هارباً من ارضنا ولو طال الجهاد والمقاومة لاجيال قادمة . .......  

 

انها رسالة الحق التي لابد ان يتدارسها (اوباما ) للوصول الى امثل الحلول في التعامل مع  نصيحة  شيخ المجاهدين عزة الدوري بشكل ايجابي , آخذاً بنظر الاعتبار شعوب ولاياته  التي اوصلها سلفه ( المجنون بوش الصغير ) الى حافة الانفراط  بسبب تماديه في العدوان على العراق والتزامه الاعمى بأوامراللوبي الصهيوني في الدفاع عن الكيان المغتصب للارض العربية في فلسطين ؛ ذلك لان الشعب العربي ( ابتداءً من ارض الاحواز العربية والخليج العربي وحتى المحيط الاطلسي ) يعتبرالقضية الفلسطينية هي قضيته المركزية وبالاخص منه شعبنا العربي في العراق الذي تتمنى تورات اليهود له الدمار.

 

ولابد ان يعرف الرئيس الجديد لامريكا ان حل مشاكل بلده في المنطقة العربية هي في الكفّ عن الدفاع عن الكيان الصهيوني الذي وظّف الجهد السياسي الامريكي لاسلافه لخدمة مصالحه في المنطقة ....واعتقد ان اوباما قد لاحظ هبّة الجماهير العربية والاسلامية ضد حكامهم الذين سكتوا عن مجازر اليهود الاخيرة في غزة وكانت نتيجة هذه الهبّة ان اضطر هؤلاء الحكام ان يرفعوا رؤوسهم ( من الرمل ) مرعوبين بعد ان احسوا بان شعبهم قد وصل به الامر الى الانفجار نتيجة تلكئهم  في عقد اجتماع قمتهم العربية , التي لم يعقدوهاالاّ (بعد خراب غزة ) ...

 

لقد ذكرت كل ذلك ( وهي غيض من فيض ) ؛ لأضعها امام الرئيس الامريكي الجديد ليستطيع فك طلاسم وعوامل المعادلة التي انخدعت بها الادارات الامريكية السابقة وبالاخص منهم ( المجنون بوش ) ... اما اقرار اوباما في خطاب القسم الدستوري امام البرلمان الامريكي ؛ بعزم ادارته بالانسحاب من العراق ( انسحاباً مسؤلاً) فان عبارة ما بين القوسين هذه , تحتاج الى توضيح , خصوصاً في ظل اتفاقية العار التي وقعها بوش مع حكومة الاحتلال , والتي تقضي بأنشاء ما لا يقل عن خمسين قاعدة عسكرية امريكية داخل العراق , وارجو أن لا يكون امر الخمسين قاعدة هو الترجمة للانسحاب المسؤل , فاذا كان الامر كذلك فان الادارة الامريكية الجديد قد اخطأت مفتاح حل المعادلة من طرفها السهل الذي يعيد الحق والحرية لأبناء الرافدين وادخلت نفسها في دهاليزوظلام الطرف الصعب من المعادلة الذي سيذلّ امريكا والامريكان ويوقعهم تحت طائلة الصهاينة في امريكا والكيان الصهيوني  المحتل لفلسطين .

 

وعندها نعود الى تذكير اوباما ( بنصيحة شيخ المجاهدين عزة ابراهيم , وقسمه بالله العلي القدير القوي العزيز ) .........ونقول لأوباما بان الخطأ لازال موجوداً في المنطقة , لان العراق لازال محتلاً  وان كل الاجراءات الدستورية والقانونية والسياسية التي اتخذت خلال فترة الاحتلال باطلة وغير شرعية ,  ومن بين هذه الاجراءات ؛ كل الاتفاقيات التي عقدتها حكومات الاحتلال مع الحكومات و الشركات الاجنبية ,  ومن بينها اتفاقية الذل و العار التي تسمح لامريكا بانشاء القواعد العسكرية في العراق ... كما ان التعامل الحضاري يقتضي من الرئيس الامريكي الجديد تقديم الاعتذار للشعب العراقي لما الحقه به سلفه من كوارث ومآسي وتعوضه مادياً ومعنوياً عما لحق بالعراق من تخريب وتدمير لبناه التحتية واغتيال مليون ونصف المليون شهيد عراقي ..

 

ان خروج القوات الامريكية من العراق لايمكن ان يكون من خلال الحكومة التي نصبها الاحتلال وفرضها على ابناء الرافد ين , بل من خلال ما عرضه عليكم ( ايها الرئيس الجديد لامريكا ) , القائد العام للقوات المسلحة , القائد الاعلى للجهاد والتحرير في خطابه التأريخي بمناسبة الذكرى ( 88 ) لتأسيس جيشنا العراقي الباسل .

 

فبهذا العرض وحده ستتجنب  المشاكل التي تعرضت لها امريكا اقتصادياً وعسكرياً وسياسياً , والتي ستتفاقم ان بقيتم على املكم في بقاء مخلفات احتلالكم بعد خروجكم الصُوَري منه  ..... وانها ثورة حتى النصر وطرد  الاحتلال مع كل مخلفاته , وما النصرالا من الله القوي العزيز الذي تستمد منه مقاومة ابناء الرافدين العزم  والاصرار على الانتصار , ومن الله النصر والتوفيق .....

 

كيفية طباعة المقال

 

شبكة المنصور

الجمعة  / ٢٦ محرم ١٤٣٠ هـ

***

 الموافق ٢٣ / كانون الثاني / ٢٠٠٩ م